الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن اخْتَلَفَا فى وُجُودِ العَيْبِ، مثل أن يكونَ بجَسَدِه (12) بَياضٌ يُمْكِنُ أن يكونَ بَهَقًا أو مرارًا، واخْتَلَفا فى كونِه بَرَصًا، أو كانت به علاماتُ الجُذَامِ، من ذهَابِ شَعْرِ الحاجِبَيْنِ، فاخْتَلَفا فى كونِه جُذَامًا، فإن كانت (13) للمُدَّعِى بَيِّنةٌ من أهلِ الخِبْرَةِ والثِّقَةِ، يَشْهَدانِ له بما قال، ثَبَتَ قَوْلُه، وإلَّا حَلَفَ المُنْكِرُ، والقولُ قولُه؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"وَلكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ"(14). وإن اخْتلَفا فى عُيُوبِ النِّساءِ، أُريَتِ النِّساءَ الثِّقاتَ، ويُقْبَلُ فيه قولُ امرأةٍ واحدةٍ، فإن شَهِدَتْ بما قال الزَّوْجُ، وإلَّا فالقولُ قولُ المرأةِ. وأمَّا الجُنُونُ، فإنه يُثْبِتُ الخِيارَ، سواءٌ كان مُطْبِقًا أو كان يُجَنُّ فى الأحْيانِ؛ لأنَّ النَّفْسَ لا تَسْكُنُ إلى مَنْ هذه (15) حالُه، إلَّا أن يكونَ مَرِيضًا يُغْمَى عليه، ثم يَزُولُ، فذلك مَرَضٌ لا يَثْبُتُ به خِيارٌ. فإن زالَ المَرَضُ، ودام به الإِغْماءُ، فهو كالجُنُونِ، يَثْبُتُ به الخِيارُ، وأمَّا الجَبُّ، فهو أن يكونَ جميعُ ذَكَرِه مَقْطُوعًا، أو لم يَبْقَ منه إلَّا ما لا يُمْكِنُ الجِماعُ به، فإن بَقِىَ منه ما يُمْكِنُ الجِماعُ به، ويَغِيبُ منه فى الفَرْجِ قَدْرُ الحَشَفةِ، فلا خِيارَ لها؛ لأنَّ الوَطْءَ يُمْكِنُ (16). وإن اخْتَلَفا فى ذلك، فالقولُ قولُ المرأةِ؛ لأنَّه يَضْعُفُ بالقَطْعِ، والأصْلُ عَدَمُ الوَطْءِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ القولَ قولُه، كما لو ادَّعَى الوَطْءَ فى العُنَّةِ، ولأنَّ له ما يُمْكِنُ الجماعُ بمِثْلِه، فأشْبَهَ مَنْ له ذَكَرٌ قَصِيرٌ.
الفصل الثالث:
أنَّه لَا يَثْبُتُ الخِيَارُ لغير ما ذكَرْناه؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ من الاسْتِمْتاعِ المَعْقُودِ (17) عليه، ولا يُخْشَى تَعَدِّيه، فلم يُفْسَخْ (18) به النكاحُ، كالعَمَى والعَرَجِ،
(12) فى ب: "فى جسده".
(13)
فى ب: "كان".
(14)
تقدم تخريجه فى: 6/ 525.
(15)
فى م: "هذا".
(16)
فى ب: "ممكن".
(17)
فى م: "بالمعقود".
(18)
فى م: "ينفسخ".
ولأنَّ الفَسْخَ إنَّما يَثْبُتُ بنَصٍّ أو إجْماعٍ أو قِياسٍ، ولا نَصَّ فى غيرِ هذه (19) ولا إجماعَ، ولا يَصِحُّ قِياسُها على هذه العُيوبِ؛ لما بينهما من الفَرْقِ. وقال أبو بكرٍ، وأبو حَفْصٍ: إذا كان أحَدُهُما لا يَسْتَمْسِكُ بَوْلُه ولا خَلاؤُه، فللآخَرِ الخِيارُ. قال أبو الخَطَّابِ: ويتَخَرَّجُ على ذلك مَنْ به الْباسُورُ، والنَّاصُورُ (20)، والقُرُوحُ السَّيَّالةُ فى الفَرْجَ، لأنَّها تُثِيرُ نَفْرةً، وتَتَعَدَّى نَجَاسَتُها، وتُسَمَّى مَنْ لا تَحْبِسُ نَجْوَها (21) الشَّرِيمَ، ومن لا تَحْبِسُ بَوْلَها المَشُولةَ (22)، ومثلُها من الرِّجالِ الأَفِينُ. قال أبو حَفْصٍ: والخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ به. وهو أحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ؛ لأنَّ فيه نَقْصًا وعارًا، ويَمْنَعُ الوَطْءَ أو يُضْعِفُه. وقد رَوَى أبو عُبَيْدٍ، بإسنادِه عن سليمانَ بن يَسارٍ، أَنَّ ابنَ سَنْدَرٍ تزَوَّجَ امرأةً وهو خَصِىٌّ، فقال له عمرُ: أعْلَمْتَها؟ قال: لا. قال: أعْلِمْها، ثم خَيِّرْها (23). وفى البَخَرِ، وكَوْنِ أحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى، وَجْهان؛ أحدهما، يَثْبُتُ الخِيارُ؛ لأنَّ فيه نَفْرَةً ونَقْصًا وعارًا، والبَخَرُ: نَتَنُ الفَمِ. وقال ابنُ حامدٍ: هو نَتَنٌ فى الفَرْجِ، يَثُورُ عندَ الوَطْءِ. وهذا إن أرادَ به أنَّه يُسَمَّى أيضًا بَخَرًا، ويثبتُ الخيارَ، وإلَّا فلا مَعْنَى له، فإنَّ نَتَنَ الفَمِ يُسَمَّى بَخَرًا، ويَمْنَعُ مُقارَبةَ صاحِبِه إلًّا على كُرْهٍ. وما عَدَا هذه (24) فلا يُثْبِتُ الخِيارَ، وَجْهًا واحدًا، كالقَرَعِ، والعَمَى، والعَرَجِ، وقَطْعِ اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ، ولا يُخْشَى تَعَدِّيه. ولا نعلمُ فى هذا بين أهلِ العلمِ خِلافًا، إلَّا أنَّ الحَسَنَ قال: إذا وَجَدَ الآخَرَ عَقِيمًا يُخَيَّرُ. وأحَبَّ أحمدُ [أن يتَبَيَّنْ](25) أمْرُه، وقال: عَسَى
(19) فى أ، ب، م:"هذا".
(20)
فى م: "والناسور". وهما بمعنى.
(21)
النجو: ما يخرج من البطن من ريح وغائط.
(22)
فى أ، ب:"الماسولة".
(23)
وأخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى المرأة يتزوجها الخصى، من كتاب النكاح. المصنف 4/ 406. باختلاف يسير فى لفظه.
(24)
فى أ، م:"هذا".
(25)
فى ب، م:"تبيين".