الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُضِم، وأما الظلم فيكون في البعض وفي الكل، وفي القرآن:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)} [طه: 112]؛ أي: لا يمنع حقه ولا بعض حقه
(1)
.
أما التنقص فهو مشتق من الفعل (نقص)، يقال: نقص الشيء نقصًا ونقصانًا، إذا خس وقل، ونَقَّص الشيء: صيَّره ناقصًا، ونقص فلانًا حقه: غمطه إياه، و (نَقَّص) الشيء مبالغة في نقصه، و (انْتُقِصَ) الشيء: نقص، و (تناقص) الشيء نقص شيئًا فشيئًا، وتنقص الشيء أخذ منه قليلًا قليلًا، وتنقص فلانًا: عابه، واستنقص الشيء: عده ناقصًا أو نسب إليه النقصان
(2)
.
معنى سوء الظن:
الظن مشتق من الأصل اللغو (ظنن)، يقال: ظَنَّ يَظُنُّ ظنًّا، وجمعه: ظنون وأظانين، ويتعدى إلى مفعولين؛ يقال: ظننت زيدًا صادقًا، وقيل: معنى الظَّنُّ: التَّرَدُّدُ الرَّاجِحُ بين طَرَفَي الاعْتِقادِ الغيرِ الجازِمِ، وقيل: هو إدراك الذهن الشيء مع ترجيحه، وقد يكون مع اليقين، فهو شَكٌّ ويَقِينٌ إلَّا أنه ليسَ بيَقِينِ عِيانٍ إنَّما هو يَقِينُ تَدَبُّرٍ فَأَمَّا يَقِينُ العِيانِ فلا يُقالُ فيه إلَّا عَلِمَ؛ فإذا قيل: ظن فلان الشيء ظنًا: علمه بغير يقين وقد تأتي بمعنى اليقين، والظنة التهمة، والظنون السيء الظن من الرجال، والظنين: كل ما لا يوثق به، والمتهم والقليل الخير، ومظنة الشيء: موضعه ومألفه الذي يظن كونه فيه، والجمع مظان وهي المراجع التي ينشد فيها الباحث طلبته
(3)
.
(1)
انظر: الفروق اللغوية للعسكري (255)، وتفسير البحر المحيط (6/ 261)، وأضواء البيان للشنقيطي (4/ 102).
(2)
انظر: المعجم الوسيط (2/ 946 - 947).
(3)
انظر: تاج العروس (35/ 365)، وجمهرة اللغة (1/ 154)، والمعجم الوسيط (2/ 578).
وقال الراغب: "الظن اسم لما يحصل عن أمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم ومتى ضعفت جدًا لم يتجاوز حد التوهم"
(1)
.
فظن السوء بالله تعالى مع اختلاف درجاته، وكون بعضه أعظم من بعض؛ فإنه لا يجوز مطلقًا، بل هو من أعظم الذنوب التي عصي الله تبارك وتعالى بها، ولذا جاء في القرآن بيان شناعته وقبحه، وأنه من أعظم الذنوب.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "ولم يجيء في القرآن وعيد أعظم من وعيد من ظَنَّ به ظَنَّ السوء قال تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)} [الفتح: 5، 6]، وقال تعالى:{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [فصلت: 23].
فهؤلاء ظنوا أنه لا يعلم بعض الجزئيات، فكيف بمن ظن أنه لا علم له، ولا سمع، ولا بصر، ولا تكلم ولا يتكلم، ولا استوى على عرشه، ولا له فعل حقيقة يدبر به الأمر، ولا له حكمة يفعل ما يفعل لأجلها، وأولئك جوزوا عليه أن لا ينصر رسوله، وأن يجعل الدائرة عليه وعلى المؤمنين"
(2)
.
أما إساءة الظن بالمسلمين عمومًا ففيها تفصيل؛ فإن كان ظنًا مقرونًا بدليل شرعي، وقرينة ظاهرة، فلا لوم على صاحبه، وإلا كان محرمًا منهيًا عنه، وتزيد الحرمة إن كان ظنًا بأهل الخير والصلاح والعلم والفضل.
(1)
المفردات في غريب القرآن (ص 317).
(2)
الصواعق المرسلة، لابن القيم (4/ 1356 - 1357).