الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
قاعدة السؤال والطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك
وفيه مسائل:
*
المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة
بيان معنى السؤال والطلب:
أما السؤال فهو من الأصل اللغوي الثلاثي (سأل)، يقال: سأل يسأل سؤالًا ومسألة، وجمعها مسائل، ورجل سؤلة: كثير السؤال، وسألت الله العافية: طلبتها وتساءل القوم: سأل بعضهم بعضًا، والسؤل: ما يسأل، والمسؤول: المطلوب
(1)
.
واصطلاحًا: طلب الأدنى من الأعلى
(2)
.
وقال الراغب: "السؤال استدعاء معرفة، أو ما يؤدي إلى المعرفة،
(1)
انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس (3/ 124)، والمصباح المنير (1/ 297)، ومختار الصحاح (ص 119).
(2)
انظر: التوقيف على مهمات التعاريف، للمناوي (ص 417).
واستدعاء مال، أو ما يؤدي إلى المال"
(1)
.
وقال أيضًا في أنواع السؤال: "والسؤال على ضربين: طلب المقال وجوابه المقال، وطلب النوال وجوابه النوال، فعلى الأول: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 31]، وقال: {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 32]، وعلى الثاني قوله: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89]؛ أي: أعطيتما ما سألتما، والاستجابة قيل هي الإجابة، وحقيقتها هي التحري للجواب والتهيؤ له"
(2)
..
أما الطلب فهو من الأصل الثلاثي (طلب)، يقال: طلبت الشيء أطلبه طلبًا، وهذا مطلبي، وهذه طلبتي، وهو أصل واحد يدل على ابتغاء الشيء، وطلبه طلبًا إذا هم بتحصيله، أو التمسه وأراده ورغب فيه، والطَّلَبُ مُحَاوَلَة وِجْدَانِ الشَّيءِ وأَخْذِه
(3)
.
قال الراغب: "الطلب الفحص عن وجود الشئ عينًا كان أو معنى، قال: {فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)} [الكهف: 41]، وقال: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)} [الحج: 73]، وأطلبت فلانًا إذا أسعفته لما طلب وأحوجته إلى الطلب"
(4)
.
وبذلك يظهر التقارب الشديد بين السؤال والطلب؛ ولذا كان استعمال أهل العلم لكلا اللفظين من باب استعمال الكلمات المترادفة في المعنى
(5)
، مع وجود الفرق بينهما عند التدقيق.
(1)
المفردات في غريب القرآن (ص 250).
(2)
المصدر نفسه (ص 102).
(3)
انظر: معجم مقاييس اللغة (3/ 417)، وتهذيب اللغة (3/ 237)، وتاج العروس (3/ 274)، والعين (7/ 430)، ومختار الصحاح (ص 166)، والمعجم الوسيط (2/ 561)، والقاموس المحيط (ص 140).
(4)
المفردات في غريب القرآن (ص 305 - 306).
(5)
انظر: الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق، لابن سحمان (ص 452).
جاء "في معجم الفروق اللغوية": "الفرق بين السؤال والطلب: أن السؤال لا يكون إلا كلامًا، ويكون الطلب السعي وغيره، وفي مَثَلٍ: عليك الهرب وعلى الطلب"
(1)
.
وذكر أبو البقاء الكفوي فرقًا آخر فقال: "والطلب عام، حيث يقال فيما تسأله من غيرك، وفيما تطلبه من نفسك، والسؤال لا يقال إلا فيما تطلبه من غيرك"
(2)
.
وقد جاء التعبير كثيرًا في النصوص الشرعية عن السؤال والطلب -الذي هو عبادة لله تعالى- بالدعاء، والدعاء كما سيأتي على قسمين في الشرع:
دعاء عبادة، ودعاء مسألة
(3)
.
والسؤال والطلب في القاعدة متعلقان بدعاء المسألة، متضمنان لدعاء العبادة للتلازم وعدم الانفكاك بين النوعين، ومن أمثلة ذلك في النصوص الشرعية قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)} [الأنعام: 40، 41]، فالدعاء في هذه الآيات المقصود به دعاء المسألة، فهو ظاهر فيه، بدليل أنهم في حال شدة وكربة وطلبوا كشفها عنهم، ودعاء العبادة يدخل فيه من باب اللزوم، إذ لا ينفك دعاء العبادة عن دعاء المسألة كما سيأتي تقريره.
يقول الشيخ الدهلوي في آية الأنعام: "وليس المراد من الدعاء العبادة كما قاله بعض المفسرين، بل هو الاستعانة"
(4)
.
(1)
معجم الفروق اللغوية، للعسكري (ص 289).
(2)
كتاب الكليات، لأبي البقاء الكفوي (ص 917).
(3)
انظر: القاعدة التالية المتعلقة بدعاء العبادة ودعاء المسألة (ص 879).
(4)
حجة الله البالغة (ص 129).