الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المالكي موافقة في الجهاد، فإن أراد سفرًا لتجارة يرجو به ما يحصل له في الإقامة فلا يخرج إلا بإذنهما. وإن رجا أكثر من ذلك وهو في كفاف، وإنما يطلب ذلك تكاثرًا، فهذا لو أذنا له لنهيناه؛ لأنه غرض فاسد. وإن كان المقصود منه دفعَ حاجات نفسه أو أهله بحيث لو تركه تأذى بتركه، له مخالفتهما لقوله عليه السلام:"لا ضرر ولا ضرار". (1)
وكما يُمنع من إذايتهما يمنعان من إذايته؛ فإنه لو كان معه طعامٌ إن لم يأكله هلك وإن لم يأكلاه هلكا قَدَّم ضرورتَه عليهما. (2)
في الشافعي والحنبلي، لا يسافر في مباح ولا نافلة إلا بإذنهما. (3)
الصلة:
68 -
صلةُ الرَّحِم (أي قرابة النسب من جانب الآباء والأمهات) واجبة، ولو بسلام وتحية وهدية، ومعاونة الأقارب، والإحسان إليهم، والتلطف بهم، والمجالسة إليهم، والمكالمة معهم. ويزور ذوي الأرحام غبًّا كل جمعة أو شهر (4)(أي بحسب دنو الرحم وبعدها وبحسب الأحوال).
في المالكي الواجبُ من صلة الرحم هو فيمن قرابَتُه تنشر الحرمة، بحيث لو كان أحدُهما ذكرًا والآخر أنثى حَرُمت عليه، فتجب صلةُ الرحم بين الخال وابن
(1) الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب الأقضية"، الحديث 1560، ج 3، ص 572 - 573. هذا وقد رواه الإمام مرسلًا، وصححه الألباني بعد أن ساق معظم شواهده. الألباني، محمد ناصر الدين: إرواء الغليل في تخريج أحاديث السبيل (بيروت: المكتب الإسلامي، 1985)، الحديث 896، ج 3، ص 408. - المحقق.
(2)
فروق القرافي ص 187 جزء 1.
(3)
نقله القرافي عن الغزالي في الإحياء، الفروق ص 1834 جزء 1.
(4)
معين المفتي على جواب المستفتي (باب الحظر)، مخطوط.
الأخت وشبه ذلك. وفيما بعد هذا، فهي مطلوبةٌ على سبيل الندب في ابن العم وفي كل مَنْ يجمعك وإياه أبٌ أو أم قريب أو بعيد. (1) وذلك قرابةُ المؤمنين لا الكافرين إلا برَّ والديه. (2)
وفي حديث الموطأ والصحيحين أن عمر بن الخطاب كسا أخًا له مشركًا حلَّةً سِيَرَاء أعطاها إياه النبي صلى الله عليه وسلم. (3) قال الباجي في شرحه لهذا الحديث: "وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم لأسماءَ أن تصل أمَّها وقد قدمت عليها مشركة". (4) فجعل ما فعله عمر من هذا القبيل.
قال عياض: اختُلِف في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: كل ذي رحم محرَم، بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حرمت مناكحتها. وقيل: هو عام في كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الميراث وهو الصواب. (5)
والمرادُ بالميراث ضبط مقدار القرابة، وهي التي تكون سبب ميراث. وليس المراد الميراث بالفعل؛ إذ قد يكون لأحد ذوي الأرحام مانع من الميراث كالرق، ولا يمنع ذلك من صلته ومن ذلك صلة ذي الرحم الكافر عند القائلين بها.
(1) الفروق للقرافي ص 188 جزء 1 الفرق 23.
(2)
حاشية العدوي على الكفاية، ص 311 جزء 2.
(3)
الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب اللباس"، الحديث 1820، ج 4، ص 323 - 324؛ صحيح البخاري، "كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها"، الحديث 2612، ص 422 - 423؛ صحيح مسلم، "كتاب اللباس والزينة"، الحديث 2068، ص 823 (من طريق يحيى بن يحيى الليثي). - المحقق.
(4)
المنتقى على الموطأ، ص 229 جزء 7.
(5)
العيني على صحيح البخاري ص 330 جزء 10.
71 -
إذا كان ذو الرحم كافرًا، لا يسقط حقُّ صلته لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أَبُلُّها ببلاها"، يعني أصلها بصلتها" (1)(يعني آل الحكم بن أبي العاص، وكانوا يومئذ مشركين)(2)
(1) العيني على صحيح البخاري في باب يبل الرحم بلاهما من البر والصلة (أو الأدب) شرح العيني ص 333 جزء 10. - المصنف. أخرج البخاري الحديث على النحو الآتي: "عن قيس بن أبي حازم: أن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جهارًا غير سر يقول: "إن آل أبي - قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر بياض - ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين". زاد عنبسة بن عبد الواحد، عن بيان، عن قيس، عن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: "ولكن لهم رحم أبلها ببلالها". صحيح البخاري، "كتاب الأدب"، الحديث 5990، ص 1048. ورواه مسلم بلفظ: "ألا إن ال أبي (يعني فلانًا) ليسوا لي بأولياء. إنما ولي الله وصالح المؤمنين". صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث 215، ص 102. - المحقق.
(2)
نشر منجمًا على قسمين في الهداية الإسلامية، المجلد 9، الجزء 4، شوال 1355 (ص 241 - 256)، والجزء 5، ذو القعدة 1355/ يناير 1937 (ص 293 - 310)، كما نشر في صورة رسالة مستقلة صدرت عن مطبعة الهداية الإسلامية بالقاهرة في 32 صفحة، وجاء في آخره:"هذا ما لاح لنا في الجواب عن السؤال. وكتب في 24 رجب سنة 1355 وفي 10 أكتوبر سنة 1936 - محمد الطاهر ابن عاشور، شيخ الإسلام المالكي بتونس".