الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التسوية بين الخالق والمخلوق، مع ثبوت الفرق العظيم عقلًا ونقلًا وفطر"
(1)
.
2 -
يقول الإمام ابن تيمية: "وأصل ضلال المشركين أنهم ظنوا أن الشفاعة عند الله كالشفاعة عند غيره، وهذا أصل ضلال النصارى أيضًا، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ
…
} فمن ظن أنْ الشفاعة المعهودة من الخلق للخلق تنفع عند الله مثل أن يشفع الإنسان عند من يرجوه المشفوع إليه، أو يخافه، كما يشفع عند الملك ابنه، أو أخوه، أو أعوانه، أو نظراؤه الذين يخافهم، أو يرجوهم، فيجب سؤالهم لأجل رجائه وخوفه منهم فيمن يشفعون به عنده، وإن كان الملك أو الأمير أو غيرهما يكره الشفاعة فيمن شفعوا فيه، فيشفعهم فيه على كراهة منه، ويشفعون عنده أيضًا بغير إذنه، فالله تعالى هو رب كل شيء، ومليكه، وخالقه، فلا يشفع أحد عنده إلا بإذنه"
(2)
.
*
المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة
لقد عني أهل العلم رحمهم الله ببيان معنى القاعدة، وتوضيح العلاقة القوية، والصلة الرابطة بين التشبيه والشرك بالله تعالى في الربوبية، أو الألوهية، أو في الأسماء والصفات، وفيما يأتي أتعرض لبعض أقوالهم المؤيدة لمعنى القاعدة:
(1)
تفسير السعدي (ص 718).
(2)
تلخيص كتاب الاستغاثة (1/ 151).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأصل الشرك أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده"
(1)
.
ويقول الإمام ابن القيم: "وهذا التشبيه الذي أبطله الله سبحانه نفيًا ونهيًا هو أصل شرك العالم، وعبادة الأصنام، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد أحد لمخلوق مثله، أو يحلف بمخلوق مثله، أو يصلي إلى قبر، أو يتخذ عليه مسجدًا، أو يعلق عليه قنديلًا، أو يقول القائل: ما شاء الله وشاء فلان، ونحو ذلك حذرًا من هذا التشبيه الذي هو أصل الشرك"
(2)
.
ويقول رحمه الله أيضًا: "والمقصود أنه لم يكن في الأمم من مثله بخلقه، وجعل المخلوق أصلًا ثم شبهه به، وإنما كان التمثيل والتشبيه في الأمم حيث شبهوا أوثانهم ومعبوديهم به في الإلهية، وهذا التشبيه هو أصل عبادة الأصنام"
(3)
.
ويقول المقريزي: "اعلم أن حقيقة الشرك: تشبيه الخالق بالمخلوق، وتشبيه المخلوق بالخالق؛ أمّا الخالق: فإن المشرك شبّه المخلوق بالخالق في خصائص الإلهيّة، وهي التفرّد بملك الضّر والنفع، والعطاء والمنع، فمن علّق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى، وسوّى بين التراب وربّ الأرباب، فأي فجور وذنب أعظم من هذا؟ "
(4)
.
ويقول أيضًا: "وبالجملة؛ فالتَّشْبِيهُ والتَّشَبُّه هو حقيقة الشرك، ولذلك كان من ظن أنه إذا تقرب إلى غيره بعبادة ما يُقَرِّبَه ذلك الغير إليه تعالى فإنه يخطئ؛ لكونه شَبَّهَهُ به، وأخذ ما لا ينبغي أن يكون إلّا له، فالشرك منعه سبحانه وتعالى حقَّه، فهذا قبيح عقلًا وشرعًا، ولذلك لم يشرع ولم
(1)
الاستقامة (1/ 344)، وانظر: مجموع الفتاوى (13/ 19)، والدرر السنية (1/ 189).
(2)
إغاثة اللهفان لابن القيم (2/ 232 - 233).
(3)
المصدر نفسه (2/ 228).
(4)
تجريد التوحيد المفيد (ص 26).