المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌خطة التحقيق

- ‌عملي في التحقيق

- ‌الأمر بعد الحظر

- ‌إِذا علق الأمر على شرط هل يقتضي التكرار

- ‌الأمر المجرد عن القرائن هل يقتضي الفور

- ‌أدوات الشرط

- ‌الأمر بشيء معين هل هو نهي عن ضده أم لا

- ‌الأمرُ بالماهيةِ الكليةِ المطلقة

- ‌التأسيس والتأكيد

- ‌النهي هل يقتضي الفساد

- ‌التغرير

- ‌صيغ العموم

- ‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال

- ‌هل يدخل المخاطِب في متعلَّق عموم خطابه

- ‌الصور النادرة هل تدخل في الألفاظ العامة

- ‌هل تنزل الأكساب منزلة المال الحاضر

- ‌أقل الجمع

- ‌السؤال هل هو معاد في الجواب

- ‌الجواب المستقل

- ‌هل يدخل النساء في ضمير الرجال

- ‌الخطاب بالناس وبالمؤمنين

- ‌متعلق جناية العبد

- ‌المبعض

- ‌الأعمى

- ‌الألف واللام الداخلة على الأسماء

- ‌الاستثناء

- ‌الاستثناء المستغرق

- ‌الاستثناء المتعقب للجمل

- ‌الاستثناء من الإِثبات

- ‌حمل المطلق على المقيد

- ‌المطالبة بالبيان

- ‌التأويل

- ‌[دلالة الاقتضاء]

- ‌دلالة الإِشارة

- ‌الإِشارة والعبارة

- ‌النسخ

- ‌الزائل العائد

- ‌نسخ الفعل قبل علم المكلف

- ‌القياس

- ‌[ما يقاس عليه وما لا يصلح القياس عليه]

- ‌ضبط الأمور الخفية

- ‌[الوصف الحسي أولى من المعنوي]

- ‌يجوز التعليل بالوصف المركب

- ‌المعاملة بنقيض المقصود

- ‌ما ثبت على خلاف الدليل

- ‌القياس الجزئي

- ‌قياس غلبة الأشباه

- ‌الدائر بين أصلين

- ‌الإِبراء

- ‌مطلب: المغتاب

- ‌المتردد بين القرض والهبة

- ‌استعار شيئًا ليرهنه

- ‌الحوالة

- ‌الصداق

- ‌الظهار

- ‌نفقة الحامل

- ‌قاطع الطريق

- ‌النذر

- ‌اليمين المردودة

- ‌التدبير

- ‌قد يتجاذب الفرع أصلان

- ‌المقتضي والمانع

- ‌القادر على اليقين هل يأخذ بالظن

- ‌الاجتهاد

- ‌الواقعة إِذا تكررت

- ‌المصيب من المجتهدين واحد أم لا

- ‌قال الشافعي إِذا صح الحديث فهو مذهبي

- ‌ما يستثنى من القواعد المستقرة

- ‌الحقوق الواجبة على الإِنسان

- ‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

- ‌المسكن والخادم

- ‌حق الله وحق العباد

- ‌ما يسري

- ‌ما يتعدى حكمه إِلى الولد

- ‌ما يعتبر بالأبوين

- ‌إِقامة الشارع شيئًا مقام شيء

- ‌البدل مع مبدله

- ‌الزواجر والجوابر

- ‌ما يوجب الضمان

- ‌إِعواز المثل

الفصل: ‌النهي هل يقتضي الفساد

‌النهي هل يقتضي الفساد

؟ (1)

قاعدة: (2) في النهي عن الشيء هل يقتضي فساده؟ وهي مهمة وللعلماء في ذلك خلاف (3) وقاعدة مذهب الشافعي أن النهي عن الشيء إِن كان لعينه أو لوصفه اللازم له اقتضى الفساد، وإن كان (لأمر خارج)(4) منفك عنه في بعض موارده لم يقتض فسادًا سواء كان ذلك في العبادات أو العقود أو الإيقاعات (5).

فالأول كالصلاة بغير وضوء أو إِلى غير القبلة وبيع الميتة ونحوها ونكاح المحارم

(1) من حاشية المخطوطة انظر صفحة أ.

(2)

انظر في هذه القاعدة المعتمد ص 1 ص 183 والبرهان حـ 1 ص 283 والتبصرة ص 100 والمستصفى حـ 2 ص 24 وتيسير التحرير حـ 1 ص 376 والعدة فى أصول الفقه حـ 2 ص 432. والمسودة حـ 82 وشرح تنقيح الفصول ص 173 والإحكام حـ 2 ص 275 للآمدى والمنهاج وشرحه الإبهاج حـ 2 ص 67 وتحقيق المراد فى أن النهي يقتضي الفساد للعلائي مطبعة زيد بن ثابت سنة 1395 هـ.

(3)

حاصل هذا الخلاف يرجع إِلى أربعة مذاهب:

الأول: أنه يقتضي الفساد مطلقًا وهو مذهب جماهير الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة وأهل الظاهر.

الثاني: أنه لا يقتضي الفساد وهو مذهب أبي الحسن الكرخي من الحنفية وأبي عبد الله البصرى والقفال والقاضي عبد الجبار وعامة المتكلمين.

الثالث: التفصيل وهو أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه في العبادات دون المعاملات والإيقاعات وهذا مذهب أبي الحسين البصرى والرازى.

الرابع: وهو مذهب تفصيلي أيضًا لكن باعتبار آخر هو ما ذكر المؤلف هنا أنه قاعدة الشافعي وهو اختيار الآمدى وبعض الشافعية راجع المصادر الواردة في هامش 2.

(4)

في النسختين (وإن كان الأمر خارج) ولعل الأولى ما أثبت.

(5)

كالطلاق.

ص: 52

ونحوه، والثاني كصوم يوم العيد وبيع الملامسة (1) والمنابذة (2) والحصاة (3) والطير في الهواء ونكاح الشغار (4) وعقود الربا ونحوه.

(1) عرفها الشافعي رحمه بقوله:

أن يأتي الرجل بثوبه مطويًّا فيلمسه المشترى أو في ظلمة فيقول أبيعك هذا على أنه إِذا وجب البيع فنظرك إليه اللمس لا خيار لك إذا نظرت إلى جوفه أو طوله أو عرضه هذا نصه في مختصر المزني ص 88 وله صور عديدة ترجع إلى أصلها وهو مجرد اللمس دون النظر إليه وهو بيع يحتوى على غرر. راجع النظم المستعذب حـ 1 ص 266 بحاشية المهذب.

(2)

المنابذة من النبذ وهو الطرح والإلقاء وهذا في اللغة راجع مادة نبذ فى مختار الصحاح باب النون وأما عند الشافعية فقد نص الشافعي في المختصر حـ 88 أن المنابذة هي: أن أنبذ إليك ثوبين على أن كل واحد منهما بالآخر ولا خيار، أو أنبذه إِليك بثمن معلوم. اهـ. ولها صور عديدة أيضًا ترجع إِلى الطرح والإلقاء وكلها تشتمل على جهل وغرر راجع النظم المستعذب حـ 1 ص 266 والشرح الكبير حـ 1 ص 193 وقد ذكر الرافعي أن من صورها ما يوافق بيع المعاطاة.

(3)

بيع الحصاة له ثلاثة تفسيرات كلها باطلة عند فقهاء الشافعية أحدها: أن يقول أي ثوب رميت عليه حصاة فقد بعتكه بمائة.

الثاني: يقول بعتك هذا الثوب بمائة على أني متى رميت عليك بحصاة فقد انقطع الخيار.

الثالث: أن يقول بعتك ثوبًا من هذه الأثواب وارم بهذه الحصاة فعلى أيها رميت فهو المبيع.

وله صور غير ما ذكرتُ ها راجع الشرح الكبير حـ 9 ص 193 - 194 المستعذب حـ 1 ص 266، 267. بحاشية المهذب.

(4)

نكاح الشِّغار: أصل الشغار في اللغة الخلو ومنه شغر البلد إِذا خلا من الناس ويقال شغر الكلب إِذا رفع إِحدى رجليه عند البول. وهو في المعنى الاصطلاحي يدور حول المعنى اللغوى فقد عرفه الإمام الشافعي في مختصر المزني ص 174 بقوله: إِذا أنكح الرجل ابنته أو المرأة يلي أمرها الرجل على أن ينكحه الرجل ابنته أو المرأة يلي أمرها على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ولم يسم لكل واحدة منهما صداقا فهذا الشغار. وعرفه فى الأم ص 5 ص 174 بقوله: والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته وليس بينهما صداق وهو عنده فاسد يجب فسخه فإِن دخل بها فلها المهر بالوطء ويفرق بينهما راجع المصدر السابق.

ص: 53

والثالث كالصلاة في الدار المغصوبة والوضوء بالماء المغصوب والذبح بسكين مغصوب ونحوه ذلك كالبيع في وقت النداء (1) والطلاق في طهر جامعها فيه وما أشبه (2) ذلك.

كطلاق الحائض لما فيه (3) من تطويل العدة والبيع على بيع الغير لما فيه من الإضرار وما أشبه ذلك كان النهي غير مقتض للفساد إِلا أن يجيء سبب آخر كتفريق الوالدة (4) عن ولدها بالبيع حيث لا يجوز ومقتضاه أن لا يفسد العقد الا أنهم قالوا بالبطلان لأن تسليم المبيع فيه منهي عنه (معجوز)(5) والمعجوز (عنه)(6) شرعًا كالمعجوز عنه

(1) انظر الأم حـ 1 ص 195 فقد نص الشافعي على أن البيع وقت النداء -وهو عنده جلوس الإمام على المنبر ودخول وقت الزوال- محرم ونص أن العقد صحيح غير مفسوخ.

(2)

نهاية صفحة أمن لوحة 85.

(3)

انظر الأم حـ 5 ص 180 فقد نص الشافعي على أن طلاق الحائض يقع عليها كما نص على أنه منهي عنه لأنه ضرر عليها اهـ. وهو من أقسام الطلاق المحرم انظر شرح النووي على صحيح مسلم ص 10 ص 62/ 61 والروضة حـ 8 ص 42.

(4)

انظر هذا الفرع في الشرح الكبير حـ 8 ص 327/ 326 والمجموع حـ 9 ص 360/ 361 وللشافعية في صحة العقد عند التفريق طريقان كما حكاهما النووى: اِحداهما القطع بأن البيع باطل ونص فقهاؤهم على أن السبب هو العجز الشرعي عن تسليم المبيع لورود أحاديث تنهى عن تسليمه حالة التفريق.

والطريق الثاني: أن في صحة العقد حالة التفريق قولان حكاهما الخراسانيون من فقهائهم الصحيح منها عدم صحة البيع لما سبق في الطريقة الأولى والثانية صحة العقد وذلك لرجوع النهي إلى أمر خارج عن ذات البيع ووصفه وهو الإضرار. ولفظ المؤلف هنا يشير بأنه ليس للشافعية قول آخر غير قول البطلان. والذي يظهر من نصوص الفقهاء أن السلعة في التحريم مركبة من النهي الوارد ومن العجز عن التسليم والله أعلم.

(5)

في النسختين "معجوم" والتصحيح من مخطوطة العلائي انظر لوحة 9 كما أن السياق يقتضيه.

(6)

ساقطة من الثانية.

ص: 54

حسًا، ومن شرط المبيع أن يكون مقدورًا على تسليمه فبطل لهذا المعنى لا للنهي وهذا على القول الأصح. ومثلها بيع السلاح (1) من أهل الحرب لأن التسليم ممنوع منه. ومثلها هبة المحتاج إِلى الماء في الوضوء ماء لغير محتاج إِليه فيه وجهان: الأصح المنع لتعذر التسليم.

ومنها: حيث منع الحاكم من قبول الهدية فالأصح أنه لا يملكها. ومما ينبني على أن النهي عن الشيء لوصفه اللازم يقتضي الفساد أن العاصي بسفره (2) لا يجوز له الترخص بشيء من رخص السفر كقاطع الطريق ونحوه (3).

لأن السفر محرم عليه لوصفه الذى أنشأه لأجله ففي إباحة الرخص له إِعانة على المعصية بل حكو في أكله الميتة عند الاضطرار (4) وجهين من جهة أن ذلك لا يختص بالسفر بل يجوز في الحضر والأصح (5) أنه لا يجوز لأنه قادر على الاستباحة بالتوبة. وقد اُعْتُرِض (6) على المذهب باتفاقهم على أن ذبح شاة غيره عدوانًا يحل أكلها في

(1) انظر هذا الفرع في المجموع حـ 9 ص 354 وفيه وجه أنه يصح مع أنه حرام وهذا يؤيد جعله من هذا القسم. ونص الفقهاء الشافعية على أن عدم صحة البيع راجعة للعجز عن تسليم المبيع لا للنهي راجع المصدر السابق.

(2)

انظر هذا الفرع في الشرح الكبير حـ 4 ص 456 والمجموع حـ 4 ص 345 ولم يخالف في استباحة العاصي لرخص السفر إِلا المزني أعني داخل مذهب الشافعية.

(3)

كالذى أنشأ سفرًا من أجل أن يقتل بريئًا، أو يزني بامرأة وكالعبد الآبق.

(4)

انظر في هذا الفرع الشرح الكبير حـ 4 ص 457 والمجموع حـ 4 ص 345 لم 346.

(5)

قال الرافعى والنووى -راجع الإحالة السابقة-. وهو المذهب وبه قطع عامة الأصحاب بل نقل الرافعي عنهم نفي الخلاف في هذه المسألة.

ونقل عن إمام الحرمين وغيره وجهًا أنه يجوز له تناول الميتة لإحياء النفس المشرفة على الهلاك، ولأنه ليس هذا خاصًا بالسفر كما ذكره هنا المؤلف متابعًا فيه للعلائي في قواعده مخطوطة لوحة 10.

(6)

انظر هذا الاعتراض والجواب عليه بنصه في تحقيق المراد ص 202/ 203.

ص: 55

الجملة (1). ولا يكون كذكاة المجوسي (2). مع أن هذا منهي عنه لوصفه اللازم وهو كونها ملكًا للغير.

وجوابه أن المعتبر في حل الذبيحة كون المذكي من أهل الذكاة وكذا الآلة التي يذبح بها، وأما التعدى بذلك فهو أمر خارج عن الحقيقة لا تعلق له بحل الذكاة وهي باقية على ملك مالكها والمتعدي بالذبح يلزمه ما نقص من قيمتها بالذبح والحل والتحريم أمر آخر غير مختص بهذه الصورة بخلاف ذكاة المجوسي والوثني، والذكاة بالسن والظفر، فإِن النهي لما ورد في هذه الصورة راجعًا إِلى الوصف قال الشافعي (3). بعدم الحل طردًا لأصله. والله أعلم.

وتتعلق بهذه القاعدة فوائد: الأولى (4) لا ريب أن الفساد إِنما يظهر إِذا كان النهي للتحريم لما بين الصحة والتحريم من التضاد، أما نهي الكراهة فالذى صرح به جماعة أنه لا خلاف فيه إِذ لا تضاد بين الاعتداد بالشيء مع كونه مكروهًا وعلى ذلك بنى أصحابنا الصلاة في الدار المغصوبة والحمام وأعطان الإبل والمقبرة ونحوها مع القول بالكراهة وصرح الغزالي (5) بأن ذلك جار أيضًا في (نهي)(6) الكراهة قال (7) فكما يتضاد الحرام والواجب كذا يتضاد الواجب والمكروه، فلا يكون الشيء واجبًا مكروهًا

(1) انظر هذا الفرع في المجموع ص حـ 78 وقد حكاه النووي بالاتفاق.

(2)

نسبة إِلى المجوسية بفتح الميم وهي نِحلة من النحل أثبتوا في الكون خالقين يديران أمره يقتسمان الخير والشر والضر والنفع يسمون أحدهما النور والآخر الظلمة وهم فرق عدة انظر الملل والنحل حـ 1 ص 230 واعتقادات الفرق حـ 89 وأديان العرب في الجاهلية ص 190.

(3)

انظر مختصر المزني ص 282.

(4)

انظر هذه الفائدة مفصلة في تحقيق المراد ص 63/ 66.

(5)

انظر المستصفى حـ 1 ص 79.

(6)

من هامش المخطوطة مشار إِليها بسهم في الصلب وفي الثانية كتبت فوق السطر (90 ب).

(7)

يعني الغزالي وهو مأخوذ بالنص. راجع المستصفى الإحالة السابقة وراجع أيضًا قواعد العلائي لوحة 10.

ص: 56

وتبعه على ذلك ابن الصلاح (1) فإِنه ذكر الوجهين فيما إِذا تحرم بالصلاة غير ذات السبب في أحد الأوقات المكروهة.

ثم قال (2) مأخذ الوجهين أن النهي هل يعود إِلى نفس الصلاة أم إِلى خارج عنها؟ ولا يتخرج هذا على (أن)(3) النهي للتحريم أو للتنزيه؛ لأن النهي عن التنزيه أيضًا يضاد الصحة إذا رجع إِلى نفس الصلاة لأنها لو صحت لكانت عبادة مأمورًا بها والأمر والنهي الراجعان إِلى الشيء الواحد يتناقضان (4).

فتحصلنا على قولين في نهي الكراهة (الراجع)(5) إِلى ذات المنهى عنه أو وصفه اللازم لكن ذلك في العبادات (6) المتصفة بالوجوب، أما في العقود

(1) انظر ما ذكره ابن الصلاح هنا بنصه في كتابه شرح الوسيط حـ 1 لوحة 120 صفحة أمخطوطة بدار الكتب رقم 319 ونصه: "ثم الوجهان المذكوران في انعقاد الصلاة في هذه الأوقات -يعني الأوقات المكروهة- مأخذهما أن النهي راجع إِلى نفس الصلاة أو إلى أمر خارج وهذا لا يحملنا على أن نقول هذه الكراهة كراهة تحريم خلافًا لما دل عليه إطلاقهم من أنها كراهة تنزيه وذلك أن نهي التنزيه أيضًا يضاد الصحة إذا رجع إِلى نفس الصلاة فإنها لو صحت لكانت عبادة مأمورًا بها والأمر والنهي الراجعان إِلى نفس الشيء يتناقضان على ما تقرر في أصول الفقه" اهـ نصه.

(2)

راجع نفس نصه الوارد في الهامشى السابق.

(3)

ما بين القوسين من هامش المخطوطة مشار إِليه بسهم في الصلب.

(4)

نهاية لوحة 85.

(5)

في النسختين الراجح والتصحيح من قواعد العلائي مخطوطة لوحة 10 كما أن السياق يقتضيه.

(6)

انظر جمع الجوامع مع شرحه للجلال المحلي حـ 1 ص 393 وقد صحح ابن السبكي والمحلي أن نهي الكراهة يقتضي أيضًا الفساد في العبادات. والذي عليه جمهورهم أن صحة الصلاة في الدار المغصوبة وأعطان الإبل ونحوها وصحة الوضوء بالماء المغصوب والسترة المغصوبة ليس لأن النهي للكراهة وإنما لأنه عائد على أمر خارج عن ذات المنهي عنه أو وصفه كما تدل عليه تفريعاتُهم الفقهية. =

ص: 57

(والإيقاعات)(1) فلا تضاد بين الكراهة والصحة كما بين الوجوب والكراهة لأن صحة العقود والإيقاعات لا تستدعي رجحان الطلب بخلاف الوجوب وذلك ظاهر.

الفاثدة الثانية: إِذا قلنا بأن النهي المقتضي للفساد هو نهي التحريم دون الكراهة والنهي المطلق حقيقته التحريم (2) إِنما هو في صيغة لا تفعل كما أن الأمر (3) هو حقيقة في الوجوب فقط هو صيغة إِفعل على الصحيح (4) الذى اختاره المحققون (5). فأما قولُ الصحابي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكذا من غير ذكر صيغة فإِنه على هذا القول مشترك بين

= انظر المستصفى للغزالي حـ 1 ص 79 وجمع الجوامع مع شرحه المحلي حـ 1 ص 393/ 395 حاشية البناني والمهذب حـ 1 ص 64/ 66.

(1)

في النسختين: الانتفاعات ولعل الأولى ما أثبت وانظر أيضًا قواعد العلائي لوحة 10.

(2)

هكذا في النسختين ولعل الأولى إِضافة لفظ الذي ليصبح النص: والنهي المطلق الذي حقيقته التحريم إِنما هو في صيغة لا تفعل. وانظر النص في مجموع العلائي لوحة 10.

(3)

هكذا في النسختين والأولى زيادة لفظ الذي ليصبح النص كما أن الأمر الذي هو حقيقة في الوجوب فقط هو صيغة افعل. انظر النص في قواعد العلائي لوحة 10.

(4)

هاتان المسألتان مبنيتان على أن للأمر والنهي صيفة خاصة في وضع اللغة تدل عليهما والذي ذكره المؤلف هنا هو واحد من عدة مذاهب ذكرها الأصوليون في هذه المسألة راجع المحصول ص 2 ق 2 ص 66 والمستصفى حـ 1 ص 407 وما بعدها والإبهاج حـ 2 ص 22 وما بعدها وجمع الجوامع حـ 1 ص 375 وما بعدها بشرح المحلي.

والكلام في صيغة النهي وفي دلالتها هو فرع عن الكلام في الأمر وقد جرت عادة الأصوليين في الكلام على النهي أن يحيلوا على الأمر الغزالي في المنخول ص 126 والمستصفى ص 2 ص 24 والآمدي في الإحكام حـ 2 ص 274 والرازي في المحصول حـ 1 ق 2 ص 469 والإبهاج حـ 2 ص 66.

(5)

كالفخر الرازي في الحصول حـ 2 ق 2 ص 66 والبيضاوي في المنهاج حـ 2 ص 21 مع شرحه الإبهاج والشيخ أبي إسحاق في التبصرة ص 26 وابن الحاجب في مختصر المنتهى حـ 2 حـ 79 بشرح العضد.

ص: 58

الوجوب والندب (1). فكذا قولهم نهى عن كذا يكون مشتركًا بين التحريم والكراهة فلا يقتضي هنا اللفظ فساد المنهي عنه إِلا إِذا قيل بأن نهي التنزيه يقتضي الفساد.

كما قاله (2) الغزالي وابن الصلاح وحينئذ من استدل لبطلان بيع الغائب ونحوه (3) بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغرر (4) ضعيف لأن مثل هذه الصيغة مشتركة بين التحريم والكراهة كما قاله المحققون والنهي المقتضي للفساد إِنما هو نهي التحريم فلا يكون قرله "نهى عن بيع الغرر" مقتضيًا للفساد في كل

(1) لم أعثر على مستند -على حسب علمي- لما نقله المؤلف هنا والعلائي في قواعده لوحة 10 من أن الأمر الذي حقيقته الوجوب إِنما هو في صيغة "إِفعل" وكذا النهي الذي حقيقته التحريم إنما هو في صيغة "لا تفعل" بل نص الغزالي وقبله إمام الحرمين على أن قول القائل أوجبت عليك أو أمرتك أو نهيتك أو حرمت عليك هو أمرٌ دال على الوجوب ونهيٌ دال على التحريم من غير منازع بل نصَّ الغزالي على أن قول الصحابي: أمرت بكذا أنه دال على الوجوب من غير منازع، وهكذا أشار الأصوليون إلى هذا المعنى لأنهم إنما نصبوا الخلاف في الأمر المجرد عن القرائن "افعل" والنهي المجرد عن القرائن "لا تفعل" والله أعلم.

راجع المستصفى حـ 1 ص 417 والبرهان حـ 1 ص 214.

(2)

راجع ما سبق في الفائدة الأولى.

(3)

من البيوع المشتملة على غرر وجهالة كبيع المعدوم والمجهول وما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء.

(4)

أخرج هذا الحديث عن أبي هريرة مسلم في صحيحه كتاب البيوع 21 باب 82 بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر "بلفظ" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وبيع الغرر "وأخرجه عنه أبو داود في سننه كتاب البيوع والإجارات 17 باب بيع الغرر رقم 25 حديث رقم 3376 بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر" وأخرجه عنه الترمذي في سننه كتاب البيوع 12 ما جاء في كراهية بيع الغرر 17 بلفظ مسلم السابق وقال: حسن صحيح حديث رقم 1230 وأخرجه عنه ابن ماجه في سننه التجارات 12 باب النهي عن بيع الحصاة وبيع الغرر 23 بلفظ مسلم والترمذي حديث رقم 2194، وأخرجه عنه النسائي في سننه كتاب البيوع 44 باب بيع الحصاة 27 بلفظ "نهى عن بيع الغرر"

ص: 59

ما يتصفى به أنه غرر (1) إِلا أن يرد نهي خاص فيه بصيغة لا تفعل.

الفائدة الثالثة:

مما يبين أن المنهي عنه لوصفه الخارج عنه لا يقتضي الفساد إِثباتُ النبي صلى الله عليه وسلم فيه الخيار كما في حديث (2) المصراة، وقوله عليه الصلاة والسلام "لا تلقوا الركبان فمن

(1) هكذا سار المؤلف في ضرب الأمثلة الفقهية على التفصيل المذكور في النهي المقتضي للفساد ونسبة ذلك إِلى المحققين مع أن جمهور الشافعية في كتبهم الأصولية والفقهية لم يفرقوا هذه التفرقة واستدلوا لبطلان البيوع المشتملة على غرر بحديث أبي هريرة المذكور في النص هنا. وإنما يفرقون بين النهي العائد إلى ذات المنهي عنه، أو وصفه اللازم فيجعلونه مقتضياً للفساد، وبين النهي العائد إِلى أمر خارج عن ذات المنهي عنه فيجعلونه غير مقتضي للفساد. دون نظر إلى اللفظ جريًا على قاعدة الشافعي هنا بل سبق أن بينت راجع ص 59 أن الغزالي نص على أن قول الصحابي "نهى" في الدلالة على التحريم كقوله "لا تفعل" انظر بالإضافة إلى المصادر السابقة المهذب حـ 1 ص 262 وشرحه المجموع حـ 9 ص 288 والوجيز حـ 1 ص 138 والمنهاج وشرحه مغني المحتاج حـ 2 ص 30 وما بعدها. والله سبحانه أعلم.

(2)

حديث المصراة ورد بروايات عدة ومن طرق عديدة منها ما اتفق عليه الشيخان وهي رواية أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ "لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر صحيح البخاري كتاب البيوع باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وصحيح مسلم كتاب البيوع باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه. وتحريم النجش وتحريم التصرية وبلفظ قريب من لفظ الشيخين، أخرجه الترمذى في سننه عن أبي هريرة أيضًا باب 29 حديث رقم 1269 وأخرجه مسلم أيضًا في صحيحه كتاب البيوع باب حكم بيع التصرية عن أبي هريرة كذلك بلفظ: من ابتاع شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها صاعًا من طعام لا سمراء" وبهذه الرواية وعن أبي هريرية أيضًا أخرجه الترمذى في سننه حديث 1270 وقال: هذا حديث حسن صحيح وأخرجه بهذه الرواية عنه البخارى الإحالة السابقة إلا أنه علقها قال: والتمر أكثر وأخرجه الشافعي في الأم حـ 3 ص 68 بلفظ: من اشترى شاة محفلة فهو بخير النظرين ثلاثة أيام إِن شاء ردها ورد معها صاعًا من تمر أو من شعير" وأخرج البخارى حديث المصراة أيضًا عن ابن مسعود وفيه الصاع مطلقًا، كتاب البيوع باب النهي للبائع أن لا =

ص: 60

اشترى منه شيئًا فصاحبه إِذا ورد السوق بالخيار" (1) فلو كان مثل ذلك يقتضي الفساد لما ثبت الخيار (2).

= يحفل الإبل والبقر والغنم. وأخرجه أبو داود في سننه كتاب البيوع باب من اشترى مصراة فكرهها عن أبي هريرة بسنده بلفظ: ولا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر" حديث 3443 وبلفظ أبي داود هذا أخرجه النسائي في سننه كتاب البيوع عن أبي هريرة باب النهي عن المصراة وأخرجه البيهقي في سننه حـ 5 ص 318/ 319. هذا وقد تكلم بعض العلماء على هذا الحديث فى بعض رواياته من جهة السند والمتن وأعله بالاضطراب، وقد دافع الحافظ ابن حجر عنه دفاعًا مجيدًا راجع ذلك مفصلاً في فتح البارى س 5 ص 268 مطبقة الحلبي. وانظر أيضًا شرح النووى على صحيح مسلم حـ 10 ص 167 دار الفكر.

(1)

هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة بسنده في كتاب البيوع 21 باب تحريم تلقي الجلب 5 حديث 17 بلفظ: لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإِذا أتى سيده السوق فهو بالخيار" وأخرجه البخارى فى صحيحه كتاب البيوع 34 باب النهي عن تلقي الركبان عن ابن عمر بسنده موصولًا بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تلقوا السلع حتى يُهْبَطُ بها إِلى السرق" وفي رواية له نفس الإحالة عن ابن عمر أيضًا أخرجها فى باب منتهى التلقي: كنا نتلقى الركبان فنشترى منهم الطعام فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى يبلغ السوق الطعام وأبو داود في سننه كتاب البيوع والإجارات 17 باب فى التلقية عن ابن عمر بلفظ: "ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إِلى الأسواق. . " والترمذى من حديث باب ما جاء في كراهية تلقي البيوع عن أبي هريرة حديث رقم 1220/ 1221، وابن ماجه في كتاب التجارات باب النهي عن تلقي الجلب بلفظ: "ولا تلقوا الأجلاب وفيه فصاحبه بالخيار إِذا أتى السوق" والدارمي في سننه باب النهي عن تلقي البيع عن أبي هريرة بلفظ: لا تلقوا الجلب إِلى قوله. . فهر بالخيار إِذا دخل السرق. حديث رقم 2569 ومالك في الموطأ كتاب البيوع 31 باب ما ينهي عنه من المساومة والمبايعة 45 حديث رقم 96 بلفظ: " ولا تلقوا الركبان للبيع " وأخرجه أحمد في مسنده حـ 1 ص 368. عن ابن عباس.

(2)

انظر الوجيز حـ 1 ص 139 والمنهاج مع شرحه مغني المحتاج حـ 2 ص 36 وقد جعل النووى والخطيب الشربيني تلقى الركبان من البيوع التي رجع النهي فيها إِلى أمر خارج عن ذات البيع أو وصفه والتي لا يقتضي. . النهي فيها فساد العقد.

ص: 61