الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُنَّا مَعاشِرَ أصحابِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، نَرَى الاسْتثناءَ جائزًا فى كلِّ شىءٍ، إلَّا فى العَتَاقِ والطَّلاقِ. ذكرَه أبو الخطَّابِ. وهذا نقلٌ للإِجْماعِ، وإن قُدِّرَ أنَّه قولُ بعضِهم فانْتشَرَ (101)، ولم يُعْلَمْ له مخالفٌ، فهو إجماعٌ (102)، ولأنَّه اسْتثناءٌ يَرْفعُ جُمْلةَ الطَّلاقِ، فلم يَصِحَّ، كقولِه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إِلَّا ثلاثًا. ولأنَّه اسْتثناءُ حُكْمٍ (103) فى مَحَلٍّ، فلم يَرْتفِعْ بالمَشِيئةِ، كالبَيْعِ والنِّكاحِ، ولأنَّه إزالةُ مِلْكٍ، فلم يَصِحَّ تَعْليقُه على مَشِيئةِ اللَّهِ، كما لو قال: أبْرَأتُك إن شاءَ اللَّهُ، أو تعليقٌ على ما لا سبيلَ إلى عِلْمِه، فأشْبَهَ تَعْليقَه على المُسْتحيلاتِ. والحديثُ لا حُجَّةَ لهم فيه؛ فإنَّ الطَّلاقَ والعَتَاقَ إنْشاءٌ (104)، وليس بيَمِينٍ حقيقةً، وإن سُمِّىَ بذلك فَمجازٌ، لا تُتْرَكُ الحقيقةُ [من أجْلِه](105)، ثم إنَّ الطَّلاقَ إنَّما سُمِّىَ يَمِينًا إذا كان مُعَلَّقًا على شَرْطٍ يُمْكِنُ تَرْكُه وفِعْلُه، ومُجرَّدُ قولِه: أنتِ طالقٌ. ليس بيَمِينٍ حقيقةً، ولا مَجازًا، فلم يُمْكِنْ (106) الاسْتثناءُ بعدَ يَمِينٍ. وقولُهم: علَّقَه على مَشِيئةٍ لا تُعْلَمُ. قُلْنا: قد عُلِمَتْ مشيئةُ اللَّهِ الطَّلاقَ بمُباشرةِ الآدَمِىِّ سَببَه. قال قتادةُ: قد شاءَ اللَّهُ حين أذِنَ أن يُطَلِّقَ. ولو سلَّمْنَا أَنَّها لم (107) تُعْلَمْ، لكنْ قد علَّقَه على شَرْطٍ يَستحيلُ عِلْمُه، فيَكونُ كتَعْليقِه على المُسْتحيلاتِ، يَلْغُو (108)، ويَقَعُ الطّلاقُ فى الحالِ.
فصل:
فإن قال: أنتِ طالقٌ إن دخلتِ الدَّارَ إن شاءَ اللَّهُ. فعن أحمدَ فيه روايتانِ؛ إحْدَاهما، يَقَعُ الطَّلاقُ بدخولِ الدَّارِ، ولا يَنفعُه الاسْتثناءُ؛ لأنَّ الطَّلاقَ والعَتاقَ ليسا
(101) سقط من: ب، م.
(102)
فى أزيادة: "وعن أبى بردة نحوه". وهو ما سبق الإشارة إلى سقوطه.
(103)
فى أ، ب، م:"حكما".
(104)
فى ب، م:"إن شاء".
(105)
فى أ: "لأجله".
(106)
فى أ: "يكن".
(107)
فى ب: "لا".
(108)
فى أ: "فيلغو".