الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقول رحمه الله أيضًا: "وهذا الذكر يتضمن التوحيد والاستغفار؛ فإن صدره الشهادتان اللتان هما أصلًا الدين وجماعه؛ فإن جميع الدين داخل في الشهادتين؛ إذ مضمونهما أن لا نعبد إلا الله، وأن نطيع رسوله، والدين كله داخل في هذا؛ في عبادة الله بطاعة الله وطاعة رسوله، وكل ما يجب أو يستحب داخل في طاعة الله ورسوله"
(1)
.
*
المسألة الثانية * أدلة القاعدة
المتأمل في القاعدة يراها قد اشتملت على عدة مسائل تحتاج إلى دليل وحجة، وفيما يأتي أذكر ما وقفت عليه من أدلة لمسائل هذه القاعدة، ويمكن تصنيف الأدلة إلى أقسام متعددة حسب ما دلت عليه القاعدة، مع ملاحظة أن بعض الأدلة قد يكون جامعًا لأكثر من مسألة:
القسم الأول:
الأدلة العامة التي تدل على الأمر بعبادة الله، واتباع أنبيائه، وطاعتهم، والتحذير من عبادة غيره، أو مخالفة أنبيائه، ومعصيتهم:
ومن تلك الأدلة ما يأتي:
قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)} [نوح: 1 - 3].
يقول الإمام السمعاني: "وقوله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)}: وهذا هو الذي بعث الله لأجله الرسل؛ فإن الله تعالى ما بعث رسولًا إلا ليعبدوه، ويتقوه، ويطيعوا رسوله"
(2)
.
(1)
المصدر نفسه (10/ 263).
(2)
تفسير السمعاني (6/ 53).
وقال الرازي في معنى الآية: "ثم إنه أمر القوم بثلاثة أشياء: بعبادة اللّه، وتقواه، وطاعة نفسه، فالأمر بالعبادة يتناول جميع الواجبات والمندوبات من أفعال القلوب، وأفعال الجوارح، والأمر بتقواه يتناول الزجر عن جميع المحظورات والمكروهات، وقوله: {وَأَطِيعُونِ (3)} يتناول أمرهم بطاعته، وجميع المأمورات والمنهيات، وهذا وإن كان داخلًا في الأمر بعبادة اللّه وتقواه، إلا أنه خصه بالذكر تأكيدًا في ذلك التكليف ومبالغة في تقريره"
(1)
.
ولذا جاء عن قتادة
(2)
في قوله تعالى: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)} : "قال: بها أرسل الله المرسلين؛ أن يعبد الله وحده، وأن تتقى محارمه، وأن يطاع أمره"
(3)
.
ويقول الإمام ابن تيمية: "وقد قالت الرسل كلهم مثل نوح، وهود، وصالح، وغيرهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)}، فكل الرسل دعوا إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، وإلى طاعتهم، والإيمان بالرسل هو الأصل الثاني من أصلي الإسلام، فمن لم يؤمن بأن محمدًا رسول الله إلى جميع العالمين، وأنه يجب على جميع الخلق متابعته، وأن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، والدين ما شرعه فهو كافر مثل هؤلاء المناففين، ونحوهم ممن يجوز الخروج عن دينه، وشرعته، وطاعته؛ إما عمومًا وإما خصوصًا"
(4)
.
(1)
التفسير الكبير (30/ 119).
(2)
هو: قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب الضرير، ولد سنة 60 هـ. كان من أوعية العلم بالتفسير والحديث. وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ. كان له باع واسع في العربية والغريب، وأيام العرب وأنسابها توفي سنة 118 هـ، وقيل غير ذلك.
[ترجمته في: سير أعلام النبلاء (5/ 269)، وتقريب التهذيب (2/ 123)].
(3)
انظر: تفسير الطبري (29/ 90)، والدر المنثور (8/ 289).
(4)
مجموع الفتاوى (11/ 52)، وانظر:(22/ 321)، وتفسير السعدي (ص 889).