الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أفرأيتَ لو أنِّى طلَّقْتُها ثلاثًا، أكانَ يَحِلُّ لى أن أُراجعَها؟ قال:"لَا، كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ، وَتَكُونُ مَعْصِيَةً". وقال نافعٌ: وكان عبدُ اللَّه طلَّقَها تطليقةً، فحُسِبَتْ من طَلاقِه، وراجعَها كما أمرَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (14). ومن روايةِ يُونُسَ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: قلتُ لابنِ عمرَ: أفتُعْتَدُّ عليه، أو تُحتسَبُ عليه؟ قال: نعم، أرأيتَ إن عَجَزَ واسْتَحْمَقَ (15)! كلها أحاديثُ صحاحٌ. ولأنَّه طلاقٌ مِن مُكَلَّفٍ فى مَحَلِّ الطَّلاقِ، فوقَعَ، كطلاقِ الحاملِ، ولأنَّه ليس بِقُرْبَةٍ، فيُعتَبَرُ لوقوعِه مُوافقةُ السُّنَّةِ، بل هو (16) إزالةُ عِصْمَةٍ، وقَطْعُ مِلْكٍ، فإيقاعُه فى زمنِ البدْعةِ أوْلَى، تغْليظًا عليه، وعُقوبةً له، أمَّا غيرُ الزَّوجِ، فلا يَمْلِكُ الطَّلاقَ، والزَّوجُ يَمْلِكُه بمِلْكِه مَحَلَّه.
فصل:
ويُسْتحَبُّ أن يُراجعَها، لأمرِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بمُراجعتِها، وأقلُّ أحوالِ الأمرِ الاسْتِحْبابُ، ولأنَّه بالرَّجْعَةِ يُزيلُ المعنى الذى حَرَّمَ الطَّلاقَ. ولا يَجبُ ذلك فى ظاهرِ المذهبِ. وهو قولُ الثَّورِى، والأوْزَاعِىِّ، والشَّافعىِّ، وابنِ أبى لَيْلَى، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وحَكَى ابنُ أبى موسى، عن أحمدَ، روايةً أُخْرَى، أَنَّ الرَّجْعةَ تَجبُ. واختارَها. وهو قولُ مالكٍ، وداودَ؛ لظاهرِ الأمرِ فى الوجوبِ، ولأنَّ الرَّجْعةَ تَجرى مَجْرَى اسْتِبْقاءِ
= كما أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى إمضاء الطلاق الثلاث وإن كن مجموعات، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى 7/ 334. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 6.
(14)
لم نجد هذا اللفظ عن نافع، وإنما أخرجه مسلم عن سالم، فى: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها. . .، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1095. والبيهقى، عن سالم أيضًا، فى: باب ما جاء فى طلاق السنة وطلاق البدعة، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى 7/ 324.
(15)
فى الأصل، ب، م:"واستحق". وهو استفهام إنكار، وتقديره: نعم تحتسب، ولا يمتنع احتسابها لعجزه وحماقته. وأخرجه البخارى، فى: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى 7/ 52، 53. ومسلم، فى: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1096، 1097.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 504. والترمذى، فى: باب ما جاء فى طلاق السنة، من كتاب الطلاق. عارضة الأحوذى 5/ 123، 124. وابن ماجه، فى: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 651.
(16)
فى ب، م:"هى".