الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَمَّارَةَ راعٍ، فوضعَ أُصْبُعَيْهِ فى أُذْنَيْهِ، ثمَّ عدَلَ عن الطَّريقِ، فلم يزَلْ لِقول: يا نافعُ، أتسمعُ؟ حتى قلتُ: لا. فأخرجَ أُصْبُعَيْهِ من (13) أُذُنَيْهِ، ثم رجعَ إلى الطريقِ، ثم قال: هكذا رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صنَعَ. رَواه أبو داودَ (14)، والخَلَّالُ. ولأنَّه يُشاهِدُ المُنْكَرَ ويسمعُه، مِن غيرِ حاجةٍ إلى ذلك، فمُنِعَ منه، كما لو قدَر على إزالتِه. ويُفارِقُ مَن له جاز مقيمٌ على المنكرِ والزَّمْرِ، حيث يُباحُ له المُقَامُ، فإِنَّ تلك حالُ حاجةٍ؛ لما فى الخُروجِ مِن المنزلِ مِن الضَّررِ.
فصل:
فإنْ رَأى نُقُوشًا، وصُوَرَ شَجَرٍ، ونحوَها، فلا بأسَ بذلك؛ لأنَّ تلك نقوشٌ، فهى (15) كالعَلَمِ فى الثَّوبِ (16). وإِنْ كانت فيه صُوَرُ حَيَوانٍ، فى موضع يُوطَأُ أو يُتَّكَأُ عليها، كالتى فى البُسُطِ، والوَسائدِ، جازَ أيضًا. وإِنْ كانت على السُّتُورِ والحيطانِ، وما لا يُوطأُ، وأمكنَه حَطُّها، أو قطْعُ رُءوسِها، فعَلَ وجلَسَ، وإِنْ لم يُمْكِنْ ذلك، انصرفَ ولم يجلسْ؛ وعلى هذا أكثرُ أهلِ العلْمِ، قال ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا أعْدَلُ المذاهبِ. وحكاه عن سعدِ بنِ أبى وَقَّاصٍ، وسالمٍ، وعُروةَ، وابنِ سِيرينَ، وعَطاءٍ، وعِكْرِمَةَ بنِ خالدٍ، وعِكْرِمَةَ مولى ابنِ عباسٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ، وكان أبو هُرَيْرةَ يكرهُ التَّصَاويرَ، ما نُصِبَ منها وما بُسطَ. وكذلك مالكٌ، إلَّا أنَّه كان يكرهُها تَنَزُّهًا (17)، ولا يراها مُحرَّمةً. ولعلَّهُم يذهبونَ إلى عُمومِ قولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ". مُتَّفَقٌ عليه (18). ورُوِىَ عن ابنِ
(13) فى الأصل: "عن".
(14)
فى: باب كراهية الغناء والزمر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 579.
(15)
سقط من: الأصل.
(16)
فى الأصل، أ:"ثوب".
(17)
فى الأصل: "تنزيها".
(18)
أخرجه البخارى، فى: باب إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ، من كتاب الأنبياء، وفى: باب حدثنى. . .، من كتاب المغازى، وفى: باب هل يرجع إذا رأى منكرا فى الدعوة، من كتاب النكاح، وفى: باب من كره القعود على الصورة، من كتاب اللباس، صحيح البخارى 4/ 158، 169، 170، 5/ 105، 7/ 33، 7/ 216. ومسلم، فى: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1665، 1666. =
مسعودٍ، أنَّه دُعىَ إلى طعامٍ، فلمَّا قيلَ له: إِنَّ فى البيتِ صُورةً. أبَى أَنْ يذهبَ حتى كُسِرتْ (19). ولَنا، ما رَوتْ عائشةُ، قالتْ: قَدِمَ النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم من سَفَرٍ، وقد سَتَرْتُ لِى سَهْوَةً (20) بنَمَطٍ فيه تَصاويرُ، فلمَّا رآه قال:"أَتَسْتُرِينَ الخِدْرَ بِسِتْرٍ فِيه تصاويرُ؟ " فَهَتَكَهُ. قالتْ: فجعلتُ منه مُنْتَبَذَتَيْنِ (21)، كأنِّى أنْظُرُ إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا على إِحداهُمَا. رَواه ابنُ عبدِ البَرِّ (22). ولأنَّها إذا كانتْ تُداسُ وتُبْتَذَلُ، لم تكُنْ مُعزَّزةً ولا مُعظَّمةً، فلا تُشْبِهُ الأصْنامَ التى تُعبدُ وتُتّخذُ آلهةَ، فلا تُكرَهُ (23). وما رَوَيناه أخصُّ ممَّا رَوَوه، وقد رُوى عن أبى طلحةَ. أنَّه قيلَ له: ألم يقُلِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَدْخُل الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيْهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ"؟ قال: أَلَم تَسْمعْه قال: "إِلَّا رَقْمًا فى ثَوْبٍ"؟ مُتَّفَقٌ عليه (24). وهو مَحْمُولٌ على ما ذكَرناه مِن أَنَّ المُباحَ ما كان مَبْسُوطًا، والمَكْرُوهَ منه ما
= كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الجنب يؤخر الغسل، من كتاب الطهارة. وفى: باب فى الصور، من كتاب اللباس. سنن أبى داود 1/ 52، 2/ 392. بالترمذى فى: باب ما جاء أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب، من كتاب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 248، 249. والنسائى فى: باب فى الجنب إذا لم يتوضأ، من كتاب الطهارة، وفى: باب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب، من كتاب الصيد، وفى: باب التصاوير، من كتاب الزينة. المجتبى 1/ 116، 7/ 164، 8/ 178، 188. والدارمى، فى: باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه تصاوير، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمى 2/ 284. والإمام أحمد فى: المسند 1/ 104، 107، 148، 150، 277، 3/ 90، 4/ 28، 29، 30، 6/ 246، 330.
(19)
أخرجه البيهقى، فى: باب المدعو يرى فى الموضع الذى يدعى فيه صورا، من كتاب الصداق. السنن الكبرى 7/ 268. عن أبى مسعود.
(20)
السهوة: الطاق، أو شبه الرف.
(21)
فى صحيح البخارى: "نمرقتين".
(22)
وأخرجه البخارى، فى: باب هل تكسر الدنان التى فيها الخمر، من كتاب المظالم، وفى: باب ما وطئ من التصاوير، من كتاب اللباس. صحيح البخارى 3/ 179، 7/ 215، 216.
كما أخرجه النسائى، فى: باب ذكر أشد الناس عذابا، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 189. وابن ماجه، فى: باب الصور مما يوطأ، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 2/ 1204. بالإمام أحمد، فى: المسند 6/ 36، 103، 199.
(23)
فى ب، م:"تكرم".
(24)
أخرجه البخارى، فى: باب إذا قال أحدكم آمين، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب من كره القعود على الصورة، من كتاب اللباس. صحيح البخارى 4/ 138، 139، 7/ 226. ومسلم، فى: باب تحريم تصوير الحيوان، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1665، 1666. =