الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
قاعدة الخوف الشركي أن يخاف العبد من غير الله أن يصيبه مكروه بمشيئته وقدرته وإن لم يباشره
وفيه مسائل:
*
المسألة الأولى * شرح ألفاظ القاعدة
معنى الخوف وأنواعه:
الْخَوْفُ مشتق من الأصل اللغوي (خَوِفَ)، يقال: خافَ يَخافُ خَوْفًا، ومنه التخْوِيفُ والإِخافَةُ، وطَرِيقٌ مَخُوْفٌ: يَخافُه الناسُ، ومُخِيفٌ: اسمُ فَاعِل يُخِيْفُ الناسَ، وخائف: ذو خَوْفٍ. وَخَوَّفْتُه: جَعَلْت فيه الخَوْفَ، وصَيَّرْتَه بحالٍ يَخَافُه الناسُ. والخِيْفَةُ: الخَوْفُ، وجَمْعُه خِيفٌ. وأخافَ الثغْرُ فهو مُخِيْفٌ. وخاوَفَني فَخُفْتُه أخُوْفُه. و (أخاف) اللصوص الطريق فالطريق (مُخَاف) على مَفْعَل بضم الميم، ويتعدى بالهمزة، والتضعيف فيقال: أخفته الأمر فخافه، وخوفته إياه فتخوفه
(1)
.
(1)
انظر: تاج العروس (11/ 370)، والمحكم والمحيط الأعظم (2/ 76)، وجمهرة =
وأما معنى هذا الأصل فقد ذكر ابن فارس أنه أصل واحد يدل على الذعر والفزع، والخوف: ضد الأمن
(1)
.
أما معنى الخوف الشرعي فهو حالة نفسية ملازمة للنفس المؤمنة سببها أمران:
أحدهما: معرفة العبد وعلمه بوعد الله ووعيده، وجزائه وعقابه.
والثاني: ثمرة العلم بقدرة الله وعظمته، وعزته وجلاله، وأنه الفعال لما يريد، وأنه المحرك للقلب المصرف له، المقلب له كيف يشاء، لا إله إلا هو، مشيئته نافذة، ولا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه وأمره
(2)
.
وبذلك يظهر مدى ارتباط الخوف بالعلم والمعرفة القلبية، وكونهما أصلًا محركًا للخوف؛ فلذلك لا يتصور أن ينفك مؤمن عن خوف من الله وإن ضعف إيمانه، ويكون ضعف خوفه بحسب ضعف معرفته وإيمانه، ثم إن كملت المعرفة في القلب أورثت جلال الخوف، وخضوع القلب ثم يفيض أثر ذلك من القلب على البدن، وعلى الجوارح، وعلى الصفات
(3)
.
وهذه المعرفة تحجز العبد عن مقارفة المعاصي، وتدفعه إلى فعل الطاعات، وهذا العلم والمعرفة هو أصل الخوف القلبي؛ إذ عبادة الخوف موردها القلب، ثم يظهر بعد ذلك أثره على الجوارح.
= اللغة (1/ 617)، والمعجم الوسيط (1/ 312)، والمصباح المنير (1/ 184)، والصحاح (4/ 1358)، ولسان العرب (4/ 248)، وأساس البلاغة (ص 119)، ومعجم الأفعال المتعدية بحرف (93)، غراس الأساس (ص 131).
(1)
مقاييس اللغة (2/ 230)، وانظر: تفسير البحر المحيط (1/ 312)، والمراجع السابقة.
(2)
انظر: طريق الهجرتين، لابن القيم (ص 425).
(3)
انظر: إحياء علوم الدين، للغزالي (4/ 161)، و (4/ 155 - 156).
ويقول الإمام ابن تيمية في معنى الخوف الشرعي: "حد الخوف ما حجزك عن معاصي الله، فما زاد على ذلك فهو غير محتاج إليه"
(1)
.
ويقول ابن القيم: "والخوف المحمود الصادق ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط"
(2)
.
وفي هذا التعريف والذي قبله بيان لمعنى الخوف بحسب مستلزماته وآثاره ونتائجه، وليس بيانًا للحقيقة.
وعرَّفه الشيخ العثيمين بقوله: "الخوف من الله تعالى؛ وهو الحالة النفسية التي تجعل المؤمن يقدر ربه حق قدره، ويعرفه معرفة تحول بينه وبين ارتكاب المعاصي، أو التمادي في ارتكابها، وتحول بينه وبين التقصير في الطاعات، أو التمادي في التقصير فيها"
(3)
.
هذا هو الخوف الشرعي خوف العبادة، ولزيادة التوضيح فقد قسَّم أهل العلم الخوف إلى أقسام باعتبارات عديدة، وفيما يلي تلخيص تلك الأقسام:
القسم الأول: الخوف الاعتقادي: وهو خوف التأله والتعبد والتعظيم، ويعرف عند أهل العلم بخوف السر، وهو اعتقاد قدرة في المخوف ومشيئة مستقلة يفعل بها ما يشاء، وهو من لوازم الألوهية، وينتج عن ذلك طاعة في الباطن، وخوف وخضوع سري يزجر صاحبه عن معصية من يخافه، ويجعله يلجأ إلى المخوف منه كما يلجأ إلى الله أو أشد. فمن خاف مخلوقًا أن يميته، أو يضره، أو يملك قطع رزقه، كان واقعًا في الخوف الشركي المخرج من الملة والعياذ بالله.
ويلحق بهذا الخوف الاعتقادي الشركي الخوف من غير الله المتعلق
(1)
مدارج السالكين (2/ 394).
(2)
مدارج السالكين (1/ 514)، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص 371).
(3)
شرح ثلاثة الأصول، لابن عثيمين (ص 52).
بالآخرة، كأن يخاف العبد من غيره سبحانه بأن لا ينفعه في الآخرة، فلأجل رغبته في نفعه له في الدار الآخرة، وأن يشفع له عند الله، وأن يقربه منه في دار الجزاء، وأن يبعد عنه عذاب جهنم خاف منه وصرف له هذه العبادة العظيمة
(1)
.
ولا شك أن هذا خوف إذا تعلق بالله تعالى فهو أصل من أصول الإيمان، ومن أعظم واجبات الدين. وأما إذا تعلق بغير الله تعالى كان من أصول الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ لأنه شرك في هذه العبادة التي هي من أعظم أعمال القلوب.
يقول الشيخ سليمان آل الشيخ في هذا النوع من الخوف: "وهذا الخوف لا يكون العبد مسلمًا إلا بإخلاصه لله تعالى، وإفراده بذلك دون من سواه"
(2)
.
ولا شك أن هذا النوع إذا تعلَّق بالله استلزم فعل الطاعات والأوامر، وترك المنكرات والنواهي، ونتج عنه قسم آخر للخوف وهو:
القسم الثاني: وهو خوف الوعيد الذي توعد الله به العصاة، وهو الذي قال الله فيه:{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)} [إبراهيم: 14]، وقال سبحانه:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} [الرحمن: 46]، وقال تعالى:{وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} [الإنسان: 7]، وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان، ونسبة الأول إليه كنسبة الإسلام إلى الإحسان، وإنما يكون محمودًا إذا لم يوقع في القنوط واليأس من روح الله، والتمادي في فعل المنكرات، فإذا وجد هذا الخوف المحمود في النفس، سكن القلب، واطمأن، وغلب عليه الفرح بنعمة الله، والرجاء لثوابه
(3)
.
(1)
انظر: التمهيد بشرح كتاب التوحيد (ص 369).
(2)
تيسير العزيز الحميد (ص 407).
(3)
انظر: تيسير العزيز الحميد (ص 407).
القسم الثالث: الخوف العملي: وهو الخوف من غير الله المؤدي إلى ترك الواجب، أو فعل المحرم بدافع الهوى والشهوة، وبدون عذر شرعي، فهذا النوع من الخوف ينافي كمال التوحيد الواجب، وهو في حكم الشرك الأصغر؛ وذلك لأن ترك الواجب وفعل المحرم خوفًا من ذم الناس، ومن ترك مدحهم له فيه تعظيم وتقديم لخوف الناس على خوف الله تعالى، ومن آثر خوف الناس على خوف الله فقد دخل بابًا من الشرك
(1)
.
وذلك كمن يترك ما يجب عليه من الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بغير عذر إلَّا لخوف من الناس، فهذا محرم، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)} [آل عمران: 175]، وهو الذي جاء فيه حديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكم نَفْسَهُ إِذَا رَأَى أَمْرًا للهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالًا فَلَا يَقُولُ بِهِ فَيَلْقَى اللهَ وَقَدْ أَضَاعَ ذَلِكَ فَيَقُولُ مَا مَنَعَكَ فَيَقُولُ خَشِيتُ النَّاسَ. فَيَقُولُ أَنَا كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى"
(2)
.
ويدخل في هذا النوع المحرم الخوف مما لم تجر العادة بكونه سببًا للخوف، فهذا نوع من الشرك الأصغر أيضًا؛ كمن يتطير ويتشاءم برؤية
(1)
انظر: فتح الحميد في شرح كتاب التوحيد، لعثمان بن منصور (3/ 1402)، والتمهيد بشرح كتاب التوحيد، لصالح آل الشيخ (ص 369).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 91)، برقم (11886)، وابن ماجه في سننه، كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (2/ 1328)، برقم (4008)، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 160) عقب ذكره الحديث:"ورواته ثقات"، وقال الكناني في مصباح الزجاجة (4/ 182):"هذا إسناد صحيح"؛ ومعناه كما قال الإمام أحمد بن حنبل: "وهذا فيمن يتركه خشية ملامة الناس وهو قادر على القيام به"، وقال الإمام ابن رجب بأنه محمول:"على أن يكون المانع له من الإنكار مجرد الهيبة دون الخوف المسقط للإنكار". [شعب الإيمان للبيهقي (6/ 90)، وجامع العلوم والحكم (ص 322)، وانظر: تيسير العزيز الحميد (ص 407)].
طير أو حيوان، فيبني على هذه الرؤية فعلًا أو تركًا، ولا شك في حرمة هذا النوع من الخوف.
القسم الرابع: خوف طبيعي مشترك وجوده بين كل البشر، بل يوجد في غير البشر من سائر الحيوان، فطر الله عليه النفس الحية، وهو خوف من الأسباب العادية التي جعل الله فيها ما يخاف ابن آدم منه، كأنه يخاف من النار أن تحرقه، أو يخاف من السبع أن يعدو عليه، أو من العقرب أن تلدغه، أو أن يخاف من ذي سلطان وغلبة وقهر أن يعتدي عليه ونحو ذلك مما يخاف منه عادة، فهذا النوع من الخوف الطبيعي لا يُنقص الإيمان؛ لأنه مما جبل الله جل وعلا الخلق عليه. وهو خوف ليس معه تأله للمخوف ولا تعظيم له، ولا صرف لصفتي القدرة والمشيئة لغيره سبحانه، وليس فيه تفريطًا في واجب، أو فعلًا لمحرم، وإنما هو خوف بدافع الجبلة عند شعورها بقدوم شر وأذى، أو بفقد خير ونعمة، وحكمه الجواز.
القسم الخامس: خوف وهمي خيالي لا حقيقة له، ولا أساس له في الواقع، وإنما هو مجرد وساوس وخيالات وحديث نفس، فهذا مما لا ينبغي التمادي والاسترسال معه، ويجب قطعه والتعوذ بالله منه؛ فإنه من صفات الأنفس الضعيفة، التي اتصفت بالجبن والخور، وليس من صفات أهل الإيمان والتوحيد والاعتصام بالله تعالى؛ فإن من خاف الله حق الخوف لم يخف بعده أحدًا، ومن لم يخفه أخافه من كل شيء، وما خاف أحدٌ غير الله إلا لنقص خوفه من الله
(1)
.
يقول الإمام القرافي: مبينًا حالات الخوف من حيث الجواز والمنع: "الفرق الخامس والستون والمائتان: بين قاعدة الخوف من غير الله تعالى المحرم وقاعدة الخوف من غير الله تعالى الذي لا يحرم: ورد قوله تعالى: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} [التوبة: 18]، وقوله تعالى: {فَلَا
(1)
انظر: بدائع الفوائد (2/ 463)، ومجموع الفتاوى (1/ 94).
تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [البقرة: 150]، وقوله تعالى:{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] ونحو ذلك من النصوص المانعة من خوف غير الله تعالى، وهو المستفيض على ألسنة الجمهور، وهذه النصوص محمولة على خوف غير الله تعالى المانع من فعل واجب أو ترك محرم، أو خوف مما لم تجر العادة بأنه سبب للخوف؛ كمن يتطير بما لا يخاف منه عادة، كالعبور بين الغنم يخاف لذلك أن لا تقضى حاجته بهذا السبب، فهذا كله خوف حرام.
ومما ورد في هذا الباب وقلَّ أن يتفطن له قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10] فمعنى هذا التشبيه في هذه الكاف قَلَّ مَنْ يُحَقِّقَهُ وهو قد ورد في هذا الباب في سياق الذم والإنكار، مع أن فتنة الناس مؤلمة وعذاب الله مؤلم، ومن شبه مؤلمًا بمؤلم كيف ينكر عليه هذا التشبيه، وَمَدْرَكُ الإنكار بَيِّن وهو أن الله تعالى وضع عذابه حاثًّا على طاعته، وزاجرًا عن معصيته، فمن جعل أذية الناس حاثة على طاعتهم في ارتكاب معصية الله تعالى، وزاجرة له عن طاعة الله تعالى فقد سوَّى بي عذاب الله وفتنة الناس في الحث والزجر، وشبه الفتنة بعذاب الله تعالى من هذا الوجه، والتشبيه من هذا الوجه حرام قطعًا، مُوْجِب للتحريم، واستحقاق الذم الشرعي، فأنكر على فاعله ذلك، وهو من باب خوف غير الله المحرم، وهو سر التشبيه ها هنا، وقد يكون الخوف من غير الله تعالى ليس محرمًا؛ كالخوف من الأسد، والحيات، والعقارب، والظلمة.
وقد يجب الخوف من غير الله تعالى كما أُمِرْنَا بالفرار من أرض الوباء، والخوف منها على أجسامنا من الأمراض والأسقام، وفي الحديث:"فر من المجذوم فرارك من الأسد"
(1)
. فصون النفس،
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب: الجذام (5/ 2158)، برقم (5380)، ولفظه: =
والأجسام، والمنافع، والأعضاء، والأموال، والإعراض عن الأسباب المفسدة واجب، وعلى هذه القواعد فقس يظهر لك ما يَحْرُم من الخوف من غير الله تعالى، وما لا يحرم، وحيث تكون الخشية من الخلق محرمة، وحيث لا تكون فاعلم ذلك"
(1)
.
وعليه فالخوف يختلف بحسب نوعه؛ فمنه ما هو عبادة، ومنه ما هو عادة، وقد فصل الشيخ السعدي هذه الأحوال بقوله: "اعلم أن الخوف والخشية تارة يقع عبادة، وتارة يقع طبيعة وعادة، وذلك بحسب أسبابه ومتعلقاته؛ فإن كان الخوف والخشية خوف تأله وتعبد، وتقرب بذلك الخوف إلى من يخافه، وكان يدعو إلى طاعة باطنة، وخوف سري يزجر عن معصية من يخافه، كان تعلقه بالله من أعظم واجبات القلب غير الله مع الله، وربما زاد خوفه من غير الله على خوفه من الله.
وأيضًا فمن خشي الله وحده على هذا الوجه فهو مخلص موحد، ومن خشي غيره فقد جعل لله ندًّا في الخشية، كمن جعل لله ندًّا في المحبة، وذلك كمن يخشى من صاحب القبر أن يوقع به مكروهًا، أو يغضب عليه فيسلبه نعمة أو نحو ذلك، مما هو واقع من عباد القبور.
وإن كان الخوف طبيعيًا كمن يخشى من عدو أو سبع أو حية أو نحو ذلك مما يخشى ضرره الظاهري، فهذا النوع ليس عبادة، وقد يوجد من كثير من المؤمنين ولا ينافي الإيمان.
وهذا إذا كان خوفًا محققًا قد انعقدت أسبابه فليس بمذموم، وإن كان هذا خوفًا وهميًا كالخوف الذي ليس له سبب أصلًا، أو له سبب
= (وفِرَّ مِنَ المَجْذُوم كَما تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ) من حديث أبي هريرة، وأخرجه بنفس اللفظ: الإمام أحمد في المسند (2/ 443)، برقم (9720)، والبيهقي في السُّنن (7/ 135)، برقم (13550)، ومصنف ابن أبي شيبة (5/ 142)، برقم (24543)، وتهذيب الآثار للطبري (3/ 17)، بكر قم (38).
(1)
الفروق (4/ 400 - 402).
ضعيف فهذا مذموم يدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ صلى الله عليه وسلم من الجبن
(1)
، فهو من الأخلاق الرذيلة"
(2)
.
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز مقسمًا الخوف إلى ثلاثة أقسام:
"القسم الأول: شرك أكبر.
والثاني: معصية وليس بشرك.
والثالث: جائز، بل مشروع للأخذ بالأسباب التي شرعها الله.
فالقسم الأول: أن تخاف الأصنام، أو أصحاب القبور، أو الأشجار، أو الأحجار، أو الجن، أو غيرهم من الغائبين أن يفعلوا بك ما يضرك؛ لاعتقاد أنهم يستطيعون ذلك بغير أسباب حسية، بل بقدرتهم الخاصة، فهذا هو الشرك الأكبر.
الثاني: أن تخاف من الأعداء أو بعض الأقارب أو غيرهم أن يفعلوا ما يستطيعون من الضرر بك، وهم أحياء قادرون فيحملك ذلك على فعل بعض المعاصي، أو ترك بعض الواجبات من أجل ذلك.
أما القسم الثالث: فهو يتعلق بالخوف الطبيعي لوجود أسبابه، كخوف الإنسان من اللصوص فيغلق بابه ويحفظ متاعه، ومن السباع والحيات والعقارب فيأخذ حذره منه بالأسباب الشرعية المباحة، وخوف الجوع فيأكل، وخوف الظمأ فيشرب، وأشباه ذلك"
(3)
.
وهذا الخوف الطبيعي لا يعد منقصة، ولا يذم صاحبه -على
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب: الاستعاذة من الجبن والكسل، (5/ 2342)، برقم (6008)، عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ إنّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الْهَمِّ والحَزَنِ والعَجْزِ والكَسَلِ والجُبْنِ والبُخْلِ وضَلَعِ الدَّيْن وغَلَبَة الرِّجال".
(2)
القول السديد في مقاصد التوحيد (ص 117 - 118).
(3)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، للعلامة ابن باز (8/ 281 - 282).