الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول مع أبيه خطأهم في عبادة الأصنام الأرضية التي هي على صور الملائكة السماوية؛ ليشفعوا لهم إلى الخالق العظيم الذين هم عند أنفسهم أحقر من أن يعبدوه، وإنما يتوسلون إليه بعبادة ملائكته ليشفعوا لهم عنده في الرزق، والنصر، وغير ذلك مما يحتاجون إليه"
(1)
.
ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب في معرض ذكره للفوائد المستنبطة من قصة الجاهلية المذكورة في السيرة: "السادسة: معرفة أن الأصنام لم تعبد لذاتها؛ وإنما عبدت لأجل الصالحين"
(2)
.
ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ: "فإن الغرانيق هي الملائكة على قول، وعلى آخر هي الأصنام، ولا تنافي بينهما؛ فإن المقصود بعبادتهم الأصنام: الملائكة والصالحين كما تقدم
…
"
(3)
.
*
المسألة الرابعة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها
بعض الفوائد المستفادة من القاعدة:
أولًا: دلت القاعدة على أن عبادة الأصنام لم تكن لأجل ذاتها، وإنما عبدت لأسباب أخرى، وفي هذا رد على شبهة أهل الشرك في هذا الزمان الذين يدعون أن المشركين إنما عبدوا الأصنام والأحجار، وأما نحن فإنما نتوجه إلى الأنبياء والصالحين، ولا شك في بطلان هذه الشبهة، فإنه لا فرق بين المعبودات سواء كانت من الأنبياء أو الصالحين، أو من الأحجار والأشجار أو غير ذلك.
يقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين في رده على من ألقى
(1)
تفسير ابن كثير (2/ 152)، وانظر:(4/ 46).
(2)
الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/ 147).
(3)
تيسير العزيز الحميد (ص 226).
هذه الشبهة: "قوله: إن هذه الآية أعني آية يس في الأصنام خاصة فهو كاذب ضال في قوله هذا، بل الآية عامة في كل ما عبد من دون الله؛ لأن من أراده الله بضر لم يغن عنه معبوده شيئًا سواء كان معبوده ملكًا أو نبيًا أو غيرهما، فلا يكشف عنه ضرًا أراده الله به، ولا يجلب له نفعًا، وأتى سبحانه في الآية بضمير العقلاء بالواو والميم فهي عامة في كل معبود من دون الله سواء كان عاقلًا أو جمادًا
…
وهذا المعترض يقول هذه الآية آية يس فيمن عبد الأصنام، ومقتضى كلامه أن من عبد غير الأصنام أن معبوده ينفعه بشفاعة وغيرها، ومن المعلوم بالسُّنَّة المتواترة وإجماع أهل السُّنَّة، بل الأمة أن من مات مشركًا لا شفيع له، وأخبر سيد الشفعاء صلوات الله وسلامه عليه أن شفاعته لمن مات لا يشرك بالله شيئًا، فمن عبد غير الله من ملك أو نبي أو صالح أو صنم، أو غير ذلك فإنه لا يشفع فيه شافع، ولا يدفع عنه دافع"
(1)
.
ويقول الشيخ سليمان بن سحمان: "إن المشركين عبدوا تلك الآلهة بالفعل الصادر منهم، كالدعاء والحب، والخوف، والتعظيم، والرجاء، والاستغاثة، والاستعاذة، والذبح لهم، والنذر، والالتجاء إليهم، فصرفوا لهم هذه العبادة، ليشفعوا لهم عند الله، وليقربوهم إلى الله زلفى، وهكذا حال مشركي هذه الأزمان، إنما عبدوهم بالفعل والاعتقاد فيهم، وتوسلوا بهم، وقصدوهم لأجل التبرك بهم، والاستشفاع بجاههم، لا لأجل أنهم مستحقون للعبادة، ولا أنهم مستقلون بالخلق والإيجاد، والنفع والضر - أيضًا- فإن مجرد ارتكاب فعل، أو قول، أو اعتقاد لغير الله، مما يعد من العبادة من الدعاء، والذبح -وما تقدم ذكره- مُوْقِع في الإشراك، سواء وجد معه اعتقاد ألوهية غير الله أم لا"
(2)
.
(1)
تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس (ص 69 - 70).
(2)
الضياء الشارق في رد شبهة الماذق المارق (409 - 410).