الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمته"
(1)
.
ويقول الشيخ السعدي: "إن جميع أحكام الشرع الظاهرة والباطنة قد وضع الله في قلوب الخلق كلهم الميل إليها، فوضع في قلوبهم محبة الحق، وإيثار الحق، وهذا حقيقة الفطر، ومن خرج عن هذا الأصل فلعارض عرض لفطرته أفسدها"
(2)
.
وعلى ضوء ما سبق يمكننا تصنيف الفِطْرَة على قسمين أساسيين:
الأول: فطرة عامة مشتركة بين جميع الأحياء في هذه الحياة، تمكنهم من العيش في هذه الأرض، فبها يدركون المنافع فيطلبونها، والمضار فيحذرونها.
الثاني: فطرة شرعية خاصة ببني الإنسان، وهي من النعم العظيمة على العباد، ومن أهل العلم من قسم هذه إلى قسمين:
يقول الإمام ابن القيم: "والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب، وهي معرفة الله، ومحبته، وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية؛ وهي هذه الخصال، فالأولى تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية تطهر البدن، وكل منهما تمد الأخرى وتقويها"
(3)
.
ثالثًا: معنى المُوْجَبِ والمُقْتَضى:
المُوْجَب: اسم مفعول من الفعل (أَوْجَبَ)، وزنه (أَفْعَلَ)، وأصله (وَجَبَ) معتل الفاء، واسم الفاعل منه (مُوْجِبٌ)، والمصدر (إِيْجَابٌ)
(4)
، والمُوْجِب بالكسر هو السبب أو الدليل، والمُوْجَب بالفتح المُسَبَّب والأثر الناتج عن السبب
(5)
، والقول بِمُوجَب الدليل؛ أي: القول بما أوجبه
(1)
تفسير ابن كثير (2/ 441).
(2)
تفسير السعدي (ص 641).
(3)
تحفة المودود في أحكام المولود (ص 161).
(4)
انظر: معجم تصريف الأفعال العربية، للدحداح (ص 279).
(5)
المصباح المنير (2/ 648).
دليل المستدل
(1)
، والمُوْجِب بالكسر هو الدليل نفسه
(2)
.
فمثلًا ثبوت الحكم الشرعي هو مُوْجَب ثبوت الدليل، فالدليل هو المُوْجِب للحكم الشرعي، فإذا انتفى المُوْجِب انتفى المُوْجَب، فَيُسْتَدلُّ بعدم المُوْجِب على عدم المُوْجَب؛ لأن وجوده بدون سبب محال، فإذا علمنا أن لا سبب يقتضي وجوده علمنا عدم وجوده، ولهذا يقال: لا مُوْجِب بلا مُوْجَب
(3)
.
والمُقْتَضَى: اسم مفعول من الفعل (اقْتَضى)، على وزن (افْتَعَلَ) أصله (قَضَى) معتل اللام، وأصل الفعل (اقْتَضَيَ) فقلبت الياء ألفًا مقصورة لوقوعها متحركة بعد فتحة في آخر الكلمة، واسم الفاعل (مُقْتَضٍ)، والمصدر (اقْتضاءٌ)، ومعنى (المُقْتَضَى): ما يطلبه ويستدعيه ويستلزمه (المُقْتَضِي)
(4)
، وَيُطلق الْمُقْتَضَى على اللَّازِمُ الَّذِي اقْتَضى النَّصُّ تَقْدِيرَهُ
(5)
.
ومن أهل العلم من جعل المُوْجَب والمُقْتَضى بمعنى واحد، فكلاهما عبارة عن ناتج ومُسَبَّب وأثر.
قال الإمام النووي: "مُوْجَبُ البيع: هو بفتح الجيم؛ أي: مقتضاه"
(6)
.
وقال البهوتي: "فإن مُوْجَبَ الشَّيءِ هو مُقْتَضَاه"
(7)
.
وقال أيضًا: "لأنَّ مَوْجَبَ الشَّيْءِ هو أَثَرُهُ الذي ترتب عليه"
(8)
.
(1)
إرشاد الفحول للشوكاني (ص 385).
(2)
الفروق للقرافي (4/ 57).
(3)
انظر: درء التعارض (8/ 117)، وإعلام الموقعين (3/ 272).
(4)
انظر: معجم تصريف الأفعال العربية، للدحداح (ص 350).
(5)
انظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، لابن نجيم الحنفي (1/ 52).
(6)
تحرير ألفاظ التنبيه (ص 178).
(7)
دقائق أولي النهى لشرح المنتهى، وهو المسمى بشرح منتهى الإرادات للبهوتي (3/ 505).
(8)
كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي (6/ 323)، وانظر: الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (2/ 198).