المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها - القواعد للحصني - جـ ٣

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌خطة التحقيق

- ‌عملي في التحقيق

- ‌الأمر بعد الحظر

- ‌إِذا علق الأمر على شرط هل يقتضي التكرار

- ‌الأمر المجرد عن القرائن هل يقتضي الفور

- ‌أدوات الشرط

- ‌الأمر بشيء معين هل هو نهي عن ضده أم لا

- ‌الأمرُ بالماهيةِ الكليةِ المطلقة

- ‌التأسيس والتأكيد

- ‌النهي هل يقتضي الفساد

- ‌التغرير

- ‌صيغ العموم

- ‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال

- ‌هل يدخل المخاطِب في متعلَّق عموم خطابه

- ‌الصور النادرة هل تدخل في الألفاظ العامة

- ‌هل تنزل الأكساب منزلة المال الحاضر

- ‌أقل الجمع

- ‌السؤال هل هو معاد في الجواب

- ‌الجواب المستقل

- ‌هل يدخل النساء في ضمير الرجال

- ‌الخطاب بالناس وبالمؤمنين

- ‌متعلق جناية العبد

- ‌المبعض

- ‌الأعمى

- ‌الألف واللام الداخلة على الأسماء

- ‌الاستثناء

- ‌الاستثناء المستغرق

- ‌الاستثناء المتعقب للجمل

- ‌الاستثناء من الإِثبات

- ‌حمل المطلق على المقيد

- ‌المطالبة بالبيان

- ‌التأويل

- ‌[دلالة الاقتضاء]

- ‌دلالة الإِشارة

- ‌الإِشارة والعبارة

- ‌النسخ

- ‌الزائل العائد

- ‌نسخ الفعل قبل علم المكلف

- ‌القياس

- ‌[ما يقاس عليه وما لا يصلح القياس عليه]

- ‌ضبط الأمور الخفية

- ‌[الوصف الحسي أولى من المعنوي]

- ‌يجوز التعليل بالوصف المركب

- ‌المعاملة بنقيض المقصود

- ‌ما ثبت على خلاف الدليل

- ‌القياس الجزئي

- ‌قياس غلبة الأشباه

- ‌الدائر بين أصلين

- ‌الإِبراء

- ‌مطلب: المغتاب

- ‌المتردد بين القرض والهبة

- ‌استعار شيئًا ليرهنه

- ‌الحوالة

- ‌الصداق

- ‌الظهار

- ‌نفقة الحامل

- ‌قاطع الطريق

- ‌النذر

- ‌اليمين المردودة

- ‌التدبير

- ‌قد يتجاذب الفرع أصلان

- ‌المقتضي والمانع

- ‌القادر على اليقين هل يأخذ بالظن

- ‌الاجتهاد

- ‌الواقعة إِذا تكررت

- ‌المصيب من المجتهدين واحد أم لا

- ‌قال الشافعي إِذا صح الحديث فهو مذهبي

- ‌ما يستثنى من القواعد المستقرة

- ‌الحقوق الواجبة على الإِنسان

- ‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

- ‌المسكن والخادم

- ‌حق الله وحق العباد

- ‌ما يسري

- ‌ما يتعدى حكمه إِلى الولد

- ‌ما يعتبر بالأبوين

- ‌إِقامة الشارع شيئًا مقام شيء

- ‌البدل مع مبدله

- ‌الزواجر والجوابر

- ‌ما يوجب الضمان

- ‌إِعواز المثل

الفصل: ‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

؟ (1)

ومنها (2) المحافظة على فضيلة تتعلق بهيئة العبادة أولى من المحافظة على فضيله تتعلق بمكانها (3) وبيانه بصور منها: أنّ أفضل المواضع للصلاة عند الشافعي داخل الكعبة (4)، فلو كانت الجماعة خارجها كانت مع الجماعة أفضل (5).

وكذا الصلاة المفروضة في المساجد أفضل من البيوت، فلو لم تحصل الجماعة في المساجد وحصلت في البيوت كانت في البيوت أفضل (6).

ومنها: أن صلاة النفل في البيوت أفضل من المساجد، وإن كانت المساجد أفضل،

(1) من هامش المخطوطة.

(2)

أي من حقوق الله تعالى التي يتقدم بعضها على بعض.

(3)

انظر هذه القاعدة وما يتفرع عليها في المجموع شرح المهذب جـ 7 ص 197. والأشباه والنظائر للسيوطي ص 147 - 148.

(4)

انظر ذلك عن الشافعي في كتابه الأم جـ 1 ص 98. واختلاف مالك والشافعي مطبوع ضمن الأم جـ 7 ص 203.

(5)

ما ذكره المؤلف نص عليه الشافعي، راجع المصدرين السابقين وانظر أيضًا المجموع جـ 3 ص 197. وزوائد الروضة جـ 1 ص 214. والأشباه والنظائر للسيوطي ص 147.

(6)

وهذا مشروط عند جمهور فقهاء الشافعية بأن لا تحصل في المسجد أي جماعة ولو قليلة، فإن حصلت جماعة ولو قليلة كانت إِقامة الصلاة في المسجد أفضل من البيت راجع في ذلك حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب جـ 1 ص 290. وأسنى المطالب شرح روض الطالب جـ 1 ص 210. نشر المكتبة الإسلامية.

وما ذكره المؤلف هنا عن أن إِقامة الجماعة في البيت أفضل من أن يصلي المرء منفردًا في المسجد هو المذهب عند فقهاء الشافعية راجع أسنى المطالب شرح روض الطالب جـ 1 ص 210. والمصادر الواردة في هامش 3 وهناك وجه آخر ذكره صاحب التجريد لنفع العبيد جـ 1 ص 292.

ص: 374

لأن النافلة في البيت أدعى إلى الخشوع والإِخلاص (وأبعد)(1) من الرياء والأعجاب.

ومنها: أن القرب من البيت في الطواف مستحب فلو لم يحصل له الرمل (2) إِلا إذا بعد منه، كان تحصيل الرمل أولى لرجوعه إلى هيئة العبادة (3).

القسم الثاني: الذي تتساوى فيه حقوق الله تعالى وذلك عند عدم المرجح كمن عليه فائت صوم من رمضانين فإِنه يبدأ بأيهما شاء، وكذا (4) الشيخ الذي عليه فدية أيام من رمضان (5) ومن عليه شاتان منذورتان لا يقدر إِلا على إِحداهما أو نذر حججًا أو عمرة مرات فإنه يبدأ بايها شاء من تقديم الحج على العمرة وعكسه (6) والله أعلم.

(1) في النسختين زيادة حرف "ر" راء بعد الهمزة صورته "وار بعد" وهي زيادة تخل بالمعنى ولعل حذفها -كما فعلت- أولى.

(2)

الرمل: هو بالتحريك: قال في لسان العرب مادة رمل حرف اللام فصل الراء والرمل بالتحريك الهرولة وهو دون المشي وفوق العدو اهـ. وقال النووى في المجموع "الرمل بفتح الراء والميم - وهو سرعة المشي مع تقارب الخطأ، يقال رمل يرمل بضم الميم رملًا ونقلانا" اهـ. من المجموع جـ 8 ص 46. وفي دستور العلماء جـ 2 ص 143. قال: "الرمل في باب (الحج) هو المشي في طواف البيت الله الحرام سريعًا، وتحريك الكتفين كالمبارز بين الصفين" اهـ.

(3)

انظر في هذا الفرع الشرح الكبير جـ 8 ص 235 وما بعدها والمجموع جـ 8 ص 39 - 43 وقد نقل النووى في مجموعه الإحالة السابقة الاتفاق على أن الدنو من البيت في الطواف مستحب والله تعالى أعلم.

(4)

نهاية صفحة (أ) من لوحة 121.

(5)

هكذا في النسختين ولعل الأولى: من رمضانين لأن سياق المؤلف هنا في اجتماع الحقوق، وانظر أيضًا قواعد العلائي لوحة 109 صفحة (أ) فقد ذكر العلائي هذه اللفظة في هذه المسألة بالتثنية وانظر قواعد الأحكام جـ 1 ص 144. أيضًا والعبارة فيه بالتثنية. وانظر قواعد الزركشي لوحة 74 صحفة (أ).

(6)

ومن هذا القسم أيضًا: إِذا كان على صلاتان منذورتان أو صومان منذوران فإِنه يتخير =

ص: 375

القسم الثالث: (1) المختلف فيه هل هو (متساو)(2) أو متفاوت وفيه صور منها: العاري إِذا لم يجد سترة، حكى الخراسانيون ثلاثة أوجه أحدهما يصلي قائمًا ويتم الركوع والسجود محافظة على الأركان. والثاني يصلي قاعدًا مومئًا محافظة على ستر العورة، وقطع العراقيون بالأول؛ لأن إِتمام الأركان أولى بالمراعاة من ستر العورة وهو الصحيح والثالث يتخير (3).

ومنها: إِذا حبس في مكان نجس قال ابن عبد السلام (4) فيه الأوجه (5) والصحيح أنه لا يجوز أن يسجد عليه بل ينحني للسجود إِلى القدر الذي لو زاد عليه لا في النجاسة، كذا قاله النووي في شرح المهذب (6) وفي وجه أنه يلزمه السجود قال النووي (7): وليس بشيء

= بينهما، ومنه أيضًا لو اجتمع عليه زكاة إِبل وبقر وغنم وذهب وفضة فإِنه يقدم أيتها شاء. انظر قواعد الأحكام لابن عبد السلام جـ 1 ص 144. وقواعد العلائى لوحة 109.

(1)

انظر تفاصيل هذا القسم في قواعد الأحكام لابن عبد السلام جـ 1 ص 144. وما بعدها وقواعد العلائي لوحة 109، وقواعد الزركشي لوحة 74.

(2)

في المخطوطة "متساور" والمثبت من الثانية. وانظر في قواعد الأحكام جـ 1 ص 144. وقواعد العلائى لوحة 109 صفحة (أ).

(3)

انظر هذه المسألة مفصلة بهذا التفصيل في الشرح الكبير جـ 2 ص 763. والمجموع جـ 2 ص 335. وقواعد الأحكام لابن عبد السلام جـ 1 ص 144.

(4)

انظر قول ابن عبد السلام في هذا الموضع في قواعد جـ 1 ص 144. ونص قوله: "

فيه الأوجه الماضية" - يريد الأوجه الثلاثة الوردة في المسألة التي قبلها.

(5)

المراد بها الأوجه الثلاثة الماضية في المسألة التي قبلها.

(6)

انظر قول النووى هذا بنصه في مجموعه جـ 3 ص 155.

(7)

انظر المصدر السابق جـ 3 ص 155. غير أن النووى وإن كان قد ذكر -كما نقل عنه المؤلف- أن الصحيح في هذه الحالة أنه لا يجوز له السجود على النجاسة وله الجلوس عليها. بل أن ينحني إِلى القدر الذي لو زاد لاقى النجاسة، إِلا أنه في موطن آخر من كتابه المجموع جـ 2 =

ص: 376

ومنْها: إِذا كان ليس له إِلا ثوبٌ واحد عليه نجاسة لا يعفي (1) عنها ففيه طريقان أحدهما قولان: أظهرهما يجب عليه أن يصلي عريانًا ولا إِعادة، والثاني يصلي (فيه)(2) ويعيد.

والطريق الثاني: القطع بأنه يصلي عريانًا لأنه يعيد مع النجاسة (3) ومنها (4) إِذا كان في موضع نجس ومعه ثوب طاهر لا يجد غيره، فهل يجب عليه أن يبسطه ويصلي عرياناً، أو يصلي فيه أو يتخير؟. أوجه والصحيح (5) الأول.

ومنها (6) إِذا لم يجد إِلا ثوب حرير، وفيه وجهان أصحهما تجب الصلاة فيه لأنه طاهر يسقط الفرض به، والثاني يصلي عريانًا لأنه عادم سترة شرعية (7).

ومنها (8): إِذا اجتمع جماعة عراة فهل يصلون فرادي أو جماعة فيه أوجه: أحدها

= ص 335. أجرى في هذه الحالة الثلاثة أوجه الواردة في مسألة العاري إِذا لم يجد سترة، كما فعل ابن عبد السلام في قواعده راجع جـ 1 ص 144. ونص النووي كما في المجموع الإحالة السابقة "

ويجرى هذا الخلاف - يريد الخلاف في مسألة المصلي عريانًا لعدم وجود السترة في المحبوس

".

(1)

احترز المؤلف بهذا القيد عن النجاسة التي يعفى عنها فإِنها لا تؤثر، وعليه فتخرج المسألة عما قصد به المؤلف

(2)

في الأصل هذا اللفظ فرق السطر وفي الثانية في الصلب.

(3)

انظر هذا الفرع مفصلًا في المجموع جـ 3 ص 142. وقواعد الأحكام جـ 1 ص 144، والشرح الكبير: جـ 4 ص 104 ونهاية المحتاج جـ 2 ص 10/ 11.

(4)

راجع في هذه الفروع المصادر السابقة.

(5)

وهو الصحيح عند جمهور الشافعية راجع المجموع جـ 3 ص 142

(6)

انظر هذا الفرع في الشرح الكبير جـ 4 ص 104 والمجموع جـ 3 ص 142.

(7)

وهذا مبني على قاعدة: المعدوم شرعًا كالمعدوم حسًا.

(8)

انظر هذا الفرع في الشرح الكبير جـ 4 ص 98. والمجموع جـ 3 ص 185.

ص: 377

الأفضل الإِنفراد، والثاني الجماعة أفضل، والأصح أنهما سواء فلو كانوا في ظلمه أو عميانًا فالجماعة أفضل قطعًا (1).

ومنها: إِذا لم (2) يجد إِلا ما يستر أحدى سوأتيه ففيه أوجه:

أصحها يستر القبل والثاني الدبر والثالث يتخير، والرابع تستر المرأة القبل، الرجل الدبر، وهذا الخلاف (3) في الوجوب على الصحيح (4) وقيل الاستحباب (5)، ولو وجد ما يستر السوأتين وجب قطعًا (6) دون الفخذين، لأنه كشفها أخف منهما.

(1) المراد به الإتفاق وقد صرح به النووى في مجموعه على المهذب جـ 3 ص 181. وكثيرًا ما يعبر المؤلف بالقطع عن الإِتفاق.

(2)

انظر هذا الفرع مفصلًا في الشرح الكبير جـ 4 ص 98/ 101 والمجموع جـ 3 ص 181/ 183. ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج جـ 2 ص 11، 12.

(3)

أي: الخلاف في تقديم الدبر أو العكس هل هو في الوجوب والاستحقاق أو في الأولوية والاستحباب. راجع الشرح الكبير جـ 4 ص 100/ 101 والمجموعة جـ 3 ص 181.

(4)

وممن صححه الرافعى في الشرح الكبير جـ 4 ص 101، والنووى في المجموع جـ 3 ص 181. وقال الرافعي وتابعه عليه النووى: وهو مقتضى كلام الأكثرين

(5)

لعل الأولى إضافة حرف "في" بعد لفظ: وقيل ليصبح النص: "وقيل في الاستحباب" لما يقتضيه المعنى. وراجع النص في الشرح الكبير جـ 4 ص 101 ووقواعد العلائى مصور فلم بالجامعة لوحة 109 صفحة (ب).

(6)

إِذا كان مراد المؤلف بقوله: "قطعًا" إِتفاق أصحابه على ما ذكر هنا، فهذا يناقض ما ذكره محققوا المذهب الشافعي من جريان الخلاف في أن تقديم ستر السوأتين على الفخذ واجب، أو مستحب وأولى. وإن أراد بقوله:"قطعا" التعبير عن الأكثرية فلا مضادة بينما ذكره هنا، وبين ما ذكر محققي مذهبه، على أنه لا يفوت هنا أن أشير إِلى أن المؤلف في تعبيره بالقطع، يجريه على الاتفاق، وقد جرى على هذا في مواطن كثيرة، راجع منها ص 527. وللاطلاع على بيان ما قلت راجع الشرح الكبير جـ 4 ص 100 - 101. والمجموع جـ 3 ص 181. وفي هذا الموضع يقول الرافعى -راجع نفس الإحالة هنا- نقلًا عن إِمام الحرمين: "لا يمتنع أن =

ص: 378

ومنها ما مر (1) أنَّه إِذا كان يظنّ وجود الماء آخر الوقت فالصحيح أن التقديم بالتيمم أفضل، ومسألة المريض العاجز عن القيام إِذا رجا القدرة عليه آخر الوقت، فالأفضل أنه يصلي أول الوقت قاعدًا وكذا العارى إذا وجد (2) السترة آخر الوقت (3) وفيه (4) إشكال (5) من جهة أنّ كشف العورة أغلظ من القعود فينبغي أن لا يصلي حتى يضيق الوقت إذا كان يرجو السترة.

= يقال الكلام في الأولوية وله ستر ما شاء؛ لأن الفخذ وما دون السرة من العورة، ولا فرق عندنا بين السوءة وغيرها في وجوب الستر .. " اهـ.

(1)

راجع أول هذه القاعدة ص 366/ 3.

(2)

هكذا في النسختين ولعل الأولى في صحة اللفظ: أن يكون "رجا" لما يدل عليه سياق النص، وراجع أيضًا قواعد العلائي لوحة 109 صفحة (ب).

(3)

راجع هذا الفرع مفصلًا في الشرح الكبير جـ 2 ص 218/ 223. والمجموع شرح المهذب جـ 2 ص 246/ 247.

وقواعد العلائي مصور فلم بالجامعة لوحة 109 صفحة (ب).

(4)

يعني المؤلف بالضمير هنا: أن في إِجراء القول الذي في مسألة التيمم والمريض العاجز من أنه يجوز لهما تقديم الصلاة في أول الوقت وإِن رجيا حصول الماء والقدرة على القيام آخر الوقت، في العارى إِذا كان يرجو وجود السرة في آخر الوقت إِشكالًا.

(5)

لعل هذا الإِشكال الذي ذكره المؤلف هنا هو الذي جعل لفقهاء الشافعية في هذه المسائل الثلاثة طريقين، إِحداهما هذه التي ذكرها المؤلف وهو إِجراء حكم واحد فيها. والثانية التفريق بين المريض العاجز عن القيام وبين عادم الماء والسترة فقالوا: بالنسبة للعاجز يصلى في الوقت قاعدًا، وبالنسبة للعارى وعادم الماء، يصبر إِلى آخر الوقت. وفرقوا بين العارى والمريض العاجز بما ذكره المؤلف من أن كشف العورة أغلظ من القعود، إذ أن القعود يجوز تركه مع القدرة على القيام في النفل بخلاف الستر والماء مع القدرة عليهما.

وهناك فرق آخر أيضًا ذكره الرافعي في شرحه الكبير على الوجيز جـ 2 ص 221. وللتوسع في هذا الموضوع راجع الشرح الكبير الإحالة السابقة والمجموع جـ 2 ص 47.

والله تعالى أعلم.

ص: 379

ومنها: (1) إِذا كان إِمام الجماعة يؤخر الصلاة، فهل الأفضل الإِنفراد في أول الوقت (2) أم التأخير لأجل الجماعة؟: فيه خلاف منتشر (3) والمختار (4) أنه يصلي مرتين منفردًا أول الوقت لحيازة فضيلته، ثم الجماعة لفضيلتها. وقد أمر عليه الصلاة والسلام بذلك (5) فإِن، أراد الاقتصار (6) على أحدهما فإِن تيقن حصول الجماعة فالتأخير

(1) انظر هذا الفرع مفصلًا في المجموع شرح المهذب جـ 2 ص 262/ 263. وانظر أيضًا نهاية المحتاج جـ 2 ص 271. وقواعد العلائي لوحة 109/ 110.

(2)

لعل الأولى استبدال "أم" بـ "أو" تمشيًا مع قواعد العربية، لأن "أم" إنما تأتي بعد همزة التسوية.

(3)

أي واسع، وحاصله عند فقهاء الشافعية ما يأتي: الأول: وبه قطع العراقيون منهم بأن التأخير أفضل من أجل الجماعة. والثاني: وبه قطع الخراسانيون: أن تقديم الصلاة منفردًا أفضل. الثالث: وقد ذكر المؤلف بعضًا منه بقوله: "فإِن أراد الاقتصار

" أنه يجرى القول فيها كما هو في مسألة التيمم الماضية -راجعها في صفحة (510) من هذا الكتاب. راجع تفاصيل هذا الخلاف في المصادر الواردة في هامش "1".

(4)

وهو المختار أيضًا عند النووى انظر مجموعه جـ 2 ص 263. والعلائي انظر قواعده لوحة 110 صفحة "أ" ولعل المؤلف هنا تابعهما.

(5)

من ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب رقم 5 باب 41 حديث 648. بسنده عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله: "كيف أنت إِذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة" وأخرجه أبو داود بسنده أيضًا عن أبي ذر من الطريق التي أخرجه بها مسلم. وبلفظه إِلا أن فيه تقديم يميتون الصلاة على يؤخرون الصلاة سنن أبي داود كتاب الصلاة باب 10 جـ 1 ص 102. وأخرجه أيضًا النسائي بسنده من طريق أخرى، بلفظ قريب من لفظ مسلم وأبي داود في سننه كتاب الإمام باب 47. جـ 2 ص 88.

(6)

تابع المؤلف في هذا التقسيم النووى في مجموعه جـ 2 ص 267. والحافظ العلائي في قواعده لوحة 110 صفحة (ب) والذي يظهر لي أنه لا داعي لما ذكره هنا وهو قوله "فإِن أراد الاقتصار

" لأن الخلاف إِنما نصب أساسًا عند الاقتصار على إِحداهما، أما لو أراد الجمع =

ص: 380

أفضل لأن الجماعة مختلفة في وجوبها (1) وإن رجا فالتقديم أفضل وقال النووي (2) في صورة التيقن يحتمل أن يقال: إِنْ فحش التأخير فالتقديم أفضل وإن خف فالتأخير.

ومنها (3) إِذا دخل المسجد المتسع، وقد أقيمت الصلاة، ولو مشى إِلى الصف الأول فاته بعضها فهل الأفضل الصلاة من أولها في مؤخر المسجد (4) أم (5) التقديم إِلى الصف الأول مع فوات بعض الصلاة؟.

قال النووى (6) الظاهر أنه إِن خاف فوت الركعة الأخيرة حافظ عليها، وإِن خاف فوت غيرها مشى إِلى الصف الأول.

ومنها: إِذا (7) ابتلع خيطًا في ليل رمضان وأصبح وطرفه خارج، فإِن صلى كذلك

= بين الفضيلتين، فهذا في نظري موضع آخر لا كلام فيه من حيث أنه يكون حائزًا للفضيلتين دون ارتكاب شيء حتى ولو مخالفة أولى. والله تعالى أعلم.

(1)

هذا ترجيح بمراعاة الخلاف -وهو من طريق الترجيح ولهذا يقولون: الخروج من الخلاف أولى وهو ما أشار إِليه المؤلف هنا بقوله؛ لأن الجماعة مختلف في وجوبها اهـ. والقول بوجوب الجماعة هو ظاهر المذهب الشافعي فهي عندهم فرض كفاية على الصحيح عندهم، راجع الشرح الكبير جـ 4 ص 28. والمجموع جـ 4 ص 184. وهو مذهب الحنابلة فهي عندهم فرض عين راجع المغني جـ 2 ص 176. وهو قول ابن حزم أيضًا في المحلى جـ 2 ص 188. بخلاف التأخير إلى آخر الوقت فالعلماء متفقون على جوازه، راجع ذلك في المجموع جـ 3 ص 62.

(2)

انظر المجموع جـ 2 ص 263. وهو هنا بالنص.

(3)

انظر هذا الفرع في المصادر الواردة في هامش (1) ص 380/ 3.

(4)

نهاية لوحة (121).

(5)

راجع تعليق هامش 2 ص 380/ 3.

(6)

انظر المجموع جـ 2 ص 263/ 264. وهو هنا بالنص.

(7)

انظر هذا الفرع مفصلًا من قواعد العلائي لوحة 111 صفحة (أ).

ص: 381

لم تصح صلاته لاتصال طرفه الخارج بالنجاسة، وإِن اقتلعه أو ابتلعه بطل صومه فأيهما يقدم؟. فيه أوجه أصحها يراعي الصلاة لتأكدها فإنها أفضل من الصوم على الأصح (لأنه يقتل بها دون الصوم)(1) والثاني الصوم لشروعه فيه، والثالث يتخير.

ومنها: (2) إِذا كان بالقرب من عرفات ولم يبق من الوقت إِلا ما يسع صلاة العشاء ولو اشتغل بها فاته الوقوف فأيهما يقدم؟. فيه أوجه: أحدها يقدم الصلاة لأنها آكد كما ذكرنا، والثاني يقم الوقوف لأن مشقة فوات الحج عظيمة وصححه القاضي حسين والأكثرون. والثالث: يصلي صلاة شدة الخوف.

واعلم (3) أن حقوق بعض العباد على بعض قد تكون متساوية وقد تكون متفاوتة أما المتساوية (4) فكالقسم (5) والنفقات بين الزوجات، واستواء الأولياء في

(1) ما بين القوسين أثبته من هامش المخطوطة مشار إِليه بسهم في الصلب وكتب في الثانية في صلبها.

(2)

انظر هذا الفرع مفصلًا في قواعد العلائي لوحة 111 صفحة (أ).

(3)

هذا هو الضرب الثاني من الحقوق راجع ص 510.

(4)

هذا هو القسم الأول من هذا الضرب من الحقوق. راجع تقسيمه للحقوق وأنواعها في أول القاعدة.

(5)

المراد به هنا المبيت. قال النووى في شرحه على صحيح مسلم جـ 10 ص 46. فإِن أراد القسم لم يجز له أن يبتدئ بواحدة منهن إِلا بقرعة. وهذا النص من النووى، وهو شيخ ومحقق في المذهب الشافعي. يدل دلالة صريحة على أن المذهب الشافعي متفق على ما ذكره المؤلف". وانظر روضة الطالبين جـ 7 ص 352 وما بعدها. وهنا حالتان ذكرهما فقهاء الشافعية مستثناة من وجوب التسوية في القسم هما، الأول: إذا كان متزوجًا بحرة وأمة فإنه يقسم بينهما ليلتين للحرة وليلة للأمة. الثانية إذا كرر الزواج مجددًا فإنه يقيم عند المزفوفة إِليه سبعًا أو ثلاثًا على حسب الحال. راجع في ذلك الروضة جـ 7 ص 352. وما بعدها وشرح البهجة جـ 4 ص 127/ 128. وما بعدها وفتح الوهاب شرح منهج الطلاب جـ 2 ص 67 وما بعدها.

ص: 382

درجة في عقد النكاح (1) وتسوية الحكام بين الخصوم (2) وتساوي الشركاء في (3) القسمة والإِجبار في المثليات ونحو ذلك من الصور الكثيرة (4).

وأما: المتفاوتة ففيه صور منها: تقديم نفقة زوجته وكسوتها على القرابة، وكذا إسكانها (5).

ومنها: تقديم غرمائه عليه (6) في بيع أمواله لقضاء ديونهم.

ومنها تقديم (7) المضطر بالطعام والشراب على مالكهما إِذا لم يكن مضطرًا.

(1) انظر هذا الفرع في روضة الطالبين جـ 7 ص 87 - 88 والغرر البهية في شرح البهجة الوردية جـ 4 ص 127/ 128.

(2)

انظر هذا الفرع مفصلًا في كتاب آدب القضاء لابن أبي الدم ص 83 وما بعدها.

(3)

انظر تفصيل هذا الفرع في أدب القاضي للماوردى جـ 2 ص 185. وما بعدها وقواعد الزركشي لوحة 74 صفحة (ب).

(4)

منها نكاح المرأة عند تعدد الخطاب المتساوين في درجة واحدة، ومنها التسوية بين البائع والمشترى في الإِجبار على قبض العوضين. ومنها التسوية بين السابقين إلى شيء من المباحات. انظر قواعد الأحكام لابن عبد السلام جـ 1 ص 46 - 147. وراجع أيضًا قواعد العلائي لوحة 115. صفحة (ب).

(5)

انظر في هذا الفرع روضة الطالبين جـ 9 ص 93. وقواعد الأحكام في مصالح الأنام جـ 1 ص 145. والمنهاج وشرحه نهاية المحتاج جـ 7 ص 224.

(6)

لعل المراد بتقديم غرمائه عليه هنا. كونه تقدم رغبتهم في بيع أمواله من أجل قضاء ديونهم على رغبته في إِبقائها. أما تقديمهم عليه بمعنى أنهم يولون جميع أمواله إذا كانت ديونهم مستغرقة لها أو زائدة عليها، فليس هذا هو المراد؛ لأن فقهاء الشافعية صرحوا أن حاجة المفلس الأساسية من حين الحجر عليه إِلى بيعها مقدمة على ديون الغرماء. راجع في ذلك الشرح الكبير جـ 1 ص 221/ 223. وقواعد الأحكام جـ 1 ص 145.

(7)

انظر هذا الفرع وما فيه من تفاصيل في المجموع جـ 9 ص 48. وقواعد الأحكام جـ 1 ص 145.

ص: 383

ومنها تقديم المرأة على الرجل والمسافر على المقيم في المخاصمات عند الحكام (1) ومنها تقديم الأفاضل على الأراذل في الولايات، وتقديم الأفضل على الفاضل في المناصب الدينية (2).

ومنها (3): تقديم ذوى الضرورات (4) على ذوي الحاجات (5) فيما ينفق من الأموال العامة وكذا التقديم بالحاجات الماسة على ما دونها، وكذا التقديم بالسبق في الفتاوى والحكومات.

ومنها: التقديم بالسبق في القصاص بأن يبدأ بقصاص الأول فالأول من القتلى أو الجرحى.

ومنها: التقديم بالسبق إِلى المساجد ومقاعد الأسواق واكتساب المباحات.

(1) الأصل "الحمام" والمثبت من الثانية. وانظر نفس هذا النص في قواعد الأحكام جـ 1 ص 145. وقواعد العلائي لوحة 110 صفحة (ب).

(2)

انظر هذه الفروع بهذا السياق في قواعد الأحكام جـ 1 ص 143. وقواعد العلائي لوحة 110.

(3)

لا زال المؤلف يتابع حديثه عن حقوق العباد المحضة التي يتقدم بعضها على بعض؛ للإِطلاع على هذا القسم وما يتعلق به من الفروع راجع قواعد الأحكام جـ 1 ص 143 والمجموع المذهب لوحة 110 صفحة (ب).

(4)

الضرورة هي ما يتوقف عليه فوات ذات الإنسان أو بعض أعضائه، أو دينه. وقد عد العلماء خمسة أمور أسموها الضروريات الخمس: هي: الدين والعقل والنسل والمال والعرض. راجع معنى الضرورة والحاجة في الوجيز في إِيضاح قواعد الفقه الكبرى ص 149. للدكتور محمَّد صدقي البورنو.

وسيأتي بيان المؤلف للضروريات الخمس تحت قاعدة الجوابر والزواجر.

(5)

الحاجة هي مرتبة دون الضرورة وهي ما يجد الإنسان بفقده جهدًا ومشقة؛ لكن لا يترتب عليه هلاك. راجع المصدر السابق.

ص: 384

ومنها: تقديم حق الشفيع على المشتري. وكذا الوالد على الولد في المُتَّهب وكذا التقديم في الإِرث بالعصوبة وقرب الدرجة، وفي ولاية النكاح بالأبوة ثم الجدودة ثم بالعصوبة بالولأ. ومنها التقديم في الحضانة بالأصول ثم بالفصول على اختلاف قرب الدرجات إِلى غير ذلك. والله تعالى أعلم.

* * *

ص: 385