الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو الخطّابِ: يَحْنَثُ، إذا قصدَ أَنْ لا تُخالِفَه، أو لم يَكُنْ مِمَّنْ يَعرفُ حقيقةَ الأمرِ والنَّهْى؛ لأنَّه إذا كان كذلك، فإنَّما يُريدُ نَفْىَ المُخالَفَةِ. ويَحْتَمِلُ أن تَطْلُقَ بكُلِّ حالٍ؛ لأنَّ الأمْرَ بالشَّىءِ نَهْىٌ عن ضِدِّه، والنَّهْىَ عنه أمرٌ بضدِّه، فقد خالفَتْ أمرَه. وإِنْ قال لها: إنْ نَهَيْتِنى عن نَفْعِ أُمِّى، فأنتِ طالقٌ. فقالت له: لا تُعْطِها مِن مالى شيئًا. لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ إعطاءَها مِن مالِها لا يَجوزُ، [ولا يَجوزُ](156) النَّفعُ به، فيكونُ هذا النَّفْعُ مُحَرَّمًا، فلا يَتناوَلُه يَمِينُه. ويَحْتمِلُ أَنْ يَحْنَثَ؛ لأنَّه نَفْعٌ، ولفظُه عامٌّ، فَيَدْخُلُ المُحَرَّمُ فيه.
فصل:
فإن قال لامرأتِه: إنْ خرجْتِ إلى غيرِ الحَمَّامِ، فأنتِ طالقٌ. فخرجَتْ إلى غيرِ الحَمّامِ، طَلُقَتْ، سَواءٌ عدَلتْ إلى الحمَّامِ، أو لم تَعدِلْ. وإِنْ خرجتْ إلى الحمَّامِ، ثم عَدَلَتْ إلى غيرِه، فقياسُ المذهبِ أنَّه يَحْنَثُ؛ لأنَّ ظاهرَ هذه اليَمِينِ المَنْعُ مِن غيرِ الحمَّامِ، فكيْفما صارتْ إليه حَنِثَ، كما لو خالَفَتْ لَفْظَه. ويَحتمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ. وهو قولُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّها لم تَفعلْ [ما حَلَفَ عليه](157) ويَتناولُه لفظُه. وإن خرجتْ إلى الحَمَّامِ وغيرِه، وجَمَعَتْهما فى القَصْدِ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يَحْنثُ؛ لأنَّها خرَجتْ إلى غيرِ الحمَّامِ، وانْضَمَّ إليه غيرُه، فَحَنَثَ بما حَلَفَ عليه، كما لو حلفَ لا يُكلّمُ زيدًا، فكلمَ زيدًا وعمرًا. والثانى، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّها ما خَرَجَتْ إلى غيرِ الحمَّامِ، بل الخُروجُ مُشتَرَكٌ. ونَقَلَ الفَضْلُ بنُ زيَادٍ، عن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ: إذا حَلَفَ بالطّلاقِ أَنْ لا يَخْرُجَ مِن بغدادَ إلَّا لِنُزْهَةٍ. فخرجَ إلى النُّزهةِ، ثم مَرَّ (158) إلى مكَّةَ، فقال: النُّزهةُ لا تَكونُ إلى مكةَ. فظاهرُ هذا أنَّه أحْنَثَه، ووَجْهُه ما تَقدَّمَ، وقال، فى رجُلٍ حلفَ بالطّلاقِ أَنْ لا يَأتىَ أرْمِينِيَةَ (159) إلَّا بإذْنِ امرأتِه. فقالت له (160) امرأتُه: اذهبْ حيثُ
(156) سقط من: الأصل.
(157)
فى ب: "المحلوف".
(158)
سقط من: ب.
(159)
أرمينية: اسم لصقع عظيم واسع فى جهة الشمال [شمال غربى آسيا]. معجم البلدان 1/ 219. وتقع الآن فى الاتحاد السوفيتى.
(160)
سقط من: أ، ب، م.