المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان معنى الدعاء وأقسامه: - القواعد في توحيد العبادة - جـ ٢

[محمد بن عبد الله باجسير]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الخامسالقواعد المتعلقة بتحقيق توحيد العبادة وأدلته

- ‌المبحث الأولقاعدة تحقيق التوحيد يتضمن تحقيق أصله وكماله الواجب وكماله المستحب وبحسبها يتفاضل المؤمنون

- ‌ المسألة الأولى * معاني مفردات القاعدة

- ‌معنى التحقيق:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة توحيد الربوبية هو أصل توحيد الإلهية ودليله الأكبر

- ‌ المسألة الأولى * شرح معاني مفردات القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل السادسالقواعد المتعلقة برد البدع

- ‌المبحث الأولقاعدة العبادات توقيفية

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة اعتبار ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم عبادة موقوف على قصده التعبد

- ‌ المسألة الأولى* معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد

- ‌‌‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌معنى الوسائل والمقاصد اصطلاحًا:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في اعتماد معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الباب الثانيالقواعد المتعلقة بما يضاد توحيد العبادة

- ‌الفصل الأولالقواعد المتعلقة بتعريف الشرك وحقيقته

- ‌المبحث الأولقاعدة التشبيه هو أصل عبادة الأوثان عند أكثر المشركين

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌معنى التشبيه لغة واصطلاحًا:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة الشرك هو التسوية بين الله وغيره في شيء من خصائصه وحقه

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌أولًا: معنى الشرك لغة:

- ‌ثانيًا: معنى التسوية:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة الخوف الشركي أن يخاف العبد من غير الله أن يصيبه مكروه بمشيئته وقدرته وإن لم يباشره

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌معنى الخوف وأنواعه:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الرابعقاعدة السؤال والطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌بيان معنى السؤال والطلب:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الخامسقاعدة الاعتقاد في الأسباب بذاتها شرك في الربوبية والألوهية

- ‌ المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة

- ‌معنى الأسباب:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث السادسقاعدة الشفاعة ملك لله تعالى وطلبها ورجاؤها من غير الله أو بغير إذن شرك

- ‌ المسألة الأولى * معنى الشفاعة لغة وشرعًا

- ‌ المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث السابعقاعدة كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة

- ‌ المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة

- ‌بيان معنى الدعاء وأقسامه:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل الثانيالقواعد المتعلقة بقبح الشرك وأنواعه

- ‌المبحث الاولقاعدة الشرك هضم لعظمة الربوبية وتنقص لحق الإلهية وسوء ظن برب العالمين

- ‌ المسألة الأولى * شرح بعض ألفاظ القاعدة

- ‌معنى الهضم والتنقص:

- ‌معنى سوء الظن:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة قبح الشرك مستقر في العقول والفطر والسمع نبه العقول وأرشدها إلى معرفة ما أودع فيها من قبح ذلك

- ‌ المسألة الأولى * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة الشرك الأصغر كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة

- ‌ المسألة الأولى * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل الثالثالقواعد المتعلقة بوسائل الشرك وأسبابه

- ‌المبحث الأولقاعدة سد الذرائع المفضية إلى الشرك من المقاصد الشرعية

- ‌ المسألة الأولى* شرح مفردات القاعدة

- ‌معنى سد الذرائع:

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة الحقائق لا تتغير بتغير المسميات

- ‌ المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة تعظيم شعائر الله هو تعظيم لله وعبادة له، فهو تابع لتعظيم الله وإجلاله

- ‌ المسألة الأولى * شرح مفردات القاعدة

- ‌أولًا: معنى التعظيم:

- ‌ثانيًا: معنى شعائر الله:

- ‌ المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الفصل الرابعالقواعد المتعلقة بإبطال الشرك وحقيقة المشركين

- ‌المبحث الأولقاعدة المشركون ما قصدوا من معبوداتهم إلا القربة والشفاعة ويقولون نريد من الله عز وجل لا منهم لكن بشفاعتهم والتقرب إلى الله بهم

- ‌ المسألة الأولى * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثانيقاعدة الأصنام الجمادية لم تعبد لذاتها وإنما وضعت في الأصل لما كان غائبًا من معبودات المشركين

- ‌ المسألة الأولى* بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية* أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الثالثقاعدة المشركون الأولون يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة ومشركو زماننا شركهم دائم في الشدة والرخاء

- ‌ المسألة الأولى * بيان معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثانية * أدلة القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة* أقوال أهل العلم في اعتماد معنى القاعدة

- ‌ المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المبحث الرابعقاعدة دين الحنفاء ليس فيه واسطة بين الله وخلقه في الربوبية والألوهية، والرسل وسائط في التبليغ والدلالة

- ‌ المسألة الأولى* بيان معاني مفردات القاعدة

- ‌معنى الواسطة لغة واصطلاحًا:

- ‌ المسألة الثانية* معنى القاعدة

- ‌ المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

- ‌الأول: الأدلة الدالة على الواسطة المثبتة الشرعية الإيمانية:

- ‌القسم الثاني: الأدلة الدالة على الواسطة المنفية غير الشرعية:

- ‌ المسألة الرابعة * أقوال العلماء في اعتماد القاعدة

- ‌ المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌بيان معنى الدعاء وأقسامه:

‌المبحث السابع

قاعدة كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة

وفيه مسائل:

*‌

‌ المسألة الأولى* شرح ألفاظ القاعدة

‌بيان معنى الدعاء وأقسامه:

الدُّعاءُ مشتق من أصل لغوي ثلاثي هو (دَعَوَ)، تقول: دعوت الشيء أدعوه دعاء، وهو مصدر ممدود الآخر، على وزن (فُعَالٌ)، تقول: دَعا يَدْعُو دُعاءً ودَعْوَى وأَلِفُها للتَّأْنِيثِ، وبعضُ العَرَبِ يُؤَنِّثُ الدَّعْوَةَ بالأَلِفِ فيقولُ الدَّعْوَى.

والهمزة في (دعاء) منقلبة عن واو، والأصل (دعاو)، فهي واوية الأصل، تقول: دعوتُ أدعو دُعاءً فأنا داعٍ والمفعول مدعوِّ، فهذا يدل على أن أصل الهمزة في دعاء الواو، وإنما أبدلت همزة لتطرفها إثر ألف زائدة

(1)

.

(1)

انظر: الصحاح للجوهري (6/ 2337)، وجمهرة اللغة، لابن دريد (2/ 1059)، وتاج العروس (10/ 126).

ص: 879

وقد أرجع ابن فارس معاني مادة (دعو) وتصاريفها إلى أصل واحد فقال: " (دعو) الدال والعين والحرف المعتل أصل واحد، وهو أن تميل الشيء إليك بصوت وكلام يكون منك"

(1)

.

يقال: دعا بالشيء دعوًا ودعوة ودعاء ودعوى: طلب إحضاره، ودعا إلى الشيء يدعو دعاء: رغب فيه وقرب إليه، ودعا فلانًا: سأله واستعان به ورغب إليه وابتهل، ويقال: دعا الله رجا منه الخير، ودعا لفلان: طلب الخير له، ودعا على فلان طلب له الشر، ودعا إلى الشيء حثه على قصده، ويقال ما دعاه إلى أن يفعل كذا: ما اضطره ودفعه، واستدعاه: صاح به وطلبه واستلزمه، وطلب أن يدعو له، أو فعل ما يستحق أن يدعو عليه، وتداعت عليهم القبائل من كل جانب: اجتمعت عليهم، وتألبت بالعداوة

(2)

.

وألصق المعاني بالمعنى الشرعي معنيان:

الأول: السؤال والطلب.

الثاني: الرغبة والرجاء والابتهال.

قال ابن سيده في معنى الدعاء: "طلب الطالب للفعل من غيره"

(3)

.

وقال أيضًا: "الدعاء: الرغبة إلى الله عز وجل"

(4)

.

وقال ابن العربي: "وَالدُّعَاءُ فِي اللُّغَةِ وَالْحَقِيقَةِ هُوَ الطَّلَبُ"

(5)

.

وقال الشوكاني: "لأن معنى الدعاء حقيقة وشرعًا هو الطلب"

(6)

.

(1)

معجم مقاييس اللغة (2/ 279).

(2)

انظر: تاج العروس (38/ 46)، والقاموس المحيط (1655)، والمعجم الوسيط (1/ 286)، ومعجم الأفعال المتعدية بحرف (ص 100).

(3)

المخصص لابن سيده (13/ 88).

(4)

المحكم والمحيط الأعظم (2/ 325).

(5)

أحكام القرآن، لابن العربي (2/ 350 - 351).

(6)

فتح القدير (4/ 498)، وانظر: التسهيل لعلوم التنزيل (4/ 8)، وصيانة الإنسان (ص 428).

ص: 880

والدعاء في عرف الشرع ينقسم إلى قسمين:

1 -

دعاء العبادة.

2 -

ودعاء المسألة.

فدعاء العبادة هو العبادة نفسها، والتي يتقرب بها العبد إلى ربه تبارك وتعالى، طالبًا رضوانه والجنة، وأن يبعده من النار وما يقرب إليها، ويدخل في ذلك جميع ما يتعبد به الله تعالى، ومن أعظم العبادات هي سؤاله والطلب منه سبحانه وتعالى، وهو النوع الثاني من أنواع الدعاء وهو:

دعاء المسألة، وهو أن يسأل الله ويطلب منه تحقيق أمر من أمور الدنيا أو الآخرة.

يقول الإمام ابن أبي العز الحنفي: "وإذا علم العباد أنه قريب يجيب دعوة الداعي علموا قربه منهم، وتمكنهم من سؤاله، وعلموا علمه ورحمته وقدرته فدعوه دعاء العبادة في حال، ودعاء المسألة في حال، وجمعوا بينهما في حال؛ إذ الدعاء اسم يجمع العبادة والاستعانة"

(1)

.

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ في بيان المقصود بدعاء المسألة: "دعاء المسألة: وهو دعاؤه سبحانه في جلب المنفعة ودفع المضرة، بقطع النظر عن الامتثال، ولفظ الصلاة في اللغة أصله الدعاء، وسميت الصلاة دعاء لتضمنها معناه، وهو الدعاء الشامل للعبادة والمسألة"

(2)

.

ويقول الشيخ محمود شكري الألوسي معرفًا له: "وهو طلب العبد من ربه بالصيغة القولية"

(3)

.

وعرَّفه الشيخ السعدي بقوله: "وذلك لأن الداعي دعاء المسألة يطلب سؤله بلسان المقال"

(4)

.

(1)

شرح العقيدة الطحاوية (ص 522).

(2)

التوضيح عن توحيد الخلاق (ص 292).

(3)

غاية الأماني في الرد على النبهاني (2/ 332، 335، 337).

(4)

القواعد الحسان (ص 127).

ص: 881

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ في معنى دعاء العبادة: "أما دعاء العبادة فهو عبادة الله تعالى بأنواع العبادات؛ من الصلاة، والذبح، والنذر، والصيام، والحج، وغيرها، خوفًا وطمعًا، يرجو رحمته، ويخاف عذابه، وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب، فالعابد الذي يريد الجنة ويهرب من النار وهو سائل راغب راهب، يرغب في حصول مراده ويرهب من فواته، وهو سائل لما يطلبه بامتثال الأمر في فعل العبادة، وقد فسر قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، بهذا وهذا، قيل اعبدوني وامتثلوا أمري أستجب لكم، وقيل سلوني أعطكم"

(1)

.

ويظهر مما سبق أن دعاء العبادة أعم من دعاء المسألة، فالأول يراد به التقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه بجميع أنواع العبادة، ويكون الطلب والسؤال من الله داخلًا تحت عموم العبادة، إذ يعد والحالة هذه فردًا من أفراد العبادة، وهو في نفس الوقت قسيمًا لدعاء العبادة تحت لفظ الدعاء الشرعي العام

(2)

.

ومما يدل على كون الدعاء أعم من السؤال تفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين الداعي والسائل كما جاء في حديث (النزول) عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فأستَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فأغْفِرَ لَهُ"

(3)

.

(1)

تيسير العزيز الحميد (ص 182).

(2)

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (6/ 84).

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب التهجد، باب: الدعاء والصلاة من آخر الليل (1/ 384)، برقم (1094)، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه (1/ 521)، برقم (758)، من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 882

يقول ابن أبي العز الحنفي: "والداعي أعم من السائل، وإجابة الداعي أعم من إعطاء السائل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم

فذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق ثم قال عقبه: ففرق بين الداعي والسائل، وبين الإجابة والإعطاء، وهو فرق بين العموم والخصوص، كما أتبع ذلك بالمستغفر، وهو نوع من السائل، فذكر العام ثم الخاص ثم الأخص"

(1)

.

والتوجه بالدعاء لا بد فيه من إرادة وقصد، فإذا أردت بدعائك المعبود نفسه كان ذلك دعاء عبادة، وإذا كان قصدك بدعائك تحصيل أمر، ونيل مطلوب من المعبود كان الدعاء دعاء مسألة.

يقول الإمام ابن تيمية: "ولفظ دعاء الله في القرآن يراد به دعاء العبادة ودعاء المسألة، فدعاء العبادة يكون الله هو المراد به، فيكون الله هو المراد، ودعاء المسألة يكون الله هو المراد منه، كما في قول المصلي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 5]، فالعبادة إرادته والاستعانة وسيلة إلى العبادة، فالعبادة إرادة المقصود، وإرادة الاستعانة إرادة الوسيلة إلى المقصود"

(2)

.

ويقول أيضًا: "والدعاء: قصد المدعو والتوجه إليه إما على وجه المسألة، وإما على وجه العبادة المحضة؛ لأن دعاء الشيء هو طلبه وإرادته، سواء طلب لذاته أو للأمر منه"

(3)

.

والعلاقة بين دعاء العبادة ودعاء المسألة

(4)

: أن دعاء العبادة مُسْتَلْزِم لدعاء المسألة ومتضمن له من جهة، فإن من رضي بالله ربًّا

(1)

شرح العقيدة الطحاوية (ص 522).

(2)

النبوات (ص 82).

(3)

شرح العمدة (4/ 27 - 28).

(4)

انظر: مجموع الفتاوى (15/ 10، 243)، وجلاء الأفهام (ص 81).

ص: 883

ومعبودًا، وكان خاضعًا ذليلًا، راجيًا محبًا، قائمًا وساجدًا لزمه أن يسأل ربه في كل ما يحتاجه من أمور دينه ودنياه، كأن يسأله القبول والثواب لما يقوم به من العبادة، وهو متضمن لدعاء المسألة بلسان الحال؛ إذ العابد المعظم لمعبوده هو في الحقيقة سائل وطالب منه الرضا والمثوبة.

كما أن دعاء المسألة متضمِّن لدعاء العبادة؛ بمعنى: أن بعض أفراد دعاء العبادة داخلة في دعاء المسألة؛ وذلك لكون الداعي دعاء المسألة عابد لله تعالى بسؤاله، ورغبته، والتضرع إليه، والابتهال إليه، والانطراح بين يديه، وهو يرجو قبول دعوته، وقضاء حاجته، وهو مع ذلك خائف من طرده، وعدم قبول دعوته، فهذا هو لب العبادة، ومخها، وروحها، وحقيقتها

(1)

.

أو يقال: العلاقة بينهما السببية والمسببية، فإن العبادة سبب للدعاء؛ فإن من عبد شيئًا، فإنَّه يدعوه عند احتياجه إليه، وهذا هو الغالب من حال من يعبد غيره أن يلتجئ إليه في المسألة ليعرف مراده إذا سمع دعاءه، ثم يستجيب له في بذل منفعة، أو دفع مضرة

(2)

.

ويمكن القول بأن دعاء العبادة ودعاء المسألة يشبه الألفاظ التي إذا اجتمعت في الذكر افترقت في المعنى، وإذا افترقت في الذكر اجتمعت في المعنى؛ ولذا لا يتصور الانفكاك بينهما.

يقول الإمام ابن تيمية: "اعلم أن لفظ الدعاء والدعوة يتناول معنيين: دعاء العبادة ودعاء المسألة، وكل عابد سائل، وكل سائل عابد، فأحد الاسمين يتناول الآخر عند تجرده عنه، وإذا جمع بينهما فإنه يراد بالسائل الذي يطلب جلب المنفعة، ودفع المضرة بصيغ السؤال والطلب،

(1)

انظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية، للعروسي (1/ 116).

(2)

انظر: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان نقلًا عن الرازي (ص 434).

ص: 884

ويراد بالعابد من يطلب ذلك بامتثال الأمر وإن لم يكن هناك صيغة سؤال ولا طلب، ولا يتصور أن يخلو داع لله دعاء عبادة أو دعاء مسألة من الرغب والرهب، والخوف والطمع"

(1)

.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن تقسيم الدعاء الشرعي إلى نوعين لا يعني أنهما متضادان أو متباينان بحيث لا يقصد به إلا معنى واحدًا من أنواع الدعاء في كل موطن ورد فيه مع عدم أخذ المعنى الآخر في الاعتبار، هذا لا يحصل؛ لعدم انفكاك أحد النوعين عن الآخر، وإنما غاية الأمر أن تكون دلالة السياق أو ما يقترن به على أحد النوعين أظهر من النوع الآخر، وهو في نفس الوقت دال على النوع الآخر إما بدلالة الالتزام، أو بدلالة التضمن، وعلى النوع الذي هو فيه أظهر بدلالة المطابقة؛ فإذا أريد بالدعاء دعاء المسألة والطلب، فإنَّه يدل على دعاء العبادة بطريق التضمن؛ لأن الداعي دعاء المسألة عابد لله تعالى بسؤاله والتضرع إليه، وأما إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة، فإنَّه يدل على دعاء المسألة بطريق دلالة الالتزام والتضمن من جهة كما سبق تفصيله.

ومن أهل العلم من قسَّم دعاء المسألة إلى قسمين: دعاء عبادة ودعاء عادة.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا: "إن الدعاء قسمان: دعاء العبادة، ودعاء العادة، فالثاني ما يطلبه الناس بعضهم من بعض، مما يقدرون عليه بالأسباب التي سخرها الله لهم، ودعاء العبادة: هو طلب ما وراء الأسباب مما لا يقدر عليه إلا رب العباد"

(2)

.

(1)

مختصر الفتاوى المصرية (ص 128).

(2)

انظر: تعليق الشيخ محمد رشيد على كتاب "صيانة الإنسان"(ص 374)، وحياة القلوب بدعاء علام الغيوب، لعبد الظاهر أبي السمح (ص 31).

ص: 885