الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
قاعدة الربوبية والألوهية مفهومان متغايران فإذا اقترنا افترقا وإذا افترقا اقترنا
وفيه مسائل:
*
المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة
بيان معنى الرب والاله في القاعدة:
أولًا .. معنى الرب:
يتبين معنى الربوبية ببيان معنى الرب في اللغة، وهو يطلق على عدة معانٍ:
الأول: السيد المطاع.
الثاني: المصلح للشيء المدبر له.
الثالث: المالك للشيء.
الرابع: المعبود.
وقد تطلق كلمة (رب) على غير هذه المعاني، ولكنها عند التأمل تعود إليها.
يقول الإمام الأزهري
(1)
: "الرّبّ هو الله تبارك وتعالى، هو رَبُّ كُلّ شيء؛ أي: مالكه وله الرّبُوبيّة على جَميع الخَلْق لا شَريك له، ويقال: فلانٌ رَبّ هذا الشيء؛ أي: مِلْكه له، ولا يُقال: الرّب بالألف واللام لغير الله، وهو رَبّ الأَرْباب، ومالك المُلوك والأمْلاك، وكُل مَن مَلك شيئًا فهو رَبُّه، والعَرب تقول: لأن يَرُبَّني فلانٌ أَحَبّ إليّ من أن يَرُبّني فلان؛ يعني: أن يَكون رَبًّا فوقي وسَيّدًا يَمْلكني، والرَّبّ يَنْقسم على ثلاثة أَقْسام؛ يكون الرَّبُّ المالك، ويكون الرَّبّ السيِّدُ المُطاع، ويكون الرَّبُّ المُصْلح، رَبَّ الشيءَ؛ أي: أَصْلحه"
(2)
.
ويقول الإمام الطبري: "وقد يتصرف أيضًا معنى الرب في وجوه غير ذلك، غير أنها تعود إلى بعض هذه الوجوه الثلاثة، فربنا جلَّ ثناؤه السيد الذي لا شبه له ولا مثل في سؤدده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر"
(3)
.
وأما الرب المعرَّف بالألف واللام بدون إضافة فلا يطلق إلا على الله تبارك وتعالى، لكن يطلق على المخلوق ما كان مضافًا كرب الدار، ورب البئر، وربة البيت.
قال أبو السعود في تفسيره لقوله تعالى: {رَبِّ الْعَلَمِينَ (2)} : "أي: مالكهم ومربيهم، والكل تحت ملكوته مفتقر إليه في ذاته ووجوده وسائر أحواله جميعًا"
(4)
.
ويقول المقريزي: "فالرب: مصدر رب يرب ربًّا فهو رابّ، فمعنى
(1)
أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري، كان رأسًا في اللغة والفقه من مصنفاته: تهذيب اللغة وعلل القراءات، وشرح ديوان أبي تمام توفي عام 370 هـ. [انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (4/ 334)، وسير أعلام النبلاء (16/ 315 - 317)].
(2)
انظر: تهذيب اللغة (15/ 128).
(3)
تفسير الطبري (1/ 62).
(4)
تفسير أبي السعود (7/ 283).
قوله: {رَبِّ اَلعَلَمِينَ (2)} : رابّ العالمين، فإن الرب سبحانه وتعالى هو الخالق الموجد لعباده القائم بتربيتهم وإصلاحهم، المتكفل بصلاحهم من خلق ورزق وعافية وإصلاح دين ودنيا"
(1)
.
ويقول الإمام ابن القيم: "فإن الرب هو القادر، الخالق، البارئ، المصور، الحي، القيوم، العليم، السميع، البصير، المحسن، المنعم، الجواد، المعطي، المانع، الضار، النافع، المقدم، المؤخر، الذي يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته"
(2)
.
وعليه فربوبية الله تعالى هي صفة من صفاته سبحانه وتعالى بكونه الخالق والموجد لهذا الكون، وهو المالك لجميع ما سواه، وهو المصلح أمر خلقه، المدبر لشؤونهم، المعبود المطاع في أمره ونهيه، وبهذه المعاني تواردت تفسيرات العلماء للفظة الرب
(3)
.
يقول ابن أبي العز الحنفي: "والرب يقتضي معاني كثيرة: وهي الملك، والحفظ، والتدبير، والتربية، وهي تبليغ الشيء كماله بالتدريج، فلا جرم أتى بلفظ يشمل هذه المعاني وهي الربوبية"
(4)
.
ويقول الشيخ علي القارئ: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}؛ أي: مالكهم، وخالقهم، ومربيهم، ومصلح أمورهم، ومعطي حاجاتهم، ومجيب دعواتهم"
(5)
.
ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وأما الرب: فمعناه: المالك المتصرف، وأما العالمين: فهو اسم لكل ما سوى الله تبارك وتعالى، فكل ما سواه من ملك ونبي وإنسي وجني وغير
(1)
تجريد التوحيد المفيد (ص 4 - 5).
(2)
بدائع الفوائد (2/ 473).
(3)
تفسير ابن كثير (4/ 575) بتصرف.
(4)
شرح العقيدة الطحاوية (ص 142).
(5)
مرقاة المفاتيح (3/ 372).