الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمَّا إن أوْصَى لها بمثلِ مِيَراثِها، أو أقلَّ، صَحَّ؛ لأنَّه لا تُهْمَةَ فى أنَّه أبانَها ليُعطِيَها ذلك، فإنَّه لو لم يُبِنْها لأخذَتْه بميراثِها. وإِنْ أوْصَى لها بزيادةٍ عليه، فللورثَةِ مَنْعُها ذلك؛ لأنَّه اتُّهِمَ فى أنَّه قصدَ إيصالَ ذلك إليها؛ لأنَّه لم يكُنْ له سبيلٌ إلى إيصالِه إليها وهى فى حِبَالِه، فطَلَّقَها ليُوصِلَ ذلك إليها، فمُنِعَ منه (1)، كما لو أوْصَى لوارثٍ.
فصل:
وإذا خَالَعَ امرأتَه على نَفقةِ عِدَّتها، فحُكِىَ عن أحمد، وأبى حنيفةَ، أنَّه يَجوزُ ذلك. وهذا إنَّما يُخَرَّجُ على أصْلِ (2) أحمدَ إذا كانت حاملًا، أمَّا غيرُ الحاملِ فلا نَفَقَةَ لها عليه، فلا تَصحُّ عِوَضًا. وقال الشَّافعىُّ: لا تَصحُّ النَّفقةُ عِوَضًا، فإن خالعَها به وَجَبَ مهرُ المِثْلِ؛ لأنَّ النَّفقةَ لم تَجبْ، فلا يَصحُّ الخُلْعُ عليها (3)، كما لو خالَعَها على عِوَضٍ ما يُتْلفُه عليها. ولَنا، أنَّها إحْدَى النَّفقتَيْنِ، فصَحَّتِ المُخالعةُ عليها، كنَفَقَةِ الصَّبِىِّ فيما إذا خالعَتْه على كَفَالةِ ولدِه وقتًا معلومًا. وقولُهم: إنَّها لم تَجبْ. ممنوعٌ؛ فإنَّه قد قِيلَ: إنَّ النَّفقةَ تَجبُ بالعَقْدِ، ثم إنَّها إن لم تَجبْ، فقد وُجِدَ سببُ وُجوبِها، كنَفَقَةِ الصَّبِىِّ، بخلافِ عِوَضِ ما يُتْلِفُه.
1246 -
مسألة؛ قال: (وَلَوْ خَالَعَتْهُ بِمُحَرَّمٍ، وَهُمَا كَافِرَانِ، فَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ (1) يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَىْءٍ)
وجملةُ ذلك أنَّ الخُلْعَ مِنَ الكُفَّارِ جائزٌ، سواءٌ كانوا أهلَ الذِّمَّةِ أو أهلَ حربٍ؛ لأنَّ كلَّ مَن مَلَكَ الطَّلاقَ، مَلَكَ المُعاوَضَةَ عليه، كالمُسْلمِ، فإن تخالَعا (2) بعِوَضٍ صحيحٍ، ثم أسْلَما أو تَرافعا (3) إلى الحاكمِ، أمْضَى ذلك بينهما (4) كالمُسْلِمَيْنِ، وإن
(1) سقط من: أ.
(2)
فى أ، ب، م:"أصلى".
(3)
سقط من: ب، م.
(1)
فى ب، م:"لا".
(2)
فى ب، م:"خالعها".
(3)
فى أ، ب، م:"وترافعا".
(4)
فى ب، م:"عليهما".
كان بمُحَرَّمٍ كخمرٍ وخِنْزِيرٍ فقَبَضَه، ثم أسْلَما، أو تَرافعا (5) إلينا، أو أسْلمَ أحدُهما [مَضَى ذلك](6) عليهما، ولم يُعَوَّضْ له، ولم يَرُدَّه، ولا يَبْقَى له عليها شىءٌ، كما لو أصدقَها خمرًا ثم أسْلَما، أو تبايَعا خمرًا وتقابَضا (7) ثم أسْلما. وإن كان إسْلامُهما أو ترافعُهما قبلَ القَبْضِ، لم يُمْضِه الحاكمُ، ولم يأمُرْ بإقْباضِه؛ لأنَّ الخمرَ والخنزيرَ لا يَجوزُ أن يكون عِوَضًا لمُسْلمٍ أو من مسلمٍ، فلا يَأمرُ الحاكمُ بإقْباضِه. قال القاضى، فى "الجامعِ": ولا شىءَ له؛ لأنَّه رَضِىَ منها بما ليس بمالٍ، كالمسلمَيْنِ إذا تخالَعا بخمرٍ. وقال، فى "المُجَرَّدِ": يَجبُ مهرُ المِثْلِ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّ العِوَضَ فاسدٌ، فيَرجِعُ إلى قيمةِ المُتْلَفِ، وهو مهرُ المثلِ. وكلامُ الخِرَقِىِّ يَدُلُّ بمفهومِه على أنَّه يَجبُ له (8) شىءٌ؛ لأنَّ تخْصيصَه حالةَ القَبْضِ بِنَفْى الرُّجوعِ، يَدُلُّ على الرُّجوعِ مع عَدَمِ القَبْضِ، والفرقُ بينه وبينَ المُسْلمِ، أَنَّ المسلمَ لَا يَعْتقِدُ الخمرَ والخنزيرَ مالًا، فإذا رَضِىَ به عِوَضًا، فقد رَضِىَ بالخُلعِ بغيرِ مالٍ، فلم يكُنْ له شىءٌ، والمُشْرِكُ يَعْتقدُه مالًا، فلم يَرْضَ بالخُلْعِ (9) بغيرِ عِوَضٍ، فيكونُ العوضُ واجبًا له (10)، كما لو خالعَها على حُرٍّ يَظُنُّه عبدًا، أو خَمْرٍ (11) يَظُنُّه خَلًا. إذا ثَبَتَ أنَّه يَجبُ له عِوَضٌ (12)، فذكَرَ القاضى أنَّه مهرُ المِثْلِ، كما لو تَزوَّجَها على خمرٍ ثم أسْلما. وعلى ما عَلَّلْنا به يَقْتضِى وُجوبَ قيمةِ ما سَمَّى لها، على تَقديرِ كَوْنِه مالًا، فإنَّه رَضِىَ بِمَالِيَّةِ ذلك، فيكوِنُ له قَدْرُه من المالِ، كما لو خالَعَها على خمرٍ يَظُنُّه خَلًّا. وإن حصَلَ القَبْضُ فى بعضِه دون بعضٍ، سقطَ ما قَبَضَ، وفيما لم يَقْبِضْ الوجوهُ الثلاثةُ. والأصلُ فيه قولُ اللَّه تعالى:{وَذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (13).
(5) فى ب، م:"ورافعا".
(6)
فى ب، م:"أمضى".
(7)
فى الأصل، ب، م:"أو تقابضا".
(8)
سقط من: الأصل.
(9)
فى الأصل: "الخلع".
(10)
سقط من: ب، م.
(11)
فى النسخ: "خمرا".
(12)
فى ب، م:"العوض".
(13)
سورة البقرة 278.