الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في تفسير ابن سعدي كذلك: "وقوله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}؛ أي: الخير كله منك، ولا يأتي بالحسنات والخيرات إلا الله، وأما الشر فإنَّه لا يضاف إلى الله تعالى لا وصفًا ولا اسمًا ولا فعلًا"
(1)
.
وجاء في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل قوله: "لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك
…
")
(2)
.
يقول الصنعاني
(3)
: "ومعنى "الخير كله في يديك": الإقرار بأن كل خير واصل إلى العباد ومرجو وصوله فهو في يديه تعالى"
(4)
.
ولا شك أن وصول البركة للعباد، وحصولها لهم في أمور دينهم ودنياهم، من أعظم الخير والنعم والفضل، وهذا لا يملكه إلا الله تبارك وتعالى، يعطيه من يشاء من خلقه، ويصرفه عمن يشاء.
*
المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في اعتماد القاعدة
فيما يلي أذكر ما وقفت عليه من أقوال لأهل العلم في تقرير معنى القاعدة؛ إما بلفظها أو بمعناها:
(1)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير الكلام المنان (1/ 127)، طبعة: مركز صالح بن صالح الثقافي.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 534 - 535)، رقم (771).
(3)
هو: أبو إبراهيم محمد بن إسماعيل بن صلاح الصنعاني المعروف بالأمير قال الشوكاني: (الإمام الكبير المجتهد المطلق صاحب التصانيف برع في جميع العلوم) من كتبه تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد وسبل السلام شرح بلوغ المرام، وله ديوان مطبوع مدح فيه الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، توفي سنة اثنتان وثمانون ومائة وألف. [انظر ترجمته في: البدر الطالع (2/ 133)].
(4)
سبل السلام (1/ 164).
يقول الإمام ابن القيم: "وكذا الحمد، كله له وصفًا وملكًا، فهو المحمود في ذاته، وهو الذي يجعل من يشاء من عباده محمودًا فيهبه حمدًا من عنده، وكذلك العزة كلها له وصفًا وملكًا، وهو العزيز الذي لا شيء أعزَّ منه، ومن عَزَّ من عباده فبإعزازه له، وكذلك الرحمة كلها له وصفًا وملكًا، وكذلك البركة فهو المُتَبَارِك في ذاته، الذي يبارك فيمن شاء من خلقه، وعليه فيصير بذلك مُبَارَكًا، فتبارك الله رب العالمين"
(1)
.
ويقول رحمه الله: "وحقيقة اللفظة: أن البركة كثرة الخير ودوامه، ولا أحد أحق بذلك وصفًا وفعلًا منه تبارك وتعالى، وتفسير السلف يدور على هذين المعنيين وهما متلازمان"
(2)
.
ويقول أيضًا: "تبارك اسمه، وتباركت أوصافه، وتباركت أفعاله، وتباركت ذاته، فالبركة كلها له ومنه"
(3)
.
ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في قوله تعالى: {تَبَارَكَ اللَّهُ} [الأعراف: 54]: "أي: عظم وتعالى وكثر خيره وإحسانه، فتبارك في نفسه لعظمة أوصافه وكمالها، وبارك في غيره بإحلال الخير الجزيل والبر الكثير، فكل بركة في الكون فمن آثار رحمته، ولهذا قال: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54] "
(4)
.
وقال الشيخ الألوسي في تفسير قوله: {تَبَارَكَ} : "أي: تعالى جل شأنه؛ في ذاته وصفاته وأفعاله، على أتم وجه وأبلغه، كما يشعر به إسناد صيغة التفاعل إليه تعالى، وهذا الفعل لا يسند في الأغلب إلى غيره تعالى"
(5)
.
ويقول الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز في جواب
(1)
بدائع الفوائد (2/ 412).
(2)
المصدر السابق (2/ 411).
(3)
شفاء العليل (ص 184).
(4)
تفسير السعدي (ص 291).
(5)
روح المعاني (18/ 230).