الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - باب إذا اشترط في المزارعة «إذا شئت أخرجتك»
2730 -
قال الحافظ:
…
وهذا لا يقتضي حصر السبب في إجلاء عمر إياهم (3).
15 - باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط
2731، 2732 - حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرازق أخبرنا معمر قال أخبرني الزهري قال أخبرني عروة عن المسور بن مخرمة ومروان-
(1) يجوز أن يقول: أقرك سنة معي شريكا
(2)
المشهور أنه أجلاهم لأجل وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل حادثة ابن عمر وما جرى عليه من الأسباب التي ذكّرت عمر رضي الله عنه.
(3)
قلت: ذكر الحافظ أن أسباب إجلاء عمر لليهود ثلاثة، وقال شيخنا: المقصود أنهم أعداء، وأمر بإخراجهم من الجزيرة.
يُصدِّق كل واحد منهما حديث صاحبه- قالا» خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خالد بن الوليد بالنميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين» . فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقَتَرة الجيش، فانطلق يركض نذيرًا لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثَّنيَّة التي يُهبط عليهم منها بَرَكت به راحلته، فقال الناس: حَل حَل. فألحَّت. فقالوا خلأت القصواء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخُلق، ولكن حبسها حابس الفيل» . ثم قال: «والذي نفسي بيده، لا يسألونني خُطة يُعظمون فيها حُرمات الله إلا أعطيتهم إياها» . ثم زجرها فوثبَت. قال فعدَل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرُّضًا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكَي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالرَّي حتى صدروا عنه. فبينما هم كذلك، إذ جاء بُديل بن وَرقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة - وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العود المطافيل، وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهتكمُ الحرب وأضرَّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويُخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل الناس فعلوا، وإلا فقد جمُّوا. وإن هم أبَوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره. فقال بُديل: سأبلغهم ما تقول.
قال فانطلق حتى أتى قريشًا قال: إنا جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا.
فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال سمعته يقول كذا وكذا. فحدَّثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم، ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أو لست بالوَلد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا. ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عُكاظ، فلما بلَّحوا عليَّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رُشد اقبلوها ودعوني آته. قالوا: ائته. فأتاه، فجعل يكَّلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوًا من قوله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فإني والله لا أرى وجوهًا، وإني لأرى أشوابًا من الناس خليقًا أن يفرُّوك ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص بَظَر اللات، أنحن نفرُّ عنه وندعهُ؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال وجعل يكلَّم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما تكلَّم كلمة أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر (1)، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب يده بنعل السيف، وقال له آخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتَك؟ وكان المغيرة صَحَب قومًا في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أما الإسلام فأقبلُ وأما المال فلست منه في شيء» .
ثم إن عروة جعل
(1) لا بأس بالحرس على السلطان والأمير، ومن عادة الأعراب المسك باليد وباللحية عند الحديث من حرصهم.
يرمُق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه. فو الله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نُخامةً إلا وقعت في كفَّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدُّون إليه النظر تعظيمًا له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدتُ على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مليكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدًا، والله إن يتنخَّمُ نُخامة إل وقعت في كفَّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدُّدون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرَض عليكم خطة رُشد فأقبلوها.
فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته. فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا فلان، وهو من قوم يُعظمون البدن، فابعثوها له. فبُعثت له، واستقبله الناس يُلبُّون. فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدُّوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البُدن قد قُلِّدت وأُشعرت، فما أرى أن يُصدُّوا عن البيت. فقام رجل منهم يُقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا مكرز، وهو رجل فاجر» . فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم. فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد سهل لكم من أمركم» . قال معمر قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتُب بيننا وبينكم كتابًا. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: أما
«الرحمن» فو الله ما أدري ما هي، ولكن اكتب «باسمك اللهم» كما كنت نكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا «بسم الله الرحمن الرحيم» ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«اكتب باسمك اللهم» . ثم قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله» ، فقال سهيل: والله لو كنَّا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإني لرسول الله وإن كذَّبتموني، اكتب «محمد بن عبد الله» قال الزهري: وذلك لقوله «لا يسألونني خُطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أن تُخلُّوا بيننا وبين البيت فنطوف به. فقال: سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل- وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا.
قال المسلمون: سبحان الله، كيف يُردُّ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سُهيل ابن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن تردُه إلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد. قال: فو الله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي، قال: ما أنا بمجيزة لك، قال: بلى فافعل، قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بل قد أجزناه لك (1). قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أُردُّ إلى المشركين وقد جئت مسلمًا؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عُذُّب عذابًا شديدًا في الله. قال فقال عمر ابن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نُعطي
(1) خالف سهيلًا ولم يطع سهيل.
الدَّنية في ديننا إذًا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري، قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى صلى الله عليه وسلم فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال قلت: لا. قال فإنك آتيه ومُطوَّف به. قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فو الله إنه على الحق (1). قلت أليس كان يحدَّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى صلى الله عليه وسلم فأخبرتك أنا تأتيه العام؟ قال قلت: لا: فإنك آتيه ومُطوَّف به. قال الزهري قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا.
قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا (2) ثم احلقوا. قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم (3) منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلَّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحرَ بُدنه، ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا،
(1) هذا الفرق العظيم بين الصديق وعمر عند الامتحان أهل التصديق الكامل ممن هو دون ذلك، وكان الصديق في القمة.
(2)
{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الآية.
(3)
ولم يكن تأخرهم معصية، وإنما توقفوا لعل لعل ولعل يحصل كذا.
- وفي الحديث: قبول المشورة الطيبة من أي شخص كان.
حتى كان بعضهم يقتُل غمًا. ثم جاء نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ - حتى بلغ- بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جرَّبت به ثم جرَّبت به ثم جرَّبت. فقال أبو بصير: أرني انظر إليه، فأمكنه منهن فضربه حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: لقد رأى هذا ذُعرًا، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قُتل والله صاحبي وإني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل أمَّه مسعر حرب لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر. قال وينفلت منهم أبو جندل بين سُهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمع منهم عصابة، فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها. فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ - حتى بلغ- حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} .
وكانت حميَّتهم أنهم لم يقروُّا أنه نبيُّ الله، ولم يُقرُّوا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت».
قال أبو عبد الله معرَّة العُرِّ: الجرَبُ. تزَيِّلوا. وحميتُ القومَ: منعتهم حماية. وأحميتُ الحمى: جعلته حمى لا يُدْخل. وأحميت الرَّجل إذا أغضبته إحماء.
قال الحافظ:
…
وقد اختلف العلماء في المدة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين: فقيل لا تجاوز عشر سنين على ما في هذا الحديث وهو قول الشافعي والجمهور، وقيل تجوز الزيادة، وقيل لا تجاوز أربع سنين، وقيل ثلاثًا، وقيل سنتين، والأول هو الراجح والله أعلم (1).
(1) الراجح أن المهانة لا تتجاوز لا تتجاوز عشر سنين، وهو الجمهور.
* قلت: مدة المهادنة مع الكفار: قال أبو محمد في المغني (13/ 154 - 155): «ولا تجوز المهادنة من غير تقدير مدة لأنه يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية» .
فصل: ولا يجوز عقد الهدنة إلا على مدة مقدرة معلومة لما ذكرناه، قال القاضي: وظاهر كلام أحمد أنها تجوز أكثر من عشر سنين، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي، لأن قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} عام خُصَّ منه مدة العشر لمصالحة النبي صلى الله عليه وسلم قريشًا يوم الحديبية عشرًا ففيما زاد يبقى على مقتضى العموم، فعلى هذا إن زاد المدة على عشر بطل في الزيادة وهل تبطل في العشر على وجهين بناء على تفريق الصفقة، قال: وقال أبو الخطاب: ظاهر كلام أحمد أنه يجوز على أكثر من عشر على ما يراه الإمام من المصلحة، وبهذا قال أبو حنيفة، لأنه عقد يجوز في العشر فجاز على الزيادة عليها كعقد الإجازة، والعام مخصوص في العشر لمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب» اهـ.
وقال في حاشية الروض (4/ 299): «وقال الشيخ: وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل فيه الإمام بالمصلحة، ومتى مات الإمام أو عزل، لزم من بعده الوفاء بعقده» .
وقال أبو العباس في مجموع الفتاوى (29/ 140): «ومن قال من الفقهاء من أصحابنا وغبرهم: أن الهدنة لا تصح إلا مؤقتة: فقوله- مع أنه مخالف لأصول أحمد- يرده القرآن وترده سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر المعاهدين، فإنه لم يوقت معهم وقتًا» .
وقال أبي هبيرة في الإفصاح (2/ 296): «واختلفوا في مدة العهد فقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز ذلك على الإطلاق إلا أن أبا حنيفة قال: متى وجد للإمام قوة نبذ إليهم عهدهم وفسخ، وقال مالك والشافعي: لا يجوز أكثر من عشر سنين» اهـ.