الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استعار شيئًا ليرهنه
(1)
ومن المسائل المترددة بين أصلين ما إِذا استعار شيئًا ليرهنه بدين (2) فهل سبيله سبيل العارية أم الضمان؟ قولان أحدهما أن حكمه حكم العارية، لأنه قبض مال الغير بإِذنه لينتفع به ضرب انتفاع فأشبه ما لو (استعاره)(3) للخدمة، وأصحهما (4) أن سبيله الضمان، ومعناه (5) أنه ضمن دين الغير في رقبة ماله كما لو أذن لعبده في ضمان دين غيره يصح وتكون ذمته فارغة. قال الإمام (6) العقد فيه شائبة من هذا وشائبة من هذا، وليس القولان في تمحض كل منهما، بل هما في المغلب منهما ما هو؟.
وقال الغزالي (7) الأولى أن يقال هو فيما بين الراهن والمرتهن رهن محض، وفيما بين المعير والمستعير عارية، وفيما بين المعير والمرتهن حكم الضمان أغلب فيرجع فيه ما دام في يد الراهن، ولا يرجع بعد القبض على الأصح. واعترض الرافعي (8) على قوله بأنه بين
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر هذا الأصل وما يتفرع عليه من فروع في الوجيز جـ 1 ص 160/ 161. وشرحه للرافعي جـ 10 ص 23 وما بعدها وروضة الطالبين جـ 4 ص 50/ 53. وشرح مختصر المزني للقاضي أبي الطيب الطبرى جـ 5 لوحة 50/ 52 مفصلًا. مخطوط بدار الكتب رقم 26. وانظره أيضًا في قواعد ابن الملقن لوحة 107 وقواعد العلائي لوحة 77.
(3)
في النسختين "استعار" والتصويب من قواعد العلائي مخطوط لوحة 77 صفحة. . ومن الشرح الكبير جـ 10 ص 23.
(4)
هو الصحيح عند الرافعي والنووى أيضا كما هو في الروضة جـ 4 ص 50.
(5)
هو نص عبارة الرافعي في الشرح الكبير جـ 10 ص 23.
(6)
المراد به إِمام الحرمين وانظر قوله في هذا الموضع في الشرح الكبير جـ 10 ص 23/ 24. ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 50.
(7)
انظر قول الغزالي في هذا الموضع بنصه في كتابه الوجيز جـ 1 ص 160.
(8)
انظر اعتراض الرافعي على الغزالي هنا في كتابه الشرح الكبير جـ 10 ص 25.
المعير والمستعير عارية محضة بل (1) هو على قول الضمان المعير ضامن في عين ماله والمستعير مضمون عنه ويتخرج على القولين فروع (2).
منها: ما أشار إِليه الغزالي (3) من رجوع المعير فيه بعد قبض المرتهن، وهو ممتنع على قول الضمان، وأما على قول العارية ففيه وجهان أصحهما (4) لا يرجع أيضًا وإلا لم يكن لهذا الرهن فائدة. ومنها: أنه على قول الضمان لا بد من معرفة المستعير جنس الدين وقدره وصفته من صحة وتكسير وحلول وتأجيل وغير ذلك لاختلاف الأغراض بتفاوتها، وهل يشترط معرفة من يرهن عنده؟. وجهان أصحهما نعم (5). وعلى قول العارية لا يشترط شيء من ذلك. ومنها: هل (6) للمالك إِجبار الراهن على فك الرهن، أما على القول بأنه يرجع ويسترد المستعير متى شاء فلا حاجة إِلى ذلك، وأما على القول بأنه ليس له الرجوع فإِن قلنا أنه عارية فله إِجباره على فك الرهن، وإن قلنا أنه ضمان فإِن كان الدين حالًا فكذلك، وإن كان مؤجلًا فلا، كمن ضمن دينًا مؤجلًا لا يطالب الأصيل بتعجيله لتبرأ ذمته.
(1) من هنا ابتدأ كلام الرافعي وهو بهذا الأسلوب أيضًا في قواعد العلائي مخطوط لوحة 77 صفحة (ب) ولعل من الأولى زيادة لفظ، فقال: ليعرف كلام الرافعي وليستقيم الأسلوب حسب ما أرى ليصبح الكلام: فقال بل هو على قول الضمان. . إلى آخر النص والله أعلم.
(2)
انظر هذه الفروع فى الشرح الكبير جـ 10 ص 24/ 29. ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 50/ 52. ولفظ "فروع" هنا هو آخر لوحة 108.
(3)
يريد بذلك قول الغزالي "وفيما بين المعير والمرتهن حكم الضمان أغلب فيرجع فيه ما دام فى يد الراهن ولا يرجع بعد القبض على الأصح راجع ص (272) من هذا الكتاب.
(4)
وهو أصحهما أيضًا عند الرافعي والنووي انظر ذلك فى الروض جـ 4 ص 50.
(5)
وهو الصحيح عند الرافعي في الشرح الكبير جـ 10 ص 29 والنووي فى الروضة جـ 4 ص 52 حيث تابع عليه الرافعي.
(6)
انظر هذا الفرع مفصلًا في الشرح الكبير جـ 10 ص 26. ولعل ما هنا منقول عنه بنصه.
ومنها: إِذا حل الأجل أو كان حالاً قال الإمام (1) إِن قلنا أنه ضمان لم يُبَع في حق المرتهن إِن قدر الراهن على أداء الدين إِلا بإذن جديد، وإن كان معسرًا بيع وإن سخط المالك، وإن قلنا عارية لم يبع إِلا بإذن جديد (2) واعترض الرافعي (3) عليه بأن الرهن لو صدر من المالك فلا يباع إلا بإِذن جديد، فإِن لم يأذن بيع عليه فالمراجعة لا بد منها. قال (4) قياس المذهب أن يقال: إِن قلنا أنه عارية عاد الوجهان في جواز رجوعه، وإن قلنا ضمان ولم يؤد الراهن الدين فيباع سواء كان الراهن موسرًا أو معسرًا، كما يُطالب الضامنُ موسرًا كان الأصيل أو معسرًا. ومنها: إِذا بيع هذا الرهن في الدين فإن بيع بقيمته رجع المالك بها على الراهن على القولين (وإن)(5) بيع بأقل بقدر لا يتغابن الناس بمثله (6)، فإن قلنا ضمان رجع بما بيع به، وإن قلنا عارية رجع بقيمته، وإن بيع بأكثر من قيمته رجع بما بيع به على قول الضمان وعلى قول العارية، وحكى الرافعي (7) عن
(1) انظر قول الإمام هذا بنصه في الشرح الكبير جـ 10 ص 26/ 27.
(2)
هكذا هذا النص في النسختين وفي قواعد العلائي مخطوط لوحة 78 صفحة (أ) - أرى والله أعلم بالصواب - أن الكلام لم يتم بعد ولا بد من إِضافة ما ذكره الرافعي بعد هذا اللفظ وهو ما نصه: "سواء كان الراهن موسرًا أو معسرًا" وذلك ليظهر الفرق بين الترتيب على قول العارية والترتيب على قول الضمان. والله أعلم بالصواب.
(3)
انظر اعتراض الرافعي هذا بنصه في شرح الكبير على الوجيز جـ 10 ص 27، وقد صدره بقوله: ولك أن تقول.
(4)
القائل هو الرافعي وانظر قوله هذا بنصه في الشرح الكبير الإحالة السابقة.
(5)
فى النسختين "لأنه" والتصويب من قواعد العلائي مخطوط لوحة 78 صفحة (أ). ومن الشرح الكبير جـ 10 ص 27. وروضة الطالبين جـ 4 ص 51
(6)
هكذا هذا النص في المخطوطة ولعل الأولى حذف "لا" وانظر أصل النص في الشرح الكبير جـ 10 ص 27. روضة الطالبين جـ 4 ص 51. "وإن بيع بأقل بقدر يتغابن الناس بمثله "بحذف" "لا".
(7)
انظر ما حكاه الرافعي هنا فى شرحه الكبير جـ 10 ص 28. وما دُوِّنَ هنا في جميع فروع هذه الأصول منقول عنه بالنص.
الأكثرين أنه لا يرجع إِلا بالقيمة لأن بها تضمن العارية.
وقال القاضي (1) أبو الطيب يرجع بما بيع به كله، واختاره ابن الصباغ والروياني واستحسنه الرافعي (2) وقال النووى (3) هو الصواب.
ومنها: ما يتعلق (4) بتلفه، فإِن كان التلف في يد المرتهن فعلى الراهن الضمان على قول العارية، وعلى قول الضمان لا شيء عليه ولا على المرتهن بحال؛ لأنه يمسكه رهنًا لا عارية، وإن تلف في يد الراهن قال الشيخ أبو حامد (5) هو على القولين كما لو تلف في يد المرتهن، وأطلق الغزالي (6) أنه يضمن وقال النووى (7) هو المذهب.
ومنها لو جنى العبد المرهون فبيع في الجناية، فإِن قلنا أنه عارية ففي الضمان على المستعير وجهان مبنيان على أن العارية تضمن ضمان النصوب (8) أم لا، فعلى الأول تضمن وهو الأقيس وفي النهاية وبه جزم البندنيجي والبغوى (9) وحكاه عنهما
(1) انظر قول القاضي أبي الطيب في هذا الموضع في كتابه شرح مختصر المزني جـ 5 لوحة 51 صفحة (ب) مخطوط بدار الكتب رقم 266.
(2)
انظر ما استحسنه الرافعي في هذا الموضع في شرحه الكبير جـ 10 ص 28. ونصه كاملاً: وقال القاضي أبو الطيب يرجع بما بيع لأنه ثمن ملكه وقد صرف إلى دين الراهن وهذا أحسن واختاره ابن الصباغ والإمام والقاضي الروياني.
(3)
قال ذلك في زوائده على الروضة جـ 4 ص 51.
(4)
انظر هذا الفرع بتفصيله هذا في الشرح الكبير جـ 10 ص 28.
(5)
قال ذلك في تعليقه كما حكاه عنه الرافعي في شرحه الكبير جـ 10 ص 28.
(6)
انظر ذلك في الوجيز جـ 1 ص 161 حيث أطلق العبارة.
(7)
انظر قول النووى هنا في كتابه روضة الطالبين جـ 4 ص 52. وهو من زوائده عليها.
(8)
هكذا هو أيضًا في قواعد العلائي لوحة 78 صفحة (ب) وفي الشرح الكبير جـ 10 ص 28 والروضة جـ 4 ص 52. المغصوب.
(9)
انظر ما جزم به البغوي هنا في كتابه التهذيب جـ 2 لوحة 120 مصور بمعهد المخطوطات رقم 105 (فلم) ونصه: "ولو جنى العبد فبيع في الجناية إن قلنا عارية فعلى الراهن قيمته للمالك وإن قلنا ضمان لا شيء عليه.
ابن الرفعة (1) وعلى الثاني لا. وأما على قول الضمان فلا يضمن الراهن، وقد نص الشافعي عليها في المختصر (2) فقال لو أذن في الرهن فرهنه فجنى فبيع في الجناية فالأشبه أنه لا ضمان، وهذا فيه (3) إِشارة إِلى القولين في أصل (4) القاعدة وترجيح الفعل بأنه ضمان. ومنها: لو أعتقه (5) المالك، فإِن قلنا إِنه ضمان فقد حكى الإِمام (6) عن القاضي حسين أنه ينفذ وتوقف فيه، وفي التهذيب (7) أنه كإِعتاق المرهون، وإن قلنا أنه عارية فقال القاضي هو كإعتاق المرهون وهو تفريع على لزوم هذا الرهن على قول العارية وقال في التهذيب (8) يصح ويكون رجوعًا وهو تفريع على عدم اللزوم.
ومنها: إِذا قال مالك العبد ضمنت ما لفلان عليك في رقبة هذا العبد، قال القاضي حسين يصح على قول الضمان ويكون كالإعارة للرهن. قال الإمام فيه تردد من جهة أن المضمون له لم يقبل، ويجوز أن يعتبر القبول في الضمان المتعلق بالأعيان تقريباً له من المرهون. وإن قلنا لا يعقد في الضمان المطلق في الذمة. ويجوز أن لا يعتبر نظرًا إِلى اللفظ، فإن الشرط يختلف باختلاف الألفاظ، وإن اتحد المقصود، فإن المذهب أن الإبراء لا يفتقر إِلى القبول ولو كان بلفظ الهبة، والله أعلم.
(1) انظر ذلك عن ابن الرفعة فى كتابه كفاية النبيه في شرح التنبيه جـ 8 ص (أ) لوحة 210 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 433.
(2)
المراد به مختصر المزني وهو بنصه كما هو هنا في ص 97.
(3)
من هنا إلى آخر العبارة مأخوذه بنصه من الشرح الكبير على الوجيز جـ 10 ص 28.
(4)
نهاية صفحة (أ) من لوحة 109.
(5)
انظر هذه الفروع بهذا التفصيل في الشرح الكبير جـ 10 ص 29/ 30 ومختصره روضة الطالبين جـ 4 ص 52/ 53. وما هنا مأخوذ عنهما بنصه.
(6)
انظر ما حكاه الإمام عن القاضي حسين في هذا الموضع في الشرح الكبير جـ 10 ص 29 وروضة الطالبين جـ 4 ص 52.
(7)
انظر ما في التهذيب جـ 2 لوحة 120 مصور فلم بمعهد المخطوطات رقم 105 ونصه: ولو باعه المالك، أو أعتقه إِن قلنا عارية صح بيعه وإعتاقه وكان رجوعًا، وإن قلنا ضمان فلا يصح بيعه وإعتاقه كإعتاق المرهون. أهـ.
(8)
انظر قوله في التهذيب هنا في الإحالة رقم 3. وهو قوله: "صح بيعه وإعتاقه وكان رجوعاً".