الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التدبير
(1)
ومن المسائل (2) المترددة بين أصلين التدبير (3) هل هو وصية أو تعليق عتق بصفة وفيه قولان، القديم وأحد قولي الجديد أنه وصية (4) لأنه تبرع بعد الموت يعتبر من الثلث، والثاني من قولي الجديد أنه تعليق عتق بصفة كما لو علقه بموت الغير؛ لأن الصيغة صيغة تعليق وحكم اللفظ يؤخذ من صيغته، ولأنه لا يحتاج إِلى إِحداث شيء بعد الموت. واختار الأول المزنى (5) ورجحه الروياني (6) والقاضي أبو الطيب
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر الخلاف في هذه المسألة وما يتفرع عليه في بحر المهذب مخطوط بدار الكتب رقم 22 جزء من تسعة أجزاء لوحة 25/ 26. وقد بسط الخلاف في هذه المسألة ونقل فيها أقوال الشافعي. والبسيط للغزالي الجزء الأخير مخطوط بدار الكتب رقم 223. لوحة 220. وكفاية النبيه لابن الرفعة جـ 5 لوحة 300 مخطوط بدار الكتب. روضة الطالبين جـ 12 ص 195 وما بعدها، مجموع العلائي لوحة 90.
(3)
وللتردد في التدبير سبب وهو كما قال الغزالي في كتابه البسيط لوحة 220 أن صيغته صيغة التعليق، ولكن معناه معنى الوصية إذا ثبت للعبد حقًا عند موته فتردد قول الشافعي بين النظر إِلى المعنى واللفظ أهـ. بنصه. والتدبير في اللغة كما قال الرازى في مختار الصحاح هو النظر في ما تؤول إليه العاقبة، وفي اصطلاح الفقهاء كما عرفه الخطيب الشربيني في مغني المحتاج جـ 4 ص 509 هو تعليق عتق بالموت الذى هو دبر الحياة. وهو بهذا يشير إِلى سبب التسمية. قال في النظم المستعذب جـ 2 ص 6 بحاشية المهذب نقلاً عن القتبي: التدبير مأخوذ من الدبر لأنه عتق بعد الموت، والموت دبر الحياة. أهـ. وانظر معنى التدبير أيضًا في المصباح المنير جـ 1 ص 202.
(4)
انظر قوله في الجديد في الأم جـ 8 ص 27. وانظر مختصر المزني ص 322 وقد نقل قول الشافعي في القديم أيضًا.
(5)
انظر ما اختاره المزني هنا في مختصره ص 322 ونص اختياره: وقوله في الجديد والقديم بالرجوع فيه كالوصايا معتدل مستقيم.
(6)
انظر ترجيح الروياني هنا في كتابه البحر مخطوط بدار الكتب لوحة 26.
وغيرهما (1)، ورجح القول الثاني الأكثرون (2) (وقالوا) (3) إنه المنصوص في أكثر كتبه الجديدة. ويتفرع على القولين مسائل منها: الرجوع عن التدبير، إِن قلنا أنه وصية يجوز، وإن قلنا تعليق عتق بصفة فلا كما في سائر التعاليق، والأظهر (4) أنه لا فرق في ذلك بين التدبير والمطلق والمقيد كما إِذا قال: إِن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر. ومنها: إِذا وهب المدبر ولم يقبضه، إِن قلنا التدبير وصية حصل الرجوع وإن قلنا تعليق لم يحصل على الصحيح.
ومنها: البيع بشرط الخيار إِذا قلنا أنه يزيل الملك هل يبطل به التدبير قبل لزوم الملك؟ فيه تردد، والذى جزم به البغوى (5) أنه يقطع التدبير على القولين، ويظهر أثر القول بأنه لا يبطل إِذا فسخ البيع وقلنا بأنه إِذا لزم البيع ثم عاد إِلى ملكه فالتدبير منقطع، فلو زال على الجواز ثم عاد قبل اللوزم فهل يحكم بانقطاع التدبير؟. فيه تردد (6).
(1) كالشيخ أبي إِسحاق الشيرازى في التنبيه ص 145. والمهذب جـ 2 ص 6.
(2)
منهم الرافعي والنووى راجع روضة الطالبين جـ 12 ص 194. وهو المنقول في كتب المتأخرين راجع مغني المحتاج جـ 4 ص 509. والإقناع للخطيب بهامش تحفة الحبيب جـ 4 ص 38. وتحفة الحبيب أيضًا الإحالة السابقة.
(3)
في النسختين "قال" والتصويب من قواعد العلائي لوحة 9 صفحة (أ).
(4)
وهو المذهب عند فقهاء الشافعية كما هي عبارة روضة الطالبين جـ 12 ص 195. وفيه وجه آخر عندهم وهو أن الخلاف إِنما يختص بالتدبير المطلق، أما المقيد وهو ما مثل له المؤلف هنا فيقطع فيه بمنع الرجوع.
(5)
انظر ما جزم به البغوى هنا في روضة الطالبين جـ 12 عى 195.
(6)
حاصله كما هو في الروضة الإحالة السابقة: أنه إن قلنا وصية لم يعد التدبير كما لو أوصى بشيء ثم باعه، ثم ملكه. وإن قلنا تعليق فعلى الخلاف في عود الحنث، والأظهر فيه أنه لا يعود فكذلك التدبير لا يعود. وراجع أيضًا البسيط لوحة 220 الجزء الأخير مخطوط رقم 223 فقد صرح بنحو ما في الروضة.
ومنها: رهن المدبر فيه طرق (1) المذهب أنه على القولين، إِن قلنا وصية كان رجوعًا، أو تعليق عتق بصفة فلا. والثانية القطع بأنه ليس برجوع على القولين لأنه لا يزيل الملك، والثالثة بالقطع بأنه رجوع.
ومنها العَرْض (2) على البيع والتوكيل فيه ونحو ذلك (3)، إن قلنا تعليق فليس برجوع، وإن قلنا وصية فوجهان والأصح أنه رجوع. ومنها الوطء وليس برجوع على القولين؛ لأن غايته أن تحبل منه فتصير أم ولد فتعتق أيضًا بالموت بخلاف الوصية للغير فإِن الوطء مع الإِنزال يدل على قصد الإمساك ومنها: إِذا كاتبه ففي رفع التدبير وجهان، إِن جعلناه وصية إرتفع كما لو أوصى لإِنسان بعبد ثم كاتبه، وإن قلنا تعليق فلا؛ لأن مقصود الكتابة العتق وقال القاضي أبو حامد يسأل عن كتابته، فإِن أراد الرجوع ففي ارتفاعه القولان، وإن قال لم أقصد الرجوع فهو مدبر مكاتب على القولين. وقال ابن كج يرتفع التدبير كالبيع لأن العبد يملك نفسه، وخرَّج الإمام على الكتابة ما لو علق عتق المدبر بصفة؛ لأن ذلك يقتضي الرجوع عن الوصية، والذى جزم به البغوى أن ذلك لا يكون رجوعًا عن التدبير فإِن وجدت الصفة قبل الموت عتق (4). وهذا هو الأرجح.
ومنها: إِذا ادعى العبد على سيده أنه دبره ففي سماع ذلك خلاف، إِن قلنا تعليق
(1) انظر هذا الفرع بهذا التفصيل في المهذب جـ 1 ص 308 وشرح الرافعي الكبير جـ 10 ص 13/ 15. وروضة الطالبين جـ 12 ص 195. وانظر أيضًا كفاية النبيه جـ 7 لوحة 16 مخطوط رقم 433 وقد خرجه على الخلاف في هذا الأصل.
(2)
المراد به التوسل إِلى أمر يحصل به الرجوع.
(3)
مما يحصل به الرجوع في الوصية وهي أمور كثيرة راجعها مفصلة في روضة الطالبين جـ 6 ص 304/ 305.
(4)
انظر هذه الفروع متصلة بنحو هذه التفاصيل في روضة الطالبين جـ 12 ص 195/ 197.
عتق بصفة فتسمع؛ لأن السيد لا يملك الرجوع فيه بالقول، وإن قلنا وصية فوجهان بناء على (1) إِنكاره هل يكون رجوعًا؟.
وقال الإِمام إِذا لم نجعل (الإنكار رجوعًا)(2) ففي سماع الدعوى الوجهان في سماع الدعوى بالدين المؤجل (3).
ومنها إِذا أتت (4) المدبرة بولد من نكاح أو زنًا فهل يتبعها؟.
فيه قولان صحح الإمام والبغوى المنع واختاره المزنى (5) وأظهرها عند الشيخ أبي حامد وغيره (6) أنه يتبعها كالمستولدة، وصحح النووى (7) الأول، ثم قيل القولان
(1) هكذا في النسختين والذى في قواعد العلائي لوحة 90 صفحة (ب). بناء على أن إنكاره هل يكون رجوعًا؟ وهو الأولى. فزيادة أن أولى من أجل استقامة الأسلوب.
(2)
ما بين القوسين ساقط من النسختين أثبته من قواعد العلائي مخطوط لوحة 90 صفحة (ب). وإنكار التدبير هل يكون رجوعًا أم لا؟ فيه عند فقهاء الشافعية مذهبان أحدهما: يعتبر رجوعًا والثاني وهو الصحيح عندهم لا يكون رجوعًا راجع روضة الطالبين جـ 12 ص 197، 198.
(3)
انظر هذا الفرع في الروضة الإحالة السابقة وما فرع المؤلف هنا مبني على وجه عند فقهاء الشافعية وهو التفريق في الحكم بين الوصية والتعليق بصفة.
وهناك وجه آخر عندهم وهو المذهب كما صرح به الرافعي والنووى هو عدم التفريق بينهما، وأن الدعوى تسمع مطلقًا. راجع جـ 12 ص 198. من روضة الطالبين والله أعلم.
(4)
انظر هذا الفرع في مختصر المزني ص 322. والمهذب جـ 2 ص 8 والتنبيه ص 146. روضة الطالبين جـ 12 ص 203.
(5)
انظر ما اختاره المزني في هذا الموضع في مختصره ص 322، ومن رجح ما ذهب إليه المزني أيضًا الشيخ أبو إسحاق في تنبيهه ص 146.
(6)
كالقفال، راجع روضة الطالبين جـ 12 ص 203.
(7)
انظر ما صححه النووي هنا في منهاجه ص 160. وفي زوائده على الروضة جـ 12 صفحة 318.
مبنيان على أنه وصية أو تعليق عتق بصفة (1)، إِن قلنا وصية لم يتبعها (2)، وإن قلنا تعليق تبعها، وهذه طريقة المزني (3)، والصحيح أنهما غير مبنيين على ذلك. بل هما على القولين.
وفي الشامل أن بعضهم قال القولان مخصوصان بما إِذا قلنا أن التدبير تعليق، أما إِذا جعلناه وصية فلا يتبعها قطعًا، كما إِذا أوصى لإنسان بجارية فأتت بولد. والله تعالى أعلم.
(1) وممن بنى القولين على هذا الخلاف في التدبير أبو حامد الغزالي في كتابه البسيط الجزء الأخير لوحة 160 صفحة (ب). مخطوط بدار الكتب رقم 223 ونصه: "أما إذا أتت بولد من زنا أو نكاح ففي السراية إليه قولان منصوصان؛ لأن الاستيلاد يسرى والوصية لا تسرى والتدبير يتردد بينها" أهـ.
(2)
نهاية لوحة 115.
(3)
انظر ذلك في مختصره ص 322.