الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحالِ؛ لأنَّ أن المفتوحةَ ليست للشَّرْطِ، وإنَّما هى للتَّعليلِ، فمعناه: أنتِ طالقٌ لأنَّكِ قُمتِ، أو لقيامِك. كقولِ اللَّه تعالى:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} (45). {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} (46). و {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} (47). وقال القاضى: قياسُ قولِ أحمدَ، أنَّه إن كان نَحْوِيًّا وقعَ طلاقُه، وإن لم يَكُنْ نحويًّا فهى للشَّرط؛ لأنَّ العامِّىَّ لا يُريدُ بذلك إلَّا الشَّرْطَ، ولا يَعْرِفُ أَنَّ مُقْتَضاها التَّعليلُ، فلا يُريدُه، فلا يَثْبُتُ له حُكْمُ ما لا يَعْرِفُه، ولا يُريدُه، كما لو نَطَقَ بكلمةِ الطَّلاقِ بلسانٍ لا يَعْرِفُه. وحُكِىَ عن ابنِ حامدٍ، أنَّه قال فى النَّحوىِّ أيضًا: لا يَقَعُ طلاقُه بذلك، إلَّا أن يَنْوِيَه؛ لأنَّ الطّلاقَ يُحْمَلُ على العُرْفِ فى حقِّهما جميعًا. واخْتلَف أصْحابُ الشَّافعىِّ على ثلاثةِ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يَقَعُ طَلاقُه فى الحالِ. والثَّانى، يَكونُ شَرْطًا فى حقِّ العامِّىِّ، وتعْليلًا فى حقِّ النَّحْوىِّ. والثَّالث، يَقعُ الطّلاقُ إلَّا أن لا (48) يَكونَ من أهلِ الإِعرابِ، فيقول: أردتُ الشَّرْطَ. فيُقْبَلُ؛ لأنَّه لا يَجوزُ صَرْفُ الكلامِ عمَّا يَقتضيه إلَّا بقَصْدِه. وإن قال: أنتِ طالقٌ إذْ دخَلْتِ الدَّارَ. طَلُقَتْ فى الحالِ؛ لأنَّ إذ للماضى. ويَحْتمِلُ أن لا يَقعَ؛ لأنَّ الطَّلاقَ لا يَقعُ فى زمنٍ ماضٍ، فأشْبَهَ قولَه: أنتِ طالقٌ أمسِ.
فصل:
وإذا علَّقَ الطَّلاقَ بشَرْطينِ، لم يَقعْ قبلَ وُجودِهما جميعًا، فى قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ. وخرَّجَ القاضى وَجْهًا فى وُقوعِه بُوجودِ أحدِهما، بناءً على إحْدَى الرِّوايتَيْنِ فى مَن حَلَف أن لا يَفْعلَ شيئًا، ففعلَ بعضَه. وهذا بعيدٌ جدا (49)، يُخالِفُ الأُصُولَ ومُقْتضَى اللُّغةِ والعُرفَ وعامَّةَ أهلِ العلمِ؛ فإنَّه لا خلافَ بينهم فى المسائلِ التى ذكرْناها فى الشَّرطَيْنِ
(45) سورة الحجرات 17.
(46)
سورة مريم 90، 91.
(47)
سورة الممتحنة 1.
(48)
سقط من: الأصل.
(49)
فى أزيادة: "لأنه".
جميعًا، وإذا اتَّفَقَ العلماءُ على أنَّه لا يَقعُ طلاقُه (50)؛ لإِخْلالِه بالتَّرتيبِ. فى الشَّرْطَيْنِ المُرتَّبَيْنِ فى مثلِ قولِه: إن أكلْتِ ثم لَبِسْتِ. فلإِخْلالِه بالشَّرْطِ كلِّه أوْلَى، ثم يَلْزَمُ على هذا ما لو قال: إن أعْطْيتِنى درهمينِ فأنَتِ طالقٌ، وإذا مضَى شهرانِ فأنتِ طالقٌ. فإنَّه لا خلافَ [فى أنَّها](51) لا تَطلُقُ قبلَ وُجودِهما جميعًا، وكان قولُه يَقْتَضِى [أن يَقَعَ](52) الطَّلاقُ بإعطائِه بعضَ (53) درهمٍ، ومُضِىِّ بعضِ يومٍ، وأصولُ الشَّرعِ تَشْهدُ بأنَّ الحُكمَ المُعلَّقَ بشَرْطينِ لا يَثْبُتُ إلَّا بهما، وقد نَصَّ أحمدُ على أنَّه إذا قال: إذا (54) حِضْتِ حَيْضةً فأنتِ طالقٌ. وإذا قال: إذا صُمْتِ يومًا فأنتِ طالقٌ. أنَّها لا تَطْلُقُ حتى تَحِيضَ حَيْضةً كاملةً، وإذا غابتِ الشَّمسُ مِن اليومِ الذى تَصومُ فيه طَلُقَتْ، وأمَّا اليَمِينُ، فإنَّه متى كان فى لفظِه أو نِيَّتِه ما يَقتَضِى (55) جميعَ المحْلوفِ عليه، لم يَحْنَثْ إلَّا بفِعْلِ جميعِه، وفى مَسْألتِنا ما يَقْتَضِى تَعْليقَ الطَّلاقِ بالشَّرْطينِ معًا، لتَصْريحِه بهما، وجَعْلِهما شَرْطًا للطَّلاقِ، والحُكمُ لا يَثْبُتُ بدونِ شَرْطِه، على أَنَّ اليَمِينَ مُقْتَضاها المنعُ ممَّا حَلَفَ عليه، فيقْتضِى المنعَ مِن فِعْلِ جميعِه، لنَهْىِ (56) الشَّارعِ عن شىءٍ يَقْتضِى المنعَ مِن كلِّ جزءٍ منه، كما يَقْتضِى المنعَ من جُمْلتِه، وما عُلِّقَ على شَرْطٍ جُعِلَ جَزاءً وحُكمًا له، والجزاءُ لا يُوجَدُ بدونِ شَرْطِه، والحُكْمُ لا يَتَحَقَّقُ قبلَ تمامِ شَرْطِه، لُغَةً وعُرفًا وشرعًا.
(50) فى الأصل: "الطلاق".
(51)
سقط من: الأصل.
(52)
فى أ: "وقوع".
(53)
سقط من: أ، ب، م.
(54)
فى أ، ب، م:"إن".
(55)
فى أ: "يقضى".
(56)
فى الأصل: "النهى".