الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع
قاعدة البركة لله وصفًا وملكًا وفعلًا وكل بركة في الكون فمن آثار بركته سبحانه
وفيه مسائل:
*
المسألة الأولى * شرح بعض ألفاظ القاعدة
معنى البركة:
البَرَكَةُ في اللغة مشتقة من الأصل اللغوي الثلاثي (بَرَكَ)، على وزن (فَعَلة)، بفتحتين، وهي اسم من (بارك) الرباعي، يقال: بارك يبارك فهو مبارك، والتبريك: الدعاء بالبركة، وبارك الله الشيء، وبارك فيه، وعليه: وضع فيه البركة، وبارك فلانًا، وبارك له، وبارك عليه، وبارك فيه: جعله ذا بركة، وبارك على الشيء: واظب، وبارك الله على محمد وآله أثبت له ولهم، وأدام ما أعطاه وأعطاهم من التشريف
(1)
.
وللبركة معانٍ عديدة منها:
1 -
الثبات واللزوم.
(1)
ينظر: مقاييس اللغة (1/ 227)، والمحكم والمحيط الأعظم (7/ 23)، ومعجم الأفعال المتعدية بحرف (ص 16)، معجم تصريف الأفعال العربية (ص 287).
ومنه البروك، وهو ثبات الشيء، يقال: برك البعير يبرُك بروكًا
(1)
.
يقول الراغب الأصفهاني
(2)
: "برك البعير ألقى رُكَبَه، واعتُبر منه معنى الملزوم فقيل: ابتركوا في الحرب؛ أي: ثبتوا ولازموا موضع الحرب"
(3)
.
وقال الجوهري
(4)
: "كل شيء ثبت وقام فقد برك"
(5)
.
2 -
الزيادة والنماء.
قال الخليل
(6)
: "البركة من الزيادة والنماء"
(7)
.
وقال ابن الأثير
(8)
بعد أن ذكر معنى الثبات: "وتطلق البركة أيضًا
(1)
معجم مقاييس اللغة (1/ 227).
(2)
هو: الحسين بن محمد بن المفضل، المعروف بالراغب الأصفهاني، من أهل أصفهان، سكن بغداد، ومن مؤلفاته: محاضرات الأدباء، والذريعة إلى مكارم الشريعة، والمفردات في غريب القرآن
…
وغيرها، توفي سنة 502 هـ[انظر: سير أعلام النبلاء (18/ 120)، والأعلام، لخير الدين الزركلي (2/ 225)].
(3)
المفردات في غريب القرآن (ص 44)، وانظر: المعجم الأوسط (1/ 51).
(4)
هو: أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الجوهري؛ إمام اللغة، وأحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، سافر كثيرًا في تطلّب لسان العرب، من أشهر مصنفاته الصحاح، مات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. [انظر: السير (17/ 82)].
(5)
الصحاح (4/ 1574).
(6)
هو: العلامة اللغوي الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن من أئمة اللغة والأدب وواضع علم العروض، ولد عام 100 هـ بالبصرة، له مؤلفات منها العين في اللغة ومعاني الحروف وكتاب العروض، وتوفي عام 170 هـ بالبصرة [انظر: وفيات الأعيان (1/ 172)، إنباء الرواة للقفطي (1/ 341)، الأعلام للزركلي (2/ 314).
(7)
معجم مقاييس اللغة (1/ 230).
(8)
هو: القاضي مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الشيباني الجزري، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، له مصنفات منها:"النهاية في غريب الحديث والأثر"، و"جامع الأصول" توفي سنة ست وستمائة [انظر: السير (21/ 488)، وشذرات الذهب (5/ 22)].
على الزيادة، والأصل الأوّل"
(1)
. والتبريك: هو الدعاء بالبركة
(2)
، واليمن هو البركة.
"وقد تكرر ذكر اليُمْن في الحديث، وهو البركة، وضده الشُّوم. يقال: يُمِنَ فهو ميمون"
(3)
، ومنه قول بعض العلماء في قوله تعالى:{نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ} [القصص: 30]، وقوله:{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} [مريم: 52] من اليمن وهو البركة؛ لأن تلك البلاد بارك الله فيها
(4)
.
والتبرُّك: تَفَعُّل، ويأتي التفعُّل بمعنى:(استَفْعَل) التي بمعنى الطلب، وعلى هذا فمعنى التبرك بالشيء هو:"طلب البركة والنماء، والخير والسعادة، والزيادة، بواسطة ذلك الشيء"
(5)
.
وقيل: البركة: النماء والزيادة؛ حسية كانت أو معنوية، وثبوت الخير الإلهي في الشيء ودوامه
(6)
.
ومعنى البركة الشرعي لا يخرج عن هذين المعنيين، الزيادة والنماء، والثبات والدوام، وبهذا فسَّر العلماء البركة في نصوص الشرع:
يقول الإمام ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137]: "أي: التي جعلنا فيها الخير ثابتًا دائمًا لأهلها"
(7)
.
ويقول القرطبي: "فالبركة: كثرة الخير"
(8)
.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 120).
(2)
الصحاح (4/ 1574 - 1575).
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 302).
(4)
انظر: أضواء البيان (3/ 433)، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 496).
(5)
جهود علماء الحنفية (3/ 1571).
(6)
انظر: الكليات للكفوي (ص 248).
(7)
تفسير الطبري (9/ 43).
(8)
تفسير القرطبي (4/ 139).