الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التأويل
(1)
قاعدة (2) واعلم أن التأويل (3) إِنما يكون في الظواهر دون النصوص (4)، ولا يقال لبيان المجمل (5) كالمشترك إِذا حمل على أحد محمليه بقرينه، تأويل.
ثم التأويل على مراتب أعلاها: ما كان اللفظ محتملًا له ويكثر دخوله في الكلام فيقبل قطعًا، الثاني ما يكون احتماله فيه بعد؛ لكن تقوم قرينه تقتضي ذلك فهو كالأول. فإِن قوي البعد كثيرًا تردد النظر في القبول ورده، وربما يقع التردد من جهة قوة القرينة وضعفها. والثالث: ما لا يحتمله اللفظ ولا تقوم قرينة عليه فهو مردود وبيان ذلك بصور:
منها إِذا قال للرجعية طلقتك فإِنَّ (6) اللفظ صالح للإِنشاء والإخبار فإِن ادعى
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
راجع في هذه القاعدة: المستصفى جـ 1 ص 384 وما بعدها والإحكام جـ 2 ص 72 وما بعدا وتيسير التحرير جـ 1 ص 136 وما بعدها. ومختصر المنتهى مع شرحه جـ 2 ص 168. وروضة الناظر ص 177/ 178 تحقيق د. السعيد.
(3)
التأويل في اصطلاح الأصوليين هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إِلى احتمال مرجوح لاعتضاده بدليل .. وانظر معنى التأويل ومراتبه في روضة الناظر ص 178.
(4)
هذا إنما يكون بناء على أن معنى النص: ما لا يتطرق إِليه احتمال أصلًا لا على قرب ولا على بعد كالأعداد، فإِن كل عدد نص في معناه لا يحتمل غيره على وجه من الوجوه. وهو أشهر معاني النص، راجع المستصفى جـ 1 ص 385. ولعل عبارة المؤلف هنا جرت على المعنى الغالب للنص. والله أعلم.
(5)
وذلك لأن المجمل غير الظاهر، فالمجمل ما دل على معنيين فأكثر لا مزية لأحدهما على الآخر، بخلاف الظاهر، فإِنه ما دل على معنى دلالة ظنية يحتمل معها غيرها. ومن هنا لا يقال لبيان المجمل تأويلًا، إِذ ليس في حمل المشرك على أحد محملية، صرف للفظ عن ظاهره الراجح - كما هو الحال في التأويل -. والله أعلم.
(6)
نهاية لوحة 97.
الإخبار قبل بالاتفاق وهذا ليس من التأويل بل من حمل المشترك على أحد محمليه.
ومنها: (1). إِذا كان اسمها طالقًا فناداها. فإِن قصد النداء لم يقع الطلاق، وإِن قصد الإِيقاع وقع. وإِن أطلق فالصحيح الحمل على النداء للقرينة فلا يقع إِلا إِذا نوى.
ومنها: إِذا قال أنت على كالميتة والدم ونحوهما (2). فظاهر النص (3) أنه كما لو قال أنت على حرام، وفيه احتمال للإِمام (4) وهو الذى أورده في التهذيب (5) فلو قال:
(1) انظر هذه الفروع في الأم ج 5 ص 259 وما بعدها ومختصر المزني ص 192/ 193 والمهذب جـ 2 ص 80/ 83 الوجيز ج 2 ص 54/ 55. وكفاية الأخيار للمؤلف ج 2 ص 52/ 54 ومختصر البويطي لوحة 35 مصور فلم معهد المخطوطات رقم 460 وقواعد العلائي لوحة 48 مصور فلم بالجامعة والتهذيب للبغوى جـ 7 لوحة 20.
(2)
كالخنزيز والخمر انظر كفاية الأخيار جـ 2 ص 54.
(3)
انظر مختصر المزني ص 193.
(4)
هكذا نقل المؤلف عن الإِمام هنا وهو ما نقله عنه العلائي في قواعده لوحة 48 والذى قاله المؤلف في كتابه كفاية الأخيار جـ 2 ص 54 فى هذه المسألة ما نصه: إِن أطلق فالنص إنه كالحرام، فيكون على الخلاف وعلى هذا جرى الإِمام والذى ذكره البغوى وغيره أنه لا شيء عليه أهـ. وما نقله المؤلف عن الإِمام في الكفاية هو ما نقله عنه الرافعي وتابعه عليه النووي انظر الروضة جـ 8 ص 31.
(5)
الذى في التهذيب جـ 7 لوحة 26 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 488. ما نصه: "ولو قال لزوجه أو أمته، أنت على كالميتة أو كالدم أو كالخمر فهو كقوله على حرام إِذا نوى ويكون كناية" أهـ.
والتهذيب: كتاب في فروع الشافعية ألفه الإِمام محيي السنة حسين بن مسعود البغوى وصفه العلماء بأنه كتاب محرر مهذب مجرد عن الأدلة غالبًا. لخصه من تعليق شيخه القاضي حسين وزاد عليه. واختصره حسين بن محمد الهروى الشافعي وسماه أيضًا التهذيب. توجد نسخة مخطوطة منه في دار الكتب المصرية رقم (488) انظر كشف الظنون ج 1 ص 517 وطبقات ابن السبكي جـ 4 ص 215.
أردت أنها كالميتة في الاستقذار قبل ولم يلزمه شيء.
ومنها ما إِذا (قال)(1) أنت طالق في الشهر الماضي ثم قال أردت أني طلقتها في الشهر الماضي وبانت مبني فنكحتها. قالوا ينظر، إِن عرف نكاح سابق وطلاق منه قبل أو أقام على ذلك بينة وصدقته المرأة في إِرادته فذاك وإِن كذبته وقالت أردت الإنشاء حلف.
وفرقوا بين هذه المسألة وبين ما إِذا قال طلقتها في هذا النكاح، حيث يصدق ولا يطالب (بالبينة)(2). أنه (3) معترف هنا بطلاق في هذا النكاح. وإن لم يعرف نكاح سابق ولا طلاق وكان محتملًا قال الرافعي (4) ينبغي أن يقبل التفسير به وإن لم تقم بينة، يعني لقيام الاحتمال وصلاحية اللفظ له. ومنها: إِذا قيل له: أطلقت زوجتك؟ فقال نعم، ثم قال أردت الإقرار بطلاق سابق وقد راجعتها فإِنه يصدق وإن قال أبنتها وجددت نكاحها فهي كالتي قبلها.
ومنها: تخصيص العام وتقييد المطلق بالنية وهو مقبول في الأيمان (5) بالله: فإِذا قال والله لا لبست ثوبًا ونوى ما عدا الكتان لم يحنث بالكتان. وكذا لا أكلت ونوى
(1) أثبتها لما يقتضيه السياق وهي في الثانية (102 أ) وانظر النص في قواعد العلائي لوحة 48.
(2)
أثبتها من قواعد العلائي لوحة 48 وهي ساقطة من الثانية (102 أ).
(3)
هكذا في النسختين ولعل الأولى "لأنه".
(4)
انظر روضة الطالبين جـ 1 ص 20.
(5)
انظر المهذب جـ 2 ص 137. والوجيز جـ 2 ص 232. وقد فرض الأصوليون مسألة كهذه في الأيمان ونقلوا عن الشافعي أنه يقول بالتخصيص بالنية.
راجع في ذلك المحصول جـ 1 ص 626 ق 2. ونهاية السول جـ 2 ص 62/ 61. والإِبهاج 2 جـ ص 117. والتخصيص بالنية منفق عليه بين الفقهاء كما ظهر من عبارات الأصوليين راجع المصادر السابقة وانظر في التخصيص بالنية والفروع المترتبة عليه التمهيد ص 374 وقواعد العلائي لوح 48.
معينًا لم يحنث بغيره.
فأما في الإيقاعات كالطلاق فقال الشافعي في المختصر. لو قالت له طلقني فقال: كل امرأة لي طالق طلقت التي سألته، إِلَّا أن يكون عز لها بنيته، فأخذ بظاهره ابن الوكيل (1) وغيره وقالوا يقبل في الظاهر سواء كانت قرينة كما إِذا خاصمته وقالت: تزوجت عليّ فقال: كل امرأة لي طالق وقال أردت غير المخاصمة أو لم تكن قرينة. قال الرافعي (2) والأظهر عند القفال (3) والمعتبرين لا يقبل ظاهرًا إِن لم تكن قرينة، ويقبل إِن وجدت وهو اختيار الروياني (4).
(ومنهم (5). من حمل النص عند القرينة) وفرق القاضي حسين بين (قوله)(6) كل امرأة لي طالق وبين قوله: نسائي طوالق فجوز استثناء بعضهن (بالنية)(7) في الثانية دون الأولى لقوة مدلول كل فإِنها تقتضي كل فرد فرد.
(1) هو أبو حفص ابن الوكيل المعروف بالباب شامي انظر قوله هنا في روضة الطالبين جـ 8 ص 19 وقواعد العلائي لوحة 48.
(2)
انظر الروضة جـ 8 ص 19.
(3)
هو القفال المروزى راجع المصدر السابق.
(4)
الذى في بحر المذهب له لوحة 100 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 22. يفيد غير ما نقل عن الروياني هنا. وهذا نص ما في البحر لو قال: كل امرأة لي طالق وكان ناسيًا أن له زوجة يلزمه الطلاق. لأن الزوجية مرجودة والقصد إِلى الطلاق موجود. أهـ.
(5)
من هؤلاء القفال راجع ص 246 ولعل هذه العبارة زائدة يمكن الاستغناء عنها بما سبق أن نقله عن الرافعي. راجع ص 182.
(6)
أثبتها من قواعد العلائي لوحة 48 كما أن السياق يقتضي ذلك وهي ساقطة من الثانية (202 أ).
(7)
أثبتها من قواعد العلائي لوحة 48 كما أن السياق يقتضي ذلك وهي ساقطة من الثانية (202 أ).
قال الرافعي (1) وأُجْري الخلاف في القبول في الظاهر فيما إِذا قال إِن أكلت خبزًا أو تمرًا فأنت طالق ثم فسره بنوع خاص، وطردهما الغزالي (2) وغيره فيما إِذا كان يحل عنها وثاقًا ثم ادعى إِرادة الإِطلاق من الوثاق وقال الظاهر القبول، ولو قال إِن كلمت زيدًا فأنت طالق ثم قال أردت شهرًا حكى (3) عن النص أنه يقبل. وذكر الغزالي (4) وغيره أن ذلك في القبول في الباطن حتى لا يقع إِذا كان التكليم بعد شهر يعني يدين إِلَّا أنه) (5) لا يقبل في الظاهر. ومنها إِذا كتب زوجتي طالق أو يا فلانة أنت طالق ونحو ذلك ثم قرأه وقال لم أنو الطلاق. إِنما (6) قصدت قراءة ما كتبت وحكاية ما فيه، ففي قبوله ظاهرًا وجهان كالوجهين فيما إِذا كان يحل الوثاق وقد مر أن الأصح القبول في الظاهر.
ومنها (7) إِذا قال طلقتك ثم ادعى سبق اللسان من غير قحمد وقال كنت أريد أن
(1) انظر روضة الطالبين جـ 8 ص 19.
(2)
انظر الوسيط ج 2 لوحة 220 مخطوط رقم 318 ونصه: وكذلك رأى يقبل في الظاهر إِذا قال وهو يحل عنها وثاقًا: أنت طالق فقال: أردت عن الوثاق فيه خلاف، وميل القاضي إِلى أنه يقبل ظاهرًا أهـ.
(3)
الحاكي هنا هو الغزالي انظر نصه في وسيطه ص 2 لوحة 220 ونصفه: وقد قال الشافعي رضي الله عنه: "لو قال: إِن كلمت زيدًا فأنت طالق ثم قال أردت به شهرًا فكلمته بعده لم يقع الطلاق باطنًا لأن اللفظ عام في الأزمان كلها"
(4)
انظر الوسيط الإِحالة السابقة.
(5)
ما بين القوسين أثبته لما يقتضيه السياق وانظر مجموع العلائي لوحة 48 وهي ساقطة من الثانية (120 أ).
(6)
نهاية صفحة "أ" من لوحة 98.
(7)
انظر هذا الفرع في الأم جـ 5 ص 259 ومختصر المزني ص 196 والحاوى الكبير جـ 11 لوحة 354 صفحة ب مخطوط بدار الكتب. وروضة الطالبين جـ 8 ص 53.
أقول طلعتك فعن الشافعي (1) أنه لا يسع امرأته أن تقبل منه، وحكى الروياني (2) عن الماوردي (3) وغيره أن هذا فيما إِذا كان الزوج متهمًا، أما إِذا علمت صِدْقَه أو غلب على ظنها بأمارة فلها أن تقبل قوله، وإِن من سمع قوله وعرف الحال يجوز أن يقبل دعواه ولا يشهد عليه قال الروياني وهذا هو الاختيار. ومنها إِذا أنكرت الزوجة الرجعة واقتضى الحال تصديقها ثم رجعت وصدقت الزوج نص الشافعي (4) أنه يقبل إِقرارها ورآه جماعة من الأصحاب مشكلًا لأن قضية قولها الأول تحريمها عليه، فينبغي أن لا يقبل منها نقيضه كما إِذا أقرت بمحرمية من نسب أو رضاع ثم أكذبت نفسها ورجعت لا يقبل رجوعها ووجه الشيخ عز الدين القبول في الرجعة بأن إِنكارها كان لظنها العدم ثم تبين لها خلافه فيقبل تأويلها وهذا لا يرد مثله في الإِقرار بالمحرمية (5) والنسب أو الرضاع، وقد فرق بينهما بأن الإِقرار بأخوة النسب والرضاع مستند إِلى أمر ثبوتي وإِنكار الرجعة وإِن صدقت فيه نفي، والثبوت أقرب إِلى العلم والإِحاطة من النفي.
(1) انظر الأم جـ 5 ص 259 ومختصر المزني ص 196.
(2)
المراد به أبو المحاسن صاحب البحر لأنه في كتابه البحر أخذ حاوى الماوردى وزاد عليه ما سمعه من أبيه وجده، كما سيأتي بيان ذلك في التعريف (بالبحر).
(3)
انظر ما حكاه الماوردى نفسه فى حاويه ج 11 لوحة 354 صفحة ب ونصه: وأما زوحة المدين في طلاقه إِذا أُلزم الطلاق فى الظاهر دون الباطن فلا يخلو حالها من ثلاثة أقسام: إِما أن تعلم صدقه فيما دين فيه فيسعها فيما بينها وبين الله تعالى أن تقيم معه وتمكنه من نفسها ولا يكره لها. والقسم الثاني: أن تعلم الزوجة كذبه فيما دين فيه فعليها الهرب منه ولا يسعها فى حكم الظاهر والباطن أن تمكنه من نفسها وإن جوزنا للزوج أن يستمتع بها. والقسم الثالث: أن لا تعلم الزوجة صدقه فيما دين فيه ولا كذبه، فيكره لها تمكينه من نفسها لجواز كذبه.
(4)
انظر الأم جـ 5 ص 246، مختصر المزني ص 196.
(5)
هكذا في النسختين "والنسب" ولعل الأولى "من" بدل الواو يقتضيه السياق وانظر قواعد العلائي لوحة 49.
ولذلك كان الحلف في طرف الثبوت على البت وفي النفي على نفي العلم فالرجوع في الإِثبات رجوع عن المحقَّق، المعلوم فلا يُقْبل بخلاف إنكار الرجعة فكأنها لم تعلم ثم علمت وكذا نقول لو ادعت الطلاق على الزوج فأنكر وحلف ثم رجعت وأكذبت نفسها لم يقبل لاستناد قولها إِلى الإِثبات.
أما إِذا زُوجت وهي ممن يحتاج إِلى رضاها فقالت لم أرض بعقد النكاح ثم رجعت وقالت كنت رضيت لكنني نسيت فوجهان أصحهما عند الغزالي يقبل قولها لأنه راجع إِلى النفي لأنها أنكرت حق الزوج ثم عادت إِلى التصديق فَقُبِل لِحَقه والثاني لا يقبل لأن النفي في فعلها كالإثبات ولذلك يحلف الإنسان في نفي فعل نفسه على البت كما يحلف في طرف الثبوت، والإِقرار بالأمر الثبوتي يبعد الرجوع عنه وهذا ما حكاه (1) القاضي أبو الطيب. عن النص. ومنها إِذا أخبر في المرابحة أنه اشتراه بمائة ثم قال بل بمائة وعشرة وبين لغلطه وجهًا محتملًا مثل أن يقول لم أشتر بنفسي بل اشتراه وكيلي وأخبرت أن الثمن مائة فبان خلافه أو ورد عليَّ كتاب فبان مزورًا أو راجعت جريدتي وكنت غلطت من متاع إِلى متاع فإِنه يقبل وتسمع دعواه للتحليف بخلاف ما إِذا لم يبين لغطه وجهًا.
ومنها إِذا قال (2) لفلان على شيء فله في تفسيره وجوه: أصحها أن يفسره بما لا
(1) انظر شرح مختصر المزني له جـ 11 لوحة 45 صفحة "أ" مخطوط رقم 266 وهذا نصه: "اليمين على أربعة أضرب، يمين على إِثبات فعل نفسه ويمين على نفي فعل نفسه. ويمين على إِثبات مثل فعل غيره. ويمين على نفي فعل غيره، وكلها على البت والقطع إِلا يمين النفي لفعل الغير، فإِنه على العلم" أهـ.
(2)
انظر هذا لفرع في المهذب جـ 2 ص 347 والوجيز جـ 2 ص 157، وشرحه فتح العزيز جـ 11 ص 117 وما بعدها وقد أورد الشافعي رحمه الله في الأم جـ 3 ص 237. ومختصر المزني ص 112 هذه المسألة ونص أنه يقبل إِقراره بما يقع عليه اسم شيء من مال أو تمرة أو فلس. وانظر هذا الفرع أيضًا في كفاية الأخيار جـ 1 ص 178. للمؤلف.
يتمول كحبة حنطة ونحوها (1). وقَمْع باذنجان وفيه وجهان أصحهما (2) القبول لأنه شيء يحرم أخذه ويجب رده.
الثاني: أن يفسره بكلب معلم وسرجين وجلد ميتة قابل للدباغ وفيه وجهان الأصح القبول لأنها أشياء يثبت فيها الحق والاختصاص ويحرم أخذها ويجب ردها، الثالث: أن يفسره بخنزير وكلب لا منفعة فيه وخمرة غير محترمة وفيه وجهان الأصح لا يقبل لعدم الاختصاص والحقية.
الرابع: أن يفسره بوديعة فيقبل لأن عليه ردها وقد تتلف (3) فيضمنها وفي وجه (4) لا تقبل.
وقالوا (5) إِذا فسره بحق الشفعة قبل.
والخامس: أن يفسره بالعيادة ورد السلام فلا يقبل لأنه بعيد عن الفهم في معرض الإِقرار، فإِن قال له على حق قبل تفسيره بذلك واستشكل الرافعي (6) الفرق بينهما فان الحق أخص من الشيء فيبعد أن يقبل تفسير الأخص بما لا يقبل به تفسر الأعم.
(1) كحبة الشعير والسمسم.
(2)
وهو الراجح عند فقهاء الشافعية والذى عليه المذهب راجع المهذب جـ 2 ص 347 وهو المنصوص عن الشافعي انظر مختصر المزني ص 112 وانظر أيضًا منهاج النووي ص 67.
(3)
نهاية لوحة 98.
(4)
نقله الرافعي عن الإِمام أبي المعالي الجويني. انظر الشرح الكبير ج 11 ص 117.
(5)
منهم القاضى الروياني راجع في ذلك الشرح الكبير الإِحالة السابقة.
(6)
انظر الشرح الكبير ج 1 ص 119 والذى قاله الرافعي تعبيرًا عن هذا الاستشكال: وظني أن الفرق بينهما عسير. وكيف لا والحق أخص من الشيء ويبعد أن يقبل تفسير الأخص بما لا يقبل به الأعم أهـ. وقد فصل الرافعي رحمه الله في الشرح الكبير جـ 11 ص 117/ 119. هذا الفرع وأورد جميع هذه الحالات ولعل المدون هنا مأخوذ عنه لا تفاق النصين والله أعلم.
ومنها إِذا أقر بمال (1) ثم ادعى أنه أقربه على جهة القَبَالة (2) ولم يقبض وطلب بيمين المقر له أنه أقبضه سمعت دعواه، وحلف المقر له على المنصوص وعليه جمهور الأصحاب. وفائدته أنه إِذا نكل حلف المقر أنه لم يقبض وبريء. وكذا إِذا أقر بهبة (3) وإِقباض ثم ادعى أنه لم يقبض وطلب يمين المرتهن فقال المراوزة (4) لا يقبل إِلا إِذا ذكر لإِقراره تأويلًا مثل أن يقول: كنت أقبضته بالقول وكنت أظن أنه يكفي، أو القي إِليَّ على لسان وكيلي أنه أقبض ثم خرج مزورًا أو أشهدت على رسم القبالة ونحوه، فهذه المسائل الثلاث لما كان التأويل فيها على خلاف الظاهر ولم يعتضد بقرينة خاصة لم تكن فائدة التأويل إِلا في تحليف الخصم، لا في إِبطال ما أقر به البتة، فإِن حلف الخصم اعتضد الظاهر بيمينه وضعف احتمال الإِشهاد على القبالة ونحوه. وإن نكل رجح جانب المتأول فيحلف لأن يمينه بعد نكول الخصم إِما كالإِقرار أو كالبينة وكل منهما يفيد مقصود المتأول. والله أعلم.
(1) انظر في هذه الفروع الوجيز ج 1 ص 200/ 201. وشرح فتح العزيز ج 11 ص 172/ 173.
(2)
قال في المصباح: ج 2 ص 146 تقبلت العمل من صاحبه إِذا التزمته بعقد والقبالة بفتح القاف اسم المكتوب من ذلك لما يلتزمه الإِنسان من عمل ودين وغير ذلك أهـ. وفي تهذيب اللغة ج 1 ص 163. قَبَلت بالرجل أقبل به قَبَالة: أي كَفَلْتُ به قال وقد روى قبلت به، في معنى كفلت على مثال فعلت أهـ. ومثل هذا قال ابن منظور في لسان العرب جـ 2 ص 10.
(3)
هكذا في المخطوطة ولا يخفى ما في هذا النص، وبمراجعتي لبعض أصول النص كقواعد العلائي انظر لوحة 50 تبين لي أن المؤلف هنا أدخل مسألتين في مسألة وأخذ من كل منهما جزءًا وألف بينهما وأصبح اللفظ غير منتظم. راجع قواعد العلائي لوحة 50 تجد ما قلت واضحًا. وستأتي هذه الفروع في باب الدعاوى والبينات.
(4)
طائفة من فقهاء الشافعية مثلوا طريقة في الفقه الشافعي عرفت بهم، ويقال لهم أيضًا الخراسانيون. نشأوا في بلاد خراسان مرو وما حولها. انظر طبقات ابن السبكي جـ 1 ص 172 والإِمام الشيرازي حياته وأراوه الأصولية ص 71.
وقد تبين بهذه المسائل مراتب التأويل فإِن قوي الاحتمال وقرب جدًا كان مقبولًا جزمًا، وكذا إِن بعد قليلًا إلا أنه اعتضد بقرينة خاصة، فإِن قوى البعد مع وجود القرينة كان فيه خلاف، ومتى ابتعدت القرينة أو بعد الاحتمال جدًا لم يكن للتأويل وجه كقوله غصبت منه شيئًا ثم فسره بنفسه (1) لأن ظاهر اللفظ يقتضي غصب شيء غير نفسه كيف والحر لا تثبت عليه يد. فلا يصح تنزيل اللفظ عليه، وكذا إِذا نوى باللفظ ما لا يحتمله ولا بطريق المجاز مثل أن ينوى بالطلاق الأمر بالأكل ونحوه.
وكذا إِذا حَلفَ بتحليف الحاكم ثم ادعى التورية (2) في يمينه بأن نوى مكانًا معينًا ونحوه فلا عبرة بذلك لما يؤدى إِليه من إِبطال فائدة الأيمان. فإِن قال (3) أنت طالق ثلاثًا للسنة ثم قال أردت تفريق الثلاث على الأقراء لم يقبل في الظاهر على الصحيح المنصوص (4): قال المتولي (5) إِلا إِذا كان الرجل ممن يعتقد تحريم جمع الثلاث فيقبل منه في الظاهر، ولو لم يقل للسنة ثم فسَّره بتفريق الثلاث على الأقراء
(1) وقد نص عليه الشافعي في الأم ج 3 ص 242.
(2)
التورية: هي أن يريد المتكلم بكلامه خلاف ظاهره أهـ. انظر التعريفات للجرجاني ص 71. وهكذا هي في دستور العلماء ج 1 ص 364. وقال في لسان العرب ج 3 ص 911/ 916 مادة روى: التورية عن الشيء هي: الكناية عنه يقال: وريت بالخبر: جعلته ورائي.
(3)
انظر هذا الفرع في تتمة الإِبانة ج 8 لوحة 144. صفحة (أ).
(4)
راجع نص الشافعي على هذا في الأم ج 5 ص 181. ولم يذكر في الوجيز غيره انظر ج 2 ص 53. منه.
(5)
انظر التتمة ج 1 ص "أ" لوحة 144 ونصه: "ولو قال لها أنت طالق ثلاثًا للسنة فادعى أني نويت به ثلاثًا في ثلاثة أقراء"، وأما إِذا كان الرجل ممن يعتقد تحريم جمع الطلاق في وقت واحد فيصدق في الحكم لاعتبار اعتقاده، فإِنه لا يعتقد ارتكاب محظور في دينه أهـ. ممن التتمة مخطط بدار الكتب رقم 50.
لم يقبل جزمًا ويدين في الصورتين على الصحيح (1) لأنه أوَّل لفظه بما لو وصله لا تنظم.
وكذا إِذا قال: أنت طالق ثم قال: أردت إِن دخلت الدار أو إِن شاء زيد فالمشهور أنه يدين (2) بخلاف ما إِذا قال: إِن شاء الله وفرقوا بأن التعليق بمشيئة الله تعالى يرفع حكم الطلاق جملة فلا بد من اللفظ، والتعليق بالدخول أو بمشيئة زيد لا يرفعه جملة بل يخصصه بحال دون حال فهو شبيه بالتخصيص (3) والأول شبيه بالنسخ (4). والمحذور في النسخ أشد منه في التخصيص فلذلك لم يقبل فيه إِلَّا اللفظ بخلاف البقية فإنها إِما تخصيص أو تأويل. والله أعلم.
* * *
(1) انظر الوجيز جـ 2 ص 53 وقد ذكر هاتين الصورتين وجزم فيما بعدم القبول في الظاهر وأطلق وجهين في كونه يدين. وانظرهما بنصهما في روضة الطالبين جـ 8 ص 17/ 18.
(2)
يعني فيما بينه وبين الله عز وجل ولا يقبل منه في الظاهر.
(3)
هو إِخراج بعض ما يتناوله اللفظ العام أو ما يقوم مقامه أهـ. من شرح التنقيح ص 51.
(4)
النسخ يطلق في اللنة على معان متعددة منها: الرفع والإِزالة والنقل والانتقال يقال: نسخت الشمس الظل أزاته، ونسخت ما في الكتاب إِذا نقته. راجع هذه المعاني في لسان العرب 3 جـ ص 624 دار لسان الرب.
وفي اصطلاح الأصوليين: له تعريفات متعددة باعتبارات مختلفة منها: أنه عبارة عن رفع الحكم الثابت بطريق شرعي بمثله متراخٍ عنه أهـ. راجع هذه التعريفات للنسخ في فتح الغفار بشرح المنار لابن نجيم ج 2 ص 130 طبع سنة 1355 هـ. والإبهاج ج 2 ص 247، والمدخل لابن بدران: ص 97، والذخيرة للقرافي ج 1 ص 104، ومنتهى السول ص 2 ص 77. وسيأتي ذكر بعض معانيه في قاعدة النسخ. وللاطلاع على الفرق بين النسخ والتخصيص راجع شرح التنقيح ص 230.