المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال - القواعد للحصني - جـ ٣

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌خطة التحقيق

- ‌عملي في التحقيق

- ‌الأمر بعد الحظر

- ‌إِذا علق الأمر على شرط هل يقتضي التكرار

- ‌الأمر المجرد عن القرائن هل يقتضي الفور

- ‌أدوات الشرط

- ‌الأمر بشيء معين هل هو نهي عن ضده أم لا

- ‌الأمرُ بالماهيةِ الكليةِ المطلقة

- ‌التأسيس والتأكيد

- ‌النهي هل يقتضي الفساد

- ‌التغرير

- ‌صيغ العموم

- ‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال

- ‌هل يدخل المخاطِب في متعلَّق عموم خطابه

- ‌الصور النادرة هل تدخل في الألفاظ العامة

- ‌هل تنزل الأكساب منزلة المال الحاضر

- ‌أقل الجمع

- ‌السؤال هل هو معاد في الجواب

- ‌الجواب المستقل

- ‌هل يدخل النساء في ضمير الرجال

- ‌الخطاب بالناس وبالمؤمنين

- ‌متعلق جناية العبد

- ‌المبعض

- ‌الأعمى

- ‌الألف واللام الداخلة على الأسماء

- ‌الاستثناء

- ‌الاستثناء المستغرق

- ‌الاستثناء المتعقب للجمل

- ‌الاستثناء من الإِثبات

- ‌حمل المطلق على المقيد

- ‌المطالبة بالبيان

- ‌التأويل

- ‌[دلالة الاقتضاء]

- ‌دلالة الإِشارة

- ‌الإِشارة والعبارة

- ‌النسخ

- ‌الزائل العائد

- ‌نسخ الفعل قبل علم المكلف

- ‌القياس

- ‌[ما يقاس عليه وما لا يصلح القياس عليه]

- ‌ضبط الأمور الخفية

- ‌[الوصف الحسي أولى من المعنوي]

- ‌يجوز التعليل بالوصف المركب

- ‌المعاملة بنقيض المقصود

- ‌ما ثبت على خلاف الدليل

- ‌القياس الجزئي

- ‌قياس غلبة الأشباه

- ‌الدائر بين أصلين

- ‌الإِبراء

- ‌مطلب: المغتاب

- ‌المتردد بين القرض والهبة

- ‌استعار شيئًا ليرهنه

- ‌الحوالة

- ‌الصداق

- ‌الظهار

- ‌نفقة الحامل

- ‌قاطع الطريق

- ‌النذر

- ‌اليمين المردودة

- ‌التدبير

- ‌قد يتجاذب الفرع أصلان

- ‌المقتضي والمانع

- ‌القادر على اليقين هل يأخذ بالظن

- ‌الاجتهاد

- ‌الواقعة إِذا تكررت

- ‌المصيب من المجتهدين واحد أم لا

- ‌قال الشافعي إِذا صح الحديث فهو مذهبي

- ‌ما يستثنى من القواعد المستقرة

- ‌الحقوق الواجبة على الإِنسان

- ‌الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

- ‌المسكن والخادم

- ‌حق الله وحق العباد

- ‌ما يسري

- ‌ما يتعدى حكمه إِلى الولد

- ‌ما يعتبر بالأبوين

- ‌إِقامة الشارع شيئًا مقام شيء

- ‌البدل مع مبدله

- ‌الزواجر والجوابر

- ‌ما يوجب الضمان

- ‌إِعواز المثل

الفصل: ‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال

‌ترك الاستفصال في قضايا الأحوال

(1)

وقال الشافعي (2) رضي الله عنه أيضًا: ترك الاستفصال في قضايا الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. ومثله الإمام (3) بقضية غيلان (4) لما أسلم على عشرة (5) نسوة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم: أن يختار أربعًا (6) فإِن الشافعي استدل (7) به على أنه لا فرق بين أن يكون وقع العقد عليهن دفعة أو مرتبًا فإِنه عليه الصلاة والسلام لم يسأل

(1) من هامش المخطوطة.

(2)

انظر هذه المسألة في البرهان حـ 1 ص 345 والمحصول حـ 1 ق 2 ص 631 وقواطع الأدلة حـ 1 لوحة 66. مصور فلم بجامعة الملك سعود رقم 539/ 2 وشرح تنقيح الفصول ص 186 ونهاية السول حـ 2 ص 74 مع شرح البدخشي وقواعد ابن اللحام ص 234.

(3)

المراد به إِمام الحرمين انظر البرهان له ص 1 ص 346.

(4)

هو غيلان بن سلمة بن شرحبيل الثقفي أسلم يوم الطائف وكان أحد وجوه ثقيف وممن وفد على كسرى. وقد أورد ابن الأثير في أسد الغابة قصة إسلام غيلان وتحته عشر نسوة وأنهن أسلمن معه. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير منهن أربعًا انظر الاستيعاب ص 3 ص 189 دار الفكر والإصابة حـ 3 ص 189 دار الفكر، وأسد الغابة حـ 4 ص 172 المكتبة الإسلامية.

(5)

هكذا فى الأصل والثانية وهو لحن لأن العدد يذكر مع المعدود إذا كان مؤنثًا وهذه قاعدة نحوية انظر أوضح المسالك حـ 4 ص 243.

(6)

قضية إِسلام غيلان لما أسلم على عشر نسوة أخرجها الترمذى في سننه كتاب النكاح باب 30 حديث 1138 عن ابن عمر بلفظ: أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير منهن أربعًا وأخرجها ابن ماجه في سننه كتاب النكاح 9 باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة 40 عن ابن عمر بلفظ: "وخذ منهن أربعًا" حديث 1953 وأحمد في مسنده حـ 2 ص 13 عن سالم بن عبد الله عن أبيه بلفظ: فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اختر منهن أربعًا".

(7)

انظر استدلال الشافعي بهذه الواقعة في الأم حـ 5 ص 49.

ص: 75

غيلان عن كيفية عقده عليهن. فلما لم يستفصله وحكم باختيار أربع دل ذلك على أنه لا فرق بين الحالتين. إذ لو كان الحكم خاصًا بأحدهما كان فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

واعترض الإمام (1) وغيره (2) بأنه عليه الصلاة والسلام علم عقده عليهن دفعة.

وقد نص (3) الشافعي رضي الله عنه على أن وقائع الأعيان إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال. وسقط بها الاستدلال يعني في العموم.

وقد أشكل الفرق بين هذين (القولين)(4) على جماعة (5) حتى توهم بعضهم أن له قولين في المسألة وجمع بعضهم بما لا طائل تحته.

أما الاعتراض (6) فقد قال ابن السمعاني: (7) احتمال معرفة النبي صلى الله عليه وسلم كيفية عقد

(1) انظر البرهان حـ 1 ص 346.

(2)

كالرازي في المحصول حـ 1 ق 2 ص 633.

(3)

راجع المصادر السابقة في هامش 2 حـ 3/ 75.

(4)

ما بين القوسين أثبته لما يقتضيه السياق وانظر النص في مجموع العلائي مخطوط لوحة 14.

(5)

منهم الأسنوى في التمهيد ص 330 وفي هذا الإشكال يقول القرافي في شرح التنفيح ص 187 بعد أن نقل النصين عن الشافعي .. "فذكرت هذا لبعض العلماء الأعيان فقال يحمل ذلك على أنه قولان له اختلفا كما تختلف أقوال العلماء في المسائل بالنفي والإثبات" والقرافي بهذا النص يبين أن الإشكال وقع لجماعة من العلماء.

(6)

يريد به اعتراض الإمام ومن معه السابق.

(7)

انظر قواطع الأدلة له حـ 1 لوحة 66 ص ب ونص ما فيه:

"والجواب بأن دعوى معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بكيفية العقود من غيلان بن سلمة" وهو رجل من ثقيف ورد عليه ليسلم، والتعرف لأمثال هذه المواقعات يبعد من الآحاد من الناس فكيف بحال الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا في غاية البعد. والذى ذكرنا فنحن إِنما ندعي العموم في كل ما يظهر فيه استبهام الحال ويظهر من الشارع إطلاق الجواب.

ص: 76

غيلان بعيد جدًا. ونحن إِنما ندعي العموم في كل ما يظهر فيه استبهام الحال ويظهر من الشارع إِطلاق الجواب، فيكون الجواب شاملاً للأحوال.

فإِذا انضم إِلى حديث غيلان بقية الأحاديث الواردة في مثله لجماعة منهم قيس بن الحارث (1) وعروة بن مسعود (2) ونوفل بن معاوية (3) وكل أسلم على أكثر من أربع

(1) هو قيس بن الحارث بن حذاف الأسدي وقيل الحارث بن قيس قال ابن حجر: والثاني أشبه لأنه قول الجمهور؛ له صحبة أسلم وعنده ثمان نسوة قال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "اختر منهن أربعًا" انظر الإصابة ص 8 ص 176 الطبعة الأولى والاستيعاب حـ 98 ص 161 بهامش الإصابة.

والحديث الوارد فيه بهذا الشأن أخرجه أبو داود في سننه كتاب الطلاق 7 باب من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع، 25 بلفظ أسلمت وعندى ثمان نسوة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"اختر منهن أربعًا" حديث 2241 وأخرجه بهذا اللفظ ابن ماجة في سننه كتاب النكاح رقم 9 باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة 40 عن قيس بن الحارث. وأخرجه بهذا اللفظ البيهقي في سننه ص 7 ص 183 والدارقطني في سننه حـ 3 ص 271.

(2)

هو: عروة بن مسعود الثقفي الصحابي الجليل أسلم عندما انصرف الرسول صلى الله عليه وسلم من ثقيف وطلب الرجوع إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام فرجع إليهم وأظهر دينه ودعاهم إلى الإسلام فرموه بالنبل حتى قتل رضي الله عنه. انظر تهذيب الأسماء واللغات حـ 1 ص 332 والإصابة حـ 6 ص 416.

والحديث الوارد فيه بهذا الشأن أخرجه البيهقي في سننه حـ 7 ص 184 بلفظ عن عروة بن مسعود قال: أسلمت وتحتي عشر نسوة أربع منهن من قريش فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "اختر منهن أربعًا" وخل سائرهن فاخترت منهن أربعًا.

(3)

هو: نوفل بن معاوية بن عروة أسلم على خمس نسوة فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بفراق واحدة وإمساك أربع، أسلم وشهد مكة. نزل المدينة توفي في خلافة يزيد بن معاوية انظر تهذيب الأسماء واللغات حـ 2 ص 134 والإصابة حـ 10 ص 195.

أورد قصة إسلامه على خمس نسوة الشافعي في الأم حـ 2 ص 49. وفي مختصر المزني ص 171 وأخرجها البيهقي في سننه حـ 7 ص 184 وفيه: عن نوفل بن معاوية قال: أسلمت =

ص: 77

نسوة. وأمره عليه الصلاة والسلام أن يختار أربعًا تبين أن احتمال أنه عليه الصلاة والسلام اطلع على كيفية العقد عليهن لا أثر له وأن الجواب ورد مسترسلاً على كل الأحوال.

وأما الفرق بين ترك الاستفصال و (قضايا)(1) الأحوال فقد قيل فيه وجوه ليس هذا موضعها والفرق على الصحيح أن ترك الاستفصال هو ما كان فيه لفظ حكم من النبي صلى الله عليه وسلم بعد سؤال عن قضية يحتمل وقوعها على وجوه متعددة فيرسل الحكم من غير استفصال عن كيفية تلك القضية كيف وقعت، وأن جوابه يكون شاملاً لتلك الوجوه وأما قضايا الأعيان فهي الوقائع التي ليس فيها سوى مجرد فعله عليه الصلاة والسلام أو

= وتحتي خمس نسوة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "خل واحدة وامسك أربعًا". فعمدت إلى أقدمهن عندي عاقر من ستين سنة ففارقتها.

(1)

في الأصل والثانية وقضا بدون ياء وقد أثبتها من مخطوطة العلائي لوحة 17 ويظهر من هذا النص أن المؤلف وهو في هذا متابع للعلائي يرى أن هذا النقل عن الشافعي للقولين صحيح عنه مع أن بعض العلماء يروى عدم صحة هذا النقل كما نقل عن بعضهم الدكتور طه جابر العلواني في تعليقه على كتاب المحصول. راجع حـ 1 ص 633 من المحصول ومن خلال النظر في أقوال العلماء في هذين النقلين عن الشافعي ظهر لي أنها ثلاث وجهات: -

الأولى: فريق يرى أنها قولان متضادان للشافعي واردان على محل واحد وهذا غير ممتنع في حق العلماء وقد نقل القرافي هذه الوجهة عن جماعة من العلماء راجع شرح تنقيح الفصول ص 187/ 186.

الثانية: فريق يرى أنهما قولان للشافعي منفكان كل وارد على محل ولا تعارض بينهما كما نقل المؤلف هنا وهو رأى العلائي أيضًا في قواعده مخطوطة رقم 17.

الثالثة: فريق يرى أن النص الثاني وهو حكايات الأحوال إذا تطرق إليها لاحتمال كساها ثوب الإجمال غير ثابت عن الشافعي كما نقله الأصفهاني أحد شراح المحصول عن صاحب التنقيع كما نقل هذا عنهم الدكتور العلواني عن الكاشف راجع ما أشرت اليه سابقًا في هذا الموضع والله تعالى أعلم.

ص: 78

فعل الذي رتب عليه الحكم ويحتمل ذلك الفعل وقوعه على وجوه متعددة فلا عموم له في جميعها. وإذا حمل ذلك الفعل على صورة منها كان كافيًا في العمل به إذ ليس له صيغة تعم. فمن الأول (1) وقائع من أسلم على أكثر من أربع نسوة وحديث (2) فاطمة (3) بنت أبي حُبيش أنه عليه الصلاة والسلام قال لها وقد ذكرت له أنها تُستَحاض إن دم الحيض أسود يعرف فإِذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فاغتسلي وصلي ولم يستفصل عليه الصلاة والسلام هل لها عادة أم لا؟ فيكون حكمه باعتبار التمييز شاملاً للمعتادة وغيرها وحديث (4) بُريَدة (5) رضي الله عنه أن

(1) أي من النص الأول المنقول عن الشافعي في ترك الاستفصال في قضايا الأحوال.

(2)

أخرجه بهذه الرواية أبو داود في سننه كتاب الطهارة باب 610 عن عروة بن الزبير في فاطمة بنت أبي حُبيش بسنده ولفظه: إن فاطمة بنت أبي حُبيش كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان دم الحيض فإِنه دمٌ أسودٌ يعرف فإِذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضيء وصلي فإنما هو عرق وأخرجه بهذا اللفظ النسائي أيضًا في كتاب الطهارة باب الفرق بين الحيض والاستحاضة حـ 1 ص 102 الطبعة الأولى سنة 1383 هـ.

(3)

هي فاطمة بنت أبي حُبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى القرشية الأسدية كانت رضي الله عنها مستحاضة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. تزوجها عبد الله بن جحش بن رئاب قال ابن حجر: ثبت ذكرها في الصحيحين من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. انظر ترجمتها في الإصابة ص 4 ص 381 وطبقات بن سعد حـ 8 ص 178 وأسد الغابة حـ 5 ص 518 وتهذيب النووى حـ 2 ص 353.

(4)

هذا جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه عن بريدة بلفظ: إِنها ماتت وإنها لم تحج قط. أفأحج عنها؟. قال "حجي عنها" انظر كتاب الصيام رقم 13 باب قضاء الصيام عن الميت رقم 27 حـ 1 ص 805 وأخرجه الترمذى في جامعه كتاب الحج رقم 7 باب 86 حديث 929 عن بُرَيدة أيضًا بلفظ: إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: - إن أمي ماتت ولم تحج أفأحج عنها؟ قال نعم حجي عنها. وقال حديث حسن صحيح وانظر تخريج هذا الحديث أيضًا في جامع الأصول حـ 2 ص 11 الطبعة الثانية.

(5)

هو بُرَيدْة بن الحصيب بن عبد الله بن الحرب بن الأعرج الأسلمي أبو عبد الله سكن المدينة ثم =

ص: 79

امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت ولم تحج (1) أفيجزيء أن أحج عنها؟ .. قال نعم. ولم يستفصل هل أوصت بذلك أم لا؟.

وكذلك حديث (2) رمي الجمار (3) في الحلق قبل الرمي، وسؤال آخر في الذبح قبل الرمي ونحو ذلك. فيقول عليه الصلاة والسلام "لا حرج" من غير أن يستفصل هل وقع ذلك عن عمد أو نسيان أو عن علم أو عن جهل؟. فيكون جوابه عليه الصلاة

= البصرة ثم مرو وبها توفي سنة اثنتين وستين وهو آخر من توفي من الصحابة بخراسان رَوَىَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم مائةً وأربعة وستين حديثًا أسلم قبل بدر وقيل بعدها.

انظر ترجمته في تهذيب النووى حـ 1 ص 133.

(1)

نهاية لوحة 87.

(2)

هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحج باب الذبح قبل الحلق رقم 125 عن ابن عباس بسنده موصولاً بلفظ: قال: رجل للنبي صلى الله عليه وسلم زرت قبل أن أرمي قال. "لا حرج". قال حلقت قبل أن أذبح، قال:"لا حرج". قال: ذبحت قبل أن أرمي قال "لا حرج". وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج 15 باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي 75 عن عبد الله بن عمرو بن العاص حديث 1306 قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة فقال: يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي فقال "ارم ولا حرج". وأتاه آخر فقال: إِني ذبحت قبل أن أرمي قال: "إرم ولا حرج". وأتاه آخر فقال: إني أفضت إِلى البيت قبل أن أرمي قال: "ارم ولا حرج" قال: فما رأيته سُئِل عن شيء إلا قال "افعلوا ولا حرج".

وأخرجه أبو داود عن عمرو بن العاص بسنده في سننه كتاب المناسك 5 باب فيمن قدم شيئًا قبل شيء في حجه. 88 بلفظ قريب من لفظي الشيخين حديث 2014 والترمذي في سننه كتاب الحج باب فيمن حلق قبل أن يذبح حديث رقم 916.

وابن ماجه في سننه كتاب المناسك 25 باب من قدم نسكًا قبل نسك 74 حديث 3050 عن ابن عباس ومالك في الموطأ عن عبد اللَه بن عمرو بن العاص بسنده كتاب الحج 20 باب جامع الحج 81 حديث 242 وابن الجارود في المنتقى حديث رقم 487/ 488.

(3)

هكذا في النسختين ولعل الأولى "و".

ص: 80

والسلام شاملًا لجميع هذه الأحوال وإلا كان إطلاقًا في موضع التفصيل. ومنه إذنه عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس (1) في خلع امرأته على الحديقة (2) ولم يفرق بين أن تكون حائضًا أم لا فيشمل ذلك الحالين. ويدل على جواز الخلع في الحيض وإن كان طلاقًا إِلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة.

(1) هو ثابت بن قيس بن شماس الأنصارى الخزرجي كان خطيبًا للأنصار وخطب للنبي صلى الله عليه وسلم شهد أُحُدًا وما بعدها قتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر شهيدًا انظر الاستيعاب حـ 1 ص 192 والإصابة حـ 1 ص 195 وأسد الغابة جـ 1 ص 229.

(2)

قصة إذنه عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس في خلع امرأته على الحديقة أخرجها البخارى في صحيحه كتاب الطلاق باب الخلع 12 عن ابن عباس من طرق كلها موصولة بلفظ: إن امرأة ثابت بن قيس بن شماس جاءت إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فتردين عليه حديقته"؟ قالت نعم. فردت عليه وأمره ففارقها. وأبو داود في سننه كتاب الطلاق باب الخلع، عن عائشة بسنده أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شماس وفيه: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ثابتًا فقال: خذ بعض مالها وفارقها فقال ويصلح ذلك يا رسول الله؟. قال: نعم. وفي رواية عن ابن عباس فجعل النبى صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة. حديث 2229/ 2228 والترمذي في سننه كتاب الطلاق باب ما جاء في الخلع عن ابن عباس وفيه: أمرها أن تعتد بحيضة وقال حديث حسن حديث 1185. وابن ماجه في سننه كتاب الطلاق 10 باب المختلعة من طريقين عن ابن عباس وعمرو بن شعيب حديث 2056/ 2057.

والنسائي في سننه كتاب الطلاق، باب ما جاء في الخلع 33 عن عمرة بنت عبد الرحمن وفيه أن زوجته حبيبة بنت سهل وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت "خذ منها فأخذ منها. وجلست في أهلها" وأخرجها البيهقي في سننه الكبرى حـ 7 ص 312/ 313. وفيه أن زوجته حبيبة بنت سهل وفي بعض روايات عنده أنها جميلة بنت أبي ابن سلول وهكذا أخرجها ابن ماجه أيضًا. انظر الإحالة السابقة في سننه مرة حبيبة بنت سهل ومرة جميلة بنت أبي بن سلول. قال النووي في التهذيب حـ 1 ص 337 والأوْلى: حبيبة بنت سهل لأنه المحفوظ عن الرواة الحفاظ والمنقول عنهم كمالك والشافعي وأبي داود والبيهقي وغيره. ويمكن أن يجمع بين هذه النقول بما حكاه ابن عبد البر فيما نقله عنه الروى انظر الإحالة السابقة. بأنه يجوز أن تكون جميلة وحبيبة اختلعتا من ثابت بن قيس والله تعالى أعلم.

ص: 81

وأما القسم الثاني: وهو قضايا الأعيان فمنه ما جاء أنه عليه الصلاة والسلام جمع (1) بالمدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر فإِن هذا

(1) جمعه عليه الصلاة والسلام هذا أخرجه مسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين وقصرها 6 باب الجمع بين الصلاتين في الحضر 6 عن ابن عباس موصولاً بسنده قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر" وأخرج نفس الإحالة عن ابن عباس أيضًا من طريق أخرى وزاد فيه بالمدينة وله عن ابن عباس من طريق ثالثة:

من غير خوف ولا مطر" وأخرجه أبو داود في سننه كتاب الصلاة 25 باب الجمع بين الصلاتين 274 عن ابن عباس باللفظ الأول لمسلم حديث 1210 وأخرجه عن ابن عباس أيضًا بلفظ: وجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. حديث رقم: 1211 وأخرجه النسائي في سننه كتاب المواقيت 6 باب الجمع بين الصلاتين في الحضر 47 بلفظ روايتي أبي داود ومالك في الموطأ كتاب قصر الصلاة في السفر 9 باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر باللفظ الأول لمسلم. قال في الموطأ: أرى ذلك في المطر.

وأخرجه الذهبي في المهذب في اختصار السنن الكبرى حدث رقم 3944/ 3945/ 3948 وأخرجه الترمذى في الصلاة باب 138 ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر عن ابن عباس بلفظ قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر.

وقال: وفي الباب عن ابن هريرة وانظر تخريج هذا الحديث في تلخيص الحبير جـ 4 ص 471/ 472 بحاشية شرح الرافعي قال ابن حجر: متفق عليه بلفظ: من غير خوف ولا سفر. هذا وقد حاول كثير من الفقهاء تأويل هذا الحديث وحمله على حالة المطر -كما ذكر ذلك المؤلف- ومن هؤلاء الإمام مالك في الموطأ انظر كتاب 9 باب 1 حيث قال: أرى ذلك في المطر. ومنهم الشافعي كما نقل عنه النووى في المجموع جـ 4 ص 379 ومنهم من حمل هذا الجمع على الجمع المجازى وهو: أن يؤخر الأولى إِلى آخر وقتها ويقدم الثانية إِلى أول وقتها. انظر المجموع الإحالة السابقة.

ومما يؤيد ما ذكر المؤلف هنا أن العلماء حملوه على حالة المطر، أو على الجمع الصورى ولا عموم له عندهم فجمهورهم لم يجوز الجمع في الحضر من غير خوف ولا سفر ولا مطر ولا =

ص: 82

يحتمل أنه كان في مطر وأنه كان في مرض ولا عموم له في كل الأحوال فإِذا حمل على بعضها كان كافيًا.

ومنه حديث أبي بكرة (1) رضي الله عنه، أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم راكعًا فركع قبل أن يصل إلى الصف، ثم مشى حتى دخل الصف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) زادك الله حرصًا ولا تعد (3) فإِنه يحتمل أن يكون مشيه بعد ما ركع إِلى الصف، ثلاث

= مرض وقليل من العلماء من جوزه من غير سبب عملًا بعموم الحديث وهو بهذا عندهم من القسم الأول ولا يستقيم ضربه من القسم الثاني عند هؤلاء والله تعالى أعلم. راجع حلية العلماء جـ 2 ص 204 - 207، والمجموع شرح المهذب: جـ 4 ص 379 - 384، والكافي في فقه الحنابلة: جـ 1 ص 204، ومعالم السنن جـ 1 ص 264/ 266 والمغني جـ 2 ص 205 والشرح الكبير جـ 4 ص 469/ 472 على الوجيز.

(1)

هو نُفيَع بن الحارث، وقيل بن مروج، وقيل غير ذلك، بن كلدة بن عمرو الثقفي مولى الحارث ابن كلدة، نزل يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف على بكرة فأسلم وكني بذلك، أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معدود من مواليه توفي رضي الله عنه بالبصرة سنة إِحدى وخمسين، وقيل اثنتين وخمسين. انظر الإصابة جـ 3 ص 591 وطبقات ابن سعد جـ 7 ص 5، وأسد الغابة جـ 5 ص 151 والاستيعاب جـ 11 ص 377.

(2)

ما بين المعقوفين غير واضح في الأصل والمثبت من الثانية، وانظر مجموع العلائي لوحة 18.

(3)

حديث أبي بكرة هذا أخرجه البخارى في صحيحه، كتاب الأذان 10 باب إذا ركع دون الصف 114 عن أبي بكرة بسند متصل بلفظ:"أنه انتهى إِلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قيل أن يصل إِلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "زادك الله حرصًا ولا تعد" وأخرجه بهذا اللفظ أبو داود عن أبي بكرة في سننه كتاب الصلاة 2 باب الرجل يركع دون الصف رقم 101 حديث 684، وأخرجه النسائي في سننه كتاب الإمامة، باب الركوع دون الصف 63 عن أبي بكرة باللفظ السابق. وأخرجه أحمد في مسنده جـ 5 ص 39/ 42/ 45. وابن الجارود في المنتقى حديث 318 عن أبي بكرة أيضًا.

قال ابن حجر في الفتح حـ 2 ص 411: أعله بعضهم بأن الحسن عنعن وقيل أن الحسن لم يسمع من أبي بكرة، وإنما يروى عن الأحنف عنه، ثم رد ابن حجر هذا الإعلال برواية سعيد =

ص: 83

خطوات، وأن يكون أقل، وإذا حمل على الثاني كان كافيًا ولم يكن فيه حجة لجواز المشي مطلقًا.

ومنه ترديده صلى الله عليه وسلم ماعزًا لما أقر بالزنا أربع مرات (1) فإِنه يحتمل أن يكون ذلك

= ابن أبي عَرُوبة عن الأعلم قال حدثني الحسن أن أبا بكرة حدثه، قال أخرجه أبو داود والنسائي أ. هـ كلام ابن حجر.

فائدة: اختلف في ضبط "تعد" الواردة في هذا الحديث فضبطت بضم المثناة الفوقية وكسر العين المهملة من الإعادة، وضبطت بسكون العين المهملة وفتح المثناة الفوقية من العدو أى لا تسرع المشي إِلى الصلاة، وضبطت بفتح التاء وضم العين من العود أى لا تفعل مثل ما فعلت ثانيًا. انظر تفصيل ذلك في معالم السنن حـ 1 ص 441، وسبل السلام جـ 2 ص 32.

(1)

وترديده عليه الصلاة والسلام لماعز أربع مرات أخرجه البخارى في صحيحه كتاب الطلاق باب 10 جـ 7 ص 59 الطبعة الأولى سنة 1378 هـ. عن أبي سلمة بسنده موصولًا أن رجلًا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنا فأعرض عنه فتنحى لشقه الذى أعرض، حتى شهد على نفسه أربع شهادات وأخرجه عن أبي هريرة بسنده وفيه أتى رجل من أسلم وفيه فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه فقال: هل بك جنون؟ قال: لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أذهبوا به فارجموه. ومسلم في صحيحه كتاب الحدود 29 باب 16 عن أبي هريرة ولم يذكر اسمه ولفظه: أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إِني قد زنيت. فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال له: يا رسول الله قد زنيت. فأعرض عنه حتى ثنى عليه ذلك أربع مرات. فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ .. قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فارجموه. وأخرجه عن جابر بن سمرة وفيه صرح باسمه وعن سليمان بن بريدة عن أبيه انظر صحيح مسلم جـ 3 ص 1318/ 1322 الطبعة الأولى. وأبو داود في سننه كتاب الحدود باب رجم ماعز بن مالك بسنده إِلى نعيم بن هزال الأسلمي حديث 4419 وفيه. فأعرض عنه حتى قالها أربع مرات. وأخرجه ابن عباس وجابر بن سمرة انظر سنن أبي داود جـ 4 ص 151/ 145. والترمذي في سننه كتاب الحدود باب 4/ 3 حديث 1452/ 1454/ 1453. عن ابن عباس وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وفيها جميعًا أنه شهد على نفسه أربع مرات وكلها من الحسن والحسن الصحيح عنده.

ص: 84

لتوقفه في صحة عقله، أو لعله يرجع عما أقر به، ويحتمل أن يكون الإقرار بالزنا لا بد فيه من أربع مرات فإِذا حمل على الأول كان كافيًا إِذ لا عموم للفعل ولم يقع قول يشمل الصور إِلى غير ذلك من الأحاديث، فقد تبين الفرق.

ثم الأفعال التي تضمنتها وقائع الأحوال إِذا احتمل وقوعها على وجوه كفى حملها على واحد، ولا بد أن يكون ذلك الاحتمال قريبًا فإِن بُعد جدًا فلا أثر كما (قال)(1) الحنفية (2) في صلاته عليه الصلاة والسلام على النجاشي (3) أنه يُحتمل أن يكون

(1) في النسختين: كمال الحنيفية والتصويب من مجموع العلائي لوحة 18.

(2)

انظر قول الحنفية في صلاته عليه الصلاة والسلام على النجاشي في فتح القدير جـ 2 ص 117 ومعه شرح العناية على الهداية الطبعة الأولى وحاشيته ورد المحتار على الدر المختار جـ 2 ص 209 الطبعة الثانية وبدائع الصنائع جـ 2 ص 778 ونصب الراية حـ 2 ص 282/ 283. الطبعة الثانية وقد ذكر الزيلعي أن ابن حبان أخرجه في صحيحه.

(3)

هو أصحمة على وزن أربعة بن أبحر النجاشي ملك الحبشة واسمه بالعربية عطية والنجاشي لقب لكل من ملك الحبشة أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رِدْءا للمهاجرين إِلى الحبشة وقصة إحسانه إِلى المسلمين الذين هاجروا إِلى الحبشة مشهورة وقد نعاه النبي صلى الله عليه وسلم يوم موته وصلى عليه وكان ذلك في رجب سنة 9 وقيل غير ذلك. انظر الإصابة جـ 1 ص 205. وصلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي أخرجها البخارى في صحيحه كتاب الجنائز باب من صف صفين، أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام بسنده موصولًا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث وأخرجه في باب الصفوف على الجنازة عن أبي هريرة بلفظ نعى النبي صلى الله عليه وسلم إِلى أصحابه النجاشي ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعًا" وأخرجها مسلم في صحيحه كتاب الجنائز باب 22 عن أبي هرير بسنده بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاسي في اليوم الذى مات فيه فخرج بهم إِلى المصلى وكبر أربع تكبيرات. حديث 62.

وأخرجها عن جابر بن عبد الله بسنده حديث 64 بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعًا. وانظر حديث 66/ 67 أيضًا وأخرجها الترمذى في جامعه كتاب الجنائز باب 36 حديث 1027 عن أبي هريرة وصححه بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم =

ص: 85

رفع حتى شاهده كما رفع له بيت المقدس لما وصفه، فلا تكون صلاته على غائب؛ لأن هذا الاحتمال بعيد، ولو كان وقع لأخبرهم لما فيه من المعجزة كما أخبرهم بقضية بيت المقدس.

نعم قال الحنابلة (1): يحتمل أن تكون صلاته عليه الصلاة والسلام على النجاشي

= صلى على النجاشي فكبر أربعًا وأخرجها أبو داود. في سننه كتاب الجنائز باب الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك حديث 3204 بسنده عن أبي هريرة بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي فى اليوم الذي مات فيه وخرج إلى المُصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات. وأخرجها النسائي في سننه كتاب الجنائز باب الصفوف على الجنازة عن جابر وأبي هريرة وعمران بن حصين وفي جميعها أنه صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وكبر أربع تكبيرات كما يصلي على الميت جـ 4 ص 57/ 56 الطبعة الأولى.

وأخرجها مالك في الموطأ باب التكبير على الجنائز 5 حديث 14 عن أبي هريرة وأخرجها البيهقي في سننه الكبري جـ 4 ص 36/ 35 الطبعة الأولى.

(1)

لم أجد فيما بحثت من مصادر الحنابلة -هذا التأويل، ولم يشترطوا في الصلاة على الغائب أن يكون لم يصل عليه. بل نقلوا عن الإمام أحمد روايتين في الصلاة على الغائب إِحداهما المنع. والأخرى الجواز دون ذكر شرط في رواية الجواز. بل نص ابن قدامة في المغني على أنه يبعد أن لا يصلى على النجاشي في بلده وهو ملك وقد أسلم وأظهر إسلامه. راجع المغني والشرح الكبير جـ 2 ص 392، والكافي في فقه الحنابلة جـ 1 ص 264 وهذا الرد من ابن قدامة على المالكية والحنفية في تأويلهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي يعطينا دلالة على أن فقه الحنابلة لا يشرط أن يكون الميت الغائب لم يصل عليه حتى تجوز الصلاة عندهم عليه. والله أعلم.

على أن العنقري في حاشيته على الروض المربع نقل اعتراضًا على إطلاق مجد الدين ابن تيمية في المحرر جواز الصلاة على الغائب فقد نقل عن ابن قندس عن صاحب النكت على المحرر ما نصه: "وإطلاق كلامه في المحرر يقتضي الصلاة على كل غائب مسلم لكل مسلم وفيه نظر انظر الروض المربع وحاشيته للعنقرى جـ 1 ص 345 طبعة سنة 1390 هـ.

وانظر المحرر والنكت عليه جـ 1 ص 200/ 199 وهذا يفيد أن عند الحنابلة شرطًا في الصلاة =

ص: 86