الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مستشهدًا بربه الذي فوق سمواته، وقال:"اللَّهُمَّ اشهد".
فلو لم يكن قد عرف المسلمون وتيقنوا ما أرسل به، وحصل لهم منه العلم واليقين، لم يكن قد حصل منه البلاغ المبين، ولما رفع اللَّه عنه اللوم، ولما شهد له أعقل الأمة بأنه قد بلغ وبيَّن"
(1)
.
ويقول الإمام ابن تيمية: "والأمة تشهد له بأنه بلغ الرسالة كما أمره اللَّه وبيَّن ما أنزل إليه من ربه، وقد أخبر اللَّه بأنه قد أكمل الدين، وإنما كَمُلَ بما بلغه، إذ الدين لم يعرف إلا بتبليغه، فعلم أنه بلغ جميع الدين الذي شرعه اللَّه لعباده"
(2)
.
وقال الإمام ابن كثير: "وقد شهدت له أمته بإبلاع الرسالة وأداء الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع، وقد كان هناك من أصحابه نحو من أربعين ألفًا"
(3)
.
*
المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة
أشار إلى معنى هذه القاعدة جمع من العلماء، وفيما يلي أذكر بعض أقوالهم الدالة على اعتمادهم للقاعدة، فمما وقفت عليه من ذلك:
قول الإمام الخطابي
(4)
: "فلم يترك صلى الله عليه وسلم شيئًا من أمور الدين؛ قواعده، وأصوله، وشرائعه، وفصوله، إلا بيَّنه وبلغه على كماله وتمامه،
(1)
الصواعق المرسلة (2/ 733).
(2)
مجموع الفتاوى (5/ 155 - 156).
(3)
تفسير القرآن العظيم (2/ 78).
(4)
هو: حَمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، أبو سليمان الخطابي البستي الشافعي، وقيل: اسمه أحمد، ولد سنة تسع عشرة وثلاثمائة بمدينة بست، وتوفي بها سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، له تآليف عدة منها: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، وغريب الحديث وغيرها. [انظر ترجمته في: السير (17/ 23)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 282)].
ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لا خلاف بين فرق الأمة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال"
(1)
.
وقريبًا منه قول الإمام السمعاني
(2)
: "وكان مما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم وأمر بتبليغه: أمر التوحيد وبيانه بطريقته، فلم يترك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيئًا من أمور الدين، وقواعده، وأصوله، وشرائعه، وفصوله، إلا بيَّنه وبلغه على كماله وتمامه، ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لو أخر فيها البيان لكان قد كلفهم ما لا سبيل لهم إليه"
(3)
.
ويقول الإمام ابن تيمية: "فصل: في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ جميع الدين؛ أصوله وفروعه، باطنه وظاهره، علمه وعمله، فإن هذا الأصل هو أصل أصول العلم والإيمان، وكل من كان أعظم اعتصامًا بهذا الأصل كان أولى بالحق علمًا وعملًا، ومن كان أبعد عن الحق علمًا وعملًا، [كان بُعده عن هذا الأصل بحسب حاله، ومن كان أبعد عن الحق علمًا وعملًا، كان بُعده عن هذا الأصل بحسب حاله، فمستقل ومستكثر من الباطل]
(4)
(5)
.
وقال رحمه الله: "والرسول -صلوات اللَّه عليه وسلامه- قد أرسل
(1)
ذكره الخطابي في: (الغنية)، ونقله عنه ابن تيمية في درء التعارض (7/ 296).
(2)
هو: منصور بن أحمد بن عبد الجبار التميمي، أبو المظفر المعروف بابن السمعاني الحنفي ثم الشافعي. من مصنفاته: القواطع في أصول الفقه، وله كتاب التفسير، توفي سننة 488 هـ. [انظر ترجمته: طبقات الشافعية للسبكي (4/ 21)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 273)].
(3)
الانتصار لأصحاب الحديث، لابن السمعاني (ص 70).
(4)
ما بين المعقوفتين لعله ساقط من نسخة (مجموع الفتاوى)، وقد نقل العبارة بكاملها العلامة ابن سعدي في كتابه "طريق الوصول إلى العلوم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول"(ص 29).
(5)
مجموع الفتاوى (19/ 155 - 156)، وانظر: طريق الوصول للعلامة السعدي (ص 29).