الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دِرْهَمٌ" (7). ولأنَّه يَصِحُّ عِتْقُه، ولا يَنْكِحُ إلا اثنَتيْنِ، ولا يَتَزَوَّجُ ولا يَتَسَرَّى إلَّا بإذنِ سيِّده. وهذه أحكامُ العَبِيدِ، فيَكونُ طلاقُه كطلاقِ سائرِ العبيدِ. وقد رَوَى الأثْرَمُ، فى "سُنَنِه"، عن سليمانَ بنِ يَسَارٍ، أنّ نُفَيْعًا مُكاتَبَ أمِّ سَلَمَةَ (8)، طَلَّقَ امرأةً حُرَّةً تطْليقتَيْنِ، فسألَ عثمانَ وزيدَ بنَ ثابتٍ عن ذلك، فقالا: حَرُمَتْ عليك (9). والْمُدَبَّرُ كالعَبْدِ القِنِّ فى نكاحِه وطلاقِه، وكذلك المُعَلَّقُ عِتْقُه بصِفَةٍ؛ لأنَّه عبدٌ، فَتَثْبُتُ فيه أحكامُ العبيدِ (10).
فصل:
قال أحمدُ، فى روايِةِ محمدِ بنِ الحَكَمِ: العبدُ إذا كان نِصْفُه حُرًّا، ونِصْفُه عبدًا، يَتَزَوَّجُ ثلاثًا، ويُطَلِّقُ ثلاثَ تَطْلِيقاتٍ. وكذلك كلُّ ما تَجَزَّأ بالحسابِ، إنَّما جعَل له نكاحَ ثلاثٍ؛ لأنَّ (11) عددَ المنْكُوحاتِ يَتَبَعَّضُ، فوَجَبَ أَنْ يَتَبَعَّضَ فى حقِّه كالحَدِّ، فلذلك كان له أَنْ يَنْكِحَ نِصْفَ ما يَنْكِحُ الحُرُّ ونِصْفَ ما يَنْكِحُ العبدُ (12)، وذلك ثلاثٌ. وأمَّا الطَّلاقُ فلا يُمْكِنُ قِسْمَتُه فى حقِّه؛ لأنَّ مُقْتَضَى حالِه أَنْ يَكُونَ له ثلاثةُ أرْباعِ الطَّلاقِ، وليس له ثلاثةُ أرْباعٍ، [فكَمَلَ فى حقِّه، ولأنَّ الأصْلَ إثْباتُ الطَّلقاتِ الثَّلاثِ فى حقِّ كُلِّ مُطَلِّقٍ](13)، وإنَّما خُولِفَ فى مَن كَمَلَ الرِّقّ فى حقِّه، ففى من عَداهُ يَبْقَى على الأصْلِ.
فصل: إذا اطَلَّقَ العَبْدُ زوجتَه اثنتَيْنِ، ثم عَتَقَ، لم تَحِلَّ له زوجتُه حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غيرَه؛ لأنَّها حُرِّمَتْ عليه بالطَلاقِ تَحْريمًا لا يَحِلُّ (14) إلَّا بزَوْجٍ وإصابةٍ، ولم يُوجَدْ
(7) تقدم تخريجه فى: 6/ 267.
(8)
فى الأصل: "أم سليم".
(9)
أخرجه البيهقى، فى: باب طلاق العبد بغير إذن سيده، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى 7/ 360.
(10)
فى الأصل: "العبد".
(11)
فى م: "لأنه".
(12)
سقط من: م.
(13)
سقط من: الأصل.
(14)
فى أ، م:"ينحل".
ذلك، فلا يَزولُ التَّحريمُ. وهذا ظاهرُ المذهبِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه يَحِلُّ له أَنْ يَتَزَوَّجَها، وتَبْقَى عندَه على واحدةٍ. وذَكَرَ حديثَ ابن عبّاسٍ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فى الْمَمْلُوكَيْنِ:"إذَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَا، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا"(15). وقال: لا أرى شيئًا يَدْفَعُه، وغيرُ واحدٍ يَقولُ به؛ أبو سَلَمَةَ، وجابرٌ، وسعيدُ بن المُسَيِّبِ. وروَاه الإِمامُ أحمدُ، فى "المُسْنَدِ" (16). وأكثرُ الرِّواياتِ عن أحمدَ الأوَّلُ. وقال: حديثُ عثمانَ وزيدٍ فى تَحْريمِها عليه جَيِّدٌ، وحديثُ ابن عبَّاسٍ يَرْوِيه عمرو بنُ مُغيث (17)، ولا أعرِفُه. وقد قال ابنُ المُبَارَك: مَن أبو حَسَن هذا؟ لقد حَمَلَ صَخْرَةً عظيمةً. مُنْكِرًا لهذا الحديثِ. قال أحمدُ: أمّا أبو حسنٍ فهو عندى معروفٌ، ولَكِنْ لا أعْرِفُ عمرَو بن مُغِيثٍ. قال أبو بكرٍ: إنْ صحّ الحديثُ فالعَمَلُ عليه، وإن لم يَصِحَّ، فالعَمَلُ على حديثِ عثمانَ وزيدٍ، وبه أقولُ. قال أحمدُ: ولو طَلَّقَ عبدٌ زوجتَه الأمَةَ تَطْليقتَيْنِ، ثم عَتَقَ واشْتراها، لم تَحِلَّ له. ولو تَزَوَّجَ وهو عبدٌ، فلم يُطَلِّقْها، أو طَلَّقها واحدةً، ثم عَتَقَ، فله عليها ثلاثُ تطْليقاتٍ، أو طلْقتانِ إنْ كان طلَّقَها واحدةً؛ لأنَّه فى حالِ الطَّلاقِ حُرٌّ، فاعتُبِرَ حالُه حينَئِذٍ، كما يُغتَبَرُ حالُ المرأةِ فى العِدَّةِ حينَ وُجودِهَا. ولَو تَزَوَّجَها وهو حُرٌّ كافرْ، فسُبِىَ واسْتُرِقَّ، ثم أسْلَما جميعًا، لم يَمْلِك إلَّا طلاقَ العَبِيدِ، اعتبارًا بحالِه حينَ الطَّلاقِ. ولو طلَّقَها (18) فى كُفْرِه واحدةً وراجَعَها، ثم سُبِىَ واسْتُرِقَّ، لم يَمْلِك إلَّا طلقةً واحدةً. ولو طلَّقَها فى كُفْرِه طلقتَيْنِ، ثم اسْتُرِقَّ، وأراد التَّزَوُّجَ (19) بها، جاز، وله (20)
(15) أخرجه أبو داود، فى: باب فى سنة طلاق العبد، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 505. والنسائى، فى: باب طلاق العبد، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 126. وابن ماجه، فى: باب من طلق أمة تطليقتين ثم اشتراها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 673.
(16)
المسند 1/ 229، 334.
(17)
كذا ورد فى النسخ، وفى المسند 1/ 229:"عمر بن مغيث"، وفى المسند 1/ 334، وسنن أبى داود، والمجتبى، وسنن ابن ماجه:"عمر بن معتب". قال العقيلى: عمر بن معتب نكر الحديث. ويقال: عمر بن أبى مغيث. الضعفاء الكبير 3/ 192.
(18)
فى م: "طلق".
(19)
فى م: "التزويج"
(20)
سقطت الواو من: الأصل، ب.