الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزواجر والجوابر
(1)
قاعدة (2): في الجوابر والزواجر، والفرق بينهما أن الجوابر شرعت لجلب المصالح، والزواجر لدرء المفاسد، فالجوابر تجبر ما فات من حقوق الله تعالى وحقوق عباده، ولا يشترط في ذلك الإِثم ألا ترى أنها شرعت مع الجهل والخطأ والنسيان، وعلى المجانين والصغار كما في حق الذاكر والعامد بخلاف الزواجز فإنها تختص بالصنف الثاني، ومعظمها لا يجب إلا على عاص زجرًا له عن العود إليها، ولغيره من مواقعه مثل ذلك وقد تكون لدفع المفسدة وإن لم يكن إِثم ولا عدوان كتأديب الصغار إِصلاحًا لهم. واختلفوا في الكفارات (3) والجمهور أنها جوابر بدليل أنها تجب على ناصب الميزاب والنائم وغيرهم (4)، ولأنها عبادات وقربات لا تصح إلا بالنية (5). والتقرب إِلى الله تعالى لا يصلح أن يكون زاجرًا بخلاف الحدود والتعزيرات، فإنها ليست قربات في أنفسها بل القربة في إِقامتها. ثم الأظهر في كفارة الظهار وفي إفساد الصوم والحج أنها تشتمل على المعنيين فإن وجوبها زاجر عن تعاطي أسبابها بخلاف الواجبة في كفارة قتل الخطأ فإنها للجبر المحض.
ثم الزواجر (6) تنقسم إلى قسمين الأول ما يكون زاجرًا عن الإصرار على المفسد
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر هذه القاعدة في قواعد الأحكام جـ 1 ص 150. وما بعدها والفروق للقرافي جـ 1 ص 213/ 216. وقواعد العلائي لوحة 117 وما بعدها.
(3)
الخلاف إنما جرى في بعض الكفارات فالذي تفيده عبارات بعفى فقهاء الشافعية أن كفارة القتل الخطأ هي للجبر المحض قولًا واحدًا. وقد أشار إلى هذا المؤلف أيضًا وراجع قواعد الأحكام جـ 1 ص 150 ومغني المحتاج جـ 3 ص 359.
(4)
لعل الأولى "غيرهما" لأنه عائد على مثنى. وممن تجب عليه الكفارات أيضًا حافر البئر وواضع الحجر. راجع قواعد العلائي لوحة 118 صفحة (أ).
(5)
نهاية لوحة 125.
(6)
انظر في هذا الفروق جـ 1 ص 213. وقواعد الأحكام جـ 1 ص 154.
كقتل تارك الصلاة، والمرتد، والصائل بطريقه وضرب الرجل امرأته الناشز إِلى أن ترجع، وضرب الصغار على ترك الصلاة، وإن لم يكن الإِثم حاصلًا لئلا يصير ذلك عادة وحبس الممتنع عن أداء الحقوق القادر عليها إِلى غير ذلك.
القسم الثاني: ما هو زاجر عن مفسدة ماضية لئلا يعود (1) وزاجر لغيره لئلا يفعل مثله كالقصاص في النفوس والأطراف والحدود كالزنا والسرقة والخمر والقذف والتعزيرات المفوضة إِلى الأئمة والحكام في كل مفسدة ليس فيها حد مقدر، ومقدار ذلك كله راجع إلى مراعاة الضروريات الخمس، وهي مصلحة النفوس، والأديان، والعقوك والأموال والأنساب، والله أعلم. (وألحق بها الأعراض للنص (2) لكونها (3) مساوية للدماء والأموال. والله أعلم) (4).
(1) هكذا النص في النسختين ولعل فيه سقط لفظ: "إليها" أو "فيها" ليصبح النص: لئلا يعود إليها .. وانظر النص بعينه في قواعد العلائي لوحة 118 صفحة (أ).
(2)
من ذلك ما اتفق عليه الشيخان من رواية أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .. " انظر صحيح البخاري كتاب العلم رقم 2 باب رقم 9 وصحيح مسلم كتاب القسامة رقم 28. باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، وأخرجه أيضًا الترمذي في سننه أبواب تفسير القرآن، تفسير سورة التوبة حديث رقم 5082 وقال: حسن صحيح. ومن ذلك ما أخرجه مسلم أيضًا في صحيحه كتاب البر والصلة رقم 45 باب رقم 10 عن أبي هريرة بسنده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا .. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" حديث رقم 32. وأبو داود في سننه كتاب الأدب باب في الغيبة عن أبي هريرة حديث رقم 4882. والترمذي كذلك عن أبي هريرة في سننه أبواب البر والصلة باب رقم 18. حديث 1992. وابن ماجه في سننه كتاب الفتن رقم 36 باب رقم 2 حديث رقم 3933. عن أبي هريرة كذلك.
(3)
لعل الأولى: للنص على كونها. راجع المصدر السابق في هامش 2.
(4)
ما بين القوسين ساقط من الثانية (126 ب).