الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليست شرطًا فى الحُكْمِ ولا الوكالةِ، فكان الأمرُ بذلك إرْشادًا واسْتِحْبابًا، فإن قُلْنا: هما وَكيلانِ. فلا يَفْعلانِ شِيئًا حتى يأْذنَ الرَّجلُ لوكيلِه فيما يَراهُ مِن طلاقٍ أو صُلحٍ، وتأْذنَ المرأةُ لوكيِلها فى الخُلْعِ والصُّلْحِ على ما يَراهُ، فإنِ امْتَنعا من التَّوكيلِ، لم يُجْبَرَا. وإن قُلْنا: إنَّهما حَكَمانِ. فإنَّهما يُمْضِيَانِ ما يَرَيَانِه من طلاقٍ وخُلْعٍ، فينفُذُ ذلك عليهما، رَضِيَاه أو أبَيَاه.
فصل:
فإن غابَ الزَّوْجانِ أو أحدُهُما بعدَ بَعْثِ حَكَمَيْنِ (12)، جازَ للحَكَمَيْنِ إمْضاءُ رأْيِهِما إنْ قُلْنا: إنَّهما وكيلانِ. لأنَّ الوكالةَ لا تَبْطُلُ بالغَيْبَةِ، وإن قُلْنا: إنَّهما حاكمانِ. لم يجُزْ لهما إمضاءُ الحُكمِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ الزَّوجَيْنِ مَحْكومٌ له وعليه، والقضاءُ للغائبِ لا يجوزُ، إلَّا أن يكُونا قد وَكَّلاهما، فيَفْعلانِ ذلك بحُكْمِ التَّوكْيلِ، لا بالحُكْمِ. وإن كان أحدُهما قد وكَّلَ، جازَ لوكيلِه فِعْلُ ما وكَّلَه فيه مع غَيْبَتِه. وإن جُنَّ أحدُهما، بَطَلَ حُكْمُ وكيلِه؛ لأنَّ الوكالةَ تبطُلُ بجُنونِ المُوَكِّلِ. وإن كان حاكمًا، لم يَجُزْ له الحُكْمُ؛ لأنَّ مِن شَرْطِ ذلك بَقاءَ الشِّقَاقِ، وحُضُورَ المُتَداعِيَيْنِ، ولا يتَحقَّقُ ذلك مع الجُنُونِ.
فصل: فإنْ شَرَطَ الحَكَمانِ شرطًا لو (13) شرَطَه الزَّوجانِ لم يلْزَمْ، مثل أن يشْترِطَا (14) تَرْكَ بعض النَفَقةِ والقَسْمِ، لم يَلْزَمِ الوَفاءُ به؛ لأنَّه إذا لم يَلْزَمْ بِرِضَى المُوَكِّلَيْنِ، فبرِضَى الوكيلَيْنِ أولى. وإن أبْرَأَ وكيلُ المرأةِ مِن الصَّدَاقِ أو دينٍ لها، لم يَبْرَإ الزَّوْجُ (15) إلَّا فى الخُلْعِ. وإن أبْرَأَ وكيلُ الزَّوجِ مِن دَيْنٍ له، أو من الرَّجُلِ، لم تَبْرَإِ الزَّوْجةُ؛ لأنَّهما وكيلانِ فيما يتعلَّقُ بالإِصْلاحِ، لا فى إسْقاطِ الحُقوقِ.
(12) فى أ: "الحكمين".
(13)
فى الأصل، ب، م:"أو".
(14)
فى ب، م:"يشترط".
(15)
فى أ، ب، م:"للزوج".
1232 -
مسألة (1)؛ قال: (وَالْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ مُبْغِضَةً لِلرَّجُلِ، وَتَكْرَهُ أَنْ تَمْنَعَهُ مَا تَكُونُ عَاصِيَةً بِمَنْعِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَفْتَدِىَ نَفْسَهَا مِنْهُ)
وجملةُ الأمرِ أَنَّ المرأةَ إذا كرِهتْ زوجَها، لخَلْقِه، أو خُلُقِه، أو دينِه، أو كِبَرِه، أو ضَعْفِه، أو نحوِ ذلك، وخَشِيَتْ أن لا تُؤدِّىَ حقَّ اللَّهِ تعالى فى طاعتِه، جازَ لها أن تُخالِعَه بِعِوَضٍ (2) تَفْتَدِى به نفسَها منه؛ لقولِ اللَّه تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (3). ورُوِىَ أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، خرجَ إلى الصُّبْحِ، فوجدَ حَبِيبَةَ بنتَ سَهْلٍ عندَ بابِه فى الغلَسِ، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَا شَأْنُكِ؟ ". قالت: لا أنا ولا ثابِتٌ. لزَوجها، فلمَّا جاء ثابتٌ، قال له رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَذِهِ حَبيبَةُ بِنتُ سَهْلٍ، فَذَكَرَتْ (4) مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ". وقالت حبيبةُ: يا رسولَ اللَّهِ، كلُّ ما أعْطانى عِندِى. فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لثابِتِ بنِ قَيْسٍ:"خُذْ مِنهَا". فأخذَ منها، وجلَستْ فى أهلِها. وهذا حديثٌ صحيحٌ، ثابتُ الإِسنادِ، روَاه الأئمَّةُ مالكٌ وأحمدُ وغيرُهُمَا (5)، وفى روايةِ البُخارِىِّ، قال: جاءت امرأةُ ثابتِ بنِ قيسٍ إلى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ اللَّه، ما أنْقِمُ على ثابتٍ فى دِينٍ ولا خُلُقٍ، إلَّا أنِّى أخافُ الكُفْرَ. فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَتَرُدِّيْنَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قالت: نعم. فردَّتْها (6)
(1) قبل هذه المسألة ورد فى ب، م عنوان:"كتاب الخلع". وسبق فى صفحة 220. عنوان: "كتاب عشرة النساء والخلع".
(2)
فى أ: "على عوض".
(3)
سورة البقرة 229.
(4)
فى ب، م:"قد ذكرت".
(5)
أخرجه الإِمام مالك، فى: باب ما جاء فى الخلع، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 564. والإِمام أحمد، فى: المسند 4/ 3. والبخارى، فى: باب الخلع وكيف الطلاق فيه، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى 7/ 60. وأبو داود، فى: باب فى الخلع، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 516. والنسائى، فى: باب ما جاء فى الخلع، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 138، 139. وابن ماجه، فى: باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 663. والدارمى، فى: باب فى الخلع، سنن الدارمى 2/ 163.
(6)
فى الأصل، أ:"فردت".