الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الألفُ على الصَّداقِ المُسَمَّى وقيمةِ العبدِ، فيكونُ عِوَضُ الخُلْعِ ما يَخُصُّ المُسَمَّى، وعِوَضُ العبدِ ما يخُصُّ قيمتَه، حتى لو رَدَّتْه بعَيْبٍ رجَعتْ بذلك، وإن وجَدتْه حُرًّا أو مغْصوبًا، رجعتْ به؛ لأنَّه عِوَضُه. فإن كان مَكانَ العبدِ شِقْصٌ مشْفوعٌ، ففيه الشُّفْعةُ، ويأخذُهُ (7) الشَّفيعُ بحِصَّةِ قيمتِه من الألْفِ؛ لأنَّها عِوَضُه.
فصل:
وإن خالَعَها على نصفِ دارٍ (8)، صحَّ، ولا شُفْعةَ فيه؛ لأنَّه عِوَضٌ عمَّا لا قِيمةَ له، ويتَخرَّجُ أَنَّ فيه شُفْعةً؛ لأنَّ له عِوَضًا. وهل يأخذُه الشَّفيعُ بقيمتِه أو بمثلِ المَهْرِ، على وَجْهيْنِ. فأمَّا إن خالَعَها، ودفعَ إليها ألفًا بنِصْفِ دارِها، صحَّ، ولا شُفْعةَ أيضًا. وقال أبو يوسفَ، ومحمّدٌ: تجبُ الشُّفْعةُ فيما قابَلَ الألْفَ؛ لأنَّه عوضُ مالٍ. ولَنا، أَنَّ إيجابَ الشُّفْعةِ تَقْوِيمٌ للبُضْعِ فى حقِّ غيرِ الزَّوجِ، والبُضْعُ لا يُتقوَّمُ فى حقِّ غيرِه، ولأنَّ الزَّوجَ ملَكَ الشِّقْصَ صَفْقةً واحدةً، من شخصٍ واحدٍ، فلا يجوزُ للشَّفيعِ أخذُ بعضِه، كما لو اشْتراهُ بثَمنٍ واحدٍ.
1239 - مسألة؛ قال: (وَلَوْ خالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ، فَخرَجَ مَعِيبًا، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ، أَوْ قِيْمَةَ الثَّوْبِ وَيَرُدَّهُ)
وجملةُ ذلك أَنَّ الخُلْعَ يَسْتَحِقُّ فيه رَدّ عِوَضِه بالعَيْبِ، أو أخْذَ الأرْشِ؛ لأنَّه عِوَضٌ فى مُعاوَضَةٍ، فيُسْتحَقُّ فيه ذلك، كالبيعِ والصَّداقِ. ولا يخْلُو إمَّا أن يكونَ على مُعَيَّنٍ، مثل أن تقولَ: اخْلَعْنِى على هذا الثَّوبِ. فيقولَ: خَلَعْتُك. ثم يَجد به عَيْبًا لم يكُنْ عَلِمَ به، فهو مُخيَّرٌ بين رَدِّه وأخْذِ قيمتِه، وبين أخْذِ أرْشِه. وإن قال: إن أعْطَيْتنِى هذا الثَّوبَ فأنتِ طالقٌ. فأعطْته إيَّاه، طَلُقَتْ، ومَلَكَه. قال أصحابُنا: والحُكمُ فيه كما لو خالعَها عليه. وهذا مذهبُ الشَّافعىِّ، إلَّا أنَّه لم (1) يَجعلْ له المُطالبةَ بالأرْشِ مع إمْكانِ ردِّه.
(7) فى ب، م:"ويأخذ".
(8)
فى أ: "الصداق".
(1)
فى أ، ب، م:"لا".
وهذا أصلٌ ذكَرْناه فى البيعِ (2). وله أيضًا قولٌ: إنَّه إذا ردَّه رجعَ بمهرِ المِثْلِ. وهذا الأصلُ ذُكِرَ فى الصَّداقِ (3). وإن خالعَها على ثوبٍ مَوْصوفٍ فى الذِّمّةِ، واسْتَقْصَى صفاتِ السَّلَمِ، صحَّ، وعليها أن تُعْطِيَه إيَّاه سليمًا؛ لأنَّ إطْلاق ذلك يقْتضِى السَّلامةَ، كما فى البيعِ والصَّداقِ. فإن دفَعتْه إليه مَعِيبًا، أو ناقِصًا عن الصِّفاتِ المذكورةِ، فله الخِيارُ بين إمْساكِه، أو رَدِّه والمُطالبةِ بثَوْبٍ سليمٍ على تلك الصِّفةِ؛ لأنَّه إنَّما وجب فى الذِّمَّةِ سليمًا تامَّ الصِّفاتِ، فيَرْجِعُ بما وجبَ له؛ لأنَّها ما أعْطَتْه الذى وجبَ له عليها. وإن قال: إن أعْطَيْتنى ثوبًا صِفَتُه كذا وكذا. فأعْطَتْه ثوبًا على تلك الصِّفاتِ، طَلُقَتْ، وملَكَه. وإن أعطَتْه ناقصًا صِفَةً، لم يقَعِ الطَّلاقُ، ولم يَمْلِكْه؛ لأنَّه ما وُجِدَ الشَّرطُ. فإن كان على الصِّفةِ، لكنْ به عَيْبٌ، وقعَ الطَّلاقُ لوُجودِ شَرْطِه. قال القاضى: ويتَخيَّرُ بين إمْساكِه، وردِّه والرُّجوعَ بقيمتِه. وهذا قولُ الشَّافعىِّ، إلَّا أَنَّ له قولًا، أنَّه يَرجِعُ بمهرِ المِثْلِ، على ما ذكَرْنا، وعلى ما قُلْنا نحنُ فيما تقدَّمَ: إنه إذا قال: إذا أعْطيْتِنى ثوبًا، أو عبدًا، أو هذا الثَّوبَ، أو هذا العبدَ. فأعْطَتْه إيَّاه مَعِيبًا، طَلُقَتْ، وليس له شىء سِوَاهُ. وقد نَصَّ أحمدُ على مَنْ قال: إن أعْطَيْتنى هذا الألفَ، فأنتِ طالقٌ. فأعْطَتْه إيَّاه، فوجَده مَعِيبًا، فليس له البَدَلُ. وقال أيضًا: إذا قال: إن أعْطَيْتنى عبدًا فأنتِ طالقٌ. فإذا أعْطَتْه عبدًا، فهى طالِقٌ، ويَمْلِكُه. وهذا يدُلُّ على أَنَّ كل موضعٍ قال: إن أعْطَيْتنى كذا. فأعْطَتْه إيَّاه، فليس له غيرُه؛ وذلك لأنَّ الإنسانَ لا يلْزَمُه فى ذِمَّتِه شىءٌ إلَّا بإلْزامٍ، أو الْتِزامٍ، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ بإلْزامِها هذا، ولا هى الْتزَمتْه له، وإنما علَّق طلاقَها على شَرْطٍ، وهو عَطيَّتُها له ذلك، فلا لم يَلْزَمُها شىءٌ سِوَاهُ، ولأنَّها لم تدْخُلْ معه فى مُعاوَضَةٍ، وإنَّما حقَّقَتْ شَرْطَ الطَّلاقِ، فأشْبَهَ ما لو قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ (4) فأنتِ طالقٌ. فدخَلتْ. أو ما لو قال: إن أعْطيتِ أباك عبدًا فأنتِ طالقٌ. فأعْطَتْه إيَّاه.
(2) تقدم فى: 6/ 229.
(3)
تقدم فى صفحة 129.
(4)
سقط من: أ، ب، م.