الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوقَعَ، كما لو أطْلَقَ، ومتى وقعَ، فلا سَبِيلَ إلى رَفْعِه.
فصل:
نقلَ مُهَنَّا، فى رجلٍ قالت له امرأتُه: اجْعَلْ أَمْرِى بيَدِى، وأُعْطِيك عَبْدِى هذا. فقَبَضَ العبدَ، وجعلَ أمرَها بيدِها، وباع العبدَ قبلَ أن تقولَ المرأةُ شيئًا: هو له، إنَّما قالتْ: اجعَلْ أمْرِى بيَدِى وأُعْطِيك. فقيل له (6): متى شاءتْ تخْتارُ؟ قال: نعم، ما لم يَطأْها، أو ينقُضْ. فجعلَ له الرُّجوعَ ما لم تُطَلِّقْ. وإذارجَعَ فيَنْبَغِى أن تَرْجِعَ عليه بالعِوَضِ؛ لأنَّه اسْتَرْجَعَ ما جعَلَ لها، فتَسْترجِعُ منه ما أعْطَتْه. ولو قال: إذا جاء رأسُ الشَّهرِ فأمْرُك بيدكِ. ملَكَ إبطالَ هذه الصِّفةِ؛ لأنَّ هذا يجوزُ الرُّجُوعُ فيه لو لم يكُنْ مُعَلَّقًا، فمعَ التَّعْليقِ أوْلَى، كالوكالةِ. قال أحمدُ: ولو جعَلتْ له امرأتُه ألفَ درهمٍ على أن يُخيِّرَها، فاخْتارتِ الزَّوجَ، لا يَرُدُّ عليها شيئًا، ووَجْهُه أَنَّ الألْفَ فى مُقابلَةِ تمْليكِه إيَّاها الخيارَ، وقد فعلَ، فاسْتَحقَّ الألفَ، وليستِ الألفُ فى مُقابلَةِ الفُرْقةِ.
فصل: إذا قالتِ امْرأتُه: طلِّقْنِى بدينارٍ. فطلَّقَها، ثم ارْتدَّتْ، لزمَها الدِّينارُ، ووقعَ الطَّلاقُ بائنًا، ولا تُؤثِّرُ الرِّدَّةُ؛ لأنَّها وُجِدَتْ بعدَ (7) البَيْنُونةِ. وإن طلَّقَها بعد رِدتِها وقبلَ دخولِه يها، بانَتْ بالرِّدَّةِ (8)، ولم يقَعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّه صادفَها بائنًا، فإن كان بعدَ الدُّخولِ، وقُلْنا: إن الرِّدَّةَ ينْفَسِخُ بها النِّكاحُ فى الحالِ. فكذلك، وإن قُلْنا: يَقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ. كان الطَّلاقُ مُرَاعًى. فإن أقامتْ على رِدَّتِها حتى انْقَضتْ عِدَّتُها، تَبيَّنَّا أنَّها لم تكُنْ زَوْجتَه (9) حين طلَّقَها، فلم يقَعْ، ولا شىءَ له علها، وإن رجَعتْ إلى الإِسلامِ، بانَ أَنَّ الطَّلاقَ صادَفَ زَوْجتَه (10)، فوقعَ، واستَحَقَّ عليها العِوَضَ.
(6) سقط من: الأصل.
(7)
سقط من: ب، م.
(8)
فى النسخ: "الردة".
(9)
فى الأصل: "زوجة".
(10)
فى أ، ب، م:"زوجة".
1237 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِى عَلَى مَا فِى يَدِى مِنَ الدَّرَاهِم. فَفَعَلَ، فَلَمْ يَكُنْ فِى يَدِهَا شَىءٌ، لَزِمَهَا (1) ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ)
وجملةُ ذلك أَنَّ الخُلْعَ بالمجهولِ جائزٌ، وله ما جُعِلَ له. وهذا قولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وقال أبو بكرٍ: لا يصحُّ الخُلْعُ، ولا شىءَ له؛ لأنَّه مُعاوَضَةٌ، فلا يصِحُّ بالمجهولِ، كالبيعِ. وهذا قولُ أبى ثَوْرٍ. وقال الشَّافعىُّ: يصِحُّ الخُلْعُ، وله مهرُ مثلِها؛ لأنَّه مُعاوَضَةٌ بالبُضْعِ، فإذا كان العِوَضُ مجهولًا، وجبَ مهرُ المِثْلِ، كالنِّكاحِ. وَلنا، أَنَّ الطَّلاقَ معنًى يجوزُ تعليقُه بالشَّرطِ، فجاز أن يُسْتَحقَّ به العِوَضُ المجهولُ كالوصيَّةِ، ولأنَّ الخُلْعَ إسْقاطٌ لحقِّه مِنَ البُضْعِ، وليس فيه تمْليكُ شىءٍ، والإِسْقاطُ تدْخلُه المُسَامَحَةُ، ولذلك جازَ مِن غيرِ عِوَضٍ، بخلافِ النِّكاحِ. وإذا صحَّ الخُلْعُ، فلا يجبُ مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّها لم تبذُلْه، ولا فوَّتَتْ عليه ما يُوجِبُه، فإنَّ خروجَ البُضْعِ مِن مِلْكِ الزَّوجِ غيرُ مُتَقَوَّمٍ، بدليلِ ما لو أخرجَتْه من مِلْكِه برِدَّتِها، أو رَضاعِها لِمَنْ ينْفَسِخُ به نِكاحُها، لم يجِبْ عليها شىءٌ، ولو قتلتْ نفسَها أو قتلَها أجنبىٌّ، لم يجِبْ للزَّوجِ عِوَضٌ عن بعضِها، ولو وُطِئَتْ بشُبْهةٍ أو مُكرَهةً، لوَجبَ المهرُ لها دونَ الزَّوجِ، ولو طاوَعتْ لم يكُنْ للزَّوجِ شىءٌ، وإنَّما يُتقوَّمُ البُضْعُ على الزَّوْجِ فى النِّكاحِ خاصَّةً، وأباحَ لها افْتداءَ نفسِها لحاجتِها إلى ذلك، فيكونُ الواجبُ ما رَضِيَتْ ببذْلِه، فأمَّا إيجابُ شىءٍ لم تَرْضَ به، فلا وَجْهَ له. فعَلَى هذا، إنْ خالَعَها (2) على ما فى يَدِها من الدَّراهمِ، صحَّ، فإن كان فى يَدِها دراهمُ فهى له، وإن لم يكُنُ فى يدِها شىءٌ فلَه عليها ثلاثةٌ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّه أقَلُّ ما يقَعُ عليه اسمُ الدَّراهِم حقيقةً، ولفظُها دلَّ (3) على ذلك، فاسْتحقَّه، كما لو وَصَّى له بدراهمَ. وإن كان فى يدِها أقلُّ من ثلاثةٍ، احْتَمَلَ أن لا يكُونَ له غيرُه؛ لأنَّه من
(1) فى ب، م:"لزمتها".
(2)
فى ب، م:"خلعها".
(3)
فى أ: "يدل".