الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شىءَ له غيرُه، وبين ردِّه وأخْذِ قيمَتِه لو كان مَرْوِيًّا؛ لأنَّ مُخالَفَتَه (11) الصِّفةَ بمَنْزلةِ العَيْبِ فى جَوازِ الرَّدِّ. وقال أبو الخَطَّابِ: وعنْدِى لا يَسْتَحِقُّ شيئًا سِوَاهُ؛ لأنَّ الخُلْعَ على عَيْنِه (12)، وقد أخذَه. وإن خالَعَها على ثَوْبٍ، على أنَّه قُطْنٌ، فبَان كتَّانًا، لَزِمَ ردُّه، ولم [يَكُنْ له](13) إمْساكُه؛ لأنَّه جِنْسٌ آخَرُ، واخْتلافُ الأجْناسٍ كاخْتلافِ الأعْيانِ، بخلافِ ما لو خالَعَها على مَرْوِىٍّ فخرجَ هَرَوِيًّا، فإنَّ الجنسَ واحدٌ.
فصل:
وكلُّ مَوْضعٍ عَلَّقَ طلاقَها [على عَطيَّتِها إيَّاه، فمتى أعْطَتْه](14) على صِفَةٍ يُمْكِنُه القَبْضُ، وقعَ الطَّلاقُ، وسَواءٌ (15) قبَضَه منها أو لم يقْبِضْه؛ لأنَّ العَطيَّةَ وُجِدَتْ، فإنَّه يُقالُ: أعْطَتْه فلم يَأخُذْ. ولأنه علَّقَ اليمينَ على فِعْلٍ مِن جِهَتِها، والذى مِن جهَتِها فى العَطِيَّةِ البَذْلُ على وَجْهٍ يُمْكنُه قَبْضُه، فإن هرَبَ الزَّوْجُ أو غابَ قبلَ عَطيَّتِها، أو قالت: يَضْمَنُه لك زيدٌ، أو اجعلْه قِصاصًا ممَّا لى عليك. أو أعْطَتْه به رَهْنًا، أو أحالَتْه به، لم يَقَعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ العَطيَّةَ ما وُجِدَتْ، ولا يَقَعُ الطَّلاقُ بدونِ (16) شَرْطِه. كذلك كلُّ مَوْضعٍ تعَذَّرتِ (17) العطيَّةُ فيه، لا يَقعُ الطَّلاقُ، سواءٌ كان التَّعَذُّرُ مِن جِهَتِه، أو من جِهَتِها، أو من جِهَةِ غيرِهما؛ لانْتِفاءِ الشَّرْطِ. ولو قالت: طَلَّقْنى بألفٍ. فطلَّقَها، اسْتَحَقَّ الألفَ. وبانَتْ وَإن لم يَقْبِضْ. نَصَّ عليه أحمدُ. قال أحمدُ: ولو قالت: لا أُعْطِيك شيئًا. يأخذُها بالألْفِ. يعنى ويَقَعُ الطَّلاقُ؛ لأنَّ هذا ليس بتَعْلِيقٍ على شَرْطٍ، بخلافِ الأوَّلِ.
فصل: وتَعْليقُ الطَّلاقِ على شَرْطِ العَطِيَّةِ، أو الضَّمانِ، أو التَّمْليكِ، لازمٌ من جِهَةِ
(11) فى أ، ب، م:"مخالفة".
(12)
فى الأصل: "عيبه".
(13)
فى الأصل: "يلزمه".
(14)
سقط من: الأصل.
(15)
سقطت واو العطف من: أ، ب، م.
(16)
فى الأصل: "دون".
(17)
فى ب، م:"تعذر".
الزَّوجِ لُزومًا لا سبيلَ إلى دَفْعِه (18)؛ فإنَّ المُغَلَّبَ (19) فيها حُكْمُ التَّعليقِ المَحْضِ؛ بدليلِ صِحَّةِ تَعْليقِه على الشَّرْطِ (20). ويَقعُ الطَّلاقُ بوجودِ الشَّرطِ، سَواءً كانت العَطِيَّةُ على الفَوْرِ أو التَّرَاخِى. وقال الشَّافعىُّ: إن قال: متى أعْطَيْتِنى، أو متى ما أعْطَيْتِنى، أو أىَّ حينٍ أو أىَّ زمانٍ أعْطَيْتِنى ألفًا، فأنتِ طالقٌ. فذلك على التَّراخِى. وإن قال: إن أعْطَيْتِنى، أو إذا أعْطَيْتِنى ألفًا، فأنتِ طالقٌ. فذلك على الفَوْرِ. فإن أعْطَتْه جَوابًا لكلامِه، وقَعَ الطَّلاقُ، وإن تَأخَّرَ الإِعْطاءُ (21) لم يقَعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ قَبُولَ المُعاوَضاتِ على الفَوْرِ، فإذا لم يُوجَدْ منه تصْريحٌ بخلافِه، وَجَبَ حَمْلُ ذلك على المُعاوَضاتِ، بخلافِ متى وأىٍّ، فإنَّ فيهما تصريحًا بالتَّراخِى (22)، ونصًّا فيه. وإن صارَا مُعاوَضَةً، فإنّ تَعْليقَه بالصِّفَةِ جائزٌ، أمَّا إنْ وإذا، فإنَّهما يَحْتمِلانِ (23) الفَوْرَ والتَّراخِىَ، فإذا تعَلَّق بهما العِوَضُ، حُمِلَا على الفَوْرِ. ولَنا، أنَّه علَّقَ الطَّلاقَ بشَرْطِ الإِعْطاءِ، فكان على التَّراخِى، كسائرِ التَّعْليقِ. أو نقولُ: علَّقَ الطَّلاقَ بحَرْفٍ مُقْتَضاه التَّراخى، فكان على التَّراخِىَ، كما لو خَلا عن العِوَض، والدَّليلُ على أنَّ مُقْتضاه التَّراخى، أنَّه [يَقْتَضِى التَّراخِىَ](24) إذا خَلا عن العِوَضِ، ومُقْتضَياتُ الألْفاظِ لا تخْتلِفُ بالعِوَضِ وعَدَمِه، وهذه المُعاوَضَةُ مَعْدُولٌ بها عن سائر المُعاوَضاتِ؛ بدليلِ جَوازِ تعْلِيقِها على الشُّروطِ، ويكونُ على التَّراخِى فيما إذا علَّقَها بمتى أو بأىٍّ، فكذلك فى مسألتِنا، ولا يَصِحُّ قياسُ ما نحن فيه على غيرِه من المُعاوَضاتِ؛ لما ذكَرْنا من الفَرْقِ، ثم يبْطلُ قياسُهم بقول السَّيِّد لعبدِه: إن أعْطَيْتَنِى ألفًا فأنتَ حرٌّ. فإنَّه كمسْألتِنا، وهو على التَّراخِى،
(18) فى أ: "رفعه".
(19)
فى ب، م:"الغالب".
(20)
فى أ، ب، م:"الشروط".
(21)
فى ب، م:"العطاء".
(22)
فى الأصل، ب، م:"بالتراضى".
(23)
فى الأصل: "محتملان".
(24)
فى ب، م:"يقتضيه".