المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة - القواعد في توحيد العبادة - جـ ١

[محمد بن عبد الله باجسير]

فهرس الكتاب

- ‌المُقَدِّمَة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌خطة البحث

- ‌المنهج المتبع في هذا البحث

- ‌مشاكل البحث وصعوباته:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول القاعدة لغة واصطلاحًا

- ‌المطلب الأول: القاعدة لغة

- ‌ المطلب الثاني * القاعدة اصطلاحًا

- ‌ المطلب الثالث * بيان العلاقة بين القاعدة والضابط والأصل

- ‌المبحث الثاني أهمية القواعد وأثرها في العلوم

- ‌المبحث الثالث التقعيد ومنهج العلماء فيه

- ‌المبحث الرابع توحيد العبادة ومنزلته الشرعية

- ‌المطلب الأول: معناه وحقيقته

- ‌ المطلب الثاني * أهميته ومنزلته من الدين

- ‌ المطلب الثالث* أدلته

- ‌ المطلب الرابع* أسماؤه وإطلاقاته

- ‌أ - توحيد الطلب والقصد:

- ‌ب - توحيد الارادة والطلب:

- ‌ج - توحيد الشرع والقدر:

- ‌د - التوحيد العملي الإرادي، أو العملي القصدي:

- ‌هـ - توحيد الإلهية أو الألوهية أو العبادة:

- ‌الباب الأول القواعد المتعلقة بتوحيد العبادة

- ‌الفصل الأول القواعد العامة في توحيد العبادة

- ‌المبحث الأول قاعدة دين الأنبياء واحد هو الإسلام

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌ المسألة الثانية* بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة الشرع مبناه على تكميل أديان الخلق وعلى تكميل عقولهم

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌أولًا: الشرع:

- ‌ثانيًا: العقل:

- ‌ المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال العلماء في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدةالدين قد كَمُلَ بيانه في أصوله وفروعه باطنه وظاهره علمه وعمله

- ‌ المسألة الأولى * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الرابعقاعدة العبادة هي الغاية التي خلق الله لها الخلق من جهة أمره ومحبته ورضاه

- ‌ المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الخامسقاعدة ليس في الشريعة بقعة تقصد للعبادة لذاتها إلا المساجد ومشاعر الحج

- ‌ المسألة الأولى * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث السادسقاعدة النزاع بين الرسل وأقوامهم إنما كان في إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه

- ‌ المسألة الأولى * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث السابعقاعدة البركة لله وصفًا وملكًا وفعلًا وكل بركة في الكون فمن آثار بركته سبحانه

- ‌ المسألة الأولى * شرح بعض ألفاظ القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في اعتماد القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة [*]: فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثامنقاعدة التوجه إلى شيء أو إلى جهة بقصد القربة وحصول الثواب عبادة

- ‌ توطئة

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌معنى التوجه لغة وشرعًا:

- ‌تمهيد في أحوال التوجه والاستقبال:

- ‌ المسألة الثانية* معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال العلماء في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل الثانيالقواعد المتعلقةبحقيقة العبادة وضابطها

- ‌المبحث الأولقاعدة العبادة لا تسمى عيادة في حكم الشرع إلا مع التوحيد

- ‌ المسألة الأولى* معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة مناط العبادة غاية الحب مع غاية الذل ولا تنفع عبادة بواحد دون الآخر

- ‌ المسألة الأولى* شرح معاني مفردات القاعدة

- ‌معنى العبادة:

- ‌ المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة صلاح الأعمال بصلاح النيات وكل عمل تابع لنية عامله وقصده

- ‌ المسألة الأولى * شرح معاني مفردات القاعدة

- ‌معنى النية لغة وشرعًا:

- ‌ المسألة الثانية*بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال العلماء في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل الثالثالقواعد المتعلقة بأنواع التوحيد

- ‌المبحث الأولقاعدة أنواع التوحيد وأضدادها متلازمة لا ينفك أحدها عن الآخر

- ‌ المسألة الأولى * شرح معاني مفردات القاعدة

- ‌بيان معنى التلازم في القاعدة:

- ‌ المسألة الثانية* بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة توحيد الربوبية لا يصير الإنسان به مسلمًا حتى يأتي بأنواع التوحيد الأخرى

- ‌ المسألة الأولى* معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة توحيد الربوبية أقرت به الخلائق مؤمنها وكافرها ولم ينكره إلا الشذاذ من العالم

- ‌ المسألة الأولى* بيان بعض ألفاظ القاعدة

- ‌معنى توحيد الربوبية:

- ‌ المسألة الثانية* معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال العلماء في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الرابعقاعدة الربوبية والألوهية مفهومان متغايران فإذا اقترنا افترقا وإذا افترقا اقترنا

- ‌ المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة

- ‌بيان معنى الرب والاله في القاعدة:

- ‌أما الألوهية:

- ‌ المسألة الثانية* بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل الرابعالقواعد المتعلقة بأصل التوحيد

- ‌المبحث الأولقاعدةأصل الإيمان وقاعدته التي عليها مدار أعمال العباد هو تحقيق معنى الشهادتين قولًا وعملًا وعقيدة

- ‌ المسألة الأولى * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌القسم الرابع:

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة شهادة أن لا إله إلا الله مشتملة على النفي والإثبات

- ‌ المسألة الأولى * شرح مفردات القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة الكفر بالطاغوت ركن التوحيد

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌معنى الطاغوت:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الرابعقاعدة محبة الله هي أصل الدين والمحبة فيه أو له تبع لمحبته والمحبة معه تضاده وتناقضه

- ‌ المسألة الأولى * شرح معاني مفردات القاعدة

- ‌معنى المحبة:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الخامسقاعدة الحنيفية من موجبات الفطرة ومقتضياتها

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌أولًا: معنى الحنيفية:

- ‌ثانيًا: معنى الفطرة:

- ‌ثالثًا: معنى المُوْجَبِ والمُقْتَضى:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

الفصل: ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

*‌

‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

يستدل لهذه القاعدة بالنصوص الدالة على أنه لا يعلم الغيب إلا اللَّه تعالى، فهو العالم بما كان وبما سيكون، وبما لم يكن لو كان كيف يكون، وهو القادر على إيصال النفع أو الضر إلى من يشاء من خلقه، وهذا من أعظم أصول الإسلام، وقواعده العظام:

لقد دلَّ على تقرير هذا الأصل أدلة لا تكاد تحصى كثرة، فمن ذلك قوله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام: 59] وقوله: فَقُل {فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ} [يونس: 20] وقوله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)} [النمل: 65] وقوله جلَّ وعز: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} [الجن: 26] والشرع قد حافظ على هذا الأصل العظيم، وشدَّد فيه، وحرَّم كل الطرق والوسائل المؤدية إلى خدشه وزعزعته، وبذلك يكون قد حث على تكميل الأديان بالمحافظة عليها وعلى تكميل العقول بصيانتها، وتوضيح ذلك فيما يلي:

1 -

أنه حرَّم إتيان الكهان، وسؤال العرافين، أو تصديقهم، وهم الذين يدعون معرفة الغيوب، ويحدثون الناس بما يكون في المستقبل؛ سواء كان عامًا أو خاصًا، فالشرع حرَّم إتيانهم وسؤالهم حفاظًا على الدين، وصيانة للعقول من الجري وراءهم، ولذا جاء فيما رواه أبو هريرة والحسن رضي الله عنهما: عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"

(1)

.

(1)

أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"(2/ 429)، برقم (9532)، من طريق خلاس عن =

ص: 111

وقال صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"

(1)

.

وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفًا قال: "من أتى كاهنًا فسأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم "

(2)

.

يقول الشيخ السعدي في شرحه لباب: (ما جاء في الكهان ونحوهم) من كتاب التوحيد للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "أي: من كل من يدّعي علم الغيب بأي طريق من الطرق، وذلك أن اللَّه تعالى هو المنفرد بعلم الغيب، فمن ادعى مشاركة اللَّه في شيء من ذلك بكهانة، أو عرافة، أو غيرهما، أو صدق من ادعى ذلك، فقد جعل اللَّه شريكًا فيما هو من خصائصه، وقد كذب اللَّه ورسوله.

وكثير من الكهانة المتعلقة بالشياطين لا تخلو من الشرك، والتقرب إلى الوسائط التي تستعين بها على دعوى العلوم الغيبية، فهو شرك من جهة دعوى مشاركة اللَّه في علمه الذي اختص به، ومن جهة التقرب إلى غير اللَّه، وفيه إبعاد الشارع للخلق عن الخرافات المفسدة للأديان والعقول

(3)

.

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز

(4)

: "ومن الضلال المبين والجهل

= أبي هريرة، لكن خلاسًا لم يسمع من أبي هريرة، إلا أن الحاكم قد أخرج الحديث من طريق خلاس بمتابعة محمد بن سيرين. انظر: المستدرك على الصحيحين (1/ 49)، برقم (15)، وقال عقبه بن:"هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه". انظر: إرواء الغليل حديث (2006)، والحديث أخرجه البزار من طريق عمران بن حصين (9/ 52)، برقم (3578)، وقال ابن كثير:"وهذا إسناد صحيح وله شواهد أخر". [انظر: تفسير ابن كثير (1/ 144)].

(1)

أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب: تحريم الكهانة (4/ 1751)، برقم (2230).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 210)، برقم (20348).

(3)

القول السديد في مقاصد التوحيد (ص 100).

(4)

هو: الإمام الجليل، العالم القدوة سماحة الوالد الزاهد الورع أبو عبد اللَّه العزيز بن =

ص: 112

العظيم تصديق الكهان، والعرافين، والرمالين، والمنجمين، والمشعوذين، والدجالين، بالإخبار عن المغيبات؛ فإن هذا منكر، وشعبة من شعب الكفر

فالواجب على المسلمين الحذر من سؤال الكهنة، والعرافين، وسائر المشعوذين، والمشتغلين بالإخبار عن المغيبات، والمتلاعبين بعقول الجهلة، والتلبيس على المسلمين؛ فالأمور الغيبية لا يعلمها إلا الذي يعلم ما تكن الصدور، ويعلم الخفايا، حتَّى أنبياؤه ورسله، وملائكته، لا يعلمون شيئًا من المغيبات إلا ما أخبرهم به سبحانه"

(1)

.

فسؤال الكهان، وتصديقهم فيما يقولونه من الكفر العظيم، لأن فيه ادعاءً لعلم الغيب الذي اختص اللَّه به، وفي هذا غاية الفساد للعقائد والأديان، والتسفيه للعقول والأحلام، ومن صدق من يفعل شيئًا من هذه الأمور فقد كفر بالقرآن الذي نص على أن الغيب من خصوصيات الرب تبارك وتعالى.

2 -

ما جاء من النهي عن التنجيم، كما في حديث ابن عباس

(2)

رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس علمًا من النجوم

= عبد اللَّه بن باز، ولد عام (1330 هـ) بالرياض، صاحب المناقب الكثيرة، والأخلاق الفاضلة الكريمة، له الذكر الطيب والصيت الحسن بين عامة الأمة، وله مؤلفات كثيرة حازت على القبول والرضى من عامة علماء الأمة، ونفع اللَّه بها خلقًا لا يحصيهم إلا هو سبحانه، له جهود عظيمة في الدعوة إلى اللَّه، ونشر العلم، بأسلوب متميز ومؤثر، توفي عام 1420 هـ، وصلي عليه بالمسجد الحرام، ودفن بمكة المكرمة، رحمه الله رحمة واسعة. [انظر ترجمته في: الإيجاز في ترجمة الشيخ ابن باز، للشيخ عبد الرحمن الرحمة].

(1)

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، للعلامة ابن باز (3/ 96).

(2)

هو: حبر الأمة عبد اللَّه بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، دعا له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين، توفي رضي الله عنه سنة 68 هـ. [انظر ترجمته في: الاستيعاب (2/ 342)، والإصابة (2/ 322)].

ص: 113

اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد"

(1)

، وهو ادعاء معرفة المغيبات عن طريق النجوم، وهو نوع من السحر، وهو ثلاثة أنواع؛ واحد جائز: وهو ما يسمى بعلم التسيير. وهو أن يعلم النجوم وحركات النجوم؛ لأجل أن يعلم القبلة والأوقات، وما يصلح من الأوقات للزرع وما لا يصلح، والاستدلال بذلك على وقت هبوب الرياح، وعلى الوقت الذي أجرى فيه سُنَّته أنه يحصل فيه من المطر كذا ونحو ذلك، واثنان ممنوعان وهما:

الأول: اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها، وأن الحوادث الأرضية منفعلة ناتجة عن النجوم وعن إراداتها، وهذا تأليه للنجوم.

الثاني: ما يسمى بعلم التأثير؛ وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها، وطلوعها وغروبها على ما سيحصل في الأرض في المستقبل

(2)

.

ولا شكَّ أن هذا النظر في النجوم، والتوصل بها إلى معرفة الغيوب من ادعاء علم الغيب، وهو نوع من السحر والكهانة، ولا شكَّ أن هذا مناف للتوحيد؛ لما فيه من التعلق بغيره عز وجل، واختصاصه بعلم الغيب، كما أن فيه إفسادًا للعقل وتسفيه له لما فيه من تصديق الكهنة والمنجمين فيما توحيه إليهم الشياطين.

يقول الشيخ السعدي: "الشجيم نوعان: نوع يسمى علم التأثير: وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الكونية، فهذا باطل ودعوى لمشاركة اللَّه في علم الغيب الذي انفرد به، أو تصديق لمن ادعى ذلك، وهذا ينافي التوحيد لما فيه من هذه الدعوى الباطلة، ولما فيه من

(1)

أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 311)، برقم (2841)، وأبو داود في سننه (4/ 16)، برقم (3905)، وصححه العراقي في المغني عن حمل الأسفار (2/ 1029).

(2)

انظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص 344).

ص: 114

تعلق القلب بغير اللَّه، ولما فيه من فساد العقل؛ لأن سلوك الطرق الباطلة وتصديقها من مفسدات العقول والأديان"

(1)

.

3 -

ما جاء من النهي عن الطيرة والتطير، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"الطيرة شرك ثلاثًا وما منا إلا ولكن اللَّه يذهبه بالتوكل"

(2)

.

وحقيقة التطير التشاؤم أو التفاؤل بحركة الطير من السوانح والبوارح

(3)

، كانوا في الجاهلية إذا أراد أحد أن يذهب إلى مكان، أو يمضي في سفر، استدل بما يحدث له من أنواع حركات الطيور، أو بما يحدث له من الحوادث على أن هذا السفر سفر سعيد فيمضي فيه، أو أنه سفر سيئ فيرجع عنه

(4)

.

يقول الشيخ السعدي في حالة التطير الشركية: "وأما الطيرة فإنه إذا عزم على فعل شيء من ذلك من الأمور النافعة في الدين أو في الدنيا، فيرى أو يسمع ما يكره، أثر في قلبه أحد أمرين، أحدهما أعظم من الآخر:

أحدهما: أن يستجيب لذلك الداعي فيترك ما كان عازمًا على فعله، أو بالعكس، فيتطير بذلك، وينكص عن الأمر الذي كان عازمًا عليه، فهذا كما ترى قد علق قلبه بذلك المكروه غاية التعليق، وعمل عليه، وتصرف ذلك المكروه في إرادته وعزمه وعمله، فلا شكَّ أنه على هذا

(1)

القول السديد في مقاصد التوحيد (ص 108).

(2)

أخرجه أحمد في المسند (1/ 389)، برقم (3687)، وأبو داود في سننه (4/ 17)، برقم (3910)، وصححه الشيخ الألباني. انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 716)، برقم (429).

(3)

قال ابن السمعاني: "فالسانح: هو الذي يطير من قبل اليمين فيتبرك به الإنسان، والبارح هو الذي يطير من قبل الشمال فيتشاءم به الإنسان". [انظر: تفسير السمعاني (3/ 225)].

(4)

التمهيد لشرح كتاب الوحيد (ص 335).

ص: 115