المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحوالة (1) ومن المسائل المترددة بين أصلين الحوالة (2) هل هي - القواعد للحصني - جـ ٣

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌خطة التحقيق

- ‌عملي في التحقيق

- ‌الأمر بعد الحظر

- ‌إِذا علق الأمر على شرط هل يقتضي التكرار

- ‌الأمر المجرد عن القرائن هل يقتضي الفور

- ‌أدوات الشرط

- ‌الأمر بشيء معين هل هو نهي عن ضده أم لا

- ‌الأمرُ بالماهيةِ الكليةِ المطلقة

- ‌التأسيس والتأكيد

- ‌النهي هل يقتضي الفساد

- ‌التغرير

- ‌صيغ العموم

- ‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال

- ‌هل يدخل المخاطِب في متعلَّق عموم خطابه

- ‌الصور النادرة هل تدخل في الألفاظ العامة

- ‌هل تنزل الأكساب منزلة المال الحاضر

- ‌أقل الجمع

- ‌السؤال هل هو معاد في الجواب

- ‌الجواب المستقل

- ‌هل يدخل النساء في ضمير الرجال

- ‌الخطاب بالناس وبالمؤمنين

- ‌متعلق جناية العبد

- ‌المبعض

- ‌الأعمى

- ‌الألف واللام الداخلة على الأسماء

- ‌الاستثناء

- ‌الاستثناء المستغرق

- ‌الاستثناء المتعقب للجمل

- ‌الاستثناء من الإِثبات

- ‌حمل المطلق على المقيد

- ‌المطالبة بالبيان

- ‌التأويل

- ‌[دلالة الاقتضاء]

- ‌دلالة الإِشارة

- ‌الإِشارة والعبارة

- ‌النسخ

- ‌الزائل العائد

- ‌نسخ الفعل قبل علم المكلف

- ‌القياس

- ‌[ما يقاس عليه وما لا يصلح القياس عليه]

- ‌ضبط الأمور الخفية

- ‌[الوصف الحسي أولى من المعنوي]

- ‌يجوز التعليل بالوصف المركب

- ‌المعاملة بنقيض المقصود

- ‌ما ثبت على خلاف الدليل

- ‌القياس الجزئي

- ‌قياس غلبة الأشباه

- ‌الدائر بين أصلين

- ‌الإِبراء

- ‌مطلب: المغتاب

- ‌المتردد بين القرض والهبة

- ‌استعار شيئًا ليرهنه

- ‌الحوالة

- ‌الصداق

- ‌الظهار

- ‌نفقة الحامل

- ‌قاطع الطريق

- ‌النذر

- ‌اليمين المردودة

- ‌التدبير

- ‌قد يتجاذب الفرع أصلان

- ‌المقتضي والمانع

- ‌القادر على اليقين هل يأخذ بالظن

- ‌الاجتهاد

- ‌الواقعة إِذا تكررت

- ‌المصيب من المجتهدين واحد أم لا

- ‌قال الشافعي إِذا صح الحديث فهو مذهبي

- ‌ما يستثنى من القواعد المستقرة

- ‌الحقوق الواجبة على الإِنسان

- ‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

- ‌المسكن والخادم

- ‌حق الله وحق العباد

- ‌ما يسري

- ‌ما يتعدى حكمه إِلى الولد

- ‌ما يعتبر بالأبوين

- ‌إِقامة الشارع شيئًا مقام شيء

- ‌البدل مع مبدله

- ‌الزواجر والجوابر

- ‌ما يوجب الضمان

- ‌إِعواز المثل

الفصل: ‌ ‌الحوالة (1) ومن المسائل المترددة بين أصلين الحوالة (2) هل هي

‌الحوالة

(1)

ومن المسائل المترددة بين أصلين الحوالة (2) هل هي استيفاء أم اعتياض؟ يعني بيع قولان: أحدهما أنها استيفاء كأن المحتال استوفى ما على المحيل وأقرضه المحال عليه، وأصحهما أنها تبديل مال بمال، قال الرافعي (3) ونص عليه الشافعي ووجهه أن كل واحد من المحيل والمحتال يملك بها ما لم يملكه، فعلى هذا بيع ماذا بماذا فيه ثلاثة أوجه: أحدها بيع عين بعين تنزيلاً للدين منزلة المنفعة المتعلقة بعين كالمنافع في إِجارات الأعيان لأنه تعلق بعين المحال عليه، والثاني أنها بيع دين بدين قال الرافعي (4) وهو المعقول (5) واستثنى هذا العقد عن نهي بيع الكاليء بالكاليء (6) للمصلحة، وما

(1) من هامش المخطوطة.

(2)

انظر في هذا الموضع الشرح الكبير جـ 10 ص 338 ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 228. وما بعدها وما هنا مأخوذ عنهما بنصه غالبًا. وانظر أيضًا كفاية النبيه في شرح التنبيه جـ 6 لوحة 60 وما بعدها مخطوط بدار الكتب رقم 433. والأشباه والنظائر لابن الوكيل مخطوط بالجامعة لوحة 169 والأشباه والنظائر لأحد تلامذة الحافظ العلائي مخطوط بالمكتبة الأزهرية رقم 5653 لوحة 81 قواعد العلائي لوحة 79.

(3)

انظر قول الرافعي هنا بنصه فى كتابه الشرح الكبير جـ 10 ص 338 وفيه أن الشافعي نص على ذلك فى باب بيع الطعام.

(4)

انظر قول الرافعي هنا في شرحه الكبير على الوجيز جـ 10 ص 338.

(5)

هكذا هذا اللفظ في المخطوطة وفي قواعد العلائي لوحة 79 صفحة (أ) والذى في الشرح الكبير الإحالة السابقة وهو المنقول".

(6)

بيع الكاليء بالكاليء هو كما قال أبو عبيدة فيما نقله عنه الركبي في النظم المستعذب مع النسيئة بالنسيئة، قال ابن بطال: وهو أن يشترى الرجل شيئًا بثمن مؤجل فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به فيقول بعه مني إِلى أجل بزيادة شيء فيبيعه غير مقبوض، انظر ذلك في النظم المستعذب جـ 1 ص 271 بحاشية المهذب. وهو هكذا أيضًا فى المصباح المنير جـ 2 ص 201.

ص: 277

قاله (1) فيه نظر لأن المصالح المرسلة (2) لا تخصص العموم على قاعدة الشافعي فلا حجة فيها، بل المخصص النصوص (3) الواردة في جواز الحوالة وصحتها، والثالث أنه بيع عين بدين قال ابن سريج هي بيع عين مبني علي المماكسة، وطلب الربح إنما هو مبني على الإرفاق كالقرض. وقال القاضى حسين (4) الأولى أن يلفق بين المعنيين فيقال استيفاء

(1) هكذا اعترض المؤلف على الرافعي في قوله أن الحوالة استثنيت على قول أنه بيع دين بدين عن النهي الوارد فيه للمصلحة، وقد ذهب - أعني المؤلف - إِلى ما ذهب إِليه الرافعي هنا. راجع ص 248. من هذا الكتاب فإِنه قد ذهب إِلى أن السلم بيع معدوم جوز للحاجة، وأنه صار أصلاً مستقلاً خصص به قوله عليه الصلاة والسلام "لا تبع ما ليس عندك" على أنه يمكن أن يعتذر لهما - أعني الرافعي والمؤلف - بأن كلاً من السلم والحوالة قد وردت بهما نصوص مجوزة لهما، فليس الحاجة هنا هي المرخصة بل هي الحاجة المستندة إِلى دليل. والله أعلم.

(2)

المصلحة المرسلة هي: تلك المصالح التي لم يدل عليها دليل باعتبار، ولا بإلغاء سميت بذلك لإرسالها أى إِطلاقها عن نص يؤيدها أو يمنعها، ويعبر عنها الأصوليون بالمناسب المرسل، وهي حجة عند الشافعي بشرط أن تكون قريبة من معاني الأصول الثابتة كما ذكر ذلك عنه إِمام الحرمين في البرهان جـ 2 ص 1114. وما قال عنه المؤلف هنا أنه مصلحة مرسلة؛ ليس - والله أعلم - بقوى لأن للحوالة أصلاً من السنة دالاً على جوازها. وهو ما أشار إليه المؤلف.

(3)

منها ما رواه الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع" قال في تلخيص الحبير جـ 1 ص 337 بحاشية الشرح الكبير متفق عليه من حديث مالك، ورواه أصحاب السنن إلا الترمذى من حديث أبي الزناد أيضًا، ثم قال: وأخرجوه من طريق همام عن أبي هريرة، قال وروى الترمذى وأحمد من حديث ابن عمرو ونحوه، وقد أخرج هذا الحديث البخارى في صحيحه كتاب الحوالات باب إذا أحال على ملئ فليس له الرد بسنده متصلاً عن الأعرج. عن أبي هريرة وأخرجه من هذا الطريق مسلم في صحيحه كتاب المساقاة رقم 22 باب تحريم مطل الغني رقم 7 حديث 1564. وأبو داود في سننه كتاب البيوع والإجارات رقم 17 باب في المطل رقم 10 من طريق الشيخين حديث رقم 3345. وابن ماجه في سننه كتاب الصدقات رقم 15 باب الحوالة من الطريق السابقة حديث رقم 2403.

(4)

انظر قول القاضي حسين في هذا الموضع في كفاية ابن الرفعة جـ 6 لوحة 60 صفحة أ، وكذا =

ص: 278

بطريق المعاوضة وكذا قال الإمام (1) لا خلاف في اشتمالها على الاستيفاء والمعاوضة، وإنما الخلاف أيهما أغلب وتبعه الغزالي (2) عليه، وسلك الشيخ أبو محمد (3) غير ذلك، وقال: الحوالة تجري مجرى المعاوضة أم مجرى أصل الضمان؟. على قولين ويعبر عنهما بأن يقال الحوالة في أحد القولين معاوضة باستيفاء وفي الآخر ضمان بإِبراء، وقال الماوردي: اختلف الأصحاب (في الحوالة)(4) هل هي بيع أو عقد إِرفاق ومعونة علي وجهين، وظاهر نص الشافعي أنها بيع والله أعلم.

ويتخرج على الخلاف (5) فروع منها ثبوت الخيار (6) فيها على قول البيع وفيه وجهان حكاهما الماوردي (7)؛ لأنها بيع عين بدين، والأصح عدم الثبوت لأنها ليست

= ما نُقل عن الإمام والغزالي، ولعل هذا النص مأخوذ عنه بحروفه.

(1)

انظر ما قاله إمام الحرمين في هذا الموضع في كتابه نهاية المطلب جـ 10 لوحة 224 مصور فلم بمعهد المخطوطات رقم 324 ونصه: "وحاصل الخلاف أن الغالب على الحوالة معنى المعاوضة، أو معنى الاستيفاء، فأما تضمنها المعنيين فلا خلاف فيه".

(2)

انظر ما قاله الغزالي في هذا الموضع في الوسيط جـ 2 لوحة 39 صفحة (أ) مخطوط رقم 306 ونصه: "وفي حقيقتها - يعني الحوالة - فهي مشابهة الاعتياض كأنه اعتاض دينًا عن دين، ومشابهة الاستيفاء، فكأنه استوفى ما عليه باستحقاق الدين على غيره.

(3)

وقد نقل الإمام حكاية عن شيخه أبي محمد أن هذه الطريقة هي أيضًا قول لابن سريج، وانظر ما قاله الشيخ أبو محمد هنا في نهاية المطلب لإمام الحرمين جـ 10 مصور بمعهد المخطوطات ونصه:"وذكر شيخي بعد تزييف محض المعاوضة والاستيفاء قولين عن ابن سريج في حقيقة الحوالة "أحدهم، أنها معاوضة باستيفاء، والثاني أنه ضمان بإبراء".

(4)

أثبتها لما يقتضيه السياق وانظر أصل النص في قواعد العلائي لوحة 79.

(5)

انظر ما يتخرج على هذا الخلاف في قواعد العلائي لوحة 79 وأشباه السيوطي صفحة 170، 171.

(6)

انظر هذا الفرع في تتمة الإبانة جـ 4 لوحة 40 صفحة (ب) وقد بناه المتولي على هذا الخلف مخطوط بدار الكتب المصرية.

(7)

حكاه في الحاوي كما صرح ابن الرفعة في كفايته جـ 6 لوحة 64 صفحة (ب) مخطوط بدار =

ص: 279

على قواعد المعاوضات ولا مدخل له فيها على قول الاستيفاء.

ومنها: في اشتراط رضى المحال عليه إِذا كان عليه دين وجهان (مبنيان)(1) على الخلاف، إن قلنا اعتياض لم يشترط؛ لأنه حق المحيل فلا يحتاج إِلى رضى الغير وإن قلنا (2) أنها استيفاء فيشترط لتعذر إِقراضه من غير رضاه (3)، ومنها في صحة الحوالة على من لا دين عليه برضاه، وجهان بناهما الجمهور (4) على الخلاف، إِن قلنا اعتياض فلا يصح (5) إِذ ليس عليه شيء، وإن قلنا استيفاء صح، وكأن المحتال أخذ حقه وأقرضه للمحال عليه. ومنها: الثمن في مدة الخيار، هل تجوز الحوالة به وعليه؟ وجهان (6) أصحهما الجواز لأنه صائر إِلى اللزوم، وبنى المتولي (7) الوجهين على الأصل، إِن قلنا

= الكتب المصرية. وحكاهما أيضًا الرافعي في الشرح الكبير جـ 8 ص 297.

(1)

في المخطوطة "مبنيا".

(2)

نهاية لوحة 109.

(3)

انظر هذا الفرع في الشرح الكبير جـ 10 ص 239.

(4)

وهناك طريقة أخرى في تخريج هذا الفرع، فقد خرجه إِمام الحرمين - كما نقل عنه الرافعي في شرحه الكبير جـ 10 ص 239 - على الخلاف في أنه هل يصح الضمان بشرط براءة الأصيل؟ وانظر في هذا الفرع أيضًا كفاية ابن الرفعة جـ 6 لوحة 62 صفحة (ب) مخطوط بدار الكتب رقم 433.

(5)

وهو الصحيح عن ابن الرفعة راجع ذلك في الإحالة السابقة.

(6)

والثاني لا يجوز لأنه ليس بلازم، نقله الرافعي في الشرح الكبير جـ 10 ص 341 عن القاضي أبي حامد، ونقل عنه أيضًا ابن الصباغ في كتابه الشامل جـ 6 لوحة 180 ونصه "فأما الثمن في مدة الخيار فهل تصح الحوالة به؟ وجهان قال القاضي أبو حامد "لا تصح الحوالة به لأنه ليس بثابت" مخطوط بدار الكتب المصرية.

(7)

انظر بناء المتولي في هذا الموضع في كتابه تتمة الإبانة جـ 5 لوحة 75/ 76 مخطوط بدار الكتب المصرية ونصه "والوجهان - يعني في صحة الحوالة بالثمن في مدة الخيار - صدرهما من الأصل الذى قدمنا في حقيقة الحوالة، فإن قلنا الحوالة معاوضة فقد ذكرنا حكم التصرف في المبيع زمن الخيار، وحكم الثمن - يعني هنا - حكم المبيع فإذا لم يجز الاعتياض عنه لم تجز الحوالة، وإذا قلنا الاعتياض جائز فالحوالة صحيحة" أهـ. نصه.

ص: 280

معاوضة فهي كالتصرف في المبيع في زمن الخيار، وإن قلنا استيفاء فيجوز.

ومنها: نجوم (1) الكتابة والمُسلم فيه قبل قبضه وفيهما ثلاثة أوجه أحدها لا تصح الحوالة بهما ولا عليهما واختاره العراقيون وجزم به البغوى (2)، والثاني يجوز فيهما قاله ابن سريج وابن الوكيل (3) وغيرهما، وبناهما الرافعي وغيره على الأصل، فالأول جار على المعاوضة والثاني على الاستيفاء والثالث تجوز الحوالة بهما لا عليهما وبه جزم ابن الصباغ وكثيرون كذا قاله ابن الرفعة (4)، والذى جزم به ابن الصباغ (5) إِنما هو في نجوم

(1) انظر في هذا الفرع بهذا التفصيل كفاية النبيه جـ 6 لوحة 61 صفحة (ب) وفى الشرح الكبير جـ 10 ص 341/ 342. وهو فى نجوم الكتابة خاصة.

(2)

انظر ما جزم به البغوى هنا في كتابه التهذيب جـ 2 لوحة 145 مصور فلم بمعهد المخطوطات رقم 105 ونصه: "وأما ما ليس بمستقر - يعني الدين - كالمسلم فيه ودين الكتابة لا تجوز الحوالة به ولا عليه كما لا يجوز الاعتياض عنه" أهـ. نصه.

(3)

المراد به أبو حفص ابن الوكيل كما صرح به ابن الرفعة في كفايته جـ 6 لوحة 61 صفحة "ب" وهو المعروف بالباب شامي.

(4)

الذى قاله ابن الرفعة في كتابه كفاية النبيه جـ 6 لوحة 61 صفحة (ب) مخطوط بدار الكتب رقم 228 هو ما صرح المؤلف به هنا أنه قول ابن الصباغ، فالذى نقله ابن الرفعة عن ابن الصباغ هو الذى نقله عنه المؤلف، ولم يخطئ ابن الرفعة فى نقله عن ابن الصباغ بالنسبة لما نقله عنه المؤلف، بل أن المؤلف تجاوز هنا في اعتراضه على ابن الرفعة، وهو معذور فلعله نقل عن ابن الرفعة من كتاب غير الكفاية، أما نصه فى الكفاية فهو: "والثاني تجوز الحوالة بهما ولا تجوز عليهما - يريد السلم والكتابة - وبه جزم ابن الصباغ والأكثرون في مسألة الكتابة؛ لأن للمكاتب أن يقضى حق سيده باختياره خلاف حوالة السيد عليه؛ لأنه يؤدى إلى إِلحاق القضاء عليه بغير اختياره أهـ.

(5)

بل الذى نص عليه ابن الصباغ كما هو فى كتابه الشامل أن الحوالة بالسلم أيضًا لا تجوز وهذا نصه: "فصل: إِذا ثبت هذا فإن الحق الذى تصح فيه الحوالة هو كما ثبت فى الذمة، ثم قال: وإذا ثبت ذلك فالسلم لا تجوز الحوالة به" أهـ. نصه فى الشامل جـ 6 لوحة 180 صفحة (ب) وبهذا يظهر أن المؤلف وهو هنا متابع بعض من سبقه من فقهاء الشافعية كالعلائي فى =

ص: 281

الكتابة، ووجهه بأن للمكاتب أن يقضي حق سيده باختياره بخلاف الحوالة عليه، فإنه يؤدى إلى إِيجاب القضاء عليه بغير اختياره.

وعكس الغزالي (1) الحكم في السلم فقال لا تجوز الحوالة به وتجوز عليه. ومنها: إذا أحال من عليه الزكاة الساعي فيجوز، إِن قلنا هي استيفاء، وعلى الاعتياض لا يجوز لامتناع أخذ العوض عن الزكاة. ومنها: إِذا خرج المحال عليه مفلسًا حالة الحوالة وجهله المحتال، فإِن لم يشترط ملاءته (2) فالمشهور أنه لا رجوع له ولا خيار، وإن شرط ملاءته فوجهان مرتبان (3) وأولى بثبوت الخيار، واختار ابن سريج الرجوع فى الحوالة، قال الرافعي (4) وهذا التردد قريب من الخلاف في ثبوت خيار المجلس والشرط في الحوالة، وكل ذلك مبني على أن الحوالة استيفاء أو اعتياض.

= قواعده مخطوط بالجامعة لوحة 79 صفحة (ب) وابن الرفعة في كفايته قد جانب الصواب في النقل عن ابن الصباغ بالنسبة لكتابه الشامل ولعلهم نقلوا عنه من كتاب آخر له كالكافي. والله أعلم بالصواب.

(1)

انظر في هذا الموضوع الشرح الكبير جـ 8 ص 433/ 434.

(2)

في المخطوطة "ملأته".

(3)

يظهر أن في الكلام نقصًا وتتمته كما هو في الشرح الكبير جـ 10 ص 344 أنه إذا قلنا بثبوت الخيار مطلقًا عند الشرط وعدمه، فهنا أولى، وإن منعنا في حالة عدم الاشتراط فهنا وجهان ما ذكره المؤلف عن ابن سريج أحدهما، والثاني وعليه عامة فقهاء الشافعية عدم الرجوع. راجع ذلك في الشرح الكبير الإحالة السابقة ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 231/ 232. والوجهان هنا مرتبان على ما لو ظهر مفلسًا.

(4)

الذى قاله الرافعي كما هو في شرحه الكبير جـ 10 ص 344/ 345 وقرب التردد في المسألة يعني ثبوت الخيار في هاتين المسألتين من التردد في أن الحوالة استيفاء أو اعتياض. ولم يصرح بلفظ ثبوت خيار الشرط والمجلس في الحوالة في هذا الموضع، وقد تعرض له في نفس الكتاب جـ 8 ص 297. ولعل المؤلف هنا - وهو في لفظه متابع للعلائي - أخذ ما نص عليه هنا من قول الرافعي "وقرب التردد في المسألة كما أشرت إليه أيضًا.

ص: 282

ومنها: إِذا قال رجل لمستحق الدين أحلتك عليَّ بدينك الذى في ذمة فلان على أن تبرأه فرضي واختار وأبرأ الأصيل، وفيها وجهان بناهما الشيخ أبو محمد على القولين فقال: إِن قلنا هي معاوضة باستيفاء فالحوالة باطلة إِذ ليس للأصيل دين في ذمة المحال عليه، وإن قلنا ضمان بإِبراء صح.

ومنها: لو (1) أحال المشترى البائع بالثمن على رجل، ثم رد عليه المبيع بعيب فهل تنفسخ الحوالة: فيه طرق (2) أحدهما ونقلها الإمام (3) عن الجمهور أنها على قولين أصحهما الانفساخ وهما مبنيان على القولين، وإن قلنا استيفاء انفسخت، وإن قلنا اعتياض لم تبطل كما لو استبدل (4) عن الثمن ثوبًا، ثم رد المبيع بعيب فإِنه لا يبطل الاستدلال. وهذا البناء مخالف للأصل في (التصحيح)(5) وقد طرد الخلاف في مسألة الاستبدال القاضي أبو الطيب (6) والروياني. والطريق الثاني القطع بالانفساخ

(1) انظر هذا الفرع فى الشرح الكبير جـ 10 ص 345. وفى كفاية النبيه جـ 6 لوحة 67. مفصلاً نحو هذا التفصيل ولعل المؤلف أخذ عنه بالتفصيل.

(2)

هي ثلاث طرق راجع مصادر المسألة.

(3)

انظر ما نقله الإمام هنا عن الجمهور في كتابه نهاية المطلب جـ 10 لوحة 229 صفحة (ب) مصور فلم بمعهد المخطوطات رقم 324 ونصه: "فالذى ذهب إِليه الجمهور تخريج المسألة على قولين، مخرجين مبنيين على أن الغلبة للمعاوضة أو الاستيفاء، فإن جعلناها معاوضة لم نبطلها، كما لو اعتاض البائع عن الثمن ثوبًا، ثم وجد المشترى بالثوب عيبًا فرده فلا يرتد ما جرى من الاعتياض عن الثمن فلتكن الحوالة كذلك، بل الحوالة أولى بأن لا تنفسخ، وإن جعلنا الحوالة استيفاء بطلت".

(4)

نهاية صفحة (أ) من لوحة 110.

(5)

في النسختين "في الصحيح" والتصويب من قواعد العلائي لوحة 80.

(6)

انظر ذلك عن أبي الطيب فى كتابه شرح مختصر المزني جـ 5 لوحة 115 صفحة (ب) ونصه: "الدليل عليه - يريد عدم بطلان الحوالة - أنه إذا باع منه عبدًا بألف درهم وأخذ منه بدل الألف ثوبًا ثم وجد بالعبد عيبًا كان له رده وفسخ البيع فيه، ولا يبطل العقد فى الثوب، =

ص: 283

ونقلها الماوردى عن الأكثرين. الطريق الثالث القطع بعدمه ونقلها القاضي أبو الطيب عن الأكثرين (1) فإِن قلنا الحوالة لا تبطل فهل للمشترى مطالبة البائع عند الرد قبل قبض البائع ذلك من المحال عليه؟. وجهان بناهما الشيخ أبو محمد على القولين، وإن له المطالبة على قول المعاوضة.

ومنها: لو أحال البائع رجلاً على المشترى بالثمن ثم رده بعيب، قال الرافعي (2) منهم من طرد القولين، وقطع الجمهور بأنه لا تنفسخ الحوالة سواء قبض المحتال ذلك من المشترى أم لا يقبض، والفرق أن الحوالة هنا تعلق بها حق غير المتعاقدين، وهل للمشترى الرجوع على البائع قبل قبض المحتال؟ فيه الوجهان وأصحهما عند الصيدلاني (3) لا يرجع لأنه لم توجد حقيقة القبض، ومنها لو أحال أحد المتعاقدين الآخر في عقد الربا بما عليه فإِن قبض في المجلس جاز إن قلنا هي استيفاء، وإن قلنا معاوضة لم يصح، فإِن تفرقا قبل التقابض بطل العقد وإن قلنا أنها استيفاء لأنها ليست باستيفاء حقيقة حكاه ابن الرفعة (4) عن الماوردى.

ومنها: لو احتال على شخص بشرط أن يعطيه المحال بالحق رهنًا حكى الماوردى في صحته وجهين، وأنهما مبنيان على أنها بيع أو عقد إِرفاق إِن قلنا بيع جاز، وإلا

= وله الرجوع عليه بثمن العبد، وكذلك ها هنا إِذا أحال المشترى البائع بالثمن فقد تصرف فيه فينبغي أن لا يبطل ذلك برد العبد بالعيب" أهـ. مخطوط بدار الكتب رقم 266

(1)

الذى في شرح مختصر المزني لأبي الطيب جـ 5 لوحة 115 مخطوط بدار الكتب رقم 266، إِنما نقل أبو الطيب الطريق الثالث عن أبي علي الطبرى فقط، وهو ما نقله الرافعي عنه فقط أيضًا في الشرح الكبير جـ 8 ص 346.

(2)

انظر الشرح الكبير له جـ 8 ص 347.

(3)

انظر رأى الصيدلاني هنا في شرح الرافعي الكبير جـ 8 ص 348.

(4)

انظر ما حكاه ابن الرفعة في هذا الموضع عن الماوردي بنصه هنا في كتابه كفاية النبيه جـ 3 لوحة 29 مخطوط بالمكتبة الأزهرية رقم 763.

ص: 284

فالشرط باطل.

وفي بطلان الحوالة وجهان كذا قاله في الرهن، وقال في باب الحوالة أن الخلاف مبني على أنها بيع عين بدين، أو بيع دين بدين، وإن قلنا بالأول صح اشتراط الرهن، وإن قلنا بالثاني فلا يصح.

وكذا الخلاف يجرى فيما لو شرط أن يكون به ضامن حكاه الإِمام عن ابن سريج فيجوز على القول بأنها بيع ويمتنع على قول الاستيفاء.

ومنها: إِذا أحال (1) الزوج المرأة بالصداق على ثالث ثم طلقها قبل الدخول فهل تبطل الحوالة في النصف؟ فيه طريقان منهم من خرجها على القولين في الرد بالعيب، ومنهم من قطع (2) هنا ببقاء الحوالة وفرق بأن الرد بالعيب يرفع العقد فجاز ارتفاع الحوالة المترتبة عليه. والنكاح لا يرفعه الطلاق بل يقطعه. ثم على القول ببقاء الحوالة، هل للزوج مطالبة المرأة قبل استيفائها؟. فيه الوجهان.

ومنها: لو أحالت المرأة على الزوج رجلاً بصداقها ثم طلقها قبل الدخول ففيه ما تقدم، والجمهور على القطع ببقاء الحوالة لتعلق حق الثالث بها. وهل للزوج مطالبتها قبل أن يغرم للمحتال؟. الوجهان. والله أعلم.

(1) انظر في هذا الفرع الشرح الكبير جـ 8 ص 349، ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 234.

(2)

من هؤلاء ابن الحداد في كتابه المولدات كما نقل ذلك عنه الرافعي في شرح الكبير جـ 8 ص 349.

ص: 285