المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مظاهر الحرية تتعلق الحرية بالاعتقاد، والقول، والعمل. 1 - فأمّا حرية الاعتقاد - جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور - جـ ٢

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌الفَرْعَ الثَّانِيفِقْهُ النّبوَّة وَالسِّيرَة

- ‌نسب الرسول صلى الله عليه وسلم ومناسبته لعليِّ ذلك المقام

- ‌سلسلة النسب النبوي

- ‌شرف هذا النسب:

- ‌طهارة هذا النسب:

- ‌زكاء هذا النسب:

- ‌قصة المولد [والمبعث والرسالة]

- ‌نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌طهارة النسب الشريف:

- ‌مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌نشأته صلى الله عليه وسلم

- ‌بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الهجرة

- ‌ظهور الإسلام في المدينة:

- ‌الغزوات:

- ‌شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبناؤه:

- ‌شمائله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه

- ‌أسماؤه الشريفة:

- ‌الشمائل المحمدية

- ‌مقدمة:

- ‌الآثار المروية في الشمائل:

- ‌تفصيل الشمائل:

- ‌من يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌محمد صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة

- ‌إعراض الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاهتمام بتناول الطعام

- ‌الطعام مادة جسدية ولذة حيوانية:

- ‌المدد الروحاني:

- ‌جوع الرسول صلى الله عليه وسلم[والحكمة منه]:

- ‌توجع بعض السلف عند ذكر ذلك:

- ‌تنافس آل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الاقتداء به:

- ‌معجزة الأمية

- ‌المعجزات الخفية للحضرة المحمدية

- ‌ما هي المعجزات وأي شيء هي المعجزة الخفية

- ‌أصناف المعجزات الخفية:

- ‌المقصد العظيم من الهجرة

- ‌الكتاب الذي هم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته

- ‌مشكلات:

- ‌الحكم المتجلية من هذا المقام الجليل:

- ‌مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[مقدمة]

- ‌صفة مجلس الرسول عليه السلام

- ‌كيفية التئام مجلس الرسول وخروجه إليه:

- ‌هيئة المجلس الرسولي:

- ‌ما كان يجري في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌وقت المجلس الرسولي:

- ‌آداب مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أثر الدعوة المحمدية في الحرية والمساواة

- ‌ الحرية

- ‌المقام الأول: في الحرية والمساواة في الشريعة المحمدية:

- ‌دعوة الإسلام إلى الحرية:

- ‌مظاهر الحرية

- ‌حرية العبيد:

- ‌سد ذرائع انخرام الحرية:

- ‌تحصيل:

- ‌المساواة:

- ‌ موانع المساواة

- ‌المقام الثاني: أثر الدعوة المحمدية في الحرية والمساواة بين الأمم غير أتباع الإسلام:

- ‌المدينة الفاضلة

- ‌[تمهيد]

- ‌[الفطرة وأصول الاجتماع الإنساني]:

- ‌[سعي الأنبياء والحكماء لتأسيس المدينة الفاضلة]:

- ‌[الإسلام وتأسيس المدينة الفاضلة]:

- ‌[قوام المدينة الفاضلة وخصائصها وصفاتها]:

- ‌المحْوَر الثَّالِثفِي الأُصُولِ وَالفِقْهِ وَالفَتْوى

- ‌الفَرْع الأَوّلالأصُوْل

- ‌حكمةُ التشريع الإسلامي وأثره في الأخلاق

- ‌المحكم والمتشابه

- ‌بيان وتأصيل وتحقيق لحكم البدعة والمنكر

- ‌الفَرْعَ الثَّانِيالفِقْهُ وَالفَتْوَى

- ‌حكم قراءة القرآن على الجنازة

- ‌قراءة القرآن في محطة الإذاعة

- ‌السؤال:

- ‌الجواب

- ‌[تمهيد: استحباب سماع القرآن]

- ‌ في حكم تصدي القارئ للقرآن بمركز الإذاعة

- ‌في حكم سماع السامعين قراءة القرآن من آلة الإذاعة:

- ‌ثبوت الشهر القمري

- ‌الجواب:

- ‌ثبوت شهر رمضان بالهاتف أو المذياع

- ‌النسب [في الفقه الإسلامي]

- ‌القسم الأول: معلومات تمهيدية

- ‌أهمية النسب في مباحثات الفقه:

- ‌اقتضاء الفطرة العناية بالنسب:

- ‌الأوهام التي علقت بالنسب:

- ‌عناية الشريعة بحفظ النسب:

- ‌القسم الثاني:‌‌ معنى النسبلغة، وحقيقته الشرعية، وأنواعه

- ‌ معنى النسب

- ‌حقيقة النسب:

- ‌أصناف النسب وأسماؤها الجارية في كلام الفقهاء:

- ‌القسم الثالث: طريقة ثبوت النسب

- ‌مصادر استنباطها:

- ‌مبنى النسب:

- ‌الطريق الأول: الفراش:

- ‌الثاني: الحمل:

- ‌الطريق الثالث: البينة:

- ‌الطريق الرابع: الدعوة:

- ‌الطريق الخامس: الإقرار بالنسب:

- ‌الطريق السادس: حوز النسب:

- ‌الطريق السابع: شهادة السماع

- ‌الطريق الثامن: القافة:

- ‌الطريق التاسع: حكم القاضي:

- ‌القضاء بالقرعة في النسب وغيره:

- ‌القسم الرابع: مبطلات النسب وما لا يبطله

- ‌تمهيد:

- ‌مبطلات النسب:

- ‌ما لا يبطل به النسب:

- ‌ما يتوهم أنه يقطع النسب:

- ‌القسم الخامس: آثار النسب

- ‌ الحفظ

- ‌البر

- ‌الصلة:

- ‌الوقف وآثاره في الإسلام

- ‌[تقديم]

- ‌نص ما به من الاقتراح الذي في جريدة الأهرام

- ‌أصل التملك قبل الإسلام:

- ‌مقصد الشريعة الإسلامية في تصريف الأموال

- ‌الوقف في نظر الشريعة الإسلامية:

- ‌انقسام الحبس:

- ‌هل الوقف من الإسلام

- ‌ليس الوقف حجرًا على الرشداء:

- ‌هل في الوقف مصلحة أو مفسدة

- ‌هل الوقف خرمٌ لنظام الاقتصاد العام

- ‌هل من حق ولاة الأمور منع الناس من الوقف

- ‌هل صدرت الفتوى بإبطال بعض أنواع الوقف؟ وهل إذا أفتى بذلك من أفتى تكون فتواه صحيحة

- ‌الصاع النبوي

- ‌المخالفة في مقادير المكاييل المستعملة في كثير من بلاد المسلمين ومقادير المكاييل الشرعية:

- ‌نشأة الصاع النبوي وما ظهر بعده من الأصواع:

- ‌ضبط مقدار الصاع النبوي بوجه عام:

- ‌ضبط مقدار الصاع النبوي بمكيال تونس الحالي:

- ‌خاتمة

- ‌زكاة الأموال

- ‌زكاة الحبوب

- ‌التعامل بالأوراق المالية

- ‌حكم الربا في التعامل بالأوراق المالية:

- ‌زكاة "تذاكر البانكة" [الأوراق المالية]

- ‌[معنى الأوراق المالية المعروفة بتذاكر البانكة]:

- ‌حكم زكاة الأوراق المالية المعبَّر عنها بتذاكر البانكة:

- ‌لحوق الأوراق النقدية بأصناف الزكاة

- ‌مشروعية الزكاة:

- ‌المعنى الموجب للزكاة:

- ‌جواز تصريف رقاع الديون مع التعجيل بإسقاط

- ‌جواز القرض برهن

- ‌المصطلح الفقهي في المذهب المالكي

- ‌[مقدمة: المصطلح الفقهي وترجمة القوانين الأجنبية]:

- ‌[المصطلح الفقهي بين الوضع اللغوي والنقل الشرعي]:

- ‌[عوامل تكون المصطلح الفقهي في المذهب المالكي]:

- ‌[فقه الإمام مالك في الموطأ وتأسيس المصطلح الفقهي]:

- ‌[تنوع أسلوب مالك في التعبير اللغوي عن مسائل الفقه]:

- ‌[تطور المصطلح الفقهى بانتشار فقه الإمام مالك]:

- ‌[منهجان في الفقه المالكي]:

الفصل: ‌ ‌مظاهر الحرية تتعلق الحرية بالاعتقاد، والقول، والعمل. 1 - فأمّا حرية الاعتقاد

‌مظاهر الحرية

تتعلق الحرية بالاعتقاد، والقول، والعمل.

1 -

فأمّا حرية الاعتقاد فقد أسّس الإسلامُ حريةَ العقيدة بإبطال العقائد الضّالة المخالفة لما في نفس الأمر؛ فإن محور تلك العقائد هو إرغام الناس على أن يعتقدوا ما لا قِبَل له بجَوَلان الفكر فيه أو ما يموه بتخيلات، وتكليف اعتقاد ما لا يُفهم ينافي الحرية. فبيّن الإسلام الاعتقاد الحق، ونصب الأدلة عليه وعلى تفريعه، ودعا الناس إلى الاستنتاج من تلك الأدلة؛ قال تعالى:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 101].

ولقد اختلف الصحابة وحدث الخلاف في عهدهم ومن بعدهم في مسائل كثيرة، كمسألة الإمامة والقَدَر، ومسألة التكفير بالذنب، فلم تكن طائفة تُرغِم غيرها إلّا إذا خرج المخالف عن حدّ المناظرة إلى المغالبة والإرهاق. وانقسم المسلمون إلى طوائف مختلفة الاعتقاد؛ من آخذين بما ورد في السنة دون تأويل، وآخذين بذلك مع التأويل، ومن خوارج وقَدَرية، وجبريّة ومرجئة، ومعتزلة، وظاهريّة، وصوفية.

فلم يكن أهلُ حكومة الإسلام يجبرون الناسَ على اتباع معتقدهم، بل كان الفصلُ بينهم قائمًا على صحة الحجة وحسن المناظرة، إلى أن ظهرت في القرن الثالث مسألةُ خلق القرآن وإثبات الكلام النفسي القديم التي أيقظت عينَ الفتنة، وابتُلي فيها أهلُ السنة ببغداد ومصر. وظهرت بالقيروان مسألةُ الاستثناء في الإيمان، وهي قول المؤمن:"أنا مؤمن إن شاء الله"، ومسألة العندية في الإيمان، وهي قولُ المؤمن:"أنا مؤمن عند الله". وتبعت ذلك فتنٌ تبدو وتخفى، وتلتهب تارة ثم تُطفى.

لم يسمح الإسلامُ بتجاوز حريّةِ الاعتقاد حدَّ المحافظة على دائرة الإيمان والإسلام المفسَّرَين في حديث جبريل الشهير؛ لأن ما تجاوز من حرية الاعتقاد يُفضي إلى انحلال الجامعة الإسلامية، فلا يكون محمودًا. فالذي يعتقد عقيدةَ الإسلام ثم يخرج منه فهو المرتدّ، فارتداده إمّا أن يكون مع إظهار الحِرابة للإسلام.

ص: 693

وهذا النوع قد حدث زمن النبي صلى الله عليه وسلم من نفر من عُكل وعُرينة، فحكم فيهم رسول الله بحكم المحارب. وإما بدون حِرابة؛ فقد ارتدّ نفرٌ آخرون ثم تابوا، فقبل رسول الله توبتهم. ثم ارتدت قبائلُ العرب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعلان الكفر أو بجحد وجوب الزكاة، وقد أجمع الصحابة على وجوب قتالهم. فكان إجماعُهم أصلًا في قتل المرتدّ مع الاعتضاد له بما رواه معاذ بن جبل وعبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهْ"، (1) يعني الإسلام.

وليس هذا الحكمُ بقادح في أصل حرية الاعتقاد؛ لأن الداخلَ في الإسلام قد كان على حريته في اعتقاده قبل دخوله فيه. فلما دخل في الإسلام صار غيرَ حرٍّ في خروجه منه لقيام معارض الحرية؛ لأن الارتدادَ يُؤْذِنُ بسوء طويةِ المرتد من قبل، فإنه لا يُتصور أن يجد بعد إيمانه دينًا آخر أنفذَ إلى القلب من الإيمان. فتعين أن يكون دخولُه في الإيمان لقصد التجسس، أو لقصد التشويه للدين في نظر مَنْ لم يؤمنوا به ليوهِمَهم أنه دينٌ لا يستقِرُّ متبعُه عليه بعد أن يعرفه؛ لأن معظم الناس أغرارٌ تغرُّهم الظواهرُ ولا يغوصون إلى الحقائق. وكما استدل هرقل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بسؤاله أبا سفيان:"هل يرتدّ أحدٌ من أتباع محمدٍ بُغضةً (سُخطةً) لدينه بعد أن يدخل فيه؟ "، فأجابه أبو سفيان - وهو يومئذٍ مشرك - بأن لا. فقال هرقل:"وكذلك الإيمانُ حين تخالط بشاشتُه القلوب". (2)

(1) صحيح البخاري، "كتاب الجهاد والسير"، 3017، ص 498؛ "كتاب استتابة المرتدين"، الحديث 6922، ص 1192؛ سنن الترمذي، "كتاب الحدود"، الحديث 1358، ص 374؛ سنن أبي داود، "كتاب الحدود"، الحديث 4351، ص 684؛ سنن النسائي، "كتاب المحاربة"، الأحاديث 4065 - 4071، ص 662؛ سنن ابن ماجه، "أبواب الحدود"، الحديث 2535، ص 364.

(2)

عن عبد الله بن عباس قال: "أخبرني أبو سفيان: أن هرقل قال [له]: سألتك هل يزيدون أم ينقصون، فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم. وسألتك: هل يرتد أحدٌ سَخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه، فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشتُه القلوبَ لا يسخطه أحد". صحيح البخاري، "كتاب الإيمان"، الحديث 7، ص 3، والحديث 51، ص 12.

ص: 694

فكذلك يعكس الكائدُ للإسلام وجهَ الاستدلال، فيجعل من ارتداد الداخل في الإسلام دليلًا وهميًّا على عدم صحته. وقد يكون الارتدادُ لمجرد الاستنكاف والسخرية بالإسلام، وحرمة الله توجب الذّبَّ عن دينه في مثل هذا. على أن عدم المؤاخذة به يفضي إلى انحلال الجامعة، كما وقع في ردّة العرب لو لم يؤخذوا بالصرامة.

أمّا حرية الاعتقاد نحو غير الداخلين في الإسلام، فلم يحمل الإسلام أهلَ الملل على تبديل أديانهم، بل اقتنع منهم بالدخول تحت سلطانه، وبدعائهم إلى الدخول في الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

ومعلومٌ أن الدخولَ تحت سلطان الإسلام ليس متعلِّقًا بالاعتقاد ولا بالعمل، ولكنه راجعٌ إلى حفظ أمن دولة الإسلام؛ إذ الإسلام دينٌ قرينُ دولة. فكان من موجباتِ حفظ بقائه تأمينُه من غوائل الناقمين على ظهوره، قال بعض العلماء: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُكره أحدًا على اتباعه فأبى المشركون إلّا أن يقاتلوه؛ فنزل قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39]. وقد قال الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]. (1)

2 -

وأما حرية القول فهي أن يجهر المفكر برأيه، ويصرح بما يراه صوابًا مما يأنس من نفسه أنه يحسن الإصابة فيه، (2) قال الله تعالى:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152]. ولا شكّ أن قول العدل تكرهه النفوسُ التي يقمعها

(1) اختلف العلماء في المقصود من هذه الآية اختلافًا جرّ إلى اختلاف في أحكامها ونسخها، والصحيح أنها محكمة، وأن المقصود منها أن لا يُجبَر غيرُ المسلمين على التدين بالإسلام، ولم يُستثن من ذلك إلّا مشركو قريش عند مالك، أو مشركو جميع العرب عند أبي حنيفة والشافعي. - المصنف.

(2)

لأن تكلم الإنسان فيما لَمْ يتعاطَ علمَه، أو في الأمور التي يدق وجْهُ الصواب فيها، ليس من الحرية، بل ذلك يُعَدُّ من التكلم فيما لا يعني، وقد قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)} [الأنبياء: 7]. - المصنف.

ص: 695

الحق، ولذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أكبر شُعب الإيمان، قال تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران: 104]، وقال:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].

وفي الحديث الصحيح: "مَنْ رأى منكم منكَرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، (1) فالتغيير باليد خاصٌّ بأولِي الأمر، (2) وجعل التغيير بالقلب أضعف الإيمان، فهو حظُّ ضعف، فتعيَّن أن حظّ عامة المؤمنين هو تغيير المنكر باللسان.

ومن حرية القول بذلُ النصيحة، قال تعالى:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3]، وفي الحديث الصحيح:"الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". (3) وفي حديث جرير بن عبد الله البَجَلي: "بايعتُ رسولَ الله على الإسلام، فشرط عليّ: والنصحَ لكل مسلم، فبايعته على ذلك". (4)

(1) صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث 49، ص 42؛ سنن الترمذي، "كتاب الفتن"، الحديث 2172، ص 524؛ سنن أبي داود، "كتاب الصلاة"، الحديث 1140، ص 187؛ سنن ابن ماجه، "كتاب الصلاة"، الحديث 1275، ص 181؛ سنن النسائي، "كتاب الإيمان وشرائعه"، الحديث 5018، ص 802.

(2)

هذا إذا كان أولو الأمر قائمين بالحق والعدل، حافظين لحدود الشرع وحرماته، عاملين على تحقيق مقاصده وإنفاذ أحكامه، سائرين فيمن تحت أيديهم من الرعية سيرةَ مَنِ اؤتمن فأدى الأمانةَ حق أدائها. وأما إذا انتفى ذلك، بل صار أولو الأمر أو بعضهم ممن يشيعون المنكر ويجترئون على حدود الشرع ويغرون به رعاياهم بأساليب شتى، فلا طاعة في معصية الخالق، وللمحكومين حق مدافعة ذلك والأخذ بأسباب التغيير.

(3)

صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث 55، ص 44؛ سنن أبي داود، "كتاب الأدب"، الحديث 4944، ص 774؛ سنن الترمذي، "كتاب البر والصلة"، الحديث 1925، ص 472؛ سنن النسائي، "كتاب البيعة"، الأحاديث 4203 - 4206، ص 684 - 685.

(4)

صحيح البخاري، "كتاب الإيمان"، الحديث 58، ص 13.

ص: 696

ومن حرية القول حقُّ المراجعة من الضعيف للقوي كمراجعة الابن أباه، والمرأة زوجها. وفي حديث عمر بن الخطاب:"كنا معشرَ قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قومٌ تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصخبتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ عليها أن تراجعني، قالت: ولِمَ تنكرُ عليّ أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي ليراجعنه"، وقد أخبر عمر بذلك رسول الله فأقره. (1)

وقد راجع الصحابةُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أشياء من غير التشريع. ومن ذلك لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش أدنَى ماءٍ من بدر في وقعة بدر قال له الحباب بن المنذر: "أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة"، فقال: يا رسول، فإن هذا ليس بمنزل؛ فانهض بالناس حتى نأتِيَ أدنَى ماءٍ من القوم فننزله، ثم نغَوِّر ما وراءه من القُلُب، (2) ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً، [ثم نقاتل القوم]، فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أشرتَ بالرأي"". (3) وقال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم صلح القضية (4) حين رأى عزمَ رسول الله على إجابة شروط قريش: "ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل، فعلام نعطي الدنيّة في ديننا؟ "(5).

ومن حرية القول حرية العلم والتعليم ومظهرها في الإسلام في حالين:

(1) أورد المصنف القصة باختصار فانظرها في صحيح البخاري، "كتاب المظالم"، الحديث 2468، ص 398 - 399؛ صحيح مسلم، "كتاب الطلاق"، الحديث 1479، ص 563 - 564.

(2)

وروي: نعور - بالعين المهملة -أي: نفسدها ونسدمها - أي: ندفنها بالتراب -. شبه القُلُب بعيون الناس، فجعل إفسادها كالعَوَر، يقال: عَوَر العين وعارها. والقُلُب: جمع قليب، وهي البئر القريبةُ الماء. - المصنف.

(3)

ابن هشام: السيرة النبوية، ج 1/ 2، ص 197 - 198.

(4)

هو صلح الحديبية.

(5)

صحيح مسلم، "كتاب الجهاد والسير"، الحديث 1785، ص 711 - 712؛ ابن هشام: السيرة النبوية، ج 2/ 3، ص 247.

ص: 697

الحال الأول: الأمر ببثّ العلم بقدر الاستطاعة، فقد أُمرنا ببث القرآن وتعليمه وببث الآثار النبوية؛ ففي الحديث الصحيح:"نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها. فربَّ حاملِ فقهٍ إلى مَنْ هو أفقهُ منه، وربّ حامل فقه إلى من ليس بفقيه"، (1) وفي خطبة حجة الوداع:"ولْيُبَلِّغِ الشاهدُ الغائب". (2)

وقد أمر الخليفة الثالث بنسخ المصاحف، وأرسل بها إلى أقطار الإسلام. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومًا في الأسبوع لتعليم النساء، (3) وأُسست المكاتبُ لتعليم الصبيان من عهد أبي بكر أو عمر، ثم قد وردت أحاديث في فضل تعليم العبيد والإماء.

ووراء هذا مرتبةٌ أُخرى في العلم والتعليم، وهي مرتبةُ الاستنباط في العلم. فقد دعا الإسلام إليها وأوجبها على مَنْ بلغ رتبةَ المقدرة عليها في الأحكام الشرعية، وهي مرتبةُ الاجتهاد بمراتبه. قال علماؤنا: إنها من مشمولات أمر الوجوب في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] وغيره من آيات القرآن. وفي الحديث: "من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد"، (4) وأية حرية للعلم أوسعُ من هذه إذ جُعل الأجرُ على خطأ؟ !

(1) سبق تخريجه.

(2)

صحيح البخاري، "كتاب العلم"، الحديث 104، ص 23؛ "كتاب المغازي"، الحديث 4406، ص 747.

(3)

عن أبي سعيد الخدري قال: "قال النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: "غَلَبنا عليك الرجالُ، فاجعلْ لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن. . .". صحيح البخاري، "كتاب العلم"، الحديث 101، ص 23؛ "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة"، الحديث 7310، ص 1258 - 1259.

(4)

مع شيوع هذا اللفظ للحديث على الألسنة والأقلام، إلا أن الصواب في لفظه هو:"إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". انظر في ذلك: صحيح البخاري، "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنَّة"، الحديث 7352، ص 1264؛ صحيح مسلم، كتاب الأقضية"، الحديث 1716، ص 681؛ سنن الترمذي، "كتابُ الأحكام"، الحديث 1326، ص 342؛ سُنَنُ أبي دَاوُد، "كتاب القضاء"، الحديث 3574، ص 567؛ سُنَنُ النسائي، "كتاب آداب القضاة"، الحديث 5391، ص 851.

ص: 698

الحال الثاني: تخويل أهل العلم نشر آرائهم ومذاهبهم وتعليمها، مع اختلافهم في وجوه العلم، واحتجاج كل فريق برأيه ومذهبه، وحرصهم على دوام ذلك تطلبًا للحق؛ لأن الحق مشاع. ولقد قال أبو جعفر المنصور للإمام مالك بن أنس:"إنني عزمت أن أكتب كتبك هذه (يعني باعتبار أبوابه) نُسخًا ثم أبعث إلى كل مصر من الأمصار بنسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدّوها إلى غيرها. فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين؛ فإنّ الناس قد سبقت لهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، وأخذ كلُّ قوم بما سبق إليهم من اختلاف أصحاب رسول الله وغيرهم، وإن ردَّهم عن ذلك شديد، فدَعِ الناس وما هم عليه". (1)

ولقد كان في مدة الدولة العُبَيْدِيَّة بالقيروان مذهبان متضادان تمام التضاد في أصول الدين وفروعه، وهما مذهبُ المالكية سكان البلاد، ومذهب الإسماعيلية من الشيعة، مذهب أهل الدولة. وكان علماء الفريقين ينشرون كتبهم، ويدرّسون مذاهبَهم، لا يصدّ أحدهم الآخر. ثم كان نظيرُ ذلك بمصر في عهد انتقال العُبَيْديّين إليها وتأسيس دولتهم الملقّبة بالفاطمية، وشواهدُ هذا كثيرة في تاريخ المذاهب.

لم يقتصر الإسلامُ في بذل حرية العلم على المسلمين، بل منح الحريةَ لأهل الملل الداخلين في ذمته وسلطانه. وقد كان اليهودُ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدَرِّسون التوراةَ في المِدراس بالمدينة، وجاء رسول الله إلى مدراسهم ودعاهم إلى الإسلام، كما هو ثابت في الصحيح. (2)

(1) الطبري: تاريخ الرسل والملوك، ج 11 (تكملة تاريخ الطبري)، ص 660؛ اليحصبي: ترتيب المدارك، ج 1، ص 193. وذكر الطبري رواية أخرى (المصدر نفسه، ص 659) مفادها أن الذي كلم مالكًا هو المهدي.

(2)

من الراجح أن المصنف يشير هنا إلى ما جاء عن الشعبي قال: "نزل عمر بالروحاء، فرأى ناسًا يبتدرون أحجارًا فقال: ما هذا؟ فقالوا: يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى هذه الأحجار، فقال: سبحان الله، ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا راكبًا، مر بواد فحضرت الصلاة فصلى. ثم حدَّث فقال: إني كنتُ أغشى اليهودَ يوم دراستهم، فقالوا: ما من أصحابك أحدٌ أكرمُ علينا منك؛ لأنك تأتينا، =

ص: 699

3 -

وأما حريةُ العمل فهي تتعلق بعمل المرء في خويصته، وبعمله المرتبط بعمل غيره. فحريةُ العمل في الخويصة، مثل تناول المباح والاحتراف بما شاء، وأن لا يُجبَر على أن يعمل لغيره، إلّا إذا تعين عليه عملٌ من المصالح العامة، أو ما فيه حفظُ حياة الغير، مثل الدفاع عن الحوزة، وحراسة الثغور، وإنقاذ الغريق، وخدمة مَنْ تتعين عليه خدمتُه، وإعطاء الزكاة، ونفقة القرابة. وكل ذلك يرجع إلى القسم الثاني في الحقيقة. وكذلك التصرف في المال، عدا ما هو محظور شرعًا، إلّا إذا طرأ عليه اختلافُ التصرف من عَتَهٍ أو سَفَه. وذلك قيدٌ في الحرية؛ لأنها حرية غير ناشئة عن إرادة صحيحة، فأُلغيت لأجل مصلحته ومصلحة عائلته.

= قلت: وما ذاك إلا أني أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضًا، كيف تصدق التوراة الفرقان والقرآن التوراة؟ فمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أكلمهم يومًا، فقلت: نعم، فقلت: أنشدكم بالله وما تقرؤون من كتابه أتعلمون أنه رسول الله؟ قالوا: نعم، فقلت: هلكتم والله، تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه؟ فقالوا: لم نهلك، ولكن سألناه من يأتيه بنبوته؟ فقال: عدونا جبريل؛ لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ونحو هذا، فقلت: ومن سلمكم من الملائكة؟ فقالوا: ميكائيل، ينزل بالقطر والرحمة وكذا، قلت: وكيف منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه، والآخر من الجانب الآخر، فقلت: إنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل، ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدوَّ جبريل، وإني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا. ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أريد أن أخبره، فلما لقيته قال: ألا أخبرك بآيات أُنْزِلت علي؟ فقلت: بلى يا رسول الله، فقرأ:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} حتى بلغ {لِلْكَافِرِينَ} ، قلت: يا رسول الله، والله ما قمتُ من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم، فوجدت الله قد سبقني، قال عمر: فلقد رأيتُني وأنا أشدُّ في دين الله من الحجر". المتقي الهندي: كنز العمال، "باب في القرآن"، الحديث 4222، ج 2، ص 353 - 354. قال الهندي: "وسنده صحيح، لكن الشعبي لم يدرك عمر، ورى سفيان بن عيينة في تفسيره عن عكرمة نحوه، وله طرق أخرى مرسلة". وربما يشير كذلك إلى ما جاء عن محمد بن عبد الله بن سلام عن أبيه أنه قال:"أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا، فقال: إن الله تعالى قد أثنى عليكم في الطهور، أفلا تخبرونِي في قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108]؟ قالوا: إنا نجده مكتوبًا علينا في التوراة". المرجع نفسه، الحديث 4416، ج 2، ص 427.

ص: 700

وحكم النساء في حرية التصرف مثل الرجال بحسب ما تسمح به حالتهنّ من انتفاء المفاسد، فلهنّ التصرف في أموالهنّ إذا كنّ رشيدات، ولهنّ إشهاد الشهود في غيبة أزواجهن، وكل ذلك لا عهدَ للعرب ولا لأهل الأديان الأخرى بمثله. ولهنّ الخروجُ لقضاء حوائجِهِنّ بالمعروف، ولهنّ حضورُ الجمعة والجماعة والعيدَين. وفي الحديث:"ولتخرج العواتق وربات الخدور، وليشهدن الخير ودعوة المسلمين". (1)

وكانت امرأةُ عمر بن الخطاب تخرج إلى صلاة الجماعة، وتعرف منه الكراهيةَ، فتقول:"والله لأخرجنّ إلّا أن تمنعني، فلا يستطيع منعَها". (2) ومعنى كراهته لذلك أنه يودّ أنها تترك فضيلةَ الجماعة لِما عُرف به من شدة الغيرة، ومعنى قولها له: إلّا أن تمنعني؛ أي إلّا أن تصرح لي بالمنع وهو لا يستطيع ذلك؛ لأنه رأى أنه ليس من حقه

(1) عن حفصة بنت سيرين قالت: "كنا نمنع جواريَنا أن يخرجن يوم العيد، فجاءت امرأةٌ فنزلت قصر بني خَلَفٍ، فأتيتها فحدثتْ أن زوجَ أختها غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة، فكانت أختُها معه في ست غزوات، قالت: فكنا نقومُ على المرضى ونداوي الكلمى، فقالت: يا رسول الله، على إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلبابٌ أن لا تخرج؟ فقال: "لِتُلْبِسْها صاحبتُها من جلبابها، فليشهدْن الخيرَ ودعوةَ المؤمنين". قالت حفصة: فلما قدمت أمُّ عطيةَ أتيتُها فسألتُها: أسمعت في كذا وكذا؟ قالت: نعم بِأَبَا - وقلما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم إلا قالت بِأَبَا - قال: "لتَخْرُجْ العواتقُ ذواتُ الخدور - أو قال: العواتق وذواتُ الخدور، شك أيوب - والحُيَّضُ، ويعتزل الحيضُ المُصَلَّى، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين". قالت: قلت لها: الحيض؟ قالت: نعم، أليس الحائضُ تشهد عرفاتٍ وتشهد كذا وتشهد كذا؟ " صحيح البخاري، "كتاب الحيض"، الحديث 324، ص 56؛ "كتاب العيدين"، الحديث 980، ص 157 - 158.

(2)

عن عبد الله بن عمر قال: "كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح أو العشاء في جماعة في المسجد فقيل لها: لِمَ تَخْرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "ألا لا تمنعوا إماءَ الله مَسَاجِدَ الله"". صحيح البخاري، "كتاب الجمعة" الحديث 900؛ ص 144. وانظر كذلك "كتاب الأذان"، الحديثان 865 و 873، ص 140 - 141. وروى مالك عن "يحيى بن سعيد، عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل - امرأة عمر بن الخطاب - أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت، فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعني، فلا يمنعها". الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب القبلة"، الحديث 509، ج 2، ص 332.

ص: 701