الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مولد المقدس الشيخ مصطفى البكري المصري.
وجاء من بعده الأمير الجليل، الخائض غمرات العلا بعزم صارم صقيل، والذي كان لأعمال ابنِ عمه خيرَ ناسق، المشير الثالث محمد الصادق. فأمر بتعميم الاحتفال بالمولد في جميع مدن الإيالة، وأجرى لها من مال الدولة عطايا فيها كفايةٌ وفُضالة. فهي إلى اليوم صدقة جارية من منبع عين الحكومة، مخلدة بها مآثر في المحاسن له معلومة، وتركَها سنةً باقية فيمن بعده، فتلاحقوا في الوفاء بحقها وشدوا عقده. وكم من لطفٍ خفي حفَّ بهذه البلاد لعله من بركات هذا الاعتناء. قال ابن الجوزي:"ومِمَّا جُرِّب من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الاحتفالَ بيوم مولده أمانٌ في ذلك العام، وبشرى لِمَنْ فعله بنيل المرام". (1)
نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم
-:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي بن حكيم - ويُلَقَّب كلابًا - بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو قريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خُزيمة بن مدرِكة بن إلياس بن مضر بن نزار - واسمه خلدان - بن معد بن عدنان، (2) ولم يثبت بالتحقيق ما فوق عدنان. روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
= على شرح الفاكهي لقطر الندة، المهنل الأصفى في مولد الرسول المصطفى (وهو المختصر الذي أشار إليه المصنف)، ديوان شعر.
(1)
نقل ذلك عنه القسطلاني، ولفظه كاملًا:"ولا زال أهلُ الإسلام يحتفلون بشهر مولده عليه الصلاة والسلام، ويعملون الولائم، ويتصدقون في ليليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته فضلٌ عميم. ومما جرب من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، فرحم الله امرأً اتخذ ليالي شهر مولده أعيادًا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وأعيى داء". شرح العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية، ج 1، ص 261 - 263. وانظر كذلك الحلبي: السيرة الحلبية، ج 1، ص 123 - 124.
(2)
انظر: ابن هشام: السيرة النبوية، ج 1/ 1، ص 3 - 4؛ الزهري: كتاب الطبقات الكبير، ج 1، ص 37؛ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، ج 2، ص 239 - 271؛ السهيلي: الروض الأنف، =
رفع نسبه إلى عدنان، ثم قال:"كذب النسابون"، مرتين أو ثلاثًا، (1) وفي رواية أن رسول الله زاد فذكر عدنان بن أدد. (2) واتفق أهلُ الأنساب على أن عدنان من عقب إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وثبت ذلك بنص القرآن، إذ جعل العربَ أبناء إبراهيم في قوله تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: 78].
= ج 2، ص 23 - 31؛ ابن الجوزي: المنتظم، ج 2، ص 195؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء: السيرة النبوية، ج 1، ص 30؛ النويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب: نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق جماعة من الباحثين (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 2004/ 1424)، ج 16، ص 5. قال الذهبي بعد أن ذكر أسماء الآباء الذين ذكرهم المصنف هنا:"وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم - صلى الله عليهما وعلى نبينا وسلم - بإجماع الناس. لكن اختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل من الآباء، فقيل: بينهما تسعة آباء، وقيل سبعة، وقيل مثل ذلك. لكن اختلفوا في أسماء بعض الآباء". الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان: سير أعلام النبلاء، تحقيق جماعة من المحققين بإشراف شعيب الأرنؤوط (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط 11، 1417/ 1996)، السيرة النبوية، ج 1، ص 29. وقال الحلبي:"هذا هو النسب المجمع عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم عند العلماء بالأنساب". إنسان العيون، ج 1، ص 28.
(1)
روى ابن سعد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبته معد بن عدنان بن أدد، ثم يمسك ويقول: كذب النسابون، قال الله تعالى:{وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)} [الفرقان: 38]. الزهري: كتاب الطبقات الكبير، ج 1، ص 38.
(2)
جاء ذلك في رواية أخرجها الحاكم عن أم سلمة أنها قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "معد بن عدنان بن أدد بن زَند بن البراء بن أعراق الثرى". ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "أهلك {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)} [الفرقان: 38] لا يعلمهم إلا الله". قالت أم سلمة: وأعراق الثرى وإسماعيل بن إبراهيم وزند بن هميسع وبرى نبت". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". المستدرك، "كتاب التفسير"، الحديث 3786، ج 2، ص 547؛ البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين: دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، تحقيق عبد المعطي قلعجي (بيروت: دار الكتب العلمية/ القاهرة: دار الريان للتراث، ط 1، 1408/ 1988)، ج 1، ص 177 - 179؛ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، ج 2، ص 271. ولكن العلماء ضعفوا هذا الحديث بسبب أبي محمد موسى بن يعقوب بن عبد الله القرشي الأسدي الزُّمْعي (مات في آخر خلافة المنصور)، وهو مختلف فيه. انظر في شأنه: المزي: تهذيب الكمال، ج 29، ص 171 - 172.
وفي "أعلام النبوة" أن نزارًا كان في زمن يستاسب ملك الفرس رهينةً عن عرب مكة، على عادة الأمم يومئذ في إعطائهم أشراف قومهم رهائن عند الملوك الغالبين، وأن الملك يستاسب لقبه نزارًا، وتفسيره باللغة القديمة الفهلوية:"يا مهزول"؛ لأنه كان نَحيفًا. وكان معد أيضًا قد بقيَ مدةً رهينة عند بختنصر ملك بابل، بعد أن حارب بلاد العرب، وما رجع معد إلى قومه إلا بعد هلاك بختنصر. (1)
وأمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنةُ بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، فزهرة أخو قصي جد النبي صلى الله عليه وسلم. وليس لأبوي رسول الله ولدٌ سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم رمز رباني مشير إلى معنى فَذَاذَتِه. (2)
وتُوفِّيَ أبوه عبد الله في مدة الحمل به، على المشهور الصحيح. (3) وكانت وفاتُه في يثرب عند أخواله بني النجار؛ مرض في رحلته إلى يثرب، وكانت أمُّ عبد المطلب من بني النجار، وهي سلمى بنت عمرو النجارية. وتوفيت آمنة ابنة وهب وعمره ستُّ سنين، توفيت بموضع يقال له الأبواء بين مكة ويثرب. وكانت قدمت يثرب مع عبد المطلب وأمِّ أيْمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيارة أخوال عبد المطلب من بني النجار، وقبرها بالأبواء. وثبت في الصحيح أن رسول الله زار قبر أمه بالأبواء في
(1) قيل كان عمر نزار حين الخروج به إلى بابل اثنتى عشرة سنة. - المصنف. انظر في ذلك: الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد: أعلام النبوة، ضبط نصه وعلق عليه خالد عبد الرحمن العك (بيروت: دار النفائس، ط 1، 1414/ 1994)، ص 273 - 274؛ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، ج 2، ص 271) وذكر الطبري أن الذي أعاد معدًّا إلى قومه - حسب بعض النسابة - نبيان من أنبياء بني إسرائيل هما إرميا وبرخيا). وقد ذكر السهيلي في تسميته نزارًا سببًا آخر غير ما ذكره الماوردي. الروض الأنف، ج 1، ص 30. وانظر كذلك النويري: نهاية الأرب، ج 16، ص 8؛ العسقلاني: فتح الباري، "كتاب المناقب"، ج 2، ص 1610.
(2)
وانظر في سياقة نسب الرسول عليه من ناحيتي آبائه وأمهاته: البيهقي: دلائل النبوة، ج 1، ص 179 - 184.
(3)
الزهري: كتاب الطبقات الكبير، ج 1، ص 80؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء: السيرة النبوية، ج 1، ص 53.