الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها
يمكن الاستفادة من القاعدة وتطبيقها في عدة أمور:
أولًا: إن دين الحنفاء جميعًا من لدن نوح عليه السلام وحتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو دين التوحيد وإفراده عز وجل بالعبادة، ورفض جميع الوسطاء والشفعاء بين العباد وخالقهم، لا يختلف في ذلك البتة، والله تعالى لم يشرع لأمة من الأمم اتخاذ الوسطاء في العبادة، بل حرمه سبحانه على جميع الأمم، وكان اتخاذهم لها سببًا لهلاكهم وعذابهم، فإن الله تعالى لا يحب الشرك ولا يشرعه أبدًا.
ثانيًا: إن جميع أهل الملل والأديان يؤمنون بالواسطة في التبليغ والدلالة، وهي أصل في جميع الأديان، ولا يصح إيمان الإنسان إلا بالإيمان بهذه الواسطة الشرعية.
يقول الإمام ابن تيمية: "وهذا مما أجمع عليه جميع أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى، فإنهم يثبتون الوسائط بين الله وبين عباده، وهم الرسل الذين بلغوا عن الله أمره وخبره قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75]، ومن أنكر هذه الوسائط فهو كافر بإجماع أهل الملل"
(1)
.
ثالثًا: إن مجرد اعتقاد كون هذا النبي أو ذاك الصالح واسطة بيننا وبين الله تعالى، تقرب العبد من ربه وتدنيه إليه، هو من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله تبارك وتعالى، وإن لم يدع تلك الواسطة، ولم يسألها شيئًا؛ لأنه يكون حينئذٍ قد اعتقد النفع والضر بيد غير الله تعالى.
يقول الإمام ابن القيم: "ومن ظن أن له ولدًا أو شريكًا أو أن أحدًا
(1)
مجموع الفتاوى (1/ 122 - 123).
يشفع عنده بدون إذنه أو أن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه أو أنه نصب لعباده أولياء من دونه يتقربون بهم إليه ويتوسلون بهم إليه ويجعلونهم وسائط بينهم وبينه فيدعونهم ويحبونهم كحبه ويخافونهم ويرجونهم فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه"
(1)
.
رابعًا: التفريق بين الواسطة المنفية والوسيلة الشرعية، فالأولى شرك بالله العظيم، والثانية قربة قد رتب الله عليها الأجر والثواب.
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: "وأَما التوسل بالأموات إلى الله سبحانه، وجعلهم واسطة بينهم وبين الله، فهذا من أكبر المحرمات"
(2)
.
خامسًا: دلت القاعدة على إبطال قول من زعم أنه يتلقى الدين عن غير طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا شك في بطلان هذا القول، بل كفره، فإن من اعتقد أنه يسوغ له الخروج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر زنديق.
(1)
زاد المعاد (3/ 233).
(2)
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (1/ 117)، كتاب العقيدة، تحت عنوان: إقامة الاحتفالات عند أضرحة الأولياء والشهداء
…
برقم (62).