الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها، وكلاهما فاسدٌ. وأمَّا التى اشْترَطَتْ لنَفْسِها مَهْرًا، فلم تَرْضَ إِلَّا بعِوَضٍ، ولم يَحْصُلْ لها العِوَضُ الذى اشترَطَتْه، فوَجَبَ لها بَدَلُ ما فات عليها من العِوَضِ، وهو مَهْرُ المثلِ، أو نِصْفُه إن كان قبلَ الدُّخُولِ، ولأنَّ الأَصلَ وُجُوبُ مَهْرِ المثلِ؛ لأنَّه وَجَبَ بالعَقْدِ، بدليلِ أنَّه يَسْتَقِرُّ بالدُّخولِ والموتِ، وإنَّما خُولِفَ هذا فى المُفَوِّضةِ بالنَّصِّ الواردِ فيها، ففيما (5) عَداها يَبْقَى على الأَصْلِ.
المسألة الثالثة:
أنَّه إذا سَمَّى لها تَسْمِيَةً فاسدةً، وَجَبَ مَهْرُ المثلِ بالغًا ما بَلَغَ. وبه قال الشافعىُّ، وزُفَرُ. وقال أبو حنيفةَ، وصاحِباه: يجبُ الأقَلُّ من المُسَمَّى أو مَهْرِ المثلِ؛ لأنَّ البُضْعَ لا يُقَوَّمُ إلَّا بالعَقْدِ، فإذا رَضِيَتْ بأقَلَّ من مَهْرِ مِثْلِها، لم يُقَوَّمْ بأكْثرَ ممَّا رَضِيَتْه (6)؛ لأنَّها رَضِيَتْ بإسْقاطِ الزِّيادةِ. ولَنا، أَنَّ ما ضُمِنَ (7) بالعَقْدِ الفاسدِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَتُه بالغًا ما بَلَغَ، كالمَبِيعِ. وما ذكَرُوه فغيرُ مُسَلَّمٍ، ثم لا يَصِحُّ عندهم، فإنَّه لو وَطِئَها وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ، ولو لم يكُنْ له قِيمةٌ لم يَجِبْ. فإن قيل: إنَّما وَجَبَ لحَقِّ اللَّه تعالى. قيل: لو كان كذلك لوَجَبَ أقَل المَهْرِ، ولم يَجِبْ مَهْرُ المِثْلِ.
1202 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وأَلْفٍ لِأَبِيهَا، كَانَ ذلِكَ جَائِزًا، فإِنْ طَلَّقَها قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ عَلَيْهَا بنِصْفِ الأَلْفَيْنِ، ولَمْ يَكُنْ عَلَى الأَبِ شَىْءٌ مِمَّا أَخَذَهُ)
وجملةُ الأمرِ أنَّه يجوزُ لأبِى المرأةِ أن يَشْتَرِطَ شيئًا من صَداقِ ابْنَتِه لنَفْسِه. وبهذا قال إسحاقُ. وقد رُوِىَ عن مَسْرُوقٍ، أنَّه لمَّا زَوّجَ ابْنَتَه، اشترَطَ لنفسِه عَشْرةَ آلافٍ، فجَعَلَها فى الحجِّ والمساكينِ، ثم قال للزَّوْجِ: جَهِّز امْرَأَتَكَ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن علىِّ ابن الحسينِ. وقال عطاءٌ، وطاوُسٌ، وعِكْرِمَةُ، وعمرُ بن عبد العزيزِ، والثَّوْرِىُّ، وأبو
(5) فى الأصل: "مع ما".
(6)
فى أ، ب، م:"رضيت به".
(7)
فى أ، ب، م:"يضمن".
عُبَيْدٍ: يكونُ كلُّ ذلك للمرأةِ. وقال الشافعىُّ: إذا فعل ذلك، فلها مَهْرُ المِثْلِ، وتَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ؛ لأنَّه نَقَصَ من صَداقِها لأجْلِ هذا الشَّرْطِ الفاسدِ؛ لأنَّ المَهْرَ لا يجبُ إلَّا للزَّوْجةِ؛ لأنَّه عِوَضُ بُضْعِها، فيَبْقَى مَجْهُولًا؛ لأنَّنا نحتاجُ أن نَضُمَّ إلى المَهْرِ ما نَقَصَ منه لأجْلِ هذا الشَّرْطِ، وذلك مَجْهُولٌ فيَفْسُدُ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى، فى قِصَّةِ شُعَيْبٍ عليه السلام:{إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (1). فجَعلَ الصَّداقَ الإِجارةَ على رِعايةِ غَنَمِه، وهو شَرْطٌ لِنَفْسِه، ولأنَّ للوالدِ الأخْذ من مالِ وَلَدِه، بِدَليلِ قولِه صلى الله عليه وسلم:"أنْتَ ومَالُكَ لأَبِيكَ"(2). وقولِه: "إنَّ أوْلَادَكُم مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُم، فَكُلُوا مِنْ أمْوالِهِمْ". أخْرَجه أبو داودَ، ونحوَه التِّرْمِذِىُّ (3). وقال: حديثٌ حسنٌ. فإذا شَرَطَ لنَفْسِه شيئًا من الصَّداقِ، يكونُ ذلك أخْذًا من مالِ ابْنَتِه، وله ذلك. وقولُهم: إنَّه شَرْطٌ فاسدٌ. ممنوعٌ. قال القاضى: ولو شَرَطَ جميعَ الصَّداقِ لنَفْسِه، صَحَّ، بدليلِ قِصَّةِ شُعَيْبٍ، فإنَّه شَرَطَ الجميعَ (4) لنفسِه. وإذا تزوجَها على ألْفٍ لها، وألفٍ لأِبيها، فطُلِّقتْ قبلَ الدُّخولَ، رجَع الزَّوْجُ فى الألْفِ الذى قَبَضَتْه، ولم يَكُنْ على الأبِ شىءٌ ممَّا أخَذَ؛ لأنَّ الطَّلاقَ قبلَ الدُّخولِ يُوجِبُ نِصْفَ الصَّداقِ، والألْفان جميعُ صَدَاقِها، فرَجَعَ عليها بنِصْفِهما (5)، وهو ألفٌ، ولم يكُنْ على الأبِ شىءٌ؛ لأنَّه أخَذَ من مالِ ابنتِه ألْفًا، فلا يجوزُ الرُّجُوعُ عليه به. وهذا فيما إذا كان قد قَبَّضَها (6) الألْفَيْنِ. ولو طَلَّقها قبلَ قَبْضِهِما، سَقَطَ عن الزَّوْجِ أَلْفٌ، وبَقِىَ عليه ألفٌ للزَّوْجةِ، يأخُذُ (7) الأبُ منها ما شاء. وقال القاضى: يكونُ بينهما نِصْفَيْنِ. وقال:
(1) سورة القصص 27.
(2)
تقدم تخريجه فى: 8/ 273.
(3)
تقدم تخريجه فى: 8/ 263.
(4)
فى الأصل: "المجموع".
(5)
فى م: "بنصفيهما".
(6)
فى ب، م:"أقبضها".
(7)
فى أ: "ويأخذ".