الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عملي في التحقيق
لا يفوتني في هذا المقام أن أبين أن هذا الكتاب اعتمد مؤلفه رحمه الله اعتمادًا كليًا على قواعد صلاح الدين العلائي ت 761 هـ. بل يحق لي أن أعتبره مختصرًا لقواعد العلائي الموسومة "بالمجموع المذهب في قواعد المذهب" وعلى ضوء ما قررت واستقر عندي، فقد جعلت قواعد العلائي الآنفة الذكر بمثابة نسخة ثانية مساعدة للكتاب إِذ هي في الحقيقة أصله، واستعنت بها في إِيضاح عبارة المؤلف ومقصوده إِلى جانب المصادر والمراجع التي ذكرها المؤلف في كتابه هذا فهي في حقيقتها بمثابة أصول الكتاب.
ويمكن أن أوجز عملي في تحقيق هذا الكتاب فيما يلي: -
أولًا: حاولت جاهدًا إِخراج نص المؤلف في كتابه هذا بالصيغة التي كتبه عليها، أو قريبًا منها، وذلك عن طريق حصر أصول النص ومصادره، فقد جمعت المصادر التي أوردها المؤلف في كتابه هذا، وهي تسعة وثلاثون مصدرًا ومرجعًا. واستعنت بما كتب في عصر المؤلف أو قريبًا منه في الفن الذى كتب فيه المؤلف، ومن ذلك قواعد العلائي السابقة الذكر والأشباه والنظائر لابن الوكيل ت 716 هـ. والأشباه والنظائر لتاج الدين عبد الوهاب بن السبكي ت 772 هـ. والأشباه والنظائر لابن الملقن، فكل هذه الكتب ألفت في قواعد الفقه الشافعي على تفاوت بينها في العرض والمحتوى. وكذلك كتب تخريج الفروع على الأصول التي كتبت في المذهب الشافعي ككتاب "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني وكتاب "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" للإِسنوى. كما استعنت بما كتب في هذا المجال من غير كتب الشافعية كالقواعد والفوائد الأصولية للبعلي الحنبلي، ومفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول للتِّلمْساني المالكي.
ثانيًا: قمت بتوثيق نص المؤلف فوثقت القواعد والفصول والفوائد والمسائل والمباحث والفروع والأقوال التي نقلها عن العلماء وأرجعت - ما استطعت إِلى ذلك سبيلًا - كل نص إِلى أصله ومصدره الأول سواء كان نقله هذا بواسطة أم مباشرة.
فبالنسبة للقواعد الأصولية وثقت القاعدة من الكتب المعتبرة عند أهل الأصول في جميع المذاهب الأربعة، فآتي بكتاب أو كتابين من كل مذهب.
وهذا توثيق عام للقاعدة، ثم أنتقل للأقوال التي نقلها المؤلف وأسندها إِلى علماء معينين فأقوم بتوثيقها من أمهات كتبهم إِن تيسر لي ذلك، وإلا وثقت ذلك عنهم بواسطة من نقل عنهم كأقوال الباقلاني مثلًا. ثم آتي للفروع التي خرجها المؤلف على القاعدة فأوثقها توثيقًا عامًا من الكتب التي كتبت في هذا الفن مثل "التمهيد" للإِسنوي وتخريج الفروع على الأصول "للزنجاني"، "والقواعد والفوائد الأصولية" للبعلي، "ومفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول" للتِّلمْساني وغيرها مما وجدت.
ثم آتي للفروع نفسها فأوثق كل فرع على حدة من أمهات الفقه الشافعي من الكتب المطبوعة والمخطوطة، وإذا كانت الفروع متشابهة ووردت في مواضع متقاربة عند فقهاء الشافعية، إِذ قد تكون الفروع التي سردها المؤلف من باب واحد عند فقهاء الشافعية، فأقول انظر هذا الفرع وما بعده في كذا. ثم آتي إِلى النصوص التي نقلها المؤلف عن علماء مذهبه في الفرع المخرج فأوثقها من كتب من نقل عنهم غالبًا، وربما وثقتها بواسطة من نقل عنهم. وذلك عند عدم وجود كتاب من نَقَلَ المؤلف عنهم. ولعلي أعتذر في عملي هذا بعدم توفر تلك الكتب، إِذ أكثر المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في نقوله عن علماء مذهبه لا زال مخطوطًا، بل ربما لم يتوافر كاملًا في مكتبة من المكتبات مما جعل الأمر صعبًا، وجعلني ألجأ إِلى التوثيق بالواسطة بل إِن من الأقوال التي نقلها المؤلف ما نقله هو أيضًا بواسطة وهذا شبه دليل على أن الكتاب قد فقد منذ زمن طويل لا سيما كتب متقدمي العراقيين في الفقه الشافعي الذين ألفوا كتبهم قبل
حادثة التتار في بغداد عام 656 هـ.
هذا بالنسبة لتوثيق النص، أما عن التعليق والتكميل فقد قمت بالتعليق على ما رأيت أنه بحاجة إِلى تعليق سواء كان من جهة موافقة النص لما عليه فقهاء الشافعية أم بالنسبة لصحته عمن نقل المؤلف عنهم. . راجع قاعدة الأمر بعد الحظر، أم كان من جهت بيان ما رأيت أنه غامض قد لا يفهم إلَّا بتدبر طويل ونظر واسع ودراسة لأصول النص. وقمت بتكميل ما رأيت أنه بحاجة إلى تكميل وذلك مثل أن يذكر المؤلف خلافًا في فرع من الفروع التي يخرجها فيقول: فيه خلاف والراجح كذا أو يقول فيه أوجه ثانيها كذا، أو فيه أقوال ثالثها كذا، فأقوم غالبًا بسرد هذه الأقوال أو الأوجه وذكر ما أغفل المؤلف ذكره.
وليس إِغفال المؤلف لذلك قصورًا منه وإنما لأن موضوعه غير هذا، فليس كتابه هذا كتاب فروع متخصصًا مثل كتب الفروع المتخصصة.
هذا بالنسبة للتوثيق والتعليق والتكميل، أما من جهة المصطلحات التي وردت في الكتاب سواء كانت أصولية أم فقهية أم لغوية فقد عرفت بأغلبها - أعرف باللفظ عند أصحابه، وقد أعرف بالمصطلح الواحد في أكثر من موضع وقد وضعت رقم الصفحة التي عرفت فيها بهذا المصطلح بين قوسين (5) راجع فهرس المصطلحات. فقد حاولت التعريف بما رأيت أنه غامض بالنسبة لما عهده الناس اليوم، أو كان لبيانه أهمية من حيث إِن فهم النص يتوقف على ذلك كان يترتب على التعريف به فائدة إِما من جهة القاريء نفسه أو من جهة ما يتوقف عليه من قصد المؤلف ومراده، وما ليس كذلك قد لا أعرف به، وقد لا أعرف حتى بما لعله يعتبر غامضًا، وذلك لأن الأمر مبني على وجهة نظري.
أما عن الأعلام الواردة في النص فقمت بترجمة كل علم فبينت اسمه ونسبه ومذهبه في الأصول والفروع - حسب الإِمكان - وتاريخ وفاته وذكر بعض مؤلفاته
ووثقت ذلك من المصادر المعتمدة في التراجم ككتب الطبقات أو الكتب التاريخية التي تعتني بموضوع ترجمة الأعلام.
وقمت بتتبع العلم فسجلت كل صفحة ورد فيها ذكره، ووضعت رقم الصفحة التي ترجمت له فيها بين قوسين (). راجع فهرس الأعلام. وقد أترجم للعلم في أكثر من موضع - وهذا قليل - وفي هذا المقام لا يفوتني أن أبين أن المؤلف درج غالبًا على ذكر الكنية أو اللقب فقط للأعلام التي أوردها. والكنية واللقب في كثير من الأعلام لا تعطي صورة واضحة عن ذات الشخص المراد. وذلك لأنه قد يشترك في هذه الكنية أو ذلك اللقب أكثر من شخص فعمدت إِلى الكتب التي نقلت عنهم في ذلك المقام، وذلك لتحديد الشخص المقصود بالذكر، فأجد بعض من نقل عنه يحدد ذلك إِما بذكر كتاب للشخص فيقول مثلًا: قال المحاملي في كتاب اللباب، فأترجم للمحاملي الذي أطلقه المؤلف على أساس أنه المحاملي صاحب اللباب أو بذكر أي قيد آخر: وبالنسبة للفهرسة فقد رتبت الأعلام على الحروف الهجائية ولم أعتبر في هذا الترتيب "ال" التعريف ولا الكنى ولا الألقاب. فمثلًا ابن أم مكتوم ذكرته في حرف الميم مثلًا ابن أبي هريرة ذكرته في حرف الهاء وكذا مثلًا المحاملي ذكرته في حرف الميم وهكذا. وكذا أيضًا بالنسبة للمصطلحات. أما بالنسبة للآيات والأحاديث فقد اعتبرت أل التعريف لأنها من أصل الكلمة.
كما عمدت في ذلك إِلى كتب التراجم فمثلًا المؤلف ينقل عن شخص فيذكر لقبه فقط فأذهب لكتب التراجم فأجد ذلك النص الذى نقله المؤلف في ترجمة ذلك الشخص فأحدد أن مراد المؤلف هو هذا الشخص وهكذا. فلم أترجم لعلم إلَّا بعد أن استقر عندى أنه هو مراد المؤلف. وما لم أتيقن من أنه المقصود أقول لعله فلان وأترجم له على هذا الأساس.
بالنسبة للأحاديث التي وردت في النص قد يذكر المؤلف نص الحديث، وقد يقول
لحديث ورد في ذلك أو للأحاديث أو قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر به وهكذا. فما أورد نصه قمت بتخريجه من أمهات كتب الحديث كصحيحي البخاري ومسلم، وكتب السنن وغيرها وحاولت أن أجمع رواياته وبينت الراوي للحديث - غالبًا - وقد أذكر السند وأحيل عليه وقد لا أذكره وأكتفي بذكر الراوي فإِن اتفقت كتب الحديث على الراوى ذكرته أولًا وأحلت عليه، وإلا أوردت الراوي عند كل واحد.
وبالنسبة لتلك التي لم يورد المؤلف نصها أرجع في تحديد مراد المؤلف منها إِلى الكتب التي تحدثت عن المسألة التي أوردها المؤلف وأشار أن فيها حديثًا، بل إِن المؤلف ينقل المسألة ذاتها من كتب مذهبه فأذهب معتمدًا على تلك الكتب التي ذكرت المسألة لأقف على نص الحديث الذي أشار إِليه المؤلف ولم يورد نصه وبعد وقوفي عليه أقوم بكتابة نص الحديث أو بعضًا منه وأخرجه كما سبق.
وقد أعتبر الحديث بحسب موضوع المسألة فمثلًا في مسألة الطيب في البدن قبل الإِحرام قال المؤلف بعد ذكره لهذه المسألة وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتبرت ذلك بما ورد من أحاديث في هذا الباب وخرجت بعضًا منها. وقد صنعت في فهرستها مثل ما صنعت في الأعلام والمصطلحات.
أما بالنسبة للآيات الواردة فى النص فقد قمت بعزوها إِلى السورة ورقمتها حسب ترقيمها في المصحف. وبالنسبة للكتب التي وردت في المخطوطة، فقد ذكر المؤلف في كتابه هذا تسعة وثلاثين كتابًا ما بين مخطوط ومطبوع، أما المخطوط منها فقد عرفت به وبينت ما إِذا كان شرحًا لكتاب سبقه أو مختصرًا له، وذكرت اسم مؤلفه ودللت على مكان وجوده - حسب ما تيسر لي - وبينت مزيته بذكر ثناء العلماء عليه، وغالب ما ذكره المؤلف من كتب في كتابه هي من كتب الفقه الشافعي، ولم يخرج عن كتب الفقه الشافعي إِلا في كتب الحديث، فقد ذكر خمسة كتب من كتب الحديث كلها مطبوعة.
وكنت قد وعدت بتعريف جميع الكتب الواردة في النص سواء منها ما هو مخطوط أم مطبوع، ولكني عدلت عن ذلك فلم أعرف بالمطبوع منها، وذلك لأنها مطبوعة متداولة، وقد بينت في فهرس المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها في التحقيق طبعاتها. فرأيت أن التعريف بها لا يضيف شيئًا فعدلت عن ذلك، وكنت قد جمعت من المعلومات عنها ما يقارب نصفها ولا زلت أحتفظ به.
وقد صنعت في فهرستها على نحو ما سبق في الأعلام والمصطلحات. أما عن المصادر والمراجع التي أعتمدتُ عليها في التحقيق فهي متنوعة، بحسب تنوع نص المؤلف وهي في مجموعها تتكون من مصادر في أصول الفقه وأخرى في الفقه بمذاهبه الأربعة وغير ذلك من كتب الفقه الأخرى، وثالثة في الحديث وما يتعلق به، ورابعة في التراجم والطبقات، وخامسة في التفسير، وسادسة في اللغة وهي تتكون من معاجم لغوية وكتب في النحو. وقد بينت في داخل المخطوطة الكتاب والجزء والصفحة أو الصفحات التي أخذت منها، ولم أبين الطبعة وإنما اكتفيت بذكرها عند سرد الكتب التي اعتمدت عليها في التحقيق في الفهرس، إِلا إِذا كان الكتاب ذا طبعات متعددة فإِني أشير إِلى الطبعة التي نقلت منها داخل البحث. والموضوع الذي لم أشر فيه للطبعة فقد جريت فيه على المعتاد وهو أنه من الطبعة المذكورة في الفهرس.
أما الكتاب المخطوط فقد أشير لمكانه ورقم إِيداعه داخل البحث في موضع أو موضعين، وقد لا أشير اعتمادًا على أنني قد ذكرتها في فهرس المصادر التي اعتمدت عليها في التحقيق وقد يكون للكتاب أكثر من رقم إِيداع، وقد يكون في أكثر من مكان فأثبت ذلك كله في الفهرس.
هذا هو ملخص جهدي المتواضع في هذا البحث أقدمه أولًا وقبل كل شيء إِلى أساتذتي الفضلاء راجيًا منهم أن يتفضلوا مشكورين بإِبداء ما يرونه من نصح وتوجيه
وإرشاد وتصويب بما يعود على البحث بالنفع لي خاصة ولمن يقرأه أو ينظر فيه عامة.
وهذا مبلغ ما وصلت إليه في هذا البحث، فإِن يكن قد وفقت فيه إلى بلوغ الصواب - وهو ما أرجوه - فذلك من فضل الله وكرمه، وإن كان الآخر فهو مبني ومن الشيطان ولا ألوم إلَّا نفسي.
هذا ولا يفوتني في هذا المقام عرفانًا للجميل وامتثالًا لأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم في الدعاء والثناء على من قدم إِلى الشخص جميلًا، أتقدم بالشكر الجزيل والثناء العظيم لكل من أسهم وساعدني فى إِخراج هذا البحث على هذه الصورة وفى مقدمة هؤلاء فضيلة أستاذى الأستاذ الدكتور: الطيب الخضري ابن السيد سالم رحمه الله الذى كان أستاذًا بقسم أصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي تفضل - مشكورًا - بقبول الإِشراف على رسالتي هذه ومنحني كل عطف وحب ووقف بجانبي الوقفات المشرفة التي جعلتني أصل بهذا البحث إِلى هذه الصورة. ولله الحمد أولًا وآخرًا.
بقلم الباحث
جبريل بن محمد بن حسن البصيلي
النَّص المُحَقَّق
بسم الله الرحمن الرحيم
متعلَّق الأمر والنهي (1)
قاعدة (2) في متعلَّق الأمر (3) والنهي (4):
وهما إِما أن يتعلقا بمعين لا يتجزأ، أو بمعين يتجزأ، أو بمطلق، أو بعام فهذه أربعة أقسام:
الأول: أن يتعلقا بمعين لا يتجزأ، فلا يخرج المكلف عن العهدة في الأمر إِلا بإِتيان جميعه، ولا عن العهدة في النهي إِلا باجتنابه.
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر في هذه القاعدة: المجموع المذهب في قواعد المذهب لصلاح الدين العلائي مخطوط بجامعة الإِمام رقم: 6964 لوحة 1، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام ص 165/ 169، وبناء الوصول إِلى بناء الفروع على الأصول للتلمساني المالكي ص 30/ 31.
(3)
الأمر في اللغة له معان متعددة منها أنه ضد النهي قال ابن فارس. . والأمر الذى هو نقيض النهي قوله: إِفعل كذا، انظر معجم مقاييس اللغة باب الهمزة والميم وما بعدهما في الثلاثي. وفي اصطلاح الأصوليين: له تعريفات كثيرة منها: استدعاء الفعل بالقول على جهة الاستعلاء. انظر حد الأمر عند الأصوليين في روضة الناظر ص 185 تحقيق دكتور السعيد ومنتهى السول ج 2 ص 3، والإبهاج ج 2 ص 3.
(4)
النهي في اللغة معناه الكف والزجر قال ابن فارس: النون والهاء كلمة واحدة تدل على الكف والزجر اهـ. معجم مقاييس اللغة كتاب النون/ باب النون وما بعدها في المضاعف والمطابق، وفي مختار الصحاح ص 683 النهى ضد الأمر ونهاه عن كذا ينهاه نهيًا وانتهى عنه وتناهى أي كف وفي اصطلاح الأصوليين ضد الأمر فهو: طلب الكف عن الفعل على جهة الاستعلاء وذلك لأن الأصوليين يجعلون الكلام في الأمر هو الكلام في النهي معكوسًا. انظر الروضة ص 216 ومنتهى الأصول ص 16 والإِبهاج ج 2 ص 66.
الثاني: أن يتعلقا بمعين يتجزأ ففي الأمر لا يخرج عن العهدة إِلا بالإِتيان به (1) وفي النهي (2) يكفي جزء إِلَّا أن يدل دليل على إِرادة الكل، كما لو قال السيد لعبده أعط زيدًا عشرة لا يخرج عن العهدة إِلَّا بآخره (3) ولو قال (4) لا تعطه عشرة فأعطاه تسعة لا يكون عاصيًا لأن الماهية (5) المركبة تنعدم بانعدام جزء من أجزائها.
الثالث: أن يتعلقا بمطلق وهو المتناول لواحد لا بعينه (6) ففي الأمر يخرج عن
(1) أى لا يخرج عن العهدة إِلا بالإتيان بجميع أجزاء المأمور به. انظر المحصول ج 2 ص 221.
(2)
ولتعلق النهي بمتعدد صور أخرى عند الأصوليين فلا يخلو إِما أن يكون النهي عن أمور متعددة في حال اجتماعها فلا يخالف المكلف النهي في هذه الحالة إِلا بالجمع بينها كالنهي عن الجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها، وإما أن يكون نهيًا عن أمور متعددة في حال الانفراد كنهيه عليه الصلاة والسلام عن خلع إِحدى النعلين وترك الأخرى. راجع في هذا الموضوع جمع الجوامع ج 1 ص 392 مع حاشيته البناني، وشرح الكوكب المنير ص 3 ص 98، 99، والتبصرة ص 104 والمعتمد ج 1 ص 182/ 183.
(3)
أي بآخر جزء من المأمور به في المثال وهو لفظ العشرة وقد حكى الآمدى في هذا القسم الاتفاق. راجع إِحكامه ص 3 ص 136.
(4)
راجع تفاصيل كلام الأصوليين في هذا المثال وما شابهه في الإحكام للآمدى ج 3 ص 135. والمحصول ج 2 ص، 22. والمعتمد ج 1 ص 157.
(5)
الماهية تطلق ويراد بها متعلق الشيء غالبًا، وتطلق ويراد بها حقيقة الشيء وهو المراد هنا. انظر تعريفات الجرحاني باب الميم ص 205 وجامع العلوم ص 7 ص 190.
(6)
كخصال كفارة اليمين، وهذا القسم مضروب على مذهب الأشاعرة والفقهاء أما المعتزلة فلا يوجد عندهم هذا القسم لأنهم يقولون في هذه الحالة إِن الجميع واجب على جهة التخيير راجع تفصيل ذلك في البرهان ج 1 ص 268 وما بعدها، والمعتمد ج 1 ص 84 وما بعدها والإِحكام ج 1 ص 76/ 77.
وانظر في الفروع المترتبة على خلاف الأصوليين في أن الأمر إِذا تعلق بمطلق هل يتناول جميعه على سبيل البدل أو يتناول فردًا من أفراده لا بعينه؟. القواعد والفوائد الأصولية ص 65/ 69 ومفتاح الوصول للتلمساني ص 30/ 31.
العهدة بأي فرد فعله ما لم يقم دليل على (تقييد)(1) ذلك بصفة خاصة مثل: "رقبة (2) مؤمنة (3) " وأما النهي: إِذا قال لا تعتق رقبة فإِنه لا يخرج عن العهدة بترك عتق رقبة واحدة بل لا بد من ترك جميع ما يصدق عليه ذلك الاسم لأن المطلق في جانب النهي يعم مثل عموم لا رجل في الدار (4).
الرابع: أن يتعلقا بعام عموم الشمول (5) كقوله: أكرم العلماء ولا تكرم الجهال، ومن دخل داري فأكرمه ومن لم يدخل فلا تعطه شيئًا وهو كالقسم الأول في أن المكلف لا يخرج عن (العهدة)(6)، إِلا بالإِتيان بالجميع أو الانتهاء عن الجميع إِلا أن يدل دليل يقتضي خروج البعض فيتخصص (7) به سواء كان متصلًا أو منفصلًا.
(1) في النسختين "تقيد" ولعل ما أثبت هو الأولى.
(2)
جزء من الآية 92 من سورة النساء.
(3)
نهاية لوحة 81.
(4)
هذا المثال إنما يستقيم على رأي جمهور الأصوليين أما الحنفية فلا يستقيم عندهم لأن النكرة في سياق النفي لا تعم عندهم إِلا بدليل يدل عليها كقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} راجع في ذلك أصول السرخسي ج 1 ص 159/ 160 وجمع الجوامع بشرح المحلي ج 1 ص 413.
(5)
قيد المؤلف هنا العام بكونه عموم شمول ليخرج المطلق فإِنه عام عموم بدل فعموم الشمول هو العموم فى الأفراد، قال في تيسير التحرير ج 1 ص 95 والمراد بالشمول المذكور في تعريف العام. تعلق الأمر الواحد بالمتعدد.
(6)
ما بين القوسين ليس في النسختين وأثبته لما يقضتيه السياق، وانظر مجموع العلائي لوحة 2.
(7)
التخصيص: هو إِخراج بعض ما تناوله اللفظ العام، هكذا عرفه الرازي ومتابعوه، وله تعريفات أخرى لا تختلف. عن هذا التعريف، وينقسم المخصص إِلى مخصص متصل وإلى مخصص منفصل، ومنها ما هو تفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، راجع ذلك مفصلًا في المحصول ج 3 ص 7. وشرح تنفيح الفصول ص 51 والعدة لأبي يعلى ج 2 ص 546/ 678 وجمع الجوامع ج 2 ص 2 وشرح الكوكب المنير ج 3 ص 267.