الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكذلك فى الطَّلاقِ، ولهذا جاز له إمْساكُ الثَّانيةِ من الأُخْتَيْنِ، والخامسةِ المَعْقُودِ عليها آخِرًا.
1175 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا زَوَّجَهُ وَلِيَّتَهُ، عَلَى أَنْ يُزْوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ، فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ سَمَّوْا مَعَ ذلِكَ صَدَاقًا أيْضًا)
هذا النِّكاحُ يُسَمَّى الشِّغَارَ. فقيل (1): إنَّما سُمِّىَ شِغَارًا لِقُبْحِه، تَشْبِيهًا برَفْعِ الكَلْبِ رِجْلَه لِيَبُولَ، فى القُبْحِ. يقال: شَغَرَ الكَلْبُ: إذا رَفَعَ رِجْلَه لِيَبُولَ، وحُكِىَ عن الأصْمَعِىِّ أنَّه قال: الشِّغَارُ: الرَّفْعُ. فكأنَّ كلَّ واحدٍ منهما رَفعَ رِجْلَه للآخرِ عما يُرِيدُ. ولا تَخْتَلِفُ الرِّوايةُ عن أحمدَ، فى أَنَّ نِكاحَ الشِّغَارِ فاسدٌ. رَوَاه عنه جماعةٌ. قال أحمدُ: ورُوِىَ عن عمرَ، وزيدِ [بن ثابتٍ](2)، أنَّهما فَرَّقَا فيه. وهو قولُ مالِكٍ، والشافعىِّ، وإسحاقَ (3). وحُكِىَ عن عطاءٍ، وعمرو بن دِينارٍ، ومكحولٍ، والزُّهْرِىِّ، والثَّوْرِىِّ، أنَّه يَصِحُّ، وَتَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ، ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ الفَسَادَ من قِبَلِ المَهْرِ لا يُوجِبُ فَسادَ العَقْدِ، كما لو تزَوَّجَ على خَمْرٍ أو خِنْزِيرٍ، وهذا كذلك. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الشِّغارِ. مُتَّفَقٌ عليه (4). ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ مثلَه. أخْرَجَه مُسْلِمٌ (5). ورَوَى الأَثرمُ بإِسْنَادٍ عن عِمْرانَ بن حُصَيْن، أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا
(1) فى الأصل: "وقيل".
(2)
سقط من: ب.
(3)
سقط من: م.
(4)
أخرجه البخارى، فى: باب الشغار، من كتاب النكاح. صحيح البخارى 7/ 15. ومسلم، فى: باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 1034.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب الشغار، من كتاب النكاح. سنن أبى داود 1/ 479. والنسائى، فى: باب الشغار، وباب تفسير الشغار، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 91، 92. وابن ماجه، فى: باب النهى عن الشغار، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 606. والدارمى، فى: باب فى النهى عن الشغار، من كتاب النكاح. سنن الدارمى 2/ 136. والإِمام مالك، فى: باب جامع ما لا يجوز من النكاح، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 535. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 7، 19، 62.
(5)
فى: باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1034. =
جَلَبَ (6)، ولا جَنَبَ (7)، ولا شِغارَ فى الإِسْلامِ" (8). ولأنَّه جَعَلَ كلَّ واحدٍ من العَقْدَيْنِ سَلَفًا فى الآخَرِ، فلم يَصِحَّ، كما لو قاِل: بِعْنِى ثَوْبَكَ على أن أبِيعَكَ ثَوْبِى. وقولُهم: إنَّ فَسادَه من قِبَلِ التَّسْمِيةِ. قُلْنا: بل فسادُه (9) من جِهَةِ أنَّه وَقَفَه على شَرْطٍ فاسِدٍ، أو لأنَّه شَرَطَ تَمْلِيكَ البُضْعِ لغيرِ الزَّوْجِ، فإنَّه جَعَلَ تَزْوِيجَه إيَّاها مَهْرًا للأُخْرَى، فكأنَّه (10) مَلَّكَه إيَّاه بشَرْطِ انْتِزاعِه منه. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بين أن يقولَ: على أَنَّ صَداقَ كلِّ واحدةٍ فهما بُضْعُ الأُخْرَى. أو لم يَقُلْ ذلك. وقال الشافعىُّ: هو أن يقولَ ذلك، ولا يُسَمِّى لكلِّ واحدةٍ صَدَاقًا؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الشِّغَارِ، والشِّغارُ أن يقولَ الرجلُ للرجلِ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِى على أن تُزَوِّجَنِى بِنْتَكَ. ويكونُ بُضْعُ كل واحدةٍ منهما مَهْرَ الأُخْرَى. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الشِّغارِ، والشِّغارُ (11) أن يُزَوِّجَ الرجلُ ابْنَتَه على أن يُزَوِّجَه ابْنَتَه، وليس بينهما صَدَاقٌ. هذا لفظُ الحديثِ الصَّحيحِ المُتَّفَق عليه. وفى حديثِ أبى هُرَيْرةَ: والشِّغارُ أن يقولَ الرجلُ للرجلِ: زَوِّجْنِى ابنتَكَ، وأُزَوِّجكَ ابْنَتِى، أو زَوِّجْنِى أُخْتَك، وأُزَوِّجُكَ أُخْتِى. رواه مسلمٌ. وهذا يَجِبُ تَقْدِيمُه لصِحَّتِه، وعلى أنَّه قد (12) أَمْكَنَ الجمعُ بينهما
= كما أخرجه النسائى، فى: باب تفسير الشغار، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 92. وابن ماجه، فى: باب النهى عن الشغار، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 606.
(6)
الجلب يكون فى شيئين، أحدهما فى الزكاة، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة، فينزل موضعا، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهى عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنها. الثانى فى السباق، وهو أن يتبع الرجل فرسه، فيزجره ويجلب عليه ويصيح حثا له على الجرى، فنهى عن ذلك.
(7)
الجنب فى السباق: أن يجنب فرسا إلى فرسه الذى يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب. وفى الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يؤمر بالأموال أن تجنب إليه، أى تحضر. فنهوا عن ذلك.
(8)
وأخرجه النسائى، فى: باب الشغار، من كتاب النكاح، وفى: باب الجلب، وياب الجنب، من كتاب الخيل. المجتبى 6/ 91، 189، 190. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 429، 441، 443.
(9)
فى م: "إفساده".
(10)
فى أ، م:"فكان".
(11)
سقط من: ب.
(12)
سقط من: الأصل.