الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنَّفي: مصدر نَفَيْتُ الشيءَ أَنْفِيه نَفْيًا، وأصله من الفعل الثلاثي (نفى)، فالنون والفاء والحرف المعتلّ: أُصَيلٌ يدلُّ على تعْرِيةِ شيء من شيءٍ وإبعاده منه، تقول: نَفَيتُ الشّيءَ أَنفيه نَفْيًا ونُفَاية: إذا رددته، وأزلته، وجحدته
(1)
.
وأما الإثْباتُ: فهو ضد النفي، وهو مصدر للفعل الرباعي (أَثْبَتَ) وأصله (ثَبَتَ) صحيح سالمٌ، قال أهل اللغة: الثاء والباء والتاء كلمةٌ واحدة، وهي دَوامُ الشيء، وَثَبَتَ الشَّيْءُ يَثْبُتُ ثُبُوتًا دَامَ وَاسْتَقَرَّ فَهُوَ ثَابِتٌ، وَثَبَتَ الْأَمْرُ صَحَّ، وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ، فَيُقالُ: أَثْبَتَهُ وَثَبَّتَهُ وَالِاسْمُ الثَّبَاتُ
(2)
.
وقال المناوي في معناه: "الإثبات: ضد الإزالة؛ ثم تارة يقال بالفعل، فيقال لما يخرج من العدم نحو: أثبت الله كذا، وتارة لما ثبت بالحكم، فيقال: أثبت الحاكم كذا، وتارة لما يكون بالقول؛ سواء كان صدقًا أم كذبًا، فيقال: أَثْبَتَ التوحيد، وَصَدَّقَ النبوة، وفلان أثبت مع الله إِلَهًا آخر"
(3)
.
*
المسألة الثانية * معنى القاعدة
القاعدة أفادت اشتمال شهادة أن لا إله إلا الله على معنيين
(1)
انظر: معجم مقاييس اللغة (/)، والمحكم والمحيط الأعظم (10/ 495)، والأفعال (3/ 281)، وجمهرة اللغة (2/ 972)، وتهذيب اللغة (15/ 341)، وتاج العروس (40/ 117)، ولسان العرب (15/ 337).
(2)
انظر: معجم مقاييس اللغة (1/ 399)، وتهذيب اللغة (14/ 190)، وتاج العروس (4/ 472)، والمصباح المنير (1/ 80)، والمعجم الوسيط (1/ 93)، ومعجم تصريف الأفعال العربية للدحداح (274)، ومعجم الأفعال المتعدية بحرف (27).
(3)
التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (33).
عظيمين، بل على أصلين كبيرين لا تقوم الشهادة إلا عليهما؛ وهما النفي والإثبات؛ فالنفي في شقها الأول:(لا إله)، والإثبات في الشق الثاني:(إلا الله)، والمقصود بالنفي: نفي جميع الآلهة المعبودة من دون الله تعالى، ونفيها يستلزم إبطالها، والكفر بها، وبغضها، وإزالتها عند القدرة، وبيان ضعفها وحقارتها، وأنها لا تستحق مثقال ذرة من العبادة ولا أدنى من ذلك.
والمقصود بالإثبات هو إثبات الألوهية لله تعالى وحده دون ما سواه، ثم إفراده عز وجل بأنواع العبادة.
يقول الإمام الصنعاني: "قوله: (لا إله إلا اللّه) للتوحيد؛ أي: وضع لإفادته، ومعناه: النفي والإثبات، فلو كان تكلمًا بالباقي لكان نفيًا لغيره؛ أي: نفيًا لما سوى الله تعالى؛ لأنه هو الباقي بعد الاستثناء؛ لإثباته للألوهية لله، فيصح من كونها كلمة التوحيد بالإجماع"
(1)
.
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "والمقصود أن نفي الأوثان الذي دلت عليه كلمة الإخلاص يحصل بتركها، والرغبة عنها، والبراءة منها، والكفر بها وبمن يعبدها، واعتزالها واعتزال عابديها، وبغضها وعداوتها، وكل هذا في القرآن مبينًا، وقد انتفت عبادة كل ما عبد من دون الله مما هو موجود في الخارج مما يعبده المشركون سلفًا وخلفًا بهذه الكلمة كما تقدم"
(2)
.
ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "لأن (لا إله إلا اللّه): نفي وإثبات؛ فمعنى النفي منها هو البراءة من جميع المعبودات غير اللّه في جميع أنواع العبادات، وهذا المعنى جاء موضحًا في قوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ
(1)
إجابة السائل شرح بغية الأمل (ص 265).
(2)
بيان كلمة التوحيد والرد على الكشميري عبد المحمود للشيخ عبد الرحمن بن حسن مطبوع ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (4/ 343).