الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليمين المردودة
(1)
ومن المسائل المترددة بين أصلين اليمين المردودة (2) هل هي كالإقرار أو كالبينة؟ وفيه قولان أصحهما وهو نصه في المختصر (3) كالإقرار؛ لأن المدعى عليه توصل (4) إلى إِثبات حق (المدعى)(5) فأشبه إِقراره (6) ويتخرج على القولين فروع منها: أن المدعى عليه لو أقام بينة بعد حلف المدعي فشهدت بأداء ذلك أو بالإِبراء عنه، إِن قلنا كالبينة سمعت بينة المدعى عليه. وإن قلنا كإِقرار المدعى عليه وهو الأصح لم تسمع لأنه مكذب لبينته بإِقراره. ومنها ما حكى الهروي (7) من اختلاف الأصحاب أنه يجب
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر في هذه المسألة المهذب جـ 2 ص 301 والوجيز جـ 2 ص 266، وروضة الطالبين جـ 12 ص 45/ 50، وأدب القضاء لابن أبي الدم ص 191/ 198. تحقيق الزحيلى ومغني المحتاج جـ 4 ص 478. وقواعد ابن الوكيل مصور فلم بالجامعة لوحة 102 وما بعدها ومجموع العلائي لوحة 87، وما بعدها.
(3)
انظر ص 309 وهذا القول هو الصحيح عند فقهاء الشافعية كما قال ابن أبي الدم في كتابه أدب القضاء الإحالة السابقة.
(4)
يعني توصل بنكوله إلى إثبات حق المدعي. انظر قواعد العلائي لوحة 87 صفحة (أ).
(5)
في النسختين (المدعى عليه) والتصويب من قواعد العلائي لوحة 87 صفحة (أ). كما أن المعنى يدل عليه.
(6)
نهاية لوحة 113.
(7)
المراد به أبو سعيد بن أحمد بن أبي يوسف تلميذ أبي عاصم العبادى وانظر ما حكاه هنا بنصه في كتابه تهذيب أدب القضاء فلم مصور بمعهد المخطوطات رقم 108 لوحة 55 صفحة (أ). ونصه: مسألة: متى يجب الحق؟ اختلف أصحابنا، قال بعضهم يجب بفراغ المدعي من اليمين المردودة عليه ويستغني عن الحكم بالمال بحكم الحاكم برد اليمين عليه، وقال بعضهم لابد من حكم الحاكم بالمال؛ لأن يمين المدعي بعد نكول المدعى عليه بمنزلة البينة، والبينة تقتضي الحكم. انظر ترجمة الهروى هذا في طبقات ابن قاضي شهبة جـ 1 ص 325/ 326. وطبقات ابن السبكي جـ 4 ص 31 وهداية العارفين جـ 3 ص 84.
الحق بفراغ اليمين أم لابد من حكم الحاكم بالحق؟.
قال الرافعي (1) يمكن أن ينبني على القولين، إِن قلنا كالبينة فلا بد من الحكم، أو كالإقرار فلا حاجة، على أن في الإقرار خلافًا والصحيح ما ذكرنا.
ومنها: ما إِذا اختلف في قيمة المغصوب ونكل الغاصب عن اليمين فحلف المغصوب منه، ثم أقام الغاصب بينة أن قيمته أقل مما حلف عليه، إِن جعلناها كالإقرار لم يقبل لكن نص الشافعي في الأم (2) أنه يقبل، ومقتضى الترجيح عدم القبول.
ومنها: في المرابحة (3) إِذا أخبر أن الثمن كذا وباع، ثم ادعى أنه اشتراه بزيادة، وكذبه المشترى فلا تسمع دعوى البائع ولا بينته، وهل له تحليف المشترى على نفي العلم؟. وجهان يرجعان إِلى القولين، إِن جلعنا اليمين المردودة كالإقرار فله ذلك رجاء النكول ورد اليمين ليكون كالتصديق، وإن جعلناها كالبينة فلا فائدة، إِذا لا تسمع بينة. ومنها: إِذا ادعى عينًا فأنكره (4) ورد اليمين فحلف المدعي، ثم أقام المدعى عليه بينة أن هذه العين ملكه.
قال القاضي حسين (5) ينبني على القولين، إِن قلنا كالبينة سمعت بينة المدعى عليه، وإن قلنا كالإقرار فلا لتكذيبها بإِقراره.
(1) وهو قول لفريق من فقهاء الشافعية راجع نص الهروى السابق.
(2)
انظر جـ 3 ص 253.
(3)
المرابحة نوع من أنواع البيوع وهي: أن يبين البائع رأس المال الذى اشترى به السلعة وقدر الربح فيقول مثلاً ثمنها الذي اشتريته بها مائة. وقد بعتكها برأس مالها وربح عشرة. انظر معناها في المهذب جـ 1 ص 288 والمصباح المنير جـ 1 ص 230 وتعريفات الجرجاني ص 223.
(4)
في النسختين إذا ادعى عينًا عينها فأنكره" وفي قواعد العلائي مخطوط لوحة 87 صفحة (ب): إذا ادعى عليه عينًا فأنكر".
(5)
انظر قول القاضي حسين هنا في كتاب أدب القضاء ص 196.
قال البغوى (1): وقعت المسألة في الفتاوي (2) ففكر القاضي (3) فيها أيامًا وذكر ما تقدم، ثم قال البغوى: والذى عندى أنها تسمع وإن قلنا أن يمين الرد كالإقرار؛ لأنه ليس بصريح إقرار، إِنما هو مجرد نكول، ووجه بعضهم ما اختاره البغوى بأن جعل يمين الرد كالبينة ليس معناه أنه كالبينة من كل وجه ولذلك لا يتعدى (إِلى ثالث)(4) على الصحيح فكذا الإقرار.
والذي رجحه الجمهور (5) ما قاله القاضي حسين.
ومنها: إِذا أدى الضامن المال بلا إِشهاد فأنكر المضمون عنه هل (له)(6) تحليفه؟. قال في التتمة ينبني على أنه لو صدق هل يرجع عليه؟. إِن قلنا نعم حلف على نفى العلم بالأداء، وإن قلنا لا، فينبني على أن النكول كالإقرار أو كالبينة، إِن (قلنا)(7) بالأول لم يحلف لأن غايته أن يكون كما لو صدقه، وذلك لا يفيد الرجوع، وإن قلنا
(1) انظر قول البغوى في هذا الموضع في كتاب أدب القضاء ص 197 بنصه.
(2)
المراد بها فتاوى القاضي حسين.
(3)
المراد به القاضي حسين كما صرح به العلائي في قواعده لوحة 87 صفحة (ب).
(4)
في النسختين "إِلى ذلك" والتصويب من قواعد العلائى لوحة 87 صفحة (ب).
(5)
ومنهم القاضي ابن أبي الدم في كتابه أدب القضاء ص 196/ 197 حيث يقول في كتابه هذا: وأنا أقول: ما ذكره البغوى، مختارًا لنفسه بعيد، والذى ذكره شيخه القاضي أصح، بيانه أن يمين الرد ما ذهب أحد إلى أنها صريح إقرار من المدعى عليه، وإنما جعلت على الأصح بمنزلة إقرار المدعى عليه بمعنى أن حكمها حكم الإقرار منه، ومن حكم إِقراره الصريح أنه لا يسمع منه إِقامة بينة على نقيضه".
(6)
ساقطة من النسختين ومن قواعد العلائي لوحة 87 صفحة (ب). كما أن السياق يدل عليها.
(7)
ساقطة من النسختين أثبتها من قواعد العلائى لوحة 87 صفحة (ب). كما أن السياق يدل عليها.
بالثاني حلف طمعًا في النكول فيكون كما لو أقام البينة. ومنها: هل تسمع دعوى الدم على السفيه؟. وهل (1) تعرض اليمين عليه إِن كان قتلاً يوجب المال وقلنا بالأصح لا يقبل (إِقراره)(2) بما يوجب مالاً، وهل تعرض اليمين عليه إِذا أنكر؟. وجهان مبنيان على القاعدة. إِن قلنا كالبينة عرضت، وإن قلنا كالإِقرار فوجهان أوفقهما لكلام الأكثرين لا؛ لأن الغرض الحمل على الصدق بالإقرار والغرض أن الإقرار غير مقبول والأصح عند الغزالي (3) وغيره العرض؛ لأنه قد يحلف فتنقطع الخصومة (4). ومنها هل تسمع دعوى القتل على المفلس المحجور عليه بسببه؟. فإِن لم يكن بينة ولا لوث (5)
(1) هكذا هذا الفرع في المخطوطة وفي قواعد العلائي لوحة 87 صفحة (ب). ولوحة 88 صفحة (أ). ولعل فيه تكرار لفظ: هل تعرض اليمين عليه؟ كما يلاحظ في النص. فلعل الأولى حذفها ليصبح النص: "ومنها: هل تسمع دعوى الدم على السفيه إن كان قتلًا يوجب المال، وقلنا بالأصح لا يقبل إِقراره بما يوجب مالا وهل تعرض اليمين عليه إذا أنكر؟ .. إلى آخر النص. وراجع هذه المسألة في روضة الطالبين جـ 10 ص 5/ 6.
(2)
في الأصل إِقراه والتصويب من الثانية ومن قواعد العلائي لوحة 88 صفحة (أ). كما أن السياق يدل عليه. وانظر الخلاف في هذه الجزئية في الشرح الكبير للرافعي جـ 10 ص 289 وروضة الطالبين جـ 4 ص 185.
(3)
انظر ما صححه الغزالي هنا في كتابه الوجيز جـ 2 ص 159 وفي الوسيط جـ 1 لوحة 375 صفحة (ب). ونصه: "وتصح الدعوى على السفيه فيما ينفذ به إقراره كالقصاص، وفي إقراره بإتلاف المال قولان، وهل تعرض اليمين إذا أنكر؟ فإن قلنا أن اليمين المردودة كالبينة تعرض عليه رجاء النكول، وإن قلنا كالإقرار فلا فائدة في نكوله، ولكن هل تعرض اليمين فعساه يحلف تنقطع الخصومة وجهان الأصح أنه يعرض أهـ.
(4)
انظر هذا الفرع مفصلا في روضة الطالبين جـ 10 ص 706 والوسيط للغزالي الإحالة السابقة والوجيز له جـ 2 ص 159.
(5)
اللوث كما قال صاحب المصباح المنير المراد به البينة الضعيفة قال وهو بالفتح كما قال الأزهرى انظر جـ 2 ص 223 من الصباح المنير مادة لوث. والمراد به هنا قوة جانب المدعي انظر النظم المستعذب جـ 2 ص 318.
حلف، فإِن نكل حلف المدعي (1).
ومنها: إِذا كانت الدعوى (2) موجبة للقصاص، وعفى على مال ثبت، وهل يشارك (3) الغرماء فيه؟. وجهان مبنيان على القاعدة، إِن قلنا كالبينة فنعم، وإن قلنا كالإقرار خرج على القولين (4) في إِقراره بما يوجب مالاً مستندًا إِلى ما قبل الحجر والأصح القبول.
وإن كانت الدعوى موجبة للمال لكون القتل خطأ أو شبه عمد ثبت باليمين المردودة الدية، وتكون على العاقلة إِن جعلناها كالبينة وإِن جعلناها كالإِقرار فتكون على الجاني. وهل يزاحم المدعي الغرماء؟. فيه القولان. وقد جزم الرافعي والنووى (5)
(1) لم يذكر المؤلف جواب السؤال الذى طرحه. وهو أنها تسمع عليه فيما يقبل إِقراره فيه، وفي المسألة تفصيل بالنسبة لحالات القتل راجعه فى مغني المحتاج جـ 4 ص 110 ولا يخلوا إِما أن تكون الدعوى بقتل قبل الحجر أو بعده. وسأبينها في الفرع الآتي.
(2)
نهاية صفحة (أ). من لوحة 114.
(3)
انظر الخلاف في هذا الفرع في الشرح الكبير جـ 10 ص 207 ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 133.
(4)
ذكر المؤلف من القولين هنا قولاً واحدًا وصححه وهو الصحيح عند الرافعي والنووى راجع ذلك في الشرح الكبير جـ 10 ص 206 وروضة الطالبين جـ 4 ص 132. والقول الثاني عدم القبول لأن حق الغرماء تعلق بماله وفي القبول إِضرار بهم لمزاحمته إِياهم. راجع مصادر المسألة. ولا يخلوا: إما أن تكون هذه الدعوى متعلقة بما قبل الحجر، أو بعده فإِن كانت قبل الحجر فإِنه يلزمه ما أقر به وفي قبوله في حق الغرماء قولان راجع بيانها في النص ونفس هذا التعليق، أو تكون متعلقة بما بعد الحجر ففيها طريقان: الأولى وهي المذهب عند فقهاء الشافعية كما قاله النووي في روضته جـ 4 ص 132. كما لو كانت قبل الحجر والثانية لا تقبل كدين المعاملة والله سبحانه أعلم.
(5)
انظر ما جزم به الرافعي والنووى في هذا الموضع في روضة الطالبين جـ 10 ص 6 وانظر تفصيل هذا الفرع فى نفس هذا المصدر.
في هذه المسألة بثبوت الدية على العاقلة إِذا جعلنا اليمين المردودة كالبينة، وإنما جاء؛ لأن العاقلة قائمة مقام الجاني خطأ فى الدية فليست أجنبية عنه، وإلا فالصحيح المشهور في المذهب أن يمين الرد إِذا جعلناها كالبينة فذاك بالنسبة إِلى المتداعيين لا إِلى ثالث لم تكن الدعوى معه وفيه وجه في عدة مسائل.
ومنها: إِذا (1) ادعى رجلان على واحد فقال كل منهما رهنتني عبدك هذا وأقبضتنيه، فصدق أحدهما دون الآخر قضى به للمصدق، وهل للمكذب تحليفه؟ قولان مبنيان على أنه لو عاد وصدقه هل يغرم؟. إِن قلنا يغرم فله تحليفه لأنه ربما يقر فيأخذ، وإن قلنا لا يغرم فينبني على أن اليمين المردودة كالإقرار أو كالبينة فعلى الأول لا فائدة في تحليفه لأن غايته أن ينكل فيحلف المدعي وذلك (لا)(2) يفيد شيئًا، وإن قلنا كالبينة حلف فإن نكل فحلف المدعي اليمين المردودة ففيما يستفيد به وجهان أحدهما يقضي له بالرهن وينزع من الأول وفاءًا بجعله كالبينة، وأصحهما تؤخذ القيمة من المالك لتكون رهنًا عنده ولا ينزع المرهون من الأول، وقال الرافعي (3) لأنا وإن جعلناهما كالبينة فإِنما نفعل ذلك بالإضافة إِلى المتداعيين، ولا يجعل ذلك حجة على غيرهما، وكذا إِذا صدقهما معاً وادعى كل منهما السبق وصدق أحدهما في السبق، وكذب الآخر قضى للمصدق وهل يحلف للمكذب؟ فيه القولان بجميع ما تقدم.
ومنها: إذا زوج (4) إحدى ابنتيه على التعيين من رجل فتنازعتا فيه، وقالت كل واحدة منهما أنه زوجها فمن صدقها الزوج ثبت نكاحها، وهل للأخرى أن تحلفه؟ فيه
(1) هذا الفرع بهذا التفصيل في شرح الرافعي الكبير جـ 10 ص 174.
(2)
في المخطوطة مسح على اللام فلم يتضح وقد أثبتها من قواعد العلائي لوحة 88 صفحة (ب). ومن الشرح الكبير راجع الإحالة السابقة كما أن السياق يدل عليها.
(3)
انظر قول الرافعي هنا بنصه في شرحه الكبير جـ 10 ص 175.
(4)
انظر هذا الفرع مفصلاً بهذا التفصيل في روضة الطالبين جـ 7 ص 240.
طريقان: أحدهما أنه على القولين، وأصحهما القطع بتحليفه إِذا النكاح يندفع بإنكار الزوج والمقصود المهر فلا بد من التحليف، فإِن حلف سقطت دعواها، وإن نكل فحلفت، فإِن قلنا أنها كالبينة فوجهان أحدهما يثبت نكاح الثانية دون الأولى كما لو قامت بينة، إِذا البينة أقوى من الإقرار. قال الإمام (1) وهذا القائل يقول ينتفي نكاح الأولى، وينقطع نكاح الثانية (لإِنكار) (2) الزوج وأصحهما استمرار نكاح الأولى؛ لأن اليمين المردودة إِنما تجعل كالبينة في حق المتداعيين دون غيرهما. وقد ثبت نكاح الأولى بتقارهما. فلا يتأثر بتنازع الزوج والثانية ويمينها (3). ومنها:(4) إذا زوجها أحد الأولياء من زيد والآخر من عمرو، وعلم السابق ثم جهل ثم أقرت بالنكاح لأحدهما ثبت له، وفي سماع دعوى الآخر وتحليفها القولان كما سبق (5) في أنها هل تغرم له أم لا؟. إِن قلنا لا تغرم فقولان بناء على الأصل المذكور في يمين الرد، فإِن قلنا كالبينة فالوجهان أيضًا (6).
(1) انظر قول الإمام هذا بنصه في روضة الطالبين الإحالة السابقة.
(2)
في النسختين "لا نكاح" والتصويب من قواعد العلائى لوحة 88 صفحة (ب). ومن روضة الطالبين جـ 7 ص 240.
(3)
لم يذكر المؤلف هنا الحكم المترتب على ما لو جعلت اليمين المردودة كالإقرار وهو كما هو في روضة الطالبين جـ 7 ص 240 أن في النكاح قولين أحدهما: يبطل النكاحان والصحيح استمرار نكاح الأولى.
(4)
انظر هذا الفرع مفصلاً في روضة الطالبين جـ 7 ص 91/ 92.
(5)
لم تسبق إِشارة إِلى هذا الموضع في القسم الذي قمت بتحقيقه، ولعله سبق في القسم الأول من هذا الكتاب. والله أعلم. والذي في روضة الطالبين جـ 7 ص 91. هو إِشارة إِلى القولين في المسألة الآتية في ص 316. من هذا الكتاب وهي: ما لو ادعى على رجل عينًا في يده فقال المدعى عليه هي لفلان. وهي تشبه أيضًا المسألة السابقة في ص (314) وهي ما إذا ادعى رجلان على واحد فقال كل منهما رهنتني عبدك هذا .. ".
(6)
نهاية لوحة 114.
ورجح في التهذيب أنه يثبت نكاح الثاني على ما تقدم عنه في مسألة العاقلة وقال الصيدلاني (1) وغيره النكاح الأول كما تقدم (2) وعلى قول أن يمين الرد كالإقرار وجهان أيضًا أحدهما يندفع النكاحان لتساويهما في الحجة (3) لأنها أقرت للأول ثم الثاني فصار كما لو (أقرت)(4) لهما معًا، وأصحهما أن النكاح للأول لتقدم الإقرار له فلا يرفع بإِقرارها للثاني. ويتحصل من الخلاف كله ثلاثة أوجه، أصحها أن النكاح للأول والثاني للثاني والثالث يتدافعان.
ومنها: إِذا ادعى (5) على رجل عينًا في يده فقال المدعى عليه هي لفلان وصدقه سلمت إِليه، وهل للمدعي تحليف المقر؟.
إِن قلنا بتغريمه إِذا أقر به ثانيًا للمدعي فله تحليفه، فإِن نكل وُردَّت على المدعي فحلف، فإِن قلنا أنها كالإقرار فيغرم له، وإن قلنا كالبينة (فالوجهان)(6) وأصحهما أنه لا ينزع من المقر له لما تقدم.
ومنها: إِذا قال هذا الثوب الذى في يدى لأحد الرجلين يطالب بالتعيين، فإِذا عين أحدهما سلم إِليه، وهل للثاني تحليفه؟. فيه ما مر جميعه (7).
(1) انظر قول الصيدلاني هنا في روضة الطالبين جـ 7 ص 82.
(2)
في المسألة التي قبلها في ص 314.
(3)
وذلك لأن مع الأول إِقرارًا، ومع الثاني ما يقوم مقام الإقرار فاستويا، انظر نحو هذا في كتاب أدب القضاء لابن أبي الدم ص 196.
(4)
في النسختين "أقر" والتصويب من قواعد العلائي لوحة 89 صفحة (أ).
(5)
انظر هذا الفرع والذي بعده ضمن الفروع التي بناها القاضي ابن أبي الدم في كتابه أدب القضاء ص 192، 193. على الخلاف في هذه المسألة.
(6)
ساقطة من النسختين وأثبتها من قواعد العلائي لوحة 89 صفحة (أ).
(7)
انظر المسألة السابقة.
ومنها: إِذا (1) كان بين اثنين شركة في مال ومن جملته عبد فباعه أحدهما بإِذن (شريكه)(2) بألف وتصادق الشريك الموكل والمشتري أن البائع قبض الثمن بكماله وأنكر البائع ذلك، فإِذا اختصم الموكل والبائع فالقول قول البائع مع يمينه في عدم القبض فلو نكل البائع وحلف الموكل اليمين المردودة استحق نصيبه (3) عليه، ثم هذا الوكيل هل له مطالبة المشترى بحصة نفسه؟ (4) المذهب نعم، ولا يسقط حقه بنكوله عن اليمين وحلف الموكل (5).
واعلم أنه قد شذ عن هذه المسائل: ما إِذا قذف رجلاً وطالبه بحق القذف فادعى القاذف أن المقذوف زنى وطلب يمينه فنكل وردها على القاذف فحلف القاذف أنه زنى فإِن الحد يسقط عنه ولا يجب بذلك على المقذوف حد الزنا سواء قلنا أن يمين الرد كالإقرار أو البينة؛ لأن هذه اليمين كانت لدفع الحد لا لإثبات الزنا.
ومنها: إِذا (6) اختلف البائع والمشتري في قدم العيب وحدوثه فالقول قول البائع
(1) انظر هذا الفرع بهذا النص في كتاب أدب القضاء لابن أبي الدم ص 194/ 195. ضمن الفروع التي خرجها على الخلاف في هذه المسائل.
(2)
في المخطوطة: "شريك""والهاء" مسوح وقد أثبته من الثانية ومن قواعد العلائي لوحة 89 صفحة (أ).
(3)
وهو خمس مائة كما في أدب القضاء ص 195.
(4)
هي خمس مائة كما هي في المصدر السابق نفس الإحالة، وأيضًا فإِن نصيب الشريك الموكل يفهم من النص؛ لأن المبلغ الذى فرض بيع العبد به ألف. والله أعلم.
(5)
وفيه وجه آخر لم يذكره المؤلف وهو: "أنا إِذا قلنا: إِن يمين الرد كالبينة سقطت مطالبته بحصته وتصير يمين الموكل المردودة كبينة أقامتها على قبض الوكيل "البائع" جميع الثمن من المشترى تفريعًا على أن يمين الرد كالبينة" أهـ. من كتاب أدب القضاء لابن الدم ص 195.
(6)
انظر هذا الفرع مفصلاً في الشرح الكبير جـ 8 ص 370/ 374.
مع يمينه في حدوثه ويحلف على البت، فلو اختلفا بعد ذلك فى الثمن وتحالفا وفسخ العقد وطلب البائع من المشتري أرش العين الذي اختلفا فيه أولًا بناء على أنه استقر حدوثه بيمين البائع لم يكن له ذلك لأن يمينه كانت لدفع الغرم عنه أو الرد فلا تصلح لشغل ذمة المشترى، بل القول الآن قول المشترى مع يمينه أن هذا العيب ليس بحادث ولا يُطالبُ بالأرش إلا ببينة أو باليمين المردودة بطريقها. وكذا (1) إذا وكل رجلاً بالبيع وقبض الثمن فادعى الوكيل الإقباض وأنكره الموكل فالقول قول الوكيل مع يمينه لأنه مؤتمن فلو خرج المبيع بعد ذلك مستحقًا ورجع المشترى على الوكيل بالثمن لم يكن للوكيل أن يرجع على الموكل بنظير الثمن بناء على تلك اليمين؛ لأن يمينه تلك كانت لدفع الغرم عنه فلا تصلح لشغل ذمة الموكل بل القول الآن قول الموكل في عدم القبض مع يمينه. والله أعلم. ثم هذه المسائل الثلاث ليست راجعة إِلى الأصل المتقدم، بل راجعة إلى قاعدة أخرى وهي أن كل (2) يمين كانت لدفع شيء لا تكون لإثبات غيره. والله أعلم.
(1) انظر في هذا الفرع روضة الطالبين جـ 4 ص 343.
(2)
نهاية صفحة (أ). من لوحة 115.