الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعاملة بنقيض المقصود
(1)
قاعدة (2): مراعاة الحكمة مع وجود الوصف، الأكثر اعتبارها؛ وقد لا تعتبر الحكمة أصلًا مع وجود الوصف فلا يترتب عليها حكم، ولهذا اضطربت مسائل المعارضة بنقيض المقصود، ففي بعضها ما جزم باقتضائه ذلك، وفي بعضها ما جزم بمقابله، وفي بعضها خلاف، فمن الأول (تخليل الخمر بطرح شيء فيه و)(3) حرمان القاتل الإرث عمدًا، وكذا الخطأ على المشهور (4) حسمًا للباب، ثم عدوا ذلك إِلى الإمام إِذا قتل مورثًا حدًا بالرجم، وفي المحاربة على الأصح من ثلاثة أوجه، وفي قتله قصاصًا خلاف مرتب وأولى بالحرمان (5)، وكذا لو مات بسبب فَعَلَه الوارث كنصب ميزاب ووضع حجر على الأصح، وفي وجه لا يمنع وهو قوى لبعد التهمة جدًا في ذلك. ومن ذلك إِذا رمى نفسه من شاهق عبثًا فجن فإِنه يلزمه قضاء (6) ما فاته من الصلوات مدة زوال عقله.
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر تفصيل هذه القاعدة في قواعد ابن الوكيل لوحة 60 وقواعد العلائي لوحة 69 وقواعد الزركشي لوحة 167.
(3)
ما بين القوسين أثبته من هامش الأصل مشار إِليه بسهم في الصلب وهو في صلب الثانية (108 ب).
(4)
انظر المهذب جـ 2 ص 24 وروضة الطالبين جـ 6 ص 31 وهناك قول حكاه الحناطي أن القتل الخطأ لا يمنع الإرث. راجع مسائل المسألة.
(5)
انظر هذه الفروع في المهذب جـ 2 ص 24 والتنبيه ص 151، روضة الطالبين جـ 6 ص 32 حاصل الثلاثة الأوجه كالآتي: الأول: وهو الأصح عند فقهاء الشافعية أنه لا يرث مطلقًا. الثاني: التفربق بين كون الحد ثبت بالبينة أو بالإقرار، فإن ثبت بالبينة منع، لأنه منهم وإن ثبت بالإقرار لم يمنع من إِرثه لعدم لتهمة. الثالث: وهو ضعيف عند فقهاء الشافعية أنه يرث مطلقًا. راجع في ذلك مصادر المسألة.
(6)
وهو نص الشافعي في الأم جـ 1 ص 70. وانظر المجموع شرح المهذب جـ 3 ص 8.
ومن القسم الثاني (1): إذا قتلت أم الولد سيدها فإنها تعتق ولم أر فيه خلافًا (2)(و)(3) لم يعتبر نقيض المقصود، وكان ذلك لأنه (4) غاية لا يمكن إرقاقها ومن ذلك لو قتل رب الدين من عليه دين مؤجل قطع الجمهور بأن دينه يحل، ومنها: إذا باع الماشية قبل الحول فرارًا من الزكاة قطعوا بصحة البيع مع الكراهة، ومنها: لو أفطر متعديًا بالأكل ليجامع فإِنه لا تجب الكفارة، ومنها لو استلحق الولد المنفي باللعان بعد موته قالوا يقبل ويرئه ويأخذ ديته إن كان قتل، ولم يعتبروا طمع الإرث. ومنها: لو شربت دواء فحاضت لم يجب عليها قضاء الصلوات اتفاقًا.
القسم الثالث المختلف فيه، وفيه صور: - منها طلاق الفار في مرض موته ثلاثًا والجديد (5) أنها لا ترث، والقديم ترث معاملة له بنقيض مقصوده. ومنها لو جبَّت ذكر زوجها فالأصح أنها لا تفسخ، وقيل لا للقاعدة (6). ومنها: إذا هدم المستأجر الدار
(1) أى القسم الذى لم يعامل فيه بنقيض المقصود.
(2)
انظر هذه المسألة في المهذب جـ 1 ص 451، وروضة الطالبين جـ 6 ص 107.
(3)
أثبتها لما يقتضيه السياق، وانظر مجموع العلائي لوحة 69 صفحة (أ).
(4)
هكذ النص في النسختين، والذى في مجموع العلائي الإحالة السابقة ما نصه: "وكان ذلك لأنه لا غاية بعد موت السد لعتق أم الولد، ولا يمكن إرقاقها. ولعل أسلوب العلائي هنا أوضح وأوفى من أسلوب المؤلف. والمراد من النصين أنه لم توجد غاية أخرى لعتق أم الولد بعد موت سيدها حتى نأخرها إليها، ولم يكن أمامنا إلا العتق من حين موت السيد مقتولًا بيدها، أو الرق الأبدي لها -معاملة لها بنقيض المقصود- وجانب العتق أرجح لتشوف الشارع إليه. والله سبحانه أعلم.
(5)
انظر مختصر المزني ص 194/ 195. والأم جـ 5 ص 354. وانظر هذا الفرع مفصلًا في روضة الطالبين جـ 8 ص 72/ 73.
(6)
أي المعاملة بنقيض المقصود "ويمكن أن توضح هذه الصورة: بأن الزوجة إذا قطعت ذكر زوجها من أجل أن تفسخ نكاحها منه، فأصبح مجبوب الذكر هل لها حق الفسخ لكونه مجبوبًا أو لبس لها حق الفسخ معاملة لها بنقيض قصدها؟
المستأجرة فوجهان الأصح له الفسخ كما لو انهدمت. ومنها: (1) الوصية للقاتل وفيه أوجه الأصح صحتها، والثالث: إِن تقدمت الجراحة على الوصية صحت وإلا فلا.
ومنها تخليل الخمر بالنقل من الظل إِلى الشمس وعكسه. والأصح أنها تطهر وتحل قال الرافعي (2): ويجري الوجهان فيما لو فتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالًا للحموضة. ومنها: إِذا قتلت الحرة نفسها قبل الدخول نص الشافعي أنه لا يسقط شيء من المهر ونص (3) أن سيد الأمة المزوجة إِذا قتلها قبل الدخول أنه يسقط مهرها (4).
فمنهم من قرر النصين، ومنهم من نقل وخرج (5) والأظهر في سيد الأمة يسقط المهر، وفي قتل الحرة نفسها وجوبه (6). ولو قتلت الأمة نفسها ففي سقوط المهر وجهان (7)، وكذا لو قتلت الحرة زوجها قبل الدخول ففي سقوط المهر وجهان.
ومنها: إِذا (8) وثب لغير حاجة أو رمى نفسه عبثًا فانكسرت رجله فصلى قاعدًا
(1) انظر هذا الفرع في التنبيه ص 140 والمهذب جـ 1 ص 451، والوجيز جـ 1 ص 269، روضة الطالبين جـ 6 ص 107، ولفقهاء الشافعية فيه تفصيلات ذكر المؤلف منها وجهين، الأول: والثالث، والثاني سكت عنه لفهمه من إطلاق الوجه الأول: وهو عندهم عدم الصحة مطلقًا راجع المصادر السابقة.
(2)
انظر شرحه الكبير جـ 10 ص 86، والوجهان أحدهما: الصحة والآخر عدم الصحة.
(3)
انظر مختصر المزني ص 167.
(4)
نهاية لوحة 105.
(5)
أي خرج قولين في الوضعين ومن هؤلاء أبو العباس بن سريج، وأبو القاسم الرافعي والإمام النووى راجع المهذب جـ 2 ص 58، والروضة 70 ص 219.
(6)
وهو المذهب عند جمهور فقهاء الشافعية. راجع المصادر السابقة.
(7)
لم يفرق فقهاء الشافعية بين قتل الأمة نفسها وبين أن يقتلها سيدها في الحكم وقد نص على ذلك إمام مذهبهم في مختصر المزني ص 167.
(8)
انظر هذا الفرع في المجموع شرح المهذب جـ 3 ص 8.
فهل يجب عليه قضاء تلك الصلوات؟. وجهان الأصح لا يجب، وقد مر (1) أنه إِذا زال عقله بذلك وجب عليه القضاء، والفرق أنه هنا أتى بالصلاة في الجملة بخلاف مسألة زوال العقل فإِنه لم يأت بشيء. وهذا هو الذي نص عليه الشافعي (2) واتفق عليه الأصحاب.
ومنها لو شربت دواء لتلقي الجنين فألقته ونفست لم يلزمها قضاء أيام النفاس في الصلاة على الصحيح، ولم يطردوا الخلاف فيما إِذا (شربت دواء)(3) لاستعجال الحيض وكان الفرق ما في إِلقاء الجنين من التحريم والتعدي.
ومنها: لو قتل المدبر سيده، فإِن جعلنا التدبير عتقًا بصفة فه كالمستولدة (4) وإن جعلناه وصية فهو كالوصية للقاتل (5). ومنها إِذا كان الزوج (6) يكره زوجته فأساء عشرتها ومنعها حقها أو بعضه حتى ضجرت وافتدت بالخلع فإِنه ينفذ على الصحيح وقيل كالإكراه على الخلع فيبطل والله أعلم.
(1) راجع ص 4/ 241.
(2)
راجع لأم جـ 1 ص 70.
(3)
ما بين القوسين أثبته من قواعد العلائى مخطوط لوحة 70 كما أن السياق يدل عليه.
(4)
فيعتق قولًا واحدًا عند فقهاء الشافعية كما سبق في مسألة المستولدة راجع ص 242/ 3.
(5)
فيكون في عتقه ثلاثة أوجه كما في الوصية للقاتل. راجع ص 234/ 3.
(6)
انظر في هذا الفرع المهذب جـ 2 ص 71. وانظر أيضًا روضة الطالبين جـ 7 ص 374. والأم جـ 5 ص 196، وقد جرى معظم فقهاء الشافعية وعلى رأسهم إمام مذهبهم على عدم التفرقة بين الحقوق، فجعلوا منع أي حق من حقوقها من أجل أن تفتدي منه بالمال إِكراهًا على الخلع وأبطلوه واعتبروا الطلاق رجعيًا، على أن هناك من فرق بينهم بين الحقوق فجعل منع بعضها إكراهًا على الخلع فأبطله وجعل منع بعضهم دون مرتبة بالإكراه فلم يمنع الخلع في مثل هذه الحالة، وهذا الاختلاف منهم واتفاقهم في أنه يكره، وأن الزوج يأثم بمثل هذا الفعل. راجع في ذلك مصادر المسألة. والله سبحانه أعلم.
واعلم أنه قد شذت صور عن الحكمة حتى صار الوصف فيها كضرب من التعبد وثبت الحكم فيها على ذلك، فمنها إِذا غسل إِحدى رجليه ثم أدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها لا يجوز المسح إِلا بعد نزع الأولى ثم يلبسها لقوله عليه الصلاة والسلام:"إِذا تطهر أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما"(1)، ولا يسمى متطهرًا إِلا بعد كمال الوضوء.
ومنها: النهي عن بيع الطعام حتى يكال أو يوزن، فلو ابتاع الطعام واكتاله وتركه في مكياله ثم باعه ثانيًا هل يحتاج إِلى كيل ثان،؟ قيل لا يصح القبض الثاني حتى يخرجه ويبتدئ كيلًا والأصح عند الأكثرين أن استدامته في المكيال، كابتداء الكيل، والخلاف جار فيما لو كان القبض الأول مستحقًا بالسلم، والثاني بقرض أو إتلاف. ومنها: إِذا أخذ صيدًا وهو محرم ولا امتناع لذلك الصيد ثم تحلل فإِنه يلزمه إِرساله ثم يأخذه إِذا شاء.
ومنها: (2) السرف في استعمال الماء في الطهارتين على شاطئ البحر قال الشيخ أبو حامد هو حرام، وقال الأكثرون (3) يكره.
ومنها: لو قبض السلم إِليه من المسلم رأس المال ورده إِليه قبل التفرق بدين كان له عليه، قال الروياني لا يصح لعدم انبرام الملك، فإِذا تفرقا فعن بعض الأصحاب أنه يصح
(1) هذا الحديث أخرجه الدارقطني عن عمر رضي الله عنه موقوفًا بلفظ: إِذا توضأ وأخرجه مرفوعًا عن طريق أنس عن عبد الله بن أبي بكر وثابت بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا توضأ" وساق الحديث، انظر سنن الدارقطني جـ 1 ص 25. وأخرجه ابن حجر في بلوغ المرام ص 95، وقال أخرجه الحاكم وصححه وهو عنده بلفظ: "إذا توضأ أيضًا" وأخرجه البيهقي في السن الكبرى بلفظ "إِذا توظأ" من الطريق التي أخرجه بها الدارقطني مرفوعًا، وأخرجه عن عمر أيضًا موقوفًا. انظر المهذب في اختصار السنن الكبرى للذهبي جـ 1 ص 281، 282.
(2)
انظر هذا الفرع في المجموع جـ 2 ص 190.
(3)
انظر المصدر السابق في هامش 2.
لأن الملك انبرم، وقيل برده حينئذ ثم يقبضه عن الدين.
ومنها: (1) إِذا تيقن عدم الماء حوله لزمه الطلب في وجه، والصحيح (2) لا يلزمه لأنه عبث.
ومنها: استحباب إِمرار الموس على رأس الأقرع أو الأصلع (3) ومنها كثير من مسائل الاستبراء إِذ أصل مشروعيته لمعرفة براءة الرحم ثم قيل به مع القطع بالبراءة كما في الصغيرة والآيسة، وكما لو زوج أمته ثم طلقها الزوج قبل الدخول ولم تخرج من يد الزوج وفيه قولان، ولو باع الأمة وعادت إِليه بالفسخ (4) في المجلس ولم يقبضها المشتري فيجب الاستبراء على وجه.
وكذا لو اشترى زوجته الأمة وانفسخ نكاحها لكن الأظهر أنه لا يجب استبراؤها. إِلى غير ذلك من الصور.
وكذا أيضًا أنواع الزكاة فإنها شرعت لسد خلة الفقير ولا يجوز إِخراج القيمة عنها في غالب المسائل ولو كانت أمثال الواجب، ثم طردوا الحكم في مسائل تخلف عنها المعنى بالكلية وبقى الحكم تعبدًا طردًا لقاعدة الباب.
(1) انظر هذا الفرع مفصلًا في الشرح الكبير جـ 2 ص 194، وما بعدها والمجموع وشرح المهذب جـ 2 ص 249 والمنهاج وشرحه نهاية المحتاج جـ 1 ص 265، وشرح المحلي على المنهاج جـ 1 ص 77. وعليه حاشية قليوبي وعميرة.
(2)
وهو المذهب عند فقهاء الشافعية راجع المصادر السابقة.
(3)
انظر هذا الفرع في المجموع وشرح المهذب جـ 8 ص 212.
وقد حكى النووى عن ابن المنذر أنه نقل إجماع العلماء عليه. وانظره أيضًا في الشرح الكبير جـ 7 ص، 378.
(4)
نهاية صفحة "أ" من لوحة 106.
ومنها: الرمل (1) الآن فإِنه في الأصل لإظهار القوة للمشركين حين قالوا: وهنتهم حمى يثرب (2) فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا في الأشواط الثلاثة وقد يقال: خلف ذلك المعنى معنى آخر لأنه عليه الصلاة والسلام رمل في حجة الوداع يتذكر بذلك نعمة الله تعالى وهو زوال السبب الذى شرع له الرمل وقد صارت مكة شرفها الله تعالى دار إسلام، والله أعلم.
(1) ذهب المؤلف في هذا المثال على عكس ما ذهب إِليه العلائي في قواعده مخطوط لوحة 71، فقد اعتبر المؤلف هذا المثال أن الحكم هنا تعبدي ولا يعقل معناه، إذ أن المعنى المعقول منه قد انتهى بوجود سببه وهو قول المشركين "وهنتهم حمى يثرب كما هو مبين هنا، واعتبر القول بأن له معنى آخر غير ما علل به هنا أيضًا قولًا ضعيفًا حيث صوره بقوله وقد يقال: أما العلائي فاعتبر سوق المثال هنا ضعيفًا حيث صوره بقوله: وقد عد بعضهم من هذا -يريد تخلف المعنى- واعتبر القول بأن له معنى معقولًا مضافًا إلى ما علل به قول المشركين، قولًا قويًا ونصه: وليس هذا منه لأنه خلف ذلك المعنى معنى آخر، إلى آخر النص. وهذه فيما أعلم أول مسألة يخالف فيها المؤلف العلائي والله سبحانه أعلم.
(2)
هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحج باب كيف كان يبدأ الرمل 55 عن ابن عباس موصولًا بسنده بلفظ قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وقد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا بين الركنين. ." الحديث. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج 15 باب 39 عن ابن عباس بسنده حديث رقم 240 بلفظ البخاري، وأخرجه أبو داود فى سننه كتاب المناسك باب الرمل عن ابن عباس أيضًا حديث 885.