الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطاب بقطعها فقطعت"
(1)
.
يقول الإمام النووي
(2)
: "قال العلماء: سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها لما جرى تحتها من الخير، ونزول الرضوان والسكينة، وغير ذلك، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب والجهال إياها، وعبادتهم لها، فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى"
(3)
.
*
المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة
فيما يلي أذكر ما وقفت عليه من أقوال لأهل العلم في ذكرهم لهذه القاعدة أو استدلالهم بها أو لها:
يقول الإمام ابن تيمية: "وأصل هذا الباب: أنه ليس في شريعة الإسلام بقعة تقصد لعبادة اللّه فيها بالصلاة، والدعاء، والذكر، والقراءة، ونحو ذلك، إلا مساجد المسلمين ومشاعر الحج"
(4)
.
وقال رحمه الله: "وأصل دين المسلمين أنه لا تختص بقعة بقصد العبادة فيها إلا المساجد خاصة، وما عليه المشركون وأهل الكتاب من تعظيم بقاع للعبادة غير المساجد، كما كانوا في الجاهلية يعظمون حراء ونحوه من البقاع هو مما جاء الإسلام بمحوه وإزالته ونسخه، ثم المساجد جميعها تشترك في العبادات فكل ما يفعل في مسجد يفعل في سائر
(1)
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (1/ 151) فما بعدها.
(2)
هو: يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي، النووي، الفقيه الحافظ الشافعي.
له مؤلفات كثيرة منها: المجموع شرح المهذب لم يتمه، وروضة الطالبين، ورياض الصالحين، وغيرها. توفي رحمه الله سنة 676 هـ. [ترجمته في: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 153)].
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم (13/ 5).
(4)
مجموع الفتاوى (27/ 137 - 138).
المساجد، إلا ما خص به المسجد الحرام من الطواف ونحوه، فإن خصائص المسجد الحرام لا يشاركه فيها شيء من المساجد كما أنه لا يصلى إلى غيره"
(1)
.
وقال رحمه الله أيضًا: "ودين الإسلام أنه لا تقصد بقعة للصلاة إلا أن يكون مسجدًا فقط؛ ولهذا مشاعر الحج غير المسجد الحرام تقصد للنسك لا للصلاة، فلا صلاة بعرفة، وإنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم عرفة بعرنة، خطب بها ثم صلى، ثم بعد الصلاة ذهب إلى عرفات فوقف بها، وكذلك يذكر الله، ويدعى بعرفات، وبمزدلفة على قزح
(2)
، وبالصفا والمروة، وبين الجمرات، وعند الرمي، ولا تقصد هذه البقاع للصلاة، وأما غير المساجد ومشاعر الحج فلا تقصد بقعة لا للصلاة ولا للذكر ولا للدعاء، بل يصلي المسلم حيث أدركته الصلاة، إلا حيث نهي، ويذكر الله ويدعوه حيث تيسر من غير قصد تخصيص بقعة بذلك، وإذا اتخذ بقعة لذلك كالمشاهد نهي عن ذلك كما نهي عن الصلاة في المقبرة، إلا ما يفعله الرجل عند السلام على الميت من الدعاء له وللمسلمين، كما يفعل مثل ذلك في الصلاة على الجنازة، فإن زيارة قبر المؤمن من جنس الصلاة على جنازته، يفعل في هذا من جنس ما يفعل في هذا، ويقصد بالدعاء هنا ما يقصد بالدعاء هنا"
(3)
.
ويقول الشيخ الدهلوي: "ومعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد خصص أمكنة لتعظيمه؛ كالكعبة، وعرفات، والمزدلفة، ومنى، والصفا والمروة، ومقام إبراهيم، والمسجد الحرام كله، ومكة كلها، والحرم كله، وألهم الناس شوقًا لزيارتها، والحنان إليها، فيتوجهون إلى هذه الأمكنة رجالًا
(1)
اقتضاء الصراط المستقيم (ص 439).
(2)
هو جبل بآخر مزدلفة. المصباح المنير (1/ 315).
(3)
مجموع الفتاوى (17/ 477 - 478).