الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
إذا أنكَرَ الزَّوْجُ تَسْمِيةَ الصداقِ، وادَّعَى أنَّه تَزَوَّجَها بغير صداقٍ، فإن كان بعدَ الدُّخولِ نَظَرْنا؛ فإن ادَّعَتِ المرأةُ مهرَ المِثْلِ أو دُونَه، وَجَبَ ذلك من غير يَمينٍ؛ لأنَّها لو صَدَّقَتْه فى ذلك لَوجَبَ مهرُ المثلِ، فلا فائدةَ فى الاخْتِلافِ، وإن ادَّعَتْ أقلَّ من مهرِ المثلِ، فهى مُقِرَّةٌ بنَقْصِها عمَّا يجبُ لها بدَعْوَى الزَّوْجِ، فيجبُ أن يُقْبَلَ قوْلُها بغيرِ يَمِينٍ، وإن ادَّعتْ أكثرَ من مهرِ المثلِ، لَزِمَتْه اليمينُ على نَفْى ذلك، ويَجِبُ لها مهرُ المثلِ. وإن كان اختلافهما قبلَ الدُّخولِ، انبنَى على الرِّوايتَيْنِ فيما إذا اختلَفا فى قَدْرِ الصداقِ، فإن قُلْنا: القولُ قولُ [الزَّوْجِ. فلها المُتْعةُ، وإن قُلْنا: القولُ قولُ](14) مَنْ يَدَّعِى مهرَ المِثْلْ (15). قُبِلَ قَوْلُها ما ادَّعَتْ مهرَ مِثْلِها. هذا إذا (16) طَلَّقَها، وإن لم يُطَلِّقْها، فُرِضَ لها مهرُ المثلِ على الرِّوايتَيْنِ، وكلُّ مَنْ قُلْنا: القولُ قولُه. فعليه اليمينُ.
1206 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا تزوَّجَهَا بِغيْرِ صَدَاقٍ، لَمْ يَكُنْ لَهَا (1) عَلَيْهِ إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إِلَّا الْمُتْعَةُ)
وجملتُه أنَّ النِّكاحَ يَصِحُّ من غيرِ تَسْمِيَةِ صَداقٍ، فى قولِ عامَّةِ أهل العلمِ. وقد دَلَّ على هذا قولُ اللَّهِ تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} (2). ورُوِىَ أَنَّ ابنَ مسعودٍ سُئِلَ عن رَجُلٍ تزوَّجَ امرأةً، ولم يَفْرِضْ لها صَداقًا، ولم يَدْخُلْ بها حتى ماتَ، فقال ابنُ مسعودٍ: لها صَداقُ نِسائِها، لا وَكْسٌ (3) ولا شَطَطٌ، وعليها العِدَّةُ، ولها المِيراثُ. فقام مَعْقِلُ بن سِنَانٍ الأشْجَعِىُّ،
(14) سقط من: ب. نقل نظر.
(15)
فى الأصل: "مثل".
(16)
فى ب زيادة: "كان".
(1)
سقط من: الأصل، أ.
(2)
سورة البقرة 236. ولم يرد فى أ، ب، م: {ومتعوهن}.
(3)
الوكس: النقص والغبن.
فقال: قَضَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى بَرْوَعَ بنت وَاشِقٍ، امرأةٍ مِنَّا، مثلَ ما قَضَيْتَ. أخْرَجه أبو داودَ، والترمِذى (4)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ولأن القَصْدَ من النِّكاحِ الوُصْلَةُ والاسْتِمْتاعُ دُونَ الصداقِ، فصَحَّ من غيرِ ذِكْرِه، كالنَّفَقةِ. وسواءٌ تَرَكَا ذِكْرَ المَهْرِ، أو شَرَطا نَفْيَه، مثل أن يقولَ، زَوَّجْتُكَ بغير مهرٍ. فيقْبَلُه كذلك. ولو قال: زَوَّجْتكَ بغير مَهْرٍ فى الحال، ولا فى الثانى. صَحَّ أيضًا. وقال بعضُ الشَّافعيَّةِ: لا يَصِحُّ فى هذه الصُّورَةِ، لأنَّها تكونُ كالمَوْهُوبةِ. وليس بصحيحٍ؛ لأنَّه قد صَحَّ فيما إذا قال: زَوَّجْتُكَ بغير مَهْرٍ. فيَصِحُّ ههُنا؛ لأنَّ معناهما واحدٌ، وما صَحَّ فى إحْدَى الصُّورَتَيْنِ المُتَساوِيتَيْنِ، صَحَّ فى الأُخْرَى. وليست كالمَوْهُوبةِ؛ لأنَّ الشَّرْطَ يَفْسُدُ، ويَجِبُ المهرُ. إذا ثبَتَ هذا، فإنَّ المُزَوَّجةَ بغيرِ مَهْرٍ تُسَمَّى مُفَوِّضةً، بكَسْرِ الواو وفَتْحِها، فمن كَسَرَ أضافَ الفِعْلَ إليها على أنها فاعِلَة، مثل مُقَوِّمةٍ، ومن فَتَحَ أضافَه إلى وَلِيِّها. ومعنى التَّفْويض الإِهْمالُ، كأنها أهْمَلَتْ أَمْرَ المَهْرِ، حيث لم تُسَمِّه؛ ومنه قولُ الشاعر (5):
لا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لا سَراةَ لهمْ
…
ولا سَراةَ إذَا جُهَّالُهُم سَادُوا
يعنى مُهْمَلِين. والتَّفْويضُ على ضَرْبَيْنِ؛ تفويضُ بُضْعٍ، وتفويضُ مَهْرٍ. فأمَّا تفويضُ البُضْعِ، فهو الذى ذكَره الخِرَقِىُّ وفَسَّرْناه، وهو الذى يَنْصَرِفُ إليه إطلاقُ التَّفْويضِ، وأمَّا تَفْويضُ المَهْرِ، فهو أن يَجْعَلا (6) الصَّداقَ إلى رَأى أحدِهما، أو رَأْى أجْنَبىٍّ، فيقول: زَوَّجْتُكَ على ما شِئْتَ، أو على حُكْمِكَ، أو على (7) حُكْمِى، أو حُكْمِها، أو حُكمِ أجْنَبِىٍّ. ونحوه. فهذه لها مَهْرُ المِثْلِ، فى ظاهرِ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّها لم تُزَوِّجْ نَفْسَها إلا بصَداقٍ، لكنَّه مَجْهُولٌ، فسَقَطَ لجِهالَتِه، ووَجَبَ مهرُ
(4) تقدم تخريجه فى: 9/ 192.
(5)
هو الأفوه الأودى. والبيت فى ديوانه (الطرائف الأدبية)10.
(6)
فى أ، م:"يجعل".
(7)
سقط من: الأصل، أ، ب.