الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
قاعدة الحقائق لا تتغير بتغير المسميات
وفيه مسائل:
*
المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة
الحقائق: جمع حقيقة، وهي الشيء الثابت يقينًا، أو هي ما استعمل في معناه الأصلي، وحقيقة الشيء: خالصه وكنهه، وحقيقة الأمر: يقين شأنه، وقيل: حقيقة الشيء: منتهاه وأصله المشتمل عليه
(1)
.
الأَسْمَاء: جَمْعُ اسْمٍ، والاسْمُ: هُوَ اللفْظُ المَوْضُوعُ لِلدَّلَّالَة عَلَى المُسَمَّى، وَقِيلَ: هُوَ اللفْظُ الدَّالُّ عَلَى المَعْنَى بِالوضْعِ لُغَة، وَقِيلَ الاسْمُ: مَا يُعْرَفُ بِهِ ذَاتُ الشَّيْء وَأَصْلُهُ، وَلَيْسَ الِاسْمُ نَفْسَ الْمُسَمَّى، فَإِنَّ الِاسْمَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ، وَالْمُسَمَّى هُوَ الْمَعْنَى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ نَفْسَ التَّسْمِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا فِعْلُ الْمُسَمِّي. فالاسْمُ: لَفْظ مَوْضُوعٌ عَلَى الذَّاتِ لِتَعْرِيفَهَا أَوْ لِتَخْصِيصِهَا عَنْ غَيْرِهَا كَلَفْظِ زَيْدٍ، وَالْمُسَمَّى هُوَ الذَّاتُ الْمَقْصُودُ تَمْيِيزُهَا بِالاسْمِ؛ كَشَخْصِ زَيْدٍ، وَالمُسَمِّي هُوَ الْوَاضِعُ لِذَلِكَ
(1)
انظر: المعجم الوسيط (1/ 188)، والمصباح المنير (1/ 144).
اللَّفْظِ، والتَّسْمِيَةُ هِيَ اخْتِصاصُ ذَلِكَ اللَّفْظِ بِتِلْكَ الذَّاتِ
(1)
(2)
.
ولا يكاد ينفك اللفظ أو الاسم عن الحقيقة والمعنى؛ إذ لا سبيل إلى معرفة حقائق الأشياء إلا بتوسط الألفاظ، فإن الألفاظ قوالب المعاني، والأسماء قوالب المسميات
(3)
.
يقول الإمام الشوكاني: "فإن الألفاظ إنما هي قوالب المعاني، ولا تراد لذاتها أصلًا؛ لا عند أهل اللغة ولا عند أهل الشرع"
(4)
.
(1)
انظر: المفردات في غريب القرآن (ص 244)، والمقصد الأسنى للغزالي (ص 173)، وعمدة القاري (14/ 23)، وسبل الهدى والرشاد، لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي (1/ 493).
(2)
مسألة الاسم والمسمى خاض فيها أهل الكلام والذي عليه أهل السُّنَّة أنه لا يقال الاسم نفس المسمى ولا غير المسمى؛ لأن هذا من الألفاظ المجملة، التي توقف فيها أهل السُّنَّة والجماعة بدون نفي ولا إثبات، والصواب أن يقال: الاسم للمسمى.
يقول الشيخ يحيى العمراني: "واختلف الناس في الاسم هل هو المسمى، أو غيره، فذهب أحمد بن حنبل ومن تابعه إلى أن: الاسم للمسمى، وقال بعضهم: هو صفة للمسمى، وقال بعضهم: هو صفة للمسمى، وقال بعضهم: هو علم للمسمى، والجميع واحد. وقال المعتزلة: الاسم غير المسمى، وقال أبو الحسن الأشعري: الاسم هو المسمى". [الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (2/ 603)].
ويقول الإمام ابن تيمية: "وأما الذين يقولون: أن الاسم للمسمى كما يقوله أكثر أهل السُّنَّة، فهؤلاء وافقوا الكتابِ والسُّنَّة والمعقول قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180]، وقال: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تسعى وتسعين اسمًا" ....
وإذا قيل لهم: أهو المسمى أم غيره؟ فصلوا؛ فقالوا: ليس هو نفس المسمى، ولكن يراد به المسمى، وإذا قيل: أنه غيره بمعنى أنه يجب أن يكون مباينًا له فهذا باطل؛ فإن المخلوق قد يتكلم بأسماء نفسه فلا تكون بائنة عنه، فكيف بالخالق، وأسماؤه من كلامه، وليس كلامه بائنًا عنه، ولكن قد يكون الاسم نفسه بائنًا مثل أن يسمي الرجل غيره باسم أو يتكلم باسمه، فهذا الاسم نفسه ليس قائمًا بالمسمى، لكن المقصود به المسمى، فإن الاسم مقصوده إظهار المسمى وبيانه". [مجموع الفتاوى (6/ 206 - 207)].
(3)
انظر: فيض القدير (1/ 312)، وروح المعاني (15/ 81).
(4)
السيل الجرار (2/ 343).