الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلم، ورؤساء الأجناد. فهؤلاء طبقةٌ إسلامية جُعل إليها النظرُ في إجراء مصالح الأمة، ومن خصائصها: انتخاب الخليفة، كما فعل عبد الرحمن بن عوف في تعيين الستة بعد عمر رضي الله عنه. (1)
وأما المخالفون في الدين من أتباع حكومة الإسلام، فقد منحهم الإسلامُ مساواةً في معظم الحقوق عدا ما رُوعيَ لهم فيه احترامُ شرائعهم فيما بينهم، وعدا بعض الأحكام الراجعة إلى
موانع المساواة
. وقد اختلف علماءُ الإسلام في القصاص بين المسلم والذِّمِّي، وجوّز العلماءُ ولايةَ الذمي ولاياتٍ كالكتابة ونحوها. (2)
وقد كان في الأمم الماضية يُعد الاختلاف بين الحكومات ورعاياها في الدين حائلًا دون نيل الحقوق، وموجبًا للاضطهاد. وقد قصّ التاريخُ علينا عدةَ اضطهادات من هذا القبيل، كاضطهاد الآشوريين والرومان لليهود، واضطهاد التبابعة للنصارى في نجران وهم أصحاب الأخدود، وتاريخ الإسلام مبرّأ من ذلك.
موانع المساواة:
موانع المساواة في الإسلام - كما أشرت إليه في أول مبحثها - تكون جِبلِّية، وشرعية، واجتماعية، وسياسية. فالموانع الجِبلّية كموانع مساواة الرأة للرجل فيما لا تستطيع أن تساويه فيه بخلقتها، مثل قيادة الجيش والقضاء عند جمهور المسلمين؛ لاحتياج هذه الخطط إلى رباطة الجأش، وكمنع مساواة الرجل للمرأة في كفالة الأبناء الصغار وفي استحقاق النفقة. (3)
(1) كانوا في صدر الإسلام يَعُدون أهل العلم كبارَ الصحابة المهاجرين والأنصار، وكان القرّاء أهل شورى عمر. - المصنف.
(2)
انظر للمصنف مزيد تفصيل في هذا الصدد في: مقاصد الشريعة الإسلامية، ص 332 - 333.
(3)
المصدر نفسه، ص 334 - 335.
والموانع الشرعية هي المعلولة لعِلل أوجبتها، وهي مبيَّنةٌ في مواضعها من كتب الشريعة، مثلًا عدم المساواة في إباحة تعدّد الأزواج للمرأة، (1) وفي مقدار الميراث، وفي عدد الشهادة، ومثل عدم مساواة العبد للحر في قبول الشهادة. وكذلك أهل الذمة عند منع قبول شهادتهم، ومن منع القصاص لهم من المسلمين بالقتل.
والموانع الاجتماعية تتعلق غالبًا بالأخلاق وبانتظام الجامعة الإسلامية على أكمل وجه، كعدم مساواة الجاهل للعالم في الولايات المشروطة بالعلم كالقضاء والفتوى، وعدم مساواة العطاء بين أهل ديوان الجند فقد أعطاهم عمر على حسب السابقية في الإسلام وحفظ القرآن.
والموانع السياسية هي التي ترجع إلى حفظ حكومة الإسلام، وسدّ منافذ الوهن أن يصل إليها، كمنع مساواة أهل الذمة للمسلمين في الأهلية للولايات التي يمنع منها التدينُ بغير الإسلام، ومنع مساواتهم للمسلمين في تزوج المسلمات، (2) ومنع مساواة غيرِ القرشي القرشيَّ في الخلافة للوجه الذي نبّه إليه أبو بكر رضي الله عنه يوم
(1) انظر كلام المصنف على منع تعدد الأزواج للمرأة في كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية، ص 444.
(2)
هذا وللأستاذ محمد أسد عليه رحمة الله تعليق جيد على قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5]، من المفيد ترجمة معناه هنا، قال:"بينما سُمح للرجل المسلم بالتزوج من امرأة من أتباع ديانة كتابية غير الإسلام، لا يجوز للمرأة المسلمة التزوج من رجل غير مسلم. والعلة في ذلك أن الإسلام يأمر أتباعه باحترام الأنبياء كافة، في حين أن أتباع الأديان الأخرى ينكرون نبوة بعضهم ولا يعترفون بهم، كما هو الحال في إنكارهم نبوة محمد عليه السلام أو إنكار نبوة محمد والمسيح من قبل اليهود. وهكذا ففي الوقت الذي يمكن للمرأة غير المسلمة التي تتزوج من رجل مسلم أن تطمئن إلى أن أنبياء ديانتها سيُذكرون بكل تقدير واحترام في محيطها الإسلامي مع كل الاختلافات العقدية، فإن المرأة المسلمة في حال زواجها من رجل غير مسلم ستكون دائمًا معرضة لتعانِي من الإساءة لِمَن تعتقد أنه رسول الله".
Asad، Muhammad: The Message of the Qur' an (Gibraltar: Dar al - Andalus، 1984)، p. 142، note no . 15.