الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّداقِ الحالِّ (1) إذا طُولِبَ (2) به. فأمَّا الموضعُ الذى لا تْلَزْمُه نفقَتُها فيه (3)، كالصغيرِة، والمانِعةِ نَفْسَها، فقال أبو عبدِ اللَّه بن حامدٍ: يجبُ تَسْليمُ الصَّداقِ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ المهرَ فى مُقابَلَةِ [مِلْكِ البُضْعِ، وقد مَلَكَه، بخلافِ النَّفَقةِ، فإنَّها فى مُقابلَةِ التَّمْكينِ. ورَدَّ قومٌ هذا وقالوا (4): المهرُ قد مَلَكَتْه فى مقابلةِ](5) ما مَلَكَه من بُضْعِها، فليس لها المطالبةُ بالاسْتِيفاءِ إلا عندَ (6) إمكانِ الزَّوْجِ اسْتِيفاءَ العِوَضِ.
فصل:
وإمكانُ الوَطْءِ فى الصَّغيرةِ مُعْتَبَرٌ بحالِها، واحْتمالِها لذلك. قالَه القاضى. وذَكَرَ أنَّهُنَّ يَخْتَلِفْنَ، فقد تكونُ صَغِيرةَ السِّنِّ تَصْلُحُ، وكبيرةً لا تصْلُحُ. وحَدَّه أحمدُ بتِسْعِ سِنِينَ، فقال، فى روايةِ أبى الحارثِ، فى الصغيرةِ يَطْلُبها زَوْجُها: فإن أَتَى عليها تِسْعُ سِنِينَ، دُفِعَتْ إليه (7)، ليس لهم أن يَحْبِسُوها بعدَ التِّسْعِ. وذَهَبَ فى ذلك إلى أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، بَنَى بعائشةَ وهى ابنةُ تِسْعٍ (8). قال القاضى: وهذا عندى ليس على طَرِيقِ التَّحْديد، وإنَّما ذكَره لأنَّ الغالِبَ أن ابْنةَ تِسْعِ يُتَمَكَّنُ من الاسْتِمتاعِ بها، فمتى كانت لا تصْلُحُ للوَطْءِ، لم يجبْ على أهلِها تَسْلِيمُها إليه، وإن ذكَر أنَّه يَحْضُنُها ويُرَبِّيها وله مَنْ يَخْدِمُها؛ لأنَّه (9) لا يَمْلِكُ الاستمتاعَ بها، ولَيْسَتْ له بمَحَلٍّ، ولا يُؤْمَنُ شَرَهُ نَفْسِه إلى مُواقَعَتِها، فيُفْضِيها أو يَقْتُلُها. وإن طَلَبَ أهلُها دَفْعَها إليه، فامْتَنعَ، فله ذلك، ولا تَلْزَمُه نَفَقَتُها؛ لأنَّه لا يتَمَكَّنُ (10) من اسْتِيفاءِ حَقِّه منها. وإن كانت كبيرةً إلَّا أنها مَرِيضةٌ
(1) سقط من: ب، م.
(2)
فى أ، ب، م:"طلب".
(3)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(4)
فى ب، م:"قالوا".
(5)
سقط من: ب. نقل نظر.
(6)
فى م: "بعد".
(7)
سقط من: ب.
(8)
تقدم تخريجه فى: 9/ 398.
(9)
سقط من: الأصل.
(10)
فى أ، م:"يمكن".
مَرَضًا مَرْجُوَّ الزَّوالِ، لم يَلْزَمْها تَسْلِيمُ نَفْسِها قبلَ بُرْئِها؛ لأنَّه مانعٌ مَرْجُوُّ الزَّوالِ، فهو كالصِّغَرِ، ولأنَّ العادةَ لم تَجْرِ بِزَفِّ المريضةِ إلى زَوْجِها، والتسليمُ فى العَقْدِ يجبُ على حسبِ العُرْفِ. فإن سَلَّمَتْ نَفْسَها، فتَسَلَّمَها الزَّوْجُ، فعليه نفقَتُها؛ لأنَّ المرضَ عارِضٌ يَعْرِضُ ويتكَرّرُ، فيَشُقُّ إسْقاطُ النَّفقةِ به (11)، فجَرَىَ مَجْرَى الحَيْضِ، ولهذا لو مَرِضَتْ بعد تَسْلِيمِها، لم تَسْقُطْ نَفَقتُها. وإن امْتَنَعَ من تَسَلُّمِها، فله ذلك، ولا تلزَمُه نفقَتُها؛ لأنَّه لمَّا لم (11) يجبْ تسليمُها إليه، لم يجِبْ عليه تَسَلُّمها، كالصَّغيرةِ، ولأنَّ العادةَ لم تَجْرِ بتَسَلُّمِها (12) على هذه الصِّفَةِ. وقال القاضى: يَلْزَمُه تسَلُّمُها، وإن امْتَنَعَ، فعليه نَفَقَتُها؛ لما ذكَرْنا من أنَّه عارِضٌ لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، ويتكَرّرُ، فأشْبَهَ الحَيْضَ. فأمَّا إن كان المرضُ غيرَ مَرْجُوِّ الزَّوالِ، لَزِمَ تَسْلِيمُها إلى الزوجِ إذا طَلَبها، ولَزِمَه تَسَلُّمُها إذا عُرِضَتْ عليه؛ لأنَّها ليست لها حالةٌ يُرْجَى زَوالُ ذلك فيها، فلو لم تُسَلِّمْ نَفْسَها لم يُفِد التَّزويجُ فائدةً، وله أن يَسْتَمْتِعَ بها، فإن كانتْ نِضْوَةَ الخَلْقِ (13)، وهو جَسِيمٌ، تخافُ على نَفْسِها الإفْضاءَ من عِظَمِ خَلْقِه، فلها مَنْعُه من جِماعِها، وله الاسْتِمْتاعُ بها فيما دُونَ الفَرْجِ، وعليه نفَقَتُها، ولا يثبتُ له خِيارُ الفَسْخِ؛ لأنَّ هذه يُمْكِنُ الاسْتِمْتاعُ بها لغيرِه، وإنَّما امْتِناعُ الاسْتِمْتاعِ لمَعْنًى فيه، وهو عِظَمُ خَلْقِه، بخلافِ الرَّتْقاءِ. وإن طَلَبَ تَسْلِيمَها إليه وهى حائضٌ، احْتَمَلَ أن لا يجِبَ ذلك؛ لأنَّه خِلافُ العادةِ، فأشْبَهَ المرَضَ المَرْجُوَّ الزَّوالِ، واحْتَمَلَ وُجُوبَ التسليمِ؛ لأنَّه يَزُولُ قريبًا، ولا يَمْنَعُ من الاسْتِمْتاعِ بما دُونَ الفَرْجِ، فإذا طَلَبَ ذلك لم يَجُزْ مَنْعُه منه، كما لم يَجُزْ لها مَنْعُه منه بعدَ تَسَلُّمِها. وإن عُرِضَتْ عليه، فأبَاها حتى تَطْهُرَ، فعلى قولِ القاضِى، يلْزَمُه تسلُّمُها ونفقَتُها إن امْتَنعَ منه، ويتَخَرَّجُ (14) على ما ذكَرْنا أن لا يَلْزَمَه ذلك، كالمَرَض المَرْجُوِّ الزوالِ.
(11) سقط من: ب.
(12)
فى أ، م:"بتسليمها".
(13)
نضوة الخلق: مهزولة.
(14)
فى الأصل، ب:"ويخرج".