المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أصل التملك قبل الإسلام: - جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور - جـ ٢

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌الفَرْعَ الثَّانِيفِقْهُ النّبوَّة وَالسِّيرَة

- ‌نسب الرسول صلى الله عليه وسلم ومناسبته لعليِّ ذلك المقام

- ‌سلسلة النسب النبوي

- ‌شرف هذا النسب:

- ‌طهارة هذا النسب:

- ‌زكاء هذا النسب:

- ‌قصة المولد [والمبعث والرسالة]

- ‌نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌طهارة النسب الشريف:

- ‌مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌نشأته صلى الله عليه وسلم

- ‌بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الهجرة

- ‌ظهور الإسلام في المدينة:

- ‌الغزوات:

- ‌شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبناؤه:

- ‌شمائله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه

- ‌أسماؤه الشريفة:

- ‌الشمائل المحمدية

- ‌مقدمة:

- ‌الآثار المروية في الشمائل:

- ‌تفصيل الشمائل:

- ‌من يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌محمد صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة

- ‌إعراض الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاهتمام بتناول الطعام

- ‌الطعام مادة جسدية ولذة حيوانية:

- ‌المدد الروحاني:

- ‌جوع الرسول صلى الله عليه وسلم[والحكمة منه]:

- ‌توجع بعض السلف عند ذكر ذلك:

- ‌تنافس آل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الاقتداء به:

- ‌معجزة الأمية

- ‌المعجزات الخفية للحضرة المحمدية

- ‌ما هي المعجزات وأي شيء هي المعجزة الخفية

- ‌أصناف المعجزات الخفية:

- ‌المقصد العظيم من الهجرة

- ‌الكتاب الذي هم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته

- ‌مشكلات:

- ‌الحكم المتجلية من هذا المقام الجليل:

- ‌مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[مقدمة]

- ‌صفة مجلس الرسول عليه السلام

- ‌كيفية التئام مجلس الرسول وخروجه إليه:

- ‌هيئة المجلس الرسولي:

- ‌ما كان يجري في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌وقت المجلس الرسولي:

- ‌آداب مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أثر الدعوة المحمدية في الحرية والمساواة

- ‌ الحرية

- ‌المقام الأول: في الحرية والمساواة في الشريعة المحمدية:

- ‌دعوة الإسلام إلى الحرية:

- ‌مظاهر الحرية

- ‌حرية العبيد:

- ‌سد ذرائع انخرام الحرية:

- ‌تحصيل:

- ‌المساواة:

- ‌ موانع المساواة

- ‌المقام الثاني: أثر الدعوة المحمدية في الحرية والمساواة بين الأمم غير أتباع الإسلام:

- ‌المدينة الفاضلة

- ‌[تمهيد]

- ‌[الفطرة وأصول الاجتماع الإنساني]:

- ‌[سعي الأنبياء والحكماء لتأسيس المدينة الفاضلة]:

- ‌[الإسلام وتأسيس المدينة الفاضلة]:

- ‌[قوام المدينة الفاضلة وخصائصها وصفاتها]:

- ‌المحْوَر الثَّالِثفِي الأُصُولِ وَالفِقْهِ وَالفَتْوى

- ‌الفَرْع الأَوّلالأصُوْل

- ‌حكمةُ التشريع الإسلامي وأثره في الأخلاق

- ‌المحكم والمتشابه

- ‌بيان وتأصيل وتحقيق لحكم البدعة والمنكر

- ‌الفَرْعَ الثَّانِيالفِقْهُ وَالفَتْوَى

- ‌حكم قراءة القرآن على الجنازة

- ‌قراءة القرآن في محطة الإذاعة

- ‌السؤال:

- ‌الجواب

- ‌[تمهيد: استحباب سماع القرآن]

- ‌ في حكم تصدي القارئ للقرآن بمركز الإذاعة

- ‌في حكم سماع السامعين قراءة القرآن من آلة الإذاعة:

- ‌ثبوت الشهر القمري

- ‌الجواب:

- ‌ثبوت شهر رمضان بالهاتف أو المذياع

- ‌النسب [في الفقه الإسلامي]

- ‌القسم الأول: معلومات تمهيدية

- ‌أهمية النسب في مباحثات الفقه:

- ‌اقتضاء الفطرة العناية بالنسب:

- ‌الأوهام التي علقت بالنسب:

- ‌عناية الشريعة بحفظ النسب:

- ‌القسم الثاني:‌‌ معنى النسبلغة، وحقيقته الشرعية، وأنواعه

- ‌ معنى النسب

- ‌حقيقة النسب:

- ‌أصناف النسب وأسماؤها الجارية في كلام الفقهاء:

- ‌القسم الثالث: طريقة ثبوت النسب

- ‌مصادر استنباطها:

- ‌مبنى النسب:

- ‌الطريق الأول: الفراش:

- ‌الثاني: الحمل:

- ‌الطريق الثالث: البينة:

- ‌الطريق الرابع: الدعوة:

- ‌الطريق الخامس: الإقرار بالنسب:

- ‌الطريق السادس: حوز النسب:

- ‌الطريق السابع: شهادة السماع

- ‌الطريق الثامن: القافة:

- ‌الطريق التاسع: حكم القاضي:

- ‌القضاء بالقرعة في النسب وغيره:

- ‌القسم الرابع: مبطلات النسب وما لا يبطله

- ‌تمهيد:

- ‌مبطلات النسب:

- ‌ما لا يبطل به النسب:

- ‌ما يتوهم أنه يقطع النسب:

- ‌القسم الخامس: آثار النسب

- ‌ الحفظ

- ‌البر

- ‌الصلة:

- ‌الوقف وآثاره في الإسلام

- ‌[تقديم]

- ‌نص ما به من الاقتراح الذي في جريدة الأهرام

- ‌أصل التملك قبل الإسلام:

- ‌مقصد الشريعة الإسلامية في تصريف الأموال

- ‌الوقف في نظر الشريعة الإسلامية:

- ‌انقسام الحبس:

- ‌هل الوقف من الإسلام

- ‌ليس الوقف حجرًا على الرشداء:

- ‌هل في الوقف مصلحة أو مفسدة

- ‌هل الوقف خرمٌ لنظام الاقتصاد العام

- ‌هل من حق ولاة الأمور منع الناس من الوقف

- ‌هل صدرت الفتوى بإبطال بعض أنواع الوقف؟ وهل إذا أفتى بذلك من أفتى تكون فتواه صحيحة

- ‌الصاع النبوي

- ‌المخالفة في مقادير المكاييل المستعملة في كثير من بلاد المسلمين ومقادير المكاييل الشرعية:

- ‌نشأة الصاع النبوي وما ظهر بعده من الأصواع:

- ‌ضبط مقدار الصاع النبوي بوجه عام:

- ‌ضبط مقدار الصاع النبوي بمكيال تونس الحالي:

- ‌خاتمة

- ‌زكاة الأموال

- ‌زكاة الحبوب

- ‌التعامل بالأوراق المالية

- ‌حكم الربا في التعامل بالأوراق المالية:

- ‌زكاة "تذاكر البانكة" [الأوراق المالية]

- ‌[معنى الأوراق المالية المعروفة بتذاكر البانكة]:

- ‌حكم زكاة الأوراق المالية المعبَّر عنها بتذاكر البانكة:

- ‌لحوق الأوراق النقدية بأصناف الزكاة

- ‌مشروعية الزكاة:

- ‌المعنى الموجب للزكاة:

- ‌جواز تصريف رقاع الديون مع التعجيل بإسقاط

- ‌جواز القرض برهن

- ‌المصطلح الفقهي في المذهب المالكي

- ‌[مقدمة: المصطلح الفقهي وترجمة القوانين الأجنبية]:

- ‌[المصطلح الفقهي بين الوضع اللغوي والنقل الشرعي]:

- ‌[عوامل تكون المصطلح الفقهي في المذهب المالكي]:

- ‌[فقه الإمام مالك في الموطأ وتأسيس المصطلح الفقهي]:

- ‌[تنوع أسلوب مالك في التعبير اللغوي عن مسائل الفقه]:

- ‌[تطور المصطلح الفقهى بانتشار فقه الإمام مالك]:

- ‌[منهجان في الفقه المالكي]:

الفصل: ‌أصل التملك قبل الإسلام:

هذه خلاصةُ الاقتراح الذي قدمه النائب المحترم إلى مجلس النواب، ويليه إبداءُ رأينا في هذا الموضوع المهم بتفصيلٍ لا يدع للشبه مجالًا.

‌أصل التملك قبل الإسلام:

كان من أصول الحضارة البشرية من أقدم أزمان التاريخ أن يدأب المرءُ إلى تحصيل ما يحتاجه لقوام أود حياته وسلامته؛ فهو يصيد القنيصة لطعامه، ويجتني الثمرة ليتفكه بها، ويحطب حطبًا ليوقد عليه، ويبني البيت أو الخص ليقيَه الْحَرَّ والقر، ويجاور حوضَ الاء خشيةَ العطش، ويرتبط الفرس ويعد السلاح ليدافع به، ويقتني الجَزْعَ (1) والرياش وفريد قلائد الذهب والفضة ليتحلى بها. وهو في سعيه لنوال كل أولئك يتجشم عَرَقَ القِرْبَةِ، (2) ومشقة الكد، وخطر الخوف، ووحشة الاغتراب. وهو يعمد أيضًا إلى السبق إلى البَريرِ (3) والنَّبِق، والجلوس في الظل، وتحويل ساقية من الوادي إلى زرعه.

(1) الجزْعُ نوعٌ من الأحجار الكريمة ذو خطوط متوازية مستديرة مختلفة الألوان، وهو في جملته بلون الظُّفر.

(2)

قال ابن منظور: "وفي حديث عمر: ألا لا تغالوا صُدُقَ النساء، فإن الرجال تغالي بصداقها حتى تقول جشمت إليك عَرَقَ القِرْبَةِ. قال الكسائي: عرق القربة أن يقول نصبت لك وتكلفت وتعبت حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها سيلان مائها. وقال أبو عبيدة: تكلفت إليك ما لا يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون؛ لأن القربة لا تعرق، وهذا مثل قولهم: حتى يشيب الغراب ويبيض الفأر. وقيل أراد بعرق القربة عرق حاملها من ثقلها. . . قال الأصمعي عرق القربة معناه الشدة ولا أدري ما أصله وأنشد لابن أحمر الباهلي:

لَيْسَتْ بمَشْتَمَةٍ تُعَدُّ، وَعَفْوُهَا

عَرَقُ السِّقَاءِ عَلَى الْقَعُودِ اللَّاغِبِ

قال: أراد أنه يسمع الكلمة تغيظه وليست بمشتمة، فيؤاخذ بها صاحبها وقد أُبْلِغَتْ إليه كعرق السقاء على القعود اللاغب، وأراد بالسقاء القربة. . . وقيل معناه جشمت إليك النصب والتعب والغرم والمؤونة حتى جشمت إليك عرق القربة، أي عراقها الذي يخرز حولها. ومن قال علق القربة أراد السيور التي تعلق بها. وقال ابن الأعرابي كلفت إليك عَرَقَ القِربة وعَلَقَ القِربة، فأما عرقها فعرقك بها عن جهد حملها، وذلك لأن أشد الأعمال عندهم السقي. وأما علقها فما شدت به ثم علقت". لسان العرب، ج 10، ص 241.

(3)

البرير، بفتح الباء الموحَّدة، ثمر الأراك. - المصنف.

ص: 908

وكان ذلك التعب وذلك الاحتيال يدعوه إلى التكثُّر مما يتطلبه والتحفظ على ما يفضل عن حاجته، ادخارًا لشدائد الأزمان أو تباعد المكان، وتطلُّبًا للراحة بقدر الإمكان، "كَجَابِيَةِ الشَّيْخِ الْعِرَاقِيِّ تَفْهَقُ". (1) وقد رأى الإنسانُ ذلك الكدَّ الذي نال به ما سعى إليه وتلك الحيلة التي سبق بها غيره يتناول ما تناوله، يخول له حقَّ الاختصاص بنواله، وكونه أولَى به ممن جاء بعده. فإذا امتدت إليه أيدي الطامعين رأى عملهم ظلمًا، وحمى غضبه وقام إلى مدافعتهم، كما قال زهير:

ومَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حِيَاضِهِ بِسِلَاحِهِ

يُهَدَّمْ وَمَنْ لَا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظلَمِ (2)

أي: لا يظن أن مسالَمَتَه الناسَ كافيةٌ له عن الذود عن حياضه؛ لأنه لو ترك الناس فالناس لا يتركونه، هذا مراد الشاعر من المصراع الثاني.

ثم ارتقى بالإنسان اعتقادُ أحقيتِه بما اكتسبه إلى أن رأى لنفسه الحقَّ في التصرُّف فيما حصله بكدِّ يمينه تصرُّفًا مطلقًا لا يقبل تدخُّلَ متدخِّل، إذ قدر أن التدخلَ في شأنه ما هو إلَّا محاولةٌ لانتزاع بعضِ حقه. وقد عجب أهلُ مدين أن جاء رسولُهم شعيبٌ يضَيِّق عليهم بعضَ أصناف المعاملة المشتملة على مفاسد، حين لم يفقهوا حكمةَ التشريع، ولم يفهموا من منعه إلا تدخلَه في شؤونهم، فشافهوه بالإنكار والتهكم به، فيما حكى عنهم القرآن:{قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)} [هود: 87].

(1) مصراع من بيت للأعشى أوله: "نَفَى الذَّمَّ عَنْ رَهْطِ المُحَلَّقِ جَفْنَة"، ومحلُّ الشاهد منه أنه اختار النسب لجابية الشيخ؛ لأنها أشدُّ امتلاءً من غيرها؛ لأنه مظنة الادخار. - المصنف. ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس، تحقيق محمد محمد حسين (القاهرة: المطبعة النموذجية، 1950 م)، ص 225. وفيه:"آل" بدل "رهط"، و"السيح" بدل "الشيخ". والسيح هو النهر، وفهق الإناء: امتلأ حتى تصبب.

(2)

ديوان زهير بن أبي سلمى، ص 111. والبيت من معلقته التي طالعها:"أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ". والقصيدة من البحر الطويل، وقد نظمها الشاعر في مدح الحارث بن عوف بن أبي حارثة وهرم بن سنان لسعيهما بالصلح بين عبس وذبيان.

ص: 909